الفوز كان مغربيّاً مغربيّاً فقط

الفوز كان مغربيّاً... مغربيّاً فقط!

المغرب اليوم -

الفوز كان مغربيّاً مغربيّاً فقط

خيرالله خيرالله
بقلم : خيرالله خيرالله

ليس صعود الفريق المغربي إلى نصف نهائي دورة كأس العالم لكرة القدم حدثاً عادياً يمكن فصله عن تراكم للنجاحات في الداخل المغربي. لا تخفي هذه النجاحات صعوبات يترتب على المملكة مواجهتها يومياً في ظلّ وضع عالمي في غاية التعقيد.

كانت جائحة «كوفيد - 19» التي عطّلت نشاطات كثيرة في المغرب. جاءت بعد ذلك حرب أوكرانيا مع كلّ ما خلفته من مشاكل على صعيدي الوقود والغذاء.

لم يمنع ذلك المغرب من التقدّم والتطور من منطلق الاعتراف الصريح بالصعوبات. لم يسع المغرب إلى التغطية على الصعوبات والهرب منها كما يفعل آخرون في هرب دائم من أزماتهم الداخليّة التي يصدرونها إلى خارج حدودهم.

يفعلون ذلك عن طريق شنّ حملات وحروب بالواسطة على المغرب.

جاء هذا الحدث غير العادي الذي شهدته دورة كأس العالم بعد تعادل للفريق المغربي مع كرواتيا وفوزه على بلجيكا وإزاحته إسبانيا ثمّ البرتغال.

لكلّ دولة من هذه الدول مكانتها المعترف بها عالمياً في مجال كرة القدم. في الطريق إلى دور نصف النهائي، كان الفوز على كندا بمثابة نزهة للمغرب.

بغض النظر عن الفريق الذي سيتوج في دورة كأس العالم التي تستضيفها قطر، يمكن القول، من الآن، أن المغرب بين أكبر الفائرين في هذه الدورة.

هناك فوز للمملكة المغربيّة نفسها، ولا لأحد غيرها.

لا بدّ من هذا الكلام المباشر نظراً إلى أنّ كثيرين يحاولون استغلال الفوز المغربي بطريقة رخيصة في وقت بعثت المملكة برسالة في غاية الوضوح.

مضمون الرسالة أنّ ليس في الإمكان الاستخفاف بالمغرب وتجربته بأيّ شكل من الأشكال. من يفعل ذلك في غاية الغباء لا أكثر.

الأهمّ من ذلك كلّه أن الفوز المغربي لا يمكن أن يكون موضوع مزايدات عربيّة أو فلسطينيّة، خصوصاً أن ليس في الإمكان لأي طرف عربي وغير عربي المزايدة على المغرب فلسطينيا.

ليس سرّا ما قدمه المغرب من أجل فلسطين والفلسطينيين، كما ليس سرّا أن دماء الجنود والضباط المغاربة روت أرض الجولان في حرب أكتوبر 1973.

تشكل دورة كأس العالم فرصة لاكتشاف المغرب بعيداً عن كلّ أنواع المبالغات من جهة ورفض معرفة ما هي المملكة المغربيّة على حقيقتها من جهة أخرى.

هذا يعني بكلّ بساطة الاعتراف بأنّ الإنسان هو من صنع الفوز في دورة كأس العالم، وهو في أساس النجاح المغربي.

ما شهدته المباريات التي خاضها الفريق المغربي، خصوصاً في مجال التماسك بين اللاعبين كان تعبيراً عن إيمان المغاربة بوطنهم وبسياسة بناء الإنسان التي اعتمدها الملك محمّد السادس.

هناك هم واحد لمحمّد السادس، يتفوق على كلّ الهموم الأخرى. هذا الهمّ هو الإنسان المغربي.

هذا الهمّ، الذي تختزله الرغبة في توفير الرفاه للإنسان المغربي، جعل كلّ مواطن يحتفل على طريقته بالفوز، خصوصاً في المدن والبلدات في الأقاليم الصحراوية.

عملياً، أسقط الفوز المغربي كلّ الرهانات على نجاح حرب الاستنزاف التي تشنّها الجزائر على المغرب مستخدمة أداة اسمها جبهة «بوليساريو».

نجح المغرب حيث فشل آخرون من جيرانه القريبين... وآخرين بعيدين عنه.

لماذا فشل هؤلاء؟ يعود ذلك قبل كلّ شيء إلى أن الجيران القريبين والبعيدين لا يعرفون المغرب.

لا يعرفون شيئاً عن دور المرأة المغربيّة التي تعمل في أحيان كثيرة ليلاً نهاراً من أجل تأمين حياة كريمة لعائلتها.

لا يعرفون مدى عمق العلاقة بين الملك والشعب ومدى اهتمام محمّد السادس بالمرأة وبكلّ مواطن.

لا يعرفون مدى تعلّق المغاربة بوحدتهم الترابيّة ومغربيّة الصحراء، وهي الزاوية التي ينظر محمّد السادس من خلالها إلى العلاقة مع بقية الدول في كلّ أنحاء العالم، بمن في ذلك فرنسا التي تتحكّم ببعض كبار المسؤولين فيها عقد عدّة ذات علاقة بالمغرب.

من فاز كان المغرب. المغرب فقط. هذا المغرب، بعمقه الأفريقي، الذي يجهل كثيرون أنّه دولة مؤسسات عريقة وقديمة ليست وليدة انقلابات عسكريّة تروج لشعارات فارغة تستهدف المتاجرة بفلسطين والفلسطينيين.

من فاز كان المغرب الذي يعترف بكلّ الثقافات التي ساهمت في تكوينه، وهي ثقافات معترف بها في الدستور.

أخيرا، من فاز كان المغرب الذي ليست لديه عقد تجاه مواطنيه بغض النظر عن ديانتهم.

هذا ما سهّل المحافظة على العلاقة القويّة مع الجالية اليهودية في مختلف أنحاء العالم، في إسرائيل والولايات المتحدة والدول الأوروبيّة المختلفة.

كلام كثير يمكن أن يقال عن الفوز المغربي وعن محاولة كثيرين من العرب والفلسطينيين ركوب موجة هذا الفوز وتجاوز حقيقته.

يبقى أهمّ ما يمكن قوله إنّ معظم العرب تعوّدوا على الهزائم.

لن يخرجهم مما تعودوا عليه لا تحوير الفوز المغربي ولا ركوب موجته. ما يمكن أن يخرجهم من تلك الروح المبنيّة على التخلّف، السعي إلى التعرّف على المغرب بعيداً أي تحوير لما حصل في دورة كأس العالم.

ما حصل، مرّة أخرى، أن الفوز كان مغربيّاً... ومغربيّاً فقط!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفوز كان مغربيّاً مغربيّاً فقط الفوز كان مغربيّاً مغربيّاً فقط



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أمينة خليل تتألق في الأبيض بإطلالات عصرية ولمسات أنثوية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:26 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

منزل ريفي في بريطانيا من وحي تصميمات روبرت ويلش

GMT 11:35 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

زيّن حديقة منزلك مع هذه الفكرة الرائعة بأقل تكلفة

GMT 17:00 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ديوكوفيتش يسعى للفوز بذهبية أولمبياد باريس

GMT 06:20 2023 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

230 ألف شخص يشيعون بيليه إلى مثواه الأخير

GMT 15:10 2022 الأربعاء ,23 آذار/ مارس

شركة "توتال" الفرنسية توقف شراء النفط من روسيا

GMT 20:10 2022 الجمعة ,07 كانون الثاني / يناير

مشروع قانون لتنظيم أسعار المحروقات في المملكة المغربية

GMT 14:16 2021 السبت ,31 تموز / يوليو

فساتين سواريه للنحيفات المحجبات

GMT 23:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تعرف على قائمة الأسعار الجديدة للسجائر في المغرب

GMT 15:22 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 20:49 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

أسعار مازدا mazda 3 في مصر

GMT 21:11 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

شركة أميركية ترصد صورًا لأهم أحداث الكوكب خلال العقد الماضي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib