لبنان أزمة حكومة أم أزمة نظام

لبنان... أزمة حكومة أم أزمة نظام؟

المغرب اليوم -

لبنان أزمة حكومة أم أزمة نظام

بقلم : مصطفى فحص

في تغريدة على حسابه في موقع «تويتر»، شَخّص رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط حالة الاستعصاء التي تتسبب في تعطيل تأليف الحكومة اللبنانية، ولمح فيما كتبه إلى أن الحالة قد تجاوزت أزمة التأليف المتعثر منذ الانتخابات التشريعية الأخيرة، واقتربت من أن تصبح أزمة نظام، فمن دون لف أو دوران كتب جنبلاط ما يلي: «في تلك الأيام كان للديمقراطية معنى وللدستور حصانة وللقانون سطوة، وكان العميد إده في مقدمة رجال الدولة في الحكم أو في المعارضة، ثم دخل الاغتيال السياسي من قبل الأنظمة الكُلّية وأتت الحرب ثم (تسوية الطائف) بدستور لا يُطبق، وبالأمس انتهى (الطائف). أتساءل ما هو معنى حكومة الوحدة الوطنية». صراحة جنبلاط وضعت الأزمة في إطارها الصحيح، فهو لم يتردد بالقول إن «الطائف» انتهى، و«الطائف» هو الاتفاق الذي حكم عليه بالفشل، أو أريد له ذلك قبل أن يطبق، فقد تعرض سابقاً في زمن الاحتلال السوري إلى انقلاب سياسي منع تطبيقه، لكنه الآن بات على قائمة الاغتيال السياسي حيث من الواضح أن المطلوب في المرحلة المقبلة تصفيته، باعتباره العائق الأساسي في العبور إلى مرحلة دستورية جديدة تأخذ بعين الاعتبار التحولات السياسية والاجتماعية اللبنانية ما بعد اغتيال راعي «الطائف» في 14 فبراير (شباط) 2005، تحولات تراعي حالة التضخم المحلي والإقليمي التي تمر بها جماعة لبنانية تشعر أن ما لديها من فائض قوة يبرر لها تعطيل الدولة من أجل الحصول على ما يتناسب مع حجمها ودورها داخل مؤسسات الدولة وأجهزتها. ففي خطابه الأخير يوم السبت الفائت، تلا أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله شروطه على اللبنانيين دون استثناء، وخيّرهم ما بين الخضوع لمطالبه في التأليف أو الانتظار، ولأن «حزب الله» يتقن لعبة الانتظار، ويراهن دائماً على تفوقه فيها على بقية الأفرقاء اللبنانيين الذين يستعجلون عادة الحلول ويقبلون بالمتجزئة منها أو المؤقتة، فإن «حزب الله» الذي افترض على لسان أمينه العام أنه من الممكن أن يستغرق اختياره لممثليه في الحكومة من 4 إلى 5 أشهر، وذلك أسوة بما أخذته بعض الأطراف أثناء مفاوضاتها لتشكيل الحكومة، فهو يريد تمرير الوقت ليس لأسباب محلية، بل لأوضاع خارجية مرتبطة بما يمكن أن يحدث على طاولة المفاوضات المفترضة ما بين طهران وواشنطن، التي قد تفضي إما إلى تحسين شروطه الداخلية وإما تدفعه إلى الاستعداد لما هو أسوأ في النصف الثاني من السنة المقبلة، لذلك فإن «الحزب» في مرحلة الانتظار يعمل على إخضاع من تبقى من خصومه وجرّهم تحت الضغط من أجل تشكيل حكومة يمكن وصفها سياسياً بحكومة «فيشي» التي شكلها الجنرال الفرنسي بيتان بعد احتلال ألمانيا النازية لفرنسا، وهذا تنازل غير وارد بالنسبة للرئيس المكلف سعد الحريري، فالقبول بشروط «حزب الله» التي عنوانها في الظاهر تمثيل نواب «سنة 8 آذار» في الحكومة، لكنه ضمنياً يريد انتزاع ضمانات من الحريري بأن الحكومة المقبلة لن تقوم بتطبيق العقوبات على إيران، خصوصاً وأن «الحزب» لا يملك آليات اقتصادية أو قانونية تساعده في الالتفاف على العقوبات، لذلك لجأ إلى التعطيل في اللحظة الأخيرة، وهذا ما أشار إليه الكاتب اللبناني خير الله خير الله في مقاله الأخير في صحيفة «العرب» اللندنية عندما قال: «الأكيد أن سعد الحريري لم يتغيّر، لن يشكل حكومة حسب المعايير الإيرانية ولن يرضخ في 2018 لما رفض الرضوخ له من شروط في 2010، بما في ذلك فتح النظام المصرفي أمام إيران مع ما يمكن أن يجلبه ذلك من مصائب وكوارث على البلد وعلى كلّ لبناني».
مرة جديدة، ولكن في مرحلة أشد خطورة، يضع «حزب الله» فائض قوته في مواجهة دستور «الطائف»، وهو يعلم أنها فرصته الأخيرة في تحويل فائض القوة إلى قوة دستورية تعفيه مستقبلاً من لعبة التوازن بين السلاح والدستور، بانتظار تسوية كبرى تعتمد مبدأ السلاح مقابل الدستور، لكن «الحزب» إذا نجح في هذه التسوية وجنب حاضنته ولبنان حرباً على سلاحه، فإنه يكون قد أرسى سابقة ستدفع أي جماعة لبنانية إذا استشعرت خلال عقود فائض قوتها أن تطالب بتعديل الدستور بما يتناسب مع حجمها ودورها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان أزمة حكومة أم أزمة نظام لبنان أزمة حكومة أم أزمة نظام



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:26 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

منزل ريفي في بريطانيا من وحي تصميمات روبرت ويلش

GMT 11:35 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

زيّن حديقة منزلك مع هذه الفكرة الرائعة بأقل تكلفة

GMT 17:00 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ديوكوفيتش يسعى للفوز بذهبية أولمبياد باريس

GMT 06:20 2023 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

230 ألف شخص يشيعون بيليه إلى مثواه الأخير

GMT 15:10 2022 الأربعاء ,23 آذار/ مارس

شركة "توتال" الفرنسية توقف شراء النفط من روسيا

GMT 20:10 2022 الجمعة ,07 كانون الثاني / يناير

مشروع قانون لتنظيم أسعار المحروقات في المملكة المغربية

GMT 14:16 2021 السبت ,31 تموز / يوليو

فساتين سواريه للنحيفات المحجبات

GMT 23:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تعرف على قائمة الأسعار الجديدة للسجائر في المغرب

GMT 15:22 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 20:49 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

أسعار مازدا mazda 3 في مصر

GMT 21:11 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

شركة أميركية ترصد صورًا لأهم أحداث الكوكب خلال العقد الماضي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib