حلم قد يفتح الطريق أمامنا

حلم قد يفتح الطريق أمامنا

المغرب اليوم -

حلم قد يفتح الطريق أمامنا

بقلم - توفيق بو عشرين

حلم تنظيم المونديال في المغرب حلم مشروع، وصرف المليارات على بيع صورة المغرب لدى الفيفا، ولدى الدول التي ستصوت على البلد الذي سيستضيف أكبر حدث عالمي، مبرر إلى حد ما… لكن هذا كله لا يجعل المغرب دون منافس، كما قال وزير التجارة والصناعة، مولاي حفيظ العالمي، ويجب ألا تنسينا حماسة لجنة الدفاع عن الملف المغربي، الأخطاء التي وقعت في السابق، حيث فشلنا خمس مرات في استقطاب الكأس الذهبية إلى شمال إفريقيا.

قد ينجح المغرب في استقطاب هذه التظاهرة وقد يفشل، لكن المحاولة لن تضر كثيرا، خاصة إذا واكبها إحساس بالمسؤولية، وبضرورة إصلاح البنيات التحتية، من طرق ومواصلات وملاعب ومطارات ومحطات ووسائل نقل وبنيات استقبال وبيئة سياحية، تقدم منتوجا يغري المواطن والأجنبي… أما النهوض بالواقع الكروي للأندية الغارقة في الارتجال والبدائية، في الإدارة والتسيير والتسويق، فهذه حكاية مازال حسمها بعيدا جدا.

المغرب مثل قطار يحتوي على الكثير من الإمكانيات والميزات، أولها العنصر البشري، والموقع الجغرافي، والطقس المتنوع، والحضارة العريقة، والمجتمع الديناميكي… لكن هذا القطار لم يجد، إلى الآن، سكة حديد يسير فوقها وفق خط واضح، ووجهة معروفة، ومحطات موشومة فوق خريطة طريق لا تتبدل بتبدل الأمزجة والحكومات والسياسات والقرارات والظروف والأحوال.

لذلك، تحتاج البلاد إلى مشروع كبير يحفز الحاكم والمحكوم على السير إلى الأمام. يحتاج المغرب إلى رؤية تشحن المواطنين بالطاقة الإيجابية، وتشحذ هممهم للعمل والتطور والإنجاز والابتكار، ووضع أهداف قابلة للتحقق، وقابلة للتقييم، خارج لغة الخشب، ووعود سوف، وسوف، وسوف، أو دعاية «المشاريع المباركة»، والأوراش المفتوحة، والإنجازات الوهمية… هنا يمكن أن يكون تنظيم كأس العالم لكرة القدم في 2026، إذا وفق المغرب في انتزاع حق تنظيم هذه التظاهرة، موعدا كبيرا لإنجاز أشياء كثيرة نقدمها للمغاربة أولا، وللعالم ثانيا. إنها طريقة أخرى في التخطيط والتعبئة والعمل بمعايير دولية، وبإيقاع عالمي، وبشهادة جودة خاصة، لا مجال فيها للتلاعب بالأرقام والإنجازات والمشاريع، كما نفعل كل سنة بيننا.

نحن بلاد كانت طوال قرون تدير ظهرها للبحر، وتخاف الانفتاح بسبب عقدة الاستعمار أو الاحتلال، ومنذ انتصارنا في معركة وادي المخازن قبل خمسة قرون، ومنذ إنجازات الملك العظيم المنصور الذهبي، توقف الزمن المغربي عن الانخراط في الزمن العالمي، وصرنا إيالة شريفة منكمشة مفعولا بها في العلاقات الدولية، وليست فاعلا في مجتمع الدول. منذ أن طلبت ملكة إنجلترا، إليزابيث الأولى، من السلطان المنصور الذهبي أن يشاركها احتلال الهند مقابل تمويل الحملة العسكرية على هذه البلاد، ونحن غارقون في مشاكل بلا حدود، بعدما توقف النبوغ المغربي، وما عاد الأوروبيون يحترموننا أو يهابون جانبنا، بل إن فرنسا وإسبانيا تجرأتا على استعمار بلادنا، وحتى عندما خرجوا، تركونا غارقين في ترسيم الحدود مع جيراننا، وتركوا الكثير من الألغام في خريطتنا مازلنا نعاني تبعاتها إلى اليوم.

من كثرة ما طال بنا زمن الهوان لم نعد نحلم بمشاريع كبيرة، ولا بمخططات للخروج من التخلف والفقر والأمية والجهل. الدولة تريد أن تربح الوقت، وأن تحافظ على سلطتها، والمجتمع يريد أن يربح الاستقرار ويحافظ على أمنه، وبين هذا وذاك نهدر زمن الإصلاح، والمهمة التي لا ننجزها اليوم، نجدها وقد تحولت إلى عقدة في الغد، فأصبحت السياسة هي إدارة الأزمة لا حلها، والفكر هو تبرير الواقع لا تغييره، والدين بمثابة مخدر للشعب لا رافع لهمته، فتجد المواطن يحاسب نفسه حسابا عسيرا على تفويت صلاة الفجر، ولا يهتم بمحاسبة نفسه على السكوت عن الظلم أو التعذيب أو الفساد.

لن يحل تنظيم كأس العالم -إن استضفناه- كل مشاكلنا مع الفقر والبطالة والأمية والفساد والاستبداد، لكنه قد يعطينا نقطة ضوء بعيدة للسير نحوها ومصالحة المغرب مع عصره.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حلم قد يفتح الطريق أمامنا حلم قد يفتح الطريق أمامنا



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

أمينة خليل تتألق في الأبيض بإطلالات عصرية ولمسات أنثوية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:26 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

منزل ريفي في بريطانيا من وحي تصميمات روبرت ويلش

GMT 11:35 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

زيّن حديقة منزلك مع هذه الفكرة الرائعة بأقل تكلفة

GMT 17:00 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ديوكوفيتش يسعى للفوز بذهبية أولمبياد باريس

GMT 06:20 2023 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

230 ألف شخص يشيعون بيليه إلى مثواه الأخير

GMT 15:10 2022 الأربعاء ,23 آذار/ مارس

شركة "توتال" الفرنسية توقف شراء النفط من روسيا

GMT 20:10 2022 الجمعة ,07 كانون الثاني / يناير

مشروع قانون لتنظيم أسعار المحروقات في المملكة المغربية

GMT 14:16 2021 السبت ,31 تموز / يوليو

فساتين سواريه للنحيفات المحجبات

GMT 23:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تعرف على قائمة الأسعار الجديدة للسجائر في المغرب

GMT 15:22 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 20:49 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

أسعار مازدا mazda 3 في مصر

GMT 21:11 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

شركة أميركية ترصد صورًا لأهم أحداث الكوكب خلال العقد الماضي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib