في الزواج المبكر

في الزواج المبكر

المغرب اليوم -

في الزواج المبكر

بقلم : الباحث في مجال حقوق الانسان رياض صبح

لم اعتد ان اناقش مسائل حقوق الإنسان من منظور شرعي، ولكن ما دفعني هو أن الحجة الرئيسية للقانون الذي يجيز الزواج بسن 15 هو سند الشريعة الإسلامية، ويمكن مناقشة الموضوع بالتالي:

أولا: إن الفقه الإسلامي هو السند لحجة الزواج المبكر،  والفقه أعد بظروف زمانية قبل أكثر من ألف عام، وهو ما كان يتناسب مع الثقافة العامة للمجتمع ومع قدرة الفرد على الإنتاج الزراعي والرعوي بعمر صغير، حيث يستطيع آنذاك الشاب الذكر أن ينتج زراعيا ورعويا بعمر 15 سنة وذلك بالقيام بالفلاحة والرعي، كما أن الفتاة كانت تستطيع القيام بالأعمال المنزلية وكذلك رعاية الدواجن والرعي والزراعة بذات العمر أيضا.

إلا أن هذا الوضع قد تغير فلا يستقيم مع الدور الإنتاجي في العصر الرأسمالي، حيث أن الطفل ينهي دراسته المدرسية بعمر 18 كحد أدنى ناهيك عن الدراسة الجامعية ومرحلة البطالة بعد التخرج، الأمر الذي يرفع فعليا وواقعيا القدرة على الإنتاج إلى أكثر من ذلك بكثير، وبالتالي ارتفع سن الزواج فعليا إلى متوسط عمري لا يقل عن 28 عاما، وبالتالي فإن الطفل بعمر 15 سنة يكون لديه ( ربما) القدرة الجنسية على النكاح، ولكن غير قادر على الإعالة وتأسيس ورعاية الأسرة سواء أكان ذكرا أم أنثى، لأن متطلبات الأسرة أكبر بكثير من الدور الجنسي الذي تختص به الحيوانات على غير الدور الواسع للإنسان في أسرته.

ثانيا: استند الفقه الإسلامي على مبدأ التشجيع على الزواج عموما وهو أمر حسن، ولكن إصراره على عمر 15 سنه كأهلية للزواج استنادا إلى حديث الرسول، حيث أن هذا الحديث لم يحدد سنا للزواج وإنما اشترط الباءة للزواج، والباءة تعني القدرة، والتي تشمل الجنس والعمل أو الإنتاج وأيضا النمو العقلي والخلقي، وهو ما لا يتوافر في عصرنا هذا في عمر الطفل 15 سنة كما أسلفنا توضيحا، والأمر الآخر أن الحديث يخاطب الشباب، وهي تشمل الذكور والإناث وليست حصرية بالذكور.

ثالثا: إن أصل الزواج في القرآن الكريم هو مبدأ - كما وصفه القرآن- "بالميثاق الغليظ" مؤكدين على أن الأساس هو الميثاق وليس العقد الذي اجتهده الفقهاء، حيث لم يرد عقد الزواج في القرآن الكريم، والفرق بينهما هو أن العقد يحدد الإلتزامات، بينما يركز الميثاق على العلاقة والتفاهم والمودة والرحمة، ولا يمكن تحقيق الوصول إلى الميثاق الا بموافقة تامه للزوجين والتي تحتاج إلى موافقة تامة لشخص كامل الأهلية، ومؤكدين على أن التزام الميثاق لا يقبل التوكيل كما العقد الذي يقبل التوكيل، بمعنى ضرورة حضور الزوجين مقابل بعضهما وموافقتهم موافقه فعليه كاملة الأهلية في تأكيد علاقة المودة والرحمة ( بمعنى التفاهم القيمي والرابط الأخلاقي والاجتماعي في الزواج) وهذه الأهلية للميثاق يصعب توفيرها بعمر الطفولة بل ينبغي أن يكون لشخص بالغًا بلوغا تاما ولديه وعي لمتطلبات الحياة والقيم التي تربط الزواج.

فأمام كل هذه المعطيات فإنني استغرب الإصرار على المرجعية الفقهية كشرط لقانون الأحوال الشخصية في أهلية الزواج من الناحية العمرية، دون الالتفات إلى المرجعية الأساس وهي القرآن بالدرجة الأولى والسنة النبوية بالدرجة الثانية، وإذا كان للفقهاء في الماضي لهم مبرراتهم ( رغم عدم توافقي التام معها)، فإن مرجعيتهم ليست سوى اجتهاد لا يلزمني بشيء ما دامت المرجعية الأساس (القرآن) لم تلزمني بقولهم. وعليه ادعو كل المعنيين بقانون الأحوال الشخصية إلى ضرورة إعادة النظر بالأمر ورفع الحد الأدنى لسن الزواج إلى 18 عاما توافقا مع القرآن والسنة، ومع اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها الأردن.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في الزواج المبكر في الزواج المبكر



GMT 14:58 2017 الجمعة ,28 تموز / يوليو

يوم جمعة أردني

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 19:22 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران
المغرب اليوم - بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران

GMT 23:50 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترمب تعهدت بإغلاق محطة إذاعية أمريكية ناطقة بالمجرية
المغرب اليوم - إدارة ترمب تعهدت بإغلاق محطة إذاعية أمريكية ناطقة بالمجرية

GMT 23:02 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تدعم عراق خالٍ من الميليشيات المدعومة من الخارج
المغرب اليوم - واشنطن تدعم عراق خالٍ من الميليشيات المدعومة من الخارج

GMT 01:02 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

دواء جديد يحمي مرضى السكري من تلف الكلى
المغرب اليوم - دواء جديد يحمي مرضى السكري من تلف الكلى

GMT 01:37 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب
المغرب اليوم - فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب

GMT 10:37 2012 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

سوتشي مدينة التزلج الأولى في روسيا تستضيف أوليمبياد 2014

GMT 14:25 2020 الجمعة ,12 حزيران / يونيو

انهيار برج ضخم في مصافي حيفا

GMT 10:35 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تكشف أن الهواتف الذكية تجعل المراهقين غير ناضجين

GMT 06:57 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

السودان تحذر من فيضانات على ضفتي النيل الأزرق والدندر

GMT 05:52 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

الخبيرة منى أحمد تُبيِّن مدى قبول كلّ برج للاعتذار

GMT 05:30 2018 الجمعة ,15 حزيران / يونيو

CGI wizardry تعيد الحضارات القديمة وتجسدها للزوار

GMT 08:13 2016 الجمعة ,22 إبريل / نيسان

بيبيتو يكشف دور ميسي وسواريز في تألق نيمار

GMT 18:04 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وزير الرياضة يناقش خطة اتحاد الجودو في 2018

GMT 21:02 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد المغربي يحرم الوداد من منحته السنوية

GMT 07:23 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"روائح مبعثرة" المجموعة القصصية الأولى للعسيري

GMT 05:34 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"سيات ليون كوبرا" ضمن أفضل 5 سيارات في "اليورو"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib