«فيينا» وفوضى واشنطن المنظمة غير المنظمة

«فيينا» وفوضى واشنطن المنظمة غير المنظمة

المغرب اليوم -

«فيينا» وفوضى واشنطن المنظمة غير المنظمة

مصطفى فحص
بقلم : مصطفى فحص

منذ الإعلان عن اقتراب التوصل إلى اتفاق نووي «جديد» بين الدول الخمس الكبرى، إضافة إلى ألمانيا مع إيران، أو بالأحرى محاولات إحياء الاتفاق السابق، تتصرف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بكثير من الفوضى والحيرة بأن تكون هذه الفوضى متعمدة أي منظمة، تهدف الإدارة الأميركية من خلالها إلى مراوغة خصومها الداخليين وتشتيت ضغوط حلفائها الخارجيين. وأما إذا كانت غير منظمة تكون الولايات المتحدة والدول الكبرى قد وقعت في المحظور وسمحت لإيران بأن تستغل «الميوعة» الأميركية التفاوضية، فيكون الجميع أمام موقف أميركي حائر ومحير.
من الواضح أن إدارة بايدن في حيرة من أمرها، تحاول تهريب قراراتها المقبلة، وهي غير قادرة بعد على إخفاء ما تنوي ارتكابه، وكيفية تمريره نهاية الشهر الحالي، لكن المعضلة أن نجاح الفوضى التفاوضية الأميركية المسماة الصفقة النووية مرتبط بقبول واشنطن شروط طهران النووية والاقتصادية والسياسية وليس العكس، وهذا ما يثير قلق الداخل الأميركي، أي مراكز صنع القرار (الاستبالش) وحيرتهم أيضاً، حيث ارتفعت حدة التساؤلات الداخلية حول تصرفات فريق بايدن المفاوض في فيينا، إلا أن إدارة البيت الأبيض مصرّة على إدارة أذنها الطرشاء لجميع مؤسسات الدولة الأميركية، وكأنها تسابق الزمن من أجل إنهاء مهمتها، فحتى لو تم استدعاء عراب الاتفاق النووي روبرت مالي إلى جلسة استماع أخرى في الكونغرس، فعلى ما يبدو أن لجنة العلاقات الخارجية لن تصل إلى حقيقة ما يخطط له كبير المفاوضين الأميركيين في فيينا، لأنه وفقاً لما تقوله مصادر أميركية يخفي كثيراً من بنود الصفقة.
ففي واشنطن بدأت كل الجهات الفاعلة ترفع حدة انتقاداتها، محذرة من خطوة غير مدروسة أو مستعجلة قد تتخذها الإدارة في مفاوضات فيينا النووية، وباتت تتهم الإدارة بإخفاء تفاصيل الصفقة، فقد أشارت العضو الجمهورية في لجنة الشؤون الخارجية كلوديا تيني إلى أنها ستستمر في الضغط على روبرت مالي من أجل جلسة استماع علنية وكاملة، وأضافت أنه «فيما يتعلق بمسألة مهمة لأمننا القومي مثل إيران النووية، فإن أقصى قدر من الشفافية هو السبيل الوحيد للمضي قدماً». من جهة أخرى يأتي تحذير مرشح الرئيس الأميركي لمنصب قائد القيادة الوسطى الجنرال مايكل كوريلا من مخاطرة أن تؤدي إعفاءات طهران من بعض العقوبات إلى أن تستعمل بعض الأموال لدعم وكلائها والإرهاب في المنطقة، هذا التحذير يعزز مخاوف أميركية داخلية وخارجية، من أن هذه الإدارة، بقصد أو عن غير قصد، تمول بطريقة غير مباشرة دورة عنف جديدة في المنطقة قد تكون أشد عنفاً وأكثر اتساعاً.
عملياً ما قد تصل إليه فوضى المفاوضات المنظمة أقرب إلى صفقة وليس اتفاقاً، وأما إذا كانت فعلياً غير منظمة فإن التراخي الأميركي مع إيران قد يتسبب في فوضى أمنية وعسكرية في منطقة الشرق الأوسط، فالأرجح أن الاتفاق لن يبعد شبح مواجهة إيرانية إسرائيلية في حال فشلت المفاوضات أو نجحت، فعلى ما يبدو أن إسرائيل قد أتمت جهوزيتها، وفي المقابل فإن إيران قد استعرضت مساء أمس صاروخاً باليستياً يقطع مسافة 1450 كلم أطلقت عليه تسمية «مدمر خيبر» كرسالة واضحة لتل أبيب عن جهوزيتها وجهوزية وكلائها للرد، فالمأزق هنا أن الإدارة الأميركية التي تستعجل التوصل إلى صفقة أعطت الحكومة الإسرائيلية حق التصرف ضد إيران بمعزل عن المفاوضات والاتفاق، أما القيادة الإسرائيلية فقد أكدت أنها غير ملزمة بأي اتفاق بين إيران والدول الكبرى، الأمر الذي يطرح تساؤلات كبيرة عن جدوى المفاوضات والصفقة.
وعليه، تسعى واشنطن في مفاوضات فيينا إلى تنظيم فوضاها التفاوضية، فهي مصرّة على ارتكاب إثم الاتفاق أو الصفقة المنظمة وتترك للأطراف الأخرى ارتكاب فوضاهم غير المنظمة التي ستأخذ المنطقة إلى حروب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«فيينا» وفوضى واشنطن المنظمة غير المنظمة «فيينا» وفوضى واشنطن المنظمة غير المنظمة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أمينة خليل تتألق في الأبيض بإطلالات عصرية ولمسات أنثوية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 14:41 2023 السبت ,22 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.5 درجة في اليونان

GMT 07:39 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"الغجر يحبُّون أيضًا" رواية جديدة لـ"الأعرج"

GMT 15:40 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

كيفية اختيار لون المناكير المناسب

GMT 23:58 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

ساني يهزم نيمار في سباق رجل جولة دوري أبطال أوروبا

GMT 19:43 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

البدواوي يكشف أن "حتا" شهدت إقبالاً كبيراً من السياح

GMT 14:00 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي "إشبيلية" يرغب في التعاقد مع ماركوس يورينتي

GMT 00:51 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

التلفزيون الملون لم يدخل بيوت الآلاف في بريطانيا

GMT 00:29 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

صفية العمري تؤكّد أنها تبحث عن الأعمال الفنية الجيدة فقط
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib