قاسم وبرّاك والآتي أعظم

قاسم وبرّاك... والآتي أعظم

المغرب اليوم -

قاسم وبرّاك والآتي أعظم

مصطفى فحص
بقلم : مصطفى فحص

في بيروت لم يعد الآتي سرّاً؛ فالسؤال عن احتمال نشوب حرب جديدة لم يعد متصدِّراً المشهد، بل أصبح السؤال: متى موعدها؟ أو باللغة العامية «إيمتى الحرب؟»، هو «الترند» وفقاً للغة «السوشيال ميديا». ولأن الميديا ووسائطها الحديثة تلعب لعبتها الخطرة، وتؤثِّر في الواقع اللبناني المفكك والقابل للانفلات الداخلي والاشتعال الخارجي؛ أصبح مبعوث الحل الأميركي السفير توم برّاك جزءاً من أسئلة اللبنانيين وأزمتهم.

قبل تصريحات برّاك وتغريداته أو بعدها، وبعد فائض خطابات الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم الغزيرة وقبلها، وما بينهما سيل من التصريحات الرسمية اللبنانية في الداخل أو في المحافل الدولية عن السيادة والإصلاح وحصر السلاح والسلم الأهلي والعيش المشترك والتنمية والاقتصاد وإعادة الإعمار... تصريحات لم تعد تجد آذاناً صاغية لدى اللبنانيين أو لدى أصدقائهم في الخارج. والحقيقة أن الجمهورية اللبنانية دولةً وشعباً دخلت في نفق مسدود وتواجه استعصاء يحتاج إلى معجزة سماوية لحلّه، وهذا مستحيل. أمّا الخارج فهو منقسم ما بين إهمال أو ضغط دبلوماسي أو...

تشير بعض المعلومات إلى أن السفير برّاك سيغادر مهمته اللبنانية خلال أقل من شهر، واحتمال انتقال الملف اللبناني إلى مكتب الأمن القومي في واشنطن مع تعزيز دور لجنة «الميكانيزم» العسكرية المسؤولة عن تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار؛ ما يعطي العسكر دوراً موسَّعاً مع الإبقاء على مهمة مورغان أورتاغوس اللبنانية.

بعيداً عن صحة ابتعاد برّاك أو عدمها، فإن تصريحاته الأخيرة عن سلاح «حزب الله» وإيران وعجز الدولة اللبنانية ومؤسساتها عن تنفيذ قراراتها، كشفت عما يمكن وصفه رأياً أميركياً بأن الرهان على الدولة لم يعد ممكناً؛ فكلام برّاك أقرب إلى القول إن آخر العلاج هو الكيّ، والكيّ هنا لا يحتاج إلى تفسير: أن تقوم تل أبيب بما لا يمكن للدولة اللبنانية القيام به لا بالقوة ولا بالتراضي.

فعليّاً، فجَّر برّاك صمامات الأمن التي راهن عليها اللبنانيون، ولم تشفَع له تغريدته الأخيرة المبهمة عن دعم جهود لبنان وبناء الدولة وإيجاد السلام مع الجيران. فلبنان المستعصي لم يجد حتى الآن لغة صحية مع جاره السوري الجديد من أجل تجاوز الماضي وتراكماته، فكيف سيجد لغة تفاوضيةً ما مع عدوه؟ فواشنطن المتماهية والمتبنِّية لتل أبيب في كل المواقف حشرت لبنان الرسمي في الزاوية، ولم تمارس أدنى أنواع الضغط على تل أبيب، بل على العكس يطالب وزير خارجيتها ماركو روبيو بالاطلاع على تقرير الجيش اللبناني عن تنفيذ خطة الحكومة لتسليم سلاح «حزب الله». وهذا ما سوف يثير مخاوف التصعيد إذا لم تقتنع واشنطن وتل أبيب بما قدّمه تقرير الجيش، فيصبح الآتي أعظم.

لم يكن الشيخ نعيم قاسم بعيداً عن الآتي من الأيام؛ فهو عندما عرض المصالحة مع الرياض كان يرسل إشارات داخلية وخارجية عن تعافي الحزب وجاهزيته. هذا التعافي السريع افتراضياً موجَّه إلى الداخل بألا يفكِّر أحد في المساس بالسلاح، وإلى تل أبيب بأن الحزب أعاد بناء قدراته، وهو جاهز لأي احتمال. أمّا المحيط العربي فهو عودة «حزب الله» الإقليمي، الذي يمكن أن يكون جزءاً من معادلة جديدة فرضها العدوان على الدوحة. وكل هذا لا يرتبط بتقدير الداخل والخارج، بل وفقاً لرغبة نعيم قاسم فقط.

وعليه، ما بين كلام رجل الأعمال برّاك الذي يرغب في تسوية لم تعد بمتناوله، وبين الشيخ نعيم قاسم الذي يشهر تعافي حزبه، وبين تل أبيب التي تجد في الأول براغماتية تجارية لا تناسب مخطّطاتها، وفي الثاني خطراً لا يمكن أن يُترك طويلاً حتى لا تزداد قدراته فتزداد معها تكلفة إعادة تحييده؛ يصبح الآتي أعظم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قاسم وبرّاك والآتي أعظم قاسم وبرّاك والآتي أعظم



GMT 17:42 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

قمامة من؟

GMT 17:39 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

«القاعدة» في اليمن... ليست راقدة!

GMT 17:36 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف اخترق ممداني السَّدين؟

GMT 17:34 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

لحظة ساداتية لبنانية ضد الهلاك

GMT 17:30 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جريمة أستاذ الجامعة

GMT 17:12 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تفرح بافتتاح المتحف الكبير (2)

GMT 17:10 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أخطأ ياسر ولكنه لم ينافق!!

GMT 16:54 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الفتنة الكبرى!

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 01:36 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تصعيد جديد من رئيس كولومبيا ضد الولايات المتحدة
المغرب اليوم - تصعيد جديد من رئيس كولومبيا ضد الولايات المتحدة

GMT 02:56 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

دفاع عمرو دياب يطعن بالنقض على حكم الشاب المصفوع
المغرب اليوم - دفاع عمرو دياب يطعن بالنقض على حكم الشاب المصفوع

GMT 02:06 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يؤكد لا يمكن الحكم والشعب جائع
المغرب اليوم - الرئيس الإيراني يؤكد لا يمكن الحكم والشعب جائع

GMT 02:03 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منى أحمد تكشف أن لكل برج ما يناسبه من الأحجار الكريمة

GMT 14:24 2016 الإثنين ,06 حزيران / يونيو

"السياسة العقارية في المغرب " ندوة وطنية في طنجة

GMT 07:52 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

موسكو تستضیف منتدي اقتصادی إیراني -روسي مشترك

GMT 05:10 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

هيئة السوق المالية السعودية تقر لائحة الاندماج المحدثة

GMT 07:31 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

طرح علاج جديد للوقاية من سرطان الثدي للنساء فوق الـ50 عامًا

GMT 23:39 2012 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر: تزويد المدارس بالإنترنت فائق السرعة العام المقبل

GMT 08:26 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا قدمتم لتصبحوا صحفيين وناشطين؟

GMT 00:26 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة المنشط الإذاعي نور الدين كرم إثر أزمة قلبية

GMT 02:33 2014 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"رينود" يتسبب في تشنج الأوعية الدموية لأصابع اليدين

GMT 00:25 2017 الأربعاء ,07 حزيران / يونيو

مي عمر تؤكّد أهمية تجربة عملها مع عادل إمام

GMT 09:51 2016 السبت ,10 كانون الأول / ديسمبر

بشرى شاكر تشارك في مشروع طاقي في ابن جرير
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib