إيران تصدّعات حدودية
أخر الأخبار

إيران... تصدّعات حدودية

المغرب اليوم -

إيران تصدّعات حدودية

مصطفى فحص
بقلم : مصطفى فحص

من جديد عادت السردية الإيرانية إلى اتهام المعارضة الكردية بالتواطؤ مع أعداء إيران والتآمر ضد النظام الإسلامي، حيث اتهمت وسائل إعلام حكومية المعارضة في كردستان العراق، بالتورط في إدخال المعدات المستخدمة في هجوم أصفهان، وذلك بأمر من جهاز أمني خارجي.
موقف الإعلام الرسمي الإيراني فيه تأكيد شبه رسمي، بأن المسيَّرات التي نفَّذت الهجمات ضد منشآت عسكرية في مدينة أصفهان، ليل السبت الفائت، انطلقت من داخل إيران ولم تأتِ من خارج الحدود، ما يعني وفقاً لهذا التصريح أن الأجهزة الأمنية الخارجية المتورطة في الهجوم باتت تملك قدرة كبيرة على الحركة في الداخل الإيراني، وهي تصل بسهولة إلى أهدافها، وهذا يكشف حجم الاختراقات الاستخباراتية داخل إيران من جهة، ومن جهة أخرى يكشف عن عجز الأجهزة الأمنية الإيرانية في محاربتها.
بالعودة إلى الاتهام، فإن الخاصرة الكردية المعارضة المتصلة بكردستان العراق تشكل مخرجاً يخفف من حرج النظام الإيراني وأجهزته الأمنية في الرد مباشرةً على المنفّذين الفعليين للهجوم، كما أن اتهام المعارضة الكردية باستخدام الأراضي العراقية (كردستان العراق) يُعفي إيران من اتهام أي دولة أخرى محاذية لحدودها غير العراق بالتواطؤ ضدها، لأنه سيحمِّلها أعباء سياسية واقتصادية وأمنية مكلفة.
لذلك اختارت الكرد على الضفتين الإيرانية والعراقية، خصوصاً أن اتهامات سابقة صدرت ضد أربيل، عن أن أجهزة استخباراتية دولية وإقليمية تتخذ من كردستان العراق مقراً لانطلاق عملياتها ضد إيران، ورغم نفي الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة أي صلة لها بالهجوم، فإن مقرات هذه الأحزاب في الجبال الحدودية قد تكون عُرضة لهجمات صاروخية إيرانية، كما أن هذا الاتهام سيزيد الأزمة ما بين الحكومتين الإيرانية والمحلية (الحكم الذاتي) في أربيل، وقد تدفع الأولى حكومة بغداد إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات ضد أربيل.
في المقلب الآخر من الحدود المتصدعة، فقد سبق هجوم أصفهان بساعات، اعتداءٌ مسلَّح على سفارة جمهورية أذربيجان في طهران، والذي أدى إلى مقتل مسؤول أمني في السفارة وجرح اثنين آخرين. طهران من جهتها وعلى لسان وزير خارجيتها حسين أمير عبداللهيان، رأت أن دوافع شخصية وراء الهجوم، فيما وصفته باكو على لسان رئيس جمهوريتها إلهام علييف، بالعمل الإرهابي وقررت إغلاق سفارتها في طهران. الانسحاب الدبلوماسي الأذربيجاني ترافق مع إجراءات أمنية بدأت باكو باتخاذها ضد ما وصفتها بشبكات المخدرات الإيرانية.
إضافةً إلى شبكات التجسس، الأمر الذي سيزيد من تعقيدات المشهد بين البلدين مستقبلاً، حيث تتهم باكو طهران بالوقوف إلى جانب يريفان في أزمة (ناغورني كاراباغ) وبأنها تعمل على تهديد استقرار النظام السياسي في أذربيجان، من خلال محاولة دعم بعض المجموعات العقائدية، كما أن هناك تخوفاً أذربيجانياً من أن طهران تريد استعادة السيطرة على الخط الدولي الذي يربط دول القوقاز بوسط آسيا، والذي بدوره يربطها بأوروبا عبر إقليم نقشجيهان الذي تسيطر عليه باكو الآن. فيما تتهم إيران باكو بالتعاون الأمني مع تل أبيب ودعمها للحركة القومية الآذرية داخل إيران.
ما بين المسألة الكردية، التي اعتاد أي نظام سياسي يحكم طهران أن يحوّلها إلى مكسر عصا يستخدمها من أجل قمع الداخل وردع الخارج، والأزمة الأخطر على تركيبة النظام السياسي الإيراني مع المكون الآذري، تزداد تصدعات النظام الحدودية، والتي ستترك تداعيات داخلية ستفتح المجال لتأثيرات خارجية، فالنظام الذي يعلم مَن يقف خلف هجوم أصفهان وهجمات أخرى خطيرة، لم يقم بأي إجراء عسكري ضده، وهو منذ سنوات يحتفظ بحق الرد.
كما أنه نتيجة الاحتقان الداخلي لم يجرؤ على دعم أرمينيا في حربها الأخيرة مع أذربيجان، فهو يدرك أن الآذريين في إيران قادرون على ضرب استقرار النظام السياسي، نتيجة دورهم العميق في إدارة الدولة منذ قرون ويستندون إلى عمق قومي واسع، ويعلم أن المعارضة السياسية الكردية هي الأكثر تنظيماً وتأثيراً والأكثر نشاطاً ولديها تعاطف دولي، فما السبب الذي يدفعه إلى التخلي عن هذه المحاذير والضغط على الأطراف الحدودية المتصدعة؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران تصدّعات حدودية إيران تصدّعات حدودية



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 01:36 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تصعيد جديد من رئيس كولومبيا ضد الولايات المتحدة
المغرب اليوم - تصعيد جديد من رئيس كولومبيا ضد الولايات المتحدة

GMT 02:56 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

دفاع عمرو دياب يطعن بالنقض على حكم الشاب المصفوع
المغرب اليوم - دفاع عمرو دياب يطعن بالنقض على حكم الشاب المصفوع

GMT 02:06 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يؤكد لا يمكن الحكم والشعب جائع
المغرب اليوم - الرئيس الإيراني يؤكد لا يمكن الحكم والشعب جائع

GMT 02:03 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منى أحمد تكشف أن لكل برج ما يناسبه من الأحجار الكريمة

GMT 14:24 2016 الإثنين ,06 حزيران / يونيو

"السياسة العقارية في المغرب " ندوة وطنية في طنجة

GMT 07:52 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

موسكو تستضیف منتدي اقتصادی إیراني -روسي مشترك

GMT 05:10 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

هيئة السوق المالية السعودية تقر لائحة الاندماج المحدثة

GMT 07:31 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

طرح علاج جديد للوقاية من سرطان الثدي للنساء فوق الـ50 عامًا

GMT 23:39 2012 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر: تزويد المدارس بالإنترنت فائق السرعة العام المقبل

GMT 08:26 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا قدمتم لتصبحوا صحفيين وناشطين؟

GMT 00:26 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة المنشط الإذاعي نور الدين كرم إثر أزمة قلبية

GMT 02:33 2014 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"رينود" يتسبب في تشنج الأوعية الدموية لأصابع اليدين

GMT 00:25 2017 الأربعاء ,07 حزيران / يونيو

مي عمر تؤكّد أهمية تجربة عملها مع عادل إمام

GMT 09:51 2016 السبت ,10 كانون الأول / ديسمبر

بشرى شاكر تشارك في مشروع طاقي في ابن جرير
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib