ما أسقطته حرب غزّة

ما أسقطته حرب غزّة

المغرب اليوم -

ما أسقطته حرب غزّة

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

في كلّ يوم يمرّ تزداد عذابات غزّة وأهل غزّة نتيجة ما تُمارسه إسرائيل من جنون ليس بعده جنون ومن إرهاب ليس بعده إرهاب.
تعرّض قسم من أهل غزّة لعملية تهجير داخل القطاع نفسه. لا يشبه هذا التهجير الداخلي من منطقة معيّنة في غزّة إلى منطقة أخرى في داخل القطاع، غير ذلك التهجير الذي مارسه النظام السوري منذ العام 2011 في سياق حربه على شعبه.
توجد رغبة حقيقيّة لدى بنيامين نتنياهو في تفريغ غزّة من سكانها. ينجح في ذلك أم لا؟
من الواضح أنّ مصر تقف حاجزا دون انتقال الغزاويين إلى سيناء، أي إلى أراضيها. يُشكّل الموقف المصري عقبة أساسيّة في طريق ما يريده «بيبي» الذي وضع لنفسه هدفاً يتمثّل في القضاء على «حماس» التي كانت وراء الهجوم الذي نفذه مقاتلوها في السابع من أكتوبر الماضي.
يدفع رئيس الوزراء ثمن رهانه على «حماس» بغية تكريس الانقسام الفلسطيني ومنع وجود سلطة فلسطينية تستطيع تنفيذ مشروع وطني يقوم على خيار الدولتين. هذا الخيار اعتمدته منظمة التحرير الفلسطينية منذ خريف العام 1988 تحت عنوان المشروع الوطني الفلسطيني.
مفيد أن توافق القمة العربيّة - الإسلاميّة التي انعقدت في الرياض على خيار الدولتين مع التشديد في الوقت ذاته على أولوية وقف الحرب على غزّة.
مثل هذا الموقف مفيد أيضاً، خصوصا أن «الجمهوريّة الإسلاميّة» في إيران وافقت عليه. الأكيد أن موافقتها ارتبطت بما ورد في البيان الختامي للقمّة، ككلّ، في ما يخص التطبيع مع إسرائيل. ترفض إيران مثل هذا التطبيع ما دام يتحقّق من دون طلب رضاها ومن خارج مشروعها التوسّعي في المنطقة.
في كلّ الأحوال، لم يغب الدهاء الإيراني عن قمّة الرياض. ما لم تستطع «الجمهوريّة الإسلاميّة» تمريره في البيان الختامي، جرى تمريره عن طريق موقف العراق.
كان لافتاً «تحفظ جمهورية العراق عن عبارة حلّ الدولتين أينما وجدت في القرار كونها تتعارض مع القانون العراقي».
تحفظ العراق أيضاً عن «عبارة قتل المدنيين، كونها تساوي بين الشهيد الفلسطيني والمستوطن الإسرائيلي» وعن عبارة «إقامة علاقات طبيعية معها»، أي مع إسرائيل.
تبدو هذه التحفظات العراقيّة أقرب إلى مكافأة في محلها تحصل عليها الولايات المتحدة التي اجتاحت العراق في 2003 وأوصلت الميليشيات المذهبيّة، الموالية لإيران، إلى بغداد على ظهر دبابة من دباباتها.
في كلّ الأحوال، بعثت قمة الرياض العربيّة - الإسلاميّة بالرسالة المطلوبة. هناك موقف عربي - إسلامي مشترك يدعو إلى وقف الحرب الإسرائيلية على غزّة من جهة وفتح الباب لاحقا امام مشروع حل سياسي على الصعيد الإقليمي بما يتجاوز غزّة من جهة أخرى.
مع طرح مشروع للحلّ السياسي الشامل للقضية الفلسطينية، فإنّ الهمّ العربي الأول والأخير خلال القمّة تمثّل في الإصرار على إنهاء المجزرة عبر وقف إطلاق النار، الذي ترفضه إسرائيل كليّاً وتتناغم معها أميركا ومعظم دول الغرب.
تريد اميركا وحلفاؤها الإفساح في المجال أمام مجلس الحرب برئاسة بنيامين نتنياهو كي يحقّق أقصى ما يستطيع للانتقام من «حماس» وفق تمنّيات قادة الدولة العبرية والغرب بإنهاء دورها.
بعثت قمّة الرياض رسالتها، لكنّ ذلك لا يلغي أمراً في غاية الأهمّية يتعلّق بمأساة غزّة التي في أساسها الخط السياسي الذي اتبعه رئيس الوزراء الإسرائيلي بكل ما يرمز إليه من عنصرية.
في أساس هذا الخط السياسي تقديم الاستيطان في الضفّة الغربيّة على كل ما عداه... حتّى لو كان ذلك يعني التغاضي عن نشاطات «حماس» في غزّة وعلاقتها العضوية بإيران.
قامت كلّ فكرة (الراحل) ارييل شارون لدى اتخاذ حكومته قراراً بالانسحاب الكامل من غزّة في أغسطس 2005 على توظيف الانسحاب في خدمة مشروع ضم جزء كبير من الضفّة الغربيّة المحتلة إلى إسرائيل. يكون ذلك عن طريق تشجيع الاستيطان فيها وتوسيعه.
ما سقط جراء حرب غزّة، هو الفكر اليميني الإسرائيلي الذي استثمر في «حماس» من أجل تكريس الانقسام الفلسطيني، أي الفصل بين الضفّة وغزّة.
تبيّن بكل بساطة أن الشعب الفلسطيني واحد ولا يمكن تذويبه. انفجر لغم غزّة في وجه نتنياهو.
ما انفجر فعلا هو رهان التطرّف الإسرائيلي على التطرّف الفلسطيني... بقي شيء من «حماس» أم لم يبق. ما بعد حرب غزّة لن يكون كما قبلها. سيرحل نتنياهو وربّما يحاكم.
إلى ذلك، ستأخذ إسرائيل حجمها الحقيقي عاجلاً أم آجلاً، خصوصاً بعدما تبيّن أنّها مضطرة إلى الاعتماد أكثر فأكثر على الولايات المتحدة من أجل البقاء على قيد الحياة!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما أسقطته حرب غزّة ما أسقطته حرب غزّة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أمينة خليل تتألق في الأبيض بإطلالات عصرية ولمسات أنثوية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 14:41 2023 السبت ,22 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.5 درجة في اليونان

GMT 07:39 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"الغجر يحبُّون أيضًا" رواية جديدة لـ"الأعرج"

GMT 15:40 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

كيفية اختيار لون المناكير المناسب

GMT 23:58 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

ساني يهزم نيمار في سباق رجل جولة دوري أبطال أوروبا

GMT 19:43 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

البدواوي يكشف أن "حتا" شهدت إقبالاً كبيراً من السياح

GMT 14:00 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي "إشبيلية" يرغب في التعاقد مع ماركوس يورينتي

GMT 00:51 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

التلفزيون الملون لم يدخل بيوت الآلاف في بريطانيا

GMT 00:29 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

صفية العمري تؤكّد أنها تبحث عن الأعمال الفنية الجيدة فقط
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib