“أم الدنيا” أم “ثكلى الحرية”
ترامب يستبعد مناقشة "تقسيم الأراضي" مع بوتين في قمة ألاسكا ممثل منظمة الصحة العالمية يحذر من كارثة صحية في غزة مع نفاد أكثر من نصف الأدوية الأساسية وزارة الخارجية السودانية تُرحّب ببيان مجلس الأمن الدولي الرافض لتشكيل "حكومة موازية" حركة حماس تدعو لمسيرات غضب عالمية أمام السفارات الإسرائيلية والأميركية في مختلف العواصم والمدن روسيا تفرض قيوداً على تيليغرام وواتساب وتوضح الأسباب سقوط 12 شهيدا من عناصر تأمين المساعدات منذ صباح اليوم جراء 3 غارات إسرائيلية استهدفتهم شمالي قطاع غزة مقتل وفقدان عشرات الأشخاص جراء غرق قارب بالبحر المتوسط حركة حماس تدين تصريحات نتنياهو حول «إسرائيل الكبرى» وتدعو لتحرك عربي ودولي عاجل آلاف اليمنيين يتظاهرون تنديدًا بالإبادة الجماعية في غزة واستنكارًا لاغتيال مراسل قناة "الجزيرة" أنس الشريف وزملائه منظمة التعاون الإسلامي تدين تصريحات رئيس وزراء إسرائيل حول ما يسمى بإسرائيل الكبرى وتحذر من تداعياتها على الأمن الإقليمي والدولي
أخر الأخبار

“أم الدنيا” أم “ثكلى الحرية”؟

المغرب اليوم -

“أم الدنيا” أم “ثكلى الحرية”

بقلم - جمال بودومة

تسابق عبدالفتاح السيسي مع نفسه وفاز بولاية رئاسية جديدة. كي نكون دقيقين، لم يتنافس الماريشال مع نفسه، بل كان معه مرشح آخر، لكنه بدل أن يحشد الناخبين لصالحه دعاهم إلى التصويت على غريمه، في موقف مازال يحير المراقبين والمحللين وعلماء السياسة، الذين لم يسبق لهم أن شهدوا مثله منذ اختراع النظام الانتخابي في عهد الإغريق. أحفاد الفراعنة رواد في كل شيء، حتى في هذه تفوقوا على العالم بأسره، مثلما تفوقوا في علاج مرض “السيدا” بواسطة اللحم المفروم. “الكفتة” التي كنّا نشاهدها مع “الكباب” في الأفلام والمسلسلات، باتت تستعمل لعلاج مرض المناعة المكتسبة، في بلد فقد مناعته الفكرية على نحو درامي، منذ عودة العسكر إلى سدة الحكم، على جثث “الإخوان المسلمين”!
المصريون شعب مدهش. قبل سبع سنوات أبهروا العالم حين نزلوا بالملايين إلى “ميدان التحرير” يُطالبون برحيل حسني مبارك، قبل أن يفاجئوننا بإسقاط الرئيس الذي خرج من صناديق الاقتراع، ووضع البلد تحت “جزمة” عسكري أكثر دموية من السابق. كأن ثورة يناير لم تكن إلا “كاميرا خفية”، سقط ضحيتها شعب بأكمله. التحرك الشعبي الهائل الذي “أسقط النظام”، لم يكن أكثر من “انقلاب عسكري”. وزير الدفاع أطاح بالرئيس المدني المنتخب، ونصب نفسه حاكما مطلقا، كما يحدث في كل البلدان المتخلفة!
مائة مليون مواطن تحت حذاء عسكري. طوال أيّام الاقتراع، لم يتوقف رجال السلطة عن ترهيب المصريين البسطاء، كي يذهبوا للتصويت على المرشح، الفائز أصلا دون حاجة إلى أي صوت. وفي الوقت الذي كان فيه الإعلام المصري يتحدث عن طوابير طويلة أمام الصناديق، لم يكن المراسلون الأجانب يرون أحدا أمام مراكز التصويت. حتى إن عادل إمام ظهر في فيديو بأحد المكاتب يضع ظرفا في الصندوق ويسأل المراقب ساخرا: “هوما الناس راحوا فين؟”
شر البلية ما يُضحك. دون الحديث عن نسبة الأصوات التي فاز بها السيسي، يكفي أن تتأمل مشاهد الرقص والفرحة والحبور التي نقلتها وسائل الإعلام المصرية، كي تعرف أن “المحروسة” عاشت “عرسا” انتخابيا حقيقيا. المشكلة أن العروس مغلوبة على أمرها وتتعرض للاغتصاب منذ أربع سنوات، وتلك حكاية أخرى!
من يرفض المشاركة في المهزلة، عليه أن يختار بين السجن والمنفى. كل الأصوات المعارضة أسكتت. الثوار الذين ساهموا في إسقاط حكم “الإخوان” ذهبوا ضحية سذاجتهم. الغريب أن مثقفين على قدر محترم من النباهة، مثل علاء الأسواني، وسياسيين محنكين، مثل محمد البرادعي، وإعلاميين مرموقين، مثل باسم يوسف، انطلت عليهم الحيلة، واستعملهم العسكر كحطب في محرقة “الإخوان”!
“أم الدنيا” أم “ثكلى العواصم”؟ مصر بلد التناقضات. رائدة في كل شيء. عندما كانت العواصم العربية غارقة في التخلف والظلام والاستعمار، كانت القاهرة تنتج الفكر والأدب والجمال والأنوار والثورة. منها خرج طه حسين وروز اليوسف ويوسف وهبي ونجيب محفوظ وأم كلثوم وَعَبَد الوهاب ويوسف شاهين وفاتن حمامة وعمر الشريف وَأحمد عرابي وعَبَد الناصر… ومنها خرج حسن البنّا وسيد قطب وأيمن الظواهري ومحمد عطا… وفيها ظهر “الإسلام السياسي”، الذي تحول إلى سرطان ينتقل بـ”الميتازتاز” (Metastasis) داخل هذا الجسد العربي المنهوك. المصريون هم من أبدع “ثورة” 25 يناير و”تمرد” 30 يونيو، انتخبوا رئيسا مدنيا وأسقطوه كي يسلموا البلد إلى عسكري. شعب يعشق التزحلق من القمة إلى الحضيض!
عندما ذهبت للقاهرة أول مرة، أيام حسني مبارك، أكثر شيء أثارني بعد الفقر الذي يتجول في الوجوه والشوارع، أن غالبية النساء محجبات وأنهم يسألونك دائما إن كنت مسلما، قبل أن يسترسلوا في الوعظ وشتم الكفار. كنا في مثل هذه الأيام، التي تتميز باحتفالات “شم النسيم”، حيث يحتفل الناس ببدايات الربيع من خلال الخروج إلى الحدائق والمنتزهات كي يتفسحوا ويأكلوا “الفسيخ”، وهو “الگديد ديال الحوت”. أذكر أن سائق التاكسي سألنا إن كنا مسلمين وعندما قلنا له نعم، تحرر لسانه وبدأ يعبر عن كل مشاعر العداء التي يكن لمن يأكلون “الفسيخ”، ليس بسبب رائحته القوية، بل لأن الاحتفال بـ”شم النسيم” حرام لأنه من أعياد المسيحيين!
عندما نعود إلى النصف الأول من القرن الماضي، ونشاهد كيف كانت “أم الدنيا”، لا نكاد نصدق. عرب ويونانيون وإيطاليون وأتراك وشركس وشاميون ويهود ومسيحيون ومسلمون… يعيشون في بلد واحد، دون أن يسأل أحد أحدا عن أصله أو دينه أو هويته. أين ذهب الشعب المتحضر الذي يتنفس الفن والأدب والفكر والتسامح والحريّة؟ أين اختفت مصر؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

“أم الدنيا” أم “ثكلى الحرية” “أم الدنيا” أم “ثكلى الحرية”



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - المغرب اليوم

GMT 06:26 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 06:32 2023 الأحد ,23 إبريل / نيسان

انقطاع شبه كامل لخدمة الإنترنت في السودان

GMT 18:01 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تتهرب من تحمل المسؤولية

GMT 15:31 2021 الخميس ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسابقة ملكة جمال الكون في إسرائيل تثير جدلا

GMT 21:27 2019 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجآت بالجملة في تشكيلة برشلونة أمام بروسيا دورتموند

GMT 00:51 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

كشف هوية "المرأة الغامضة داخل التابوت الحديدي"

GMT 10:35 2020 الخميس ,30 إبريل / نيسان

شركة سعودية تعلن عن تنفيذ مشاريع عائمة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib