متى تتوقّف حرب 13 نيسان

متى تتوقّف حرب 13 نيسان؟

المغرب اليوم -

متى تتوقّف حرب 13 نيسان

خير الله خير الله
بقلم - خيرالله خيرالله

 

تمرّ بعد أيّام قليلة الذكرى الـ50 لاندلاع الحرب اللبنانية التي لم تجد لها نهاية إلى يومنا هذا. كان ذلك في 13 نيسان 1975، حين وقعت مجزرة بوسطة عين الرمّانة التي في أساسها الوجود الفلسطيني المسلّح في البلد. مهّدت تلك الحرب لمزيد من المجازر التي راح ضحيّتها بلدٌ عُرف، بمسيحيّيه ومسلميه، كيف يضيّع كلّ فرصة سنحت له كي يبقى إحدى منارات العلم والثقافة والعقل المتطوّر في المنطقة.

في ذكرى مرور نصف قرن على بداية الحرب اللبنانية، ثمّة ملاحظتان تستأهلان التوقّف عندهما. يوجد تداخل بين الملاحظتين اللتين يفترض أن تعيدا الأمل بالمستقبل لكلّ مواطن لبناني، بمن في ذلك المواطن الشيعي الذي يفترض به أن يتذكّر في كلّ يوم أهمّية لبنان القديم وما قدّمه له البلد بدل اعتقاده أنّ سلاح “الحزب” كان وراء استعادة كرامته.

الصّمود والظّروف

تتعلّق الملاحظة الأولى بقدرة لبنان على الصمود. أمّا الملاحظة الثانية التي يمكن أن تجرّ، بدورها، إلى ملاحظات أخرى كثيرة، فهي مرتبطة بوضع إقليميّ مختلف يعيش لبنان في ظلّه. للمرّة الأولى منذ نصف قرن لا وجود لحكم علويّ في سوريا اعتمد سياسة تقوم على احتقار لبنان واستخدامه “ساحة” يبتزّ عبرها دول العالم، بمن في ذلك الدول العربيّة، بغية البقاء في السلطة. حدث ذلك في عهد الأسد الأب، واستمرّ في عهد الأسد الابن الذي لم يستوعب معنى تحويل سوريا إلى محميّة إيرانيّة والرهان في الوقت ذاته على تغيير ديمغرافي، بدعم من ميليشيات مذهبية تابعة لـ”الحرس الثوري” الإيراني، يلغي، إلى الأبد، دور الأكثرية السنّيّة.

يؤكّد قدرةَ لبنان على الصمود ما آل إليه البلد الذي تخلّص أخيراً من الوصاية الإيرانيّة. لا تزال المؤسّسات اللبنانيّة تعمل على الرغم من اهترائها إلى حدّ كبير. يتبيّن مع مرور السنوات أنّ لبنان ليس بلداً مصطنعاً و”هشّاً”، كما كان يقول بشّار الأسد في لقاءاته مع مسؤولين عرب وغير عرب.
يؤكّد قدرةَ لبنان على الصمود ما آل إليه البلد الذي تخلّص أخيراً من الوصاية الإيرانيّة

بشّار في مزبلة التّاريخ… ولبنان يتنفّس

أصبح بشّار في مزبلة التاريخ، فيما لا يزال لبنان يتنفّس. يتنفّس بصعوبة، لكنّه يتنفّس. يمكن للبنان استعادة وضع البلد الطبيعي والطليعيّ في حال نجاح العهد الجديد في تنفيذ الأجندة العربية والدولية المطلوب تنفيذها بعيداً عن الخوف من شبح حسن نصرالله الذي تحكّم بكلّ شاردة وواردة في البلد طوال سنوات وصولاً إلى امتلاكه قرار الحرب والسلم فيه!

لا شكّ أنّ لبنان سيعاني في المستقبل المنظور. كشفت ذلك التجاذبات بين رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس مجلس الوزراء نوّاف سلام، في ضوء تعقيدات داخليّة، من بينها فرض رئيس الجمهورية كريم سعيد حاكماً لمصرف لبنان. لكنّ البلد، الذي دخل مثله مثل سوريا مرحلة إعادة تأسيس، لا يمكن إلّا أن ينطلق مجدّداً نحو الأفضل نظراً إلى أن لا خيار آخر غير التعاون بين جوزف عون ونوّاف سلام. لا خيار غير التعاون والتنسيق بينهما، وإن في الحدّ الأدنى، في ظلّ عامل مهمّ لا يمكن تجاهله. يتمثّل هذا العامل في التفاهم القائم بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النوّاب نبيه برّي وطبيعة العلاقة العميقة التي تربط بينهما.

الحرب

بعد نصف قرن على 13 نيسان، يجد لبنان نفسه في ظلّ ظروف إقليمية جديدة مختلفة تماماً عن ظروف الماضي. للمرّة الأولى منذ 23 شباط 1966، تاريخ قيام النظام العلويّ في سوريا، نتيجة الانقلاب الذي نفّذه حافظ الأسد وصلاح جديد، على سوريا الاهتمام بأمورها الداخلية أوّلاً. الأهمّ من ذلك كلّه أن لا عودة إيرانية إلى سوريا ولا إلى لبنان بغضّ النظر عن بقاء النظام السوري الحاليّ برئاسة أحمد الشرع أو لا.
يبدو البلد أمام امتحان مصيريّ يحتاج فيه إلى التعاطي مع الواقع بدل الهرب منه

يفترض بأيّ سياسي لبناني، بغضّ النظر عن مدى ارتباطه بـ”الحزب”، التفكير في أنّ المرحلة الإيرانية انتهت. تشير إلى ذلك ردود الفعل الدولية والعربية على الأحداث التي شهدها الساحل السوري حيث تعرّض العلويون لمجازر عند محاولتهم التحرّك والتظاهر بأنّ لديهم قضيّة تستحقّ اهتماماً خارجيّاً بها. ظهر واضحاً أن لا رغبة عربيّة أو دولية في التعاطف مع علويّي سوريا بعد كلّ ما ارتكبه النظام الذي أسّسه حافظ الأسد.

أثمان لكلّ شيء

قاوم اللبنانيون، كلٌّ على طريقته، طوال الفترة الممتدّة من حدث “بوسطة عين الرمّانة”، وهو حدث لم تتحدّد ظروفه بعد، لكنّ الأكيد أنّ المرحلة الجديدة تحتاج إلى مزيد من الوضوح والشفافيّة، علاوة على تحديد ما الذي يحتاج إليه البلد. يشمل ذلك بطبيعة الحال استيعاب أنّه يوجد ثمن لكلّ شيء. ثمن لانسحاب إسرائيل من المواقع التي تحتلّها في جنوب لبنان وثمن لإعادة الإعمار وثمن لعودة المواطنين إلى القرى الجنوبيّة…. وثمن للسماح بإعادة بناء النظام المصرفي اللبناني وشروط ذلك.
تمرّ بعد أيّام قليلة الذكرى الـ50 لاندلاع الحرب اللبنانية التي لم تجد لها نهاية إلى يومنا هذا

توجد مرحلة إعادة تأسيس للبنان، وهي مرحلة لا يمكن عزلها عمّا يدور في المنطقة، خصوصاً في سوريا التي يتحدّث فيها أحمد الشرع في كلّ وقت عن العودة إلى اتّفاق عام 1974 مع إسرائيل، أي نقاط التفاهم التي توصّل إليها حافظ الأسد وقتذاك مع هنري كسينجر وزير الخارجية الأميركي. تشبه هذه النقاط إلى حدّ كبير النقاط الذي تضمّنها اتّفاق وقف النار اللبناني – الإسرائيلي الأخير. قدّم الأسد الأب كلّ التنازلات التي طلبتها إسرائيل للمحافظة على نظامه. ليس كثيراً على لبنان أن يجتاز المرحلة التي يبدو مقبلاً عليها بما يخدم مصالحه بعيداً عن الشعارات الفارغة، بما في ذلك شعار “المقاومة والممانعة”، وهي شعارات دفع ثمنها غالياً، بل غالياً جدّاً.

يبدو البلد أمام امتحان مصيريّ يحتاج فيه إلى التعاطي مع الواقع بدل الهرب منه. عليه أن يفعل ذلك كي تتوقّف تلك الحرب التي انطلقت في 13 نيسان 1975… والتي آن وقت انتهائها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى تتوقّف حرب 13 نيسان متى تتوقّف حرب 13 نيسان



GMT 16:09 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

حرب «عاجل» والغبراء

GMT 16:08 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

الحرب الإسرائيلية ــ الإيرانية إلى أين؟

GMT 16:07 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

عن العقل العربي الغائب

GMT 16:06 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

ترمب... يمتطي حصان الحرب

GMT 16:05 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

المشرق العربي... البولندي

GMT 16:03 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

تأجيلُ مؤتمرِ سلامٍ مؤجَّلٍ

GMT 16:02 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

حسابات توازن القوى

GMT 16:01 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

الإيمان والمستقبل...الدين وبناء السلام

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:27 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 02:03 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

أجمل موديلات فساتين عروس طبقات 2020

GMT 07:33 2023 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يُصبح هداف مصر التاريخي في تصفيات كأس العالم

GMT 14:18 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

مصر ترد على وكالة "ناسا" بشأن الإعصار المتجه نحو البلاد

GMT 13:10 2019 الأربعاء ,25 أيلول / سبتمبر

طاليب ينتقد معارضيه بعد انتصاره على الوداد

GMT 04:24 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

برنامج تجسس" يستهدف الهواتف ويسرق محتوياتها في المغرب"

GMT 19:09 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ليليان تورام يزور أكاديمية نادي الفتح الرياضي

GMT 22:36 2016 الثلاثاء ,15 آذار/ مارس

10 نصائح للعناية بالشعر المعالج بالكيراتين

GMT 03:53 2015 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

روندا روزي تتعرّض لضربة قاضية متوقعة من هولي هولم

GMT 06:38 2014 الأربعاء ,20 آب / أغسطس

توقيف نائب وكيل الملك في ابتدائية الناظور

GMT 19:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

نور الشريف يكشف حقيقة اشتراكه في فيلم روسي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib