سلاح المخيّمات… امتداد للسّلاح الإيرانيّ

سلاح المخيّمات… امتداد للسّلاح الإيرانيّ

المغرب اليوم -

سلاح المخيّمات… امتداد للسّلاح الإيرانيّ

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

لا مجال لأيّ نوع من التذاكي عندما يتعلّق الأمر بالسلاح الفلسطيني في لبنان. السلاح الفلسطيني الممانع في المخيّمات وخارجها كان، ولا يزال، سلاحاً تابعاً لـ”الحزب” وبإمرته.

لهذا السبب، وليس لغيره، لا تقدّم الزيارة التي قام بها لبيروت محمود عبّاس (أبو مازن) رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ولا تؤخّر. لو كان “أبو مازن” يستطيع شيئاً مع السلاح الفلسطيني المتفلّت، لكان ضبَط سلاح “حماس” في غزّة، ولما كانت غزّة وصلت إلى ما وصلت إليه، في أيّامنا هذه، بعدما انسحب الإسرائيلي منها على نحو كامل في آب من عام 2005.

أكثر من ذلك، لو كانت السلطة الوطنيّة قادرة على التحكّم بالسلاح المتفلّت، لما كانت “حماس” نفّذت انقلابها في منتصف عام 2007 وأخرجت “فتح” من غزّة وحوّلت القطاع إلى “إمارة إسلاميّة” على الطريقة الطالبانيّة. ضربت “الحركة” عرض الحائط بكلّ الشعارات التي نادت بها منظّمة التحرير الفلسطينية وكلّ ما تضمّنه المشروع الوطني الفلسطيني الذي أقرّه المجلس الوطني الذي انعقد في الجزائر في خريف عام 1988.

لم يكن السلاح الفلسطيني في لبنان في يوم من الأيّام سوى رمز للنفوذ الخارجي في هذا البلد وتعبير عنه. كان في مرحلة معيّنة من رموز الوصاية السوريّة على لبنان قبل انتقال البلد في 2005 إلى الوصاية الإيرانية.

إيران ورثت السّلاح الفلسطينيّ

أغرق حافظ الأسد لبنان بالسلاح منذ بداية سبعينيات القرن الماضي من أجل الوصول إلى اليوم الذي يدعوه فيه هنري كسينجر، وزير الخارجية الأميركي، إلى إرسال جيشه إلى البلد الجار. كانت خطّة كسينجر تفترض أنّ الجيش السوري سيكون قادراً على “ضبط مقاتلي منظّمة التحرير الفلسطينية” في كلّ الأراضي اللبنانية، باستثناء جنوب لبنان. تفادى الجيش السوري الانتشار في جنوب لبنان بناء على طلب إسرائيلي واضح. كانت حجّة إسحق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي في عام 1976 أنّنا “نحتاج إلى الاشتباك مع الفلسطينيين بين حين وآخر”.

ورثت إيران السلاح الفلسطيني في لبنان في ضوء الانسحاب العسكري السوري منه قبل ما يزيد قليلاً على عشرين عاماً. بات سلاح الفلسطينيّين مرتبطاً في الوقت الحاضر بنزع “الحزب” سلاحه. هذا يعني بكلّ بساطة ضرورة نزع سلاح إيران من لبنان وخروجها منه مثلما خرجت من سوريا. ذلك هو العنوان العريض للمرحلة اللبنانية، وهو عنوان ترفض “الجمهوريّة الإسلاميّة” رؤيته.

التّغيير في سوريا سينسحب على لبنان

من هذا المنطلق، تشير المواقف الأخيرة لـ”الحزب” إلى أنّ “الجمهوريّة الإسلاميّة” ما زالت متمسّكة بسلاحها في لبنان. يوجد رفض لواقع لا مفرّ من اعتراف إيرانيّ به. يتمثّل هذا الواقع في أنّ التغيير الذي حصل في سوريا لا يمكن إلّا أن ينسحب على لبنان، بمعنى أنّه يستحيل عزل الحملة التي تشنّها السلطات السورية الجديدة على تنظيمات فلسطينية من جهة، عن نزع سلاح المخيّمات الفلسطينية في لبنان من جهة أخرى.

شملت الحملة السوريّة توقيف عناصر من “حماس” ومن “الجهاد الإسلامي”، علاوة على استجواب طلال ناجي الأمين العامّ لـ”الجبهة الشعبيّة – القيادة” التي كانت مصرّة إلى الأمس القريب على الاحتفاظ بقواعد في الأراضي اللبنانية، في قوسايا وفي الناعمة. المطروح في سوريا حاليّاً: إلى أين سيكون إبعاد فلسطينيّي “حماس” و”الجهاد الإسلامي”؟ هل يكون العراق مستعدّاً لاستقبال هؤلاء في ضوء العلاقة الخاصّة التي تربط حكومة محمّد شيّاع السوداني بطهران؟

سيتوجّب على لبنان الاستعداد للعيش على وقع الأحداث المتسارعة في سوريا في ضوء توجّه الإدارة الجديدة في دمشق إلى نوع من التطبيع مع إسرائيل مقابل ترتيبات أمنيّة على الحدود بين البلدين. ليس مستبعداً، حتّى، احتمال انضمام سوريا، التي استقبل الرئيس دونالد ترامب رئيسها أحمد الشرع في الرياض، إلى الاتّفاقات الإبراهيمية.

هناك أسئلة، أهمّ بكثير من سلاح المخيّمات، تفرض نفسها على لبنان الذي بات يعرف، بلسان رئيس مجلس الوزراء نوّاف سلام، أنّ زمن تصدير إيران لثورتها ولّى إلى غير رجعة وأنّ المنطقة دخلت مرحلة جديدة.

لا علاقة للمرحلة الجديدة بما كانت عليه المنطقة قبل فرار بشّار الأسد إلى موسكو. لا يتعلّق الأمر بهرب بشّار من دمشق بمقدار ما يتعلّق بتغيير على الصعيد الإقليمي لا يمكن سوى أن تكون له انعكاساته على لبنان في ضوء عودة الأكثريّة السنّيّة إلى حكم سوريا للمرّة الأولى منذ عام 1966. أي منذ الانقلاب العسكري الذي قاده الضابطان العلويّان صلاح جديد وحافظ الأسد.

طهران ترفض الاعتراف بالمتغيّرات

سيتمسّك “الحزب” بسلاح الفلسطينيين في المخيّمات في ضوء استثماره في جعل هذه المخيّمات تحت حكم “حماس”. لن يكون سهلاً تخلّي “الحزب”، ومن خلفه “الجمهوريّة الإسلاميّة”، عن السلاح الفلسطيني في لبنان. يعود ذلك إلى أنّ طهران ترفض الاعتراف بأنّ لبنان مثله مثل سوريا خرج من تحت نفوذها وسيطرتها.

وحده الوقت سيحلّ هذه المعضلة المرشّحة للتفاقم في غياب القناعة الإيرانيّة بأنّ سلاح المخيّمات الفلسطينية لن يفيدها في شيء، خصوصاً في ضوء خسارتها كلّ الحروب التي شنّتها بموازاة حرب غزّة. كذلك، لن يفيدها تمسّك “الحزب” بسلاحه الذي لم يكن يوماً سوى سلاح إيراني موجّه إلى صدور اللبنانيين وتحوَّل في نهاية المطاف، بعد عام 2012، إلى سلاح موجّه إلى السوريين أيضاً.

إقرأ أيضاً: السّلاح الفلسطينيّ في لبنان: شيطان التّفاصيل

السلاح الذي لدى “الحزب” سلاح إيراني. سلاح المخيّمات وكلّ سلاح فلسطيني امتداد للسلاح الإيراني الحالم، عبر الرهان على الوقت، باستمرار السيطرة على لبنان لا أكثر!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلاح المخيّمات… امتداد للسّلاح الإيرانيّ سلاح المخيّمات… امتداد للسّلاح الإيرانيّ



GMT 16:09 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

حرب «عاجل» والغبراء

GMT 16:08 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

الحرب الإسرائيلية ــ الإيرانية إلى أين؟

GMT 16:07 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

عن العقل العربي الغائب

GMT 16:06 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

ترمب... يمتطي حصان الحرب

GMT 16:05 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

المشرق العربي... البولندي

GMT 16:03 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

تأجيلُ مؤتمرِ سلامٍ مؤجَّلٍ

GMT 16:02 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

حسابات توازن القوى

GMT 16:01 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

الإيمان والمستقبل...الدين وبناء السلام

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:27 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 02:03 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

أجمل موديلات فساتين عروس طبقات 2020

GMT 07:33 2023 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يُصبح هداف مصر التاريخي في تصفيات كأس العالم

GMT 14:18 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

مصر ترد على وكالة "ناسا" بشأن الإعصار المتجه نحو البلاد

GMT 13:10 2019 الأربعاء ,25 أيلول / سبتمبر

طاليب ينتقد معارضيه بعد انتصاره على الوداد

GMT 04:24 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

برنامج تجسس" يستهدف الهواتف ويسرق محتوياتها في المغرب"

GMT 19:09 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ليليان تورام يزور أكاديمية نادي الفتح الرياضي

GMT 22:36 2016 الثلاثاء ,15 آذار/ مارس

10 نصائح للعناية بالشعر المعالج بالكيراتين

GMT 03:53 2015 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

روندا روزي تتعرّض لضربة قاضية متوقعة من هولي هولم

GMT 06:38 2014 الأربعاء ,20 آب / أغسطس

توقيف نائب وكيل الملك في ابتدائية الناظور

GMT 19:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

نور الشريف يكشف حقيقة اشتراكه في فيلم روسي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib