قاليباف عن ثنائية الكيان والصيغة في لبنان
أخر الأخبار

قاليباف... عن ثنائية الكيان والصيغة في لبنان

المغرب اليوم -

قاليباف عن ثنائية الكيان والصيغة في لبنان

مصطفى فحص
بقلم - مصطفى فحص

ليعذرنا رئيس مجلس النواب الإيراني الجنرال محمد باقر قاليباف، فنفوذه القوي لا يعوِّض معرفته الضعيفة بلبنان وتركيبته العصيّة على التفكيك، والسهلة في الانقسام. لذلك، يا حضرة الجنرال، فإن حضور نظامك أو ثورتك أو دولتك القوي في لبنان، أو الوصاية الكاملة على دولتنا ومصادرة قرارها، لا يعني الهيمنة على الكيان وصيغته المعقدة. فهما أكثر تماسكاً من جمهوريتك وشعوبها المتعددة في جغرافيا قابلة للتشظي. وقد تحتاج لأكثر من زيارة وفي ظروف أفضل ومهام مختلفة حتى تستوعب هذه الثنائية (الكيان والصيغة). وهذا ما عجز عنه أسلافك أو أقرانك ممن اعتقدوا أنهم منذ أن أخضعوا الدولة، قد تمكنوا من السيطرة على الكيان والصيغة.

فثنائية «الكيان والصيغة»، أي الاجتماع والجغرافيا، قد أثبتت أنها أقوى من أي غلبة داخلية لأي جماعة لبنانية استشعرت يوماً ما قوتها الزائدة أو الفائضة في الدولة أو خارجها. فاندفعت فأخطأت، ثم تراجعت فحفظت نفسها ودورها. هذه الثنائية تلازمت أيضاً مع جغرافيا سياسية صعبة وقاتلة. الصعوبة بدأت منذ إعلان (دولة لبنان الكبير) سنة 1920، أي الانفصال عن سوريا، التي لم تشفَ حتى الآن من عقدتها تجاه هذا الكيان. أما الجغرافيا القاتلة، فكانت على حدود لبنان الجنوبية مع فلسطين المحتلة بعد إنشاء الكيان الإسرائيلي سنة 1948. ومنذ هذين التاريخين، يدفع اللبنانيون ثمن وقوعهم بين جار طامع وعدو حاقد، وتحول كيانهم إلى حيّز جغرافي لتصفية حسابات إقليمية، طبعاً بمشاركة داخلية لا تُغتفر لأي جهة أسهمت فيها.

فما لم تدركه، يا حضرة الجنرال، في زيارتك للبنان، وفي تصريحاتك اللاحقة، هو أن هذا البلد الصغير سهل الدخول، مضياف حتى بالسياسة وتوابعها، لكنه في لحظة يتحول إلى طارد غير قابل للكسر، على الرغم من انقساماته العمودية والأفقية. فلو قلَّبت أوراق مَن سبقوك في نفوذهم أو وصايتهم أو احتلالهم، لَترددت في تصريحاتك وغيّرت مضمون زيارتك. فهذا البلد الضعيف، وبسبب انقساماته، تمكن من هزيمة الإسرائيلي والأميركي والسوري، وإخراج منظمة التحرير الفلسطينية منه. ونتيجة لإيمان أغلب اللبنانيين بتعدديتهم، على الرغم من بعض أصوات التقسيم أو الطلاق التي تخرج في الأزمات، فإنهم نجحوا أكثر من مرة في تجاوز إشكالياتهم الداخلية وأعادوا لُحمتهم، على الرغم من كل الجراح القاسية التي تسببوا فيها بعضهم لبعض وتعرضوا لها من الخارج، الذي انحازوا إليه ودفعوا ثمن هذا الانحياز.

فالعالق أو المُعلَّق في العلاقة ما بين جمهوريتكم وكياننا هو أنه سُمح لكم بالتصرف بوصفكم أقوياء، أو أنكم توهمتم القوة فوقعتم في فخها. بعض الأقوياء الذين لا يقرأون لا الماضي ولا الحاضر، وإن انتبهوا إليهما، يقرأونهما متأخرين، أي بعد فوات الأوان. فما لم يستوعبه نظامكم هو أن لبنان مقتلة لكل من توهم القوة من خارجه أو في داخله، وهو معرَّض لخسارته وإضعاف من راهن عليه. والمستهجَن أنكم لم تتعلموا ممن سبقكم ودفع ثمن أوهام القوة والاستقواء.

فلبنان في ثنائيته قاتل لكل المشاريع الكبرى من خارجه إلى داخله، أو من داخله إلى خارجه، ومن داخله إلى داخله، حيث الغلبة مستحيلة. ومَن حاول فرضها دفع الثمن، أفراداً وجماعات وحتى طوائف. فتجربة الحركة الوطنية والراحل كمال جنبلاط والجبهة اللبنانية والراحل بشير الجميل، وما أصابهم كجماعات سياسية وعقائدية، واضحة فيما تركت من ندوب على حواضنهم. حيث وحدها متلازمة الدولة والاجتماع كانت كفيلة بشفائهم منها.

وعليه، فإن ثنائيتنا، يا حضرة الجنرال، لا تشبه ثنائيتكم (الثورة والدولة)، ولا يمكن تصديرها ولا تطبيقها في بلد مثل لبنان. فثنائية «الكيان والصيغة» أنتجت دولةً واجتماعاً، تعرَّضا لضربات قوية، ووَصلا إلى أقصى درجات الضعف، لكنَّ التجربة أثبتت أنهما ما زالا كفيلين بشفائنا الوطني.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قاليباف عن ثنائية الكيان والصيغة في لبنان قاليباف عن ثنائية الكيان والصيغة في لبنان



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 01:36 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تصعيد جديد من رئيس كولومبيا ضد الولايات المتحدة
المغرب اليوم - تصعيد جديد من رئيس كولومبيا ضد الولايات المتحدة

GMT 02:56 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

دفاع عمرو دياب يطعن بالنقض على حكم الشاب المصفوع
المغرب اليوم - دفاع عمرو دياب يطعن بالنقض على حكم الشاب المصفوع

GMT 02:06 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يؤكد لا يمكن الحكم والشعب جائع
المغرب اليوم - الرئيس الإيراني يؤكد لا يمكن الحكم والشعب جائع

GMT 02:03 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منى أحمد تكشف أن لكل برج ما يناسبه من الأحجار الكريمة

GMT 14:24 2016 الإثنين ,06 حزيران / يونيو

"السياسة العقارية في المغرب " ندوة وطنية في طنجة

GMT 07:52 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

موسكو تستضیف منتدي اقتصادی إیراني -روسي مشترك

GMT 05:10 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

هيئة السوق المالية السعودية تقر لائحة الاندماج المحدثة

GMT 07:31 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

طرح علاج جديد للوقاية من سرطان الثدي للنساء فوق الـ50 عامًا

GMT 23:39 2012 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر: تزويد المدارس بالإنترنت فائق السرعة العام المقبل

GMT 08:26 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا قدمتم لتصبحوا صحفيين وناشطين؟

GMT 00:26 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة المنشط الإذاعي نور الدين كرم إثر أزمة قلبية

GMT 02:33 2014 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"رينود" يتسبب في تشنج الأوعية الدموية لأصابع اليدين

GMT 00:25 2017 الأربعاء ,07 حزيران / يونيو

مي عمر تؤكّد أهمية تجربة عملها مع عادل إمام

GMT 09:51 2016 السبت ,10 كانون الأول / ديسمبر

بشرى شاكر تشارك في مشروع طاقي في ابن جرير
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib