من بغداد وطهران إلى النَّجف الطرقات غير سالكة

من بغداد وطهران إلى النَّجف الطرقات غير سالكة

المغرب اليوم -

من بغداد وطهران إلى النَّجف الطرقات غير سالكة

مصطفى فحص
بقلم - مصطفى فحص

الطريقُ السياسية بين النَّجفِ وبغدادَ مقطوعةٌ منذ أن أعلن المرجعُ الأعلى للشيعة في العالم، آيةُ الله علي السيستاني، قبل سنوات، رفضَه استقبالَ أي مسؤول عراقي. أمَّا الطَّريق ما بين النَّجف وطهران، فهي غيرُ مستقرة ويسودُها منذ فترةٍ حذرٌ وتوتراتٌ غيرُ معلنة، وفقاً للعارفين بخفايا العلاقةِ بين الطرفين؛ حيث تتمسَّكُ النجفُ بوضوحِ بمواقفها ووجهةِ نظرها، فيما تستمرُّ طهران في استخدام طبيعتين؛ أولى دبلوماسية ظاهرة، وثانيةٍ باطنية، هدفُها محاولاتُ السَّيطرة أو التقليل من تأثير النجف.

من هُنا، فإنَّ تبادل الرسائل المباشرة وغير المباشرة، المعلنة أو غير المعلنة، بين النجفِ من جهة، وبغدادَ وطهرانَ من جهة أخرى، يعزّز الاعتقاد بأنَّ التباينَ في الرؤية بينهما وصل إلى مستوى استراتيجي، ولم يعد مجردَ خلافٍ حادّ على طريقة إدارة الدولة، بل بدأ الكلامُ عن مستقبل النّظام السياسي العراقي.

من الواضح جدّاً أنَّ الثنائي (طهران – بغداد) يعمل بكل ما تبقَّى له من أدوات ونفوذ من أجل إعادةِ إنتاج السلطة القائمة على ثنائية «المال والسلاح»، باعتبارها الضَّامنَ الوحيدَ لاستمرار نظام 2003 كما تأسَّس، ومنع إجراء أي تعديلات أو تغييرات جوهرية على طبيعته. هذا التصلب في المواقف، والإصرار على مواجهة الداخل العراقي بكل مكوناتِه، والخارج، خصوصاً الولايات المتحدة، دفع النجفَ ومعها بيوتاتٌ دينيةٌ تاريخية، ونخبٌ شيعيةٌ مؤثرة، ورأيٌ عامٌّ وطنيٌّ، إلى التَّنبيه من مخاطر صدامٍ داخلي شيعي – شيعي، وشيعي مع مكوناتٍ أخرى، وصدامٍ خارجي قد يكلف العراقَ، والشيعة خصوصاً، خسائرَ كبيرة.

يقول الزميلُ علي السراي، في تقريرِه الصحافي، الذي نشرته صحيفة «الشرق الأوسط»، يوم أمس (الخميس)، بعنوان «طهران تتراجع أمام نفوذِ النَّجف في بغداد»، إنَّ مرجعيةَ النَّجف ترصد «لحظة مقلقة غير مسبوقة يمرُّ بها النّظام السياسي، يفقد فيها قدرتَه على الاستمرارية في ظلّ تحولاتٍ متسارعة في المحيط الإقليمي، وقد يفشل في اجتياز أخطرِ اختبار منذ تأسيس النّظام الجديد عام 2003». يسندُ علي السراي ما كتبَه إلى مجموعة من المقابلات مع شخصياتٍ من البيئة النَّجفية، أي ما يمكن وصفه بنخب متدينة، ما يعكس جوّاً شيعياً تقليدياً بدأ يستشعر القلقَ والمخاطرَ على مستقبل العراق، وفي الوقت ذاتِه يستشعر القوةَ والقدرة على الحدّ من نفوذ طهران المتراجع أصلاً في العراق، وخصوصاً لدى البيئة الشيعية.

كعادتِها في لحظات الخطر، تعيد النَّجفُ تحديد الأولويات، وهي مصرةٌ على ضرورة بناء الدولةِ ومكافحة الفساد. وقد عادت وذكّرت البيتَ السّياسيَّ الشيعيَّ المسلَّحَ بثوابتها، وذلك بمناسبة الأولِ من محرم، عندما أكَّد أحدُ وكلاءِ المرجعية، الشَّيخ عبد الهادي الكربلائي، في 17 يوليو (تموز) الفائت، على ضرورةِ حصر السلاح بيد الدولةِ وتقويةِ مؤسساتها. في الوقتِ ذاته، يحاول «الإطار التنسيقي» الحاكمُ، تمريرَ قانونِ «الحَشد الشعبي» وتحويله إلى وزارة دفاع موازية عقائدية، في حين تطالب النَّجفُ بالحفاظ على عناصر «الحشد»، ولكن بشرطِ دمجهم داخلَ المؤسسات.

في المواجهةِ بين مشروعين – الدولة والنظام – تدرك النَّجفُ أهميةَ دورِها في حماية الدولة والشيعة في العراق، فيما تحاول طهرانُ إعمال يدها من خلال النظام في العراق، من دون الأخذ بعين الاعتبار المصالح الوطنية لهذه الأغلبية، التي قد تدفع ثمنَ هذه الطموحات الخارجية مجدداً، أو في معركة دفاعها عن نفسها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من بغداد وطهران إلى النَّجف الطرقات غير سالكة من بغداد وطهران إلى النَّجف الطرقات غير سالكة



GMT 17:00 2025 الأربعاء ,24 أيلول / سبتمبر

يوم فلسطيني بامتياز..ماذا بعد

GMT 16:59 2025 الأربعاء ,24 أيلول / سبتمبر

تَوَهان المشتغلين في الإعلام

GMT 16:58 2025 الأربعاء ,24 أيلول / سبتمبر

هل تغير الزمن فعلا ؟!

GMT 15:35 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

الاعتراف بفلسطينَ اعتراف بإسرائيل

GMT 15:32 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

دراميات صانعي السلام

GMT 15:27 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

تحقيقٌ صحافي عن عبد العزيز ومن عبد العزيز

GMT 15:18 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

من يسار الصحوة الأميركية إلى يمين الترمبية

GMT 15:15 2025 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

حكاية الطبيب والأميرة ديانا!

الأناقة الكلاسيكية تجمع الملكة رانيا وميلانيا ترامب في لقاء يعكس ذوقًا راقيًا وأسلوبًا مميزًا

نيويورك - المغرب اليوم
المغرب اليوم - أنواع النباتات المثمرة المناسبة في بلكونة المنزل

GMT 07:42 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مرسيدس تطلق سيارة رياضية بمواصفات فائقة

GMT 15:45 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

المصري محمد صفوت يودع بطولة لوس كابوس للتنس

GMT 23:22 2018 السبت ,14 إبريل / نيسان

طرق بسيطة لاختيار ساعات عصرية تناسب الرجال

GMT 04:08 2018 الأحد ,18 آذار/ مارس

... مَن قال ليس حقيبة؟

GMT 01:12 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

"نيس" الفرنسي يظهر اهتمامه بضم المغربي أمين باسي

GMT 13:19 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

لاس بالماس الإسبانية المدينة المثالية لقضاء أحلى شهر عسل

GMT 08:40 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الطقس و الحالة الجوية في جبل العياشي

GMT 00:43 2016 الجمعة ,23 أيلول / سبتمبر

شاطئ "الكزيرة" في المغرب جوهرة شمال غرب إفريقيا

GMT 00:02 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو السنباطي يعلن عن رؤيته لمستقبل نادي هليوبوليس

GMT 07:58 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم ماهيكا مانو في طوكيو لمحبي الأماكن الرائعة والمختلفة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib