في النفقة الزوجية

في النفقة الزوجية

المغرب اليوم -

في النفقة الزوجية

بقلم - رياض صبح

 لا اتفق مع القانون والثقافة السائدة بوجوب النفقة على الزوج وحده للزوجة وللأطفال، وقد يبدو هذا مستغربًا لدى الكثير إناثًا وذكورًا، وذلك للأسباب التالية:

أولًا: يتم الاستناد بوجوب نفقة الزوجة على الآية في التنزيل الحكيم "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا"، وهذا يعني – وفق التفسير الدارج – أن الذكر يعلو المرأة وعليه قوامتها وتعني بأن تطيعه ويؤدبها وعليه واجب النفقة وإدارة الأسرة، ووفق رأي الدكتور محمد شحرور في كتابه " فقه المرأة "، فإن الآية ذكرت الرجل ولم تذكر الذكر، في حين أن آيات المواريث ذكرت الذكر ولم تذكر الرجل, والرجل لغة وفق معجم مقاييس اللغة، تعني الفرد الساعي للعمل والإنتاج، ولا تعني الذكر حصرًا، فالرجل قد يكون مذكرًا أو مؤنثًا، ومؤنثها لغة " رجله"، ولذلك نقول فلان أو فلانه ارتجلت، ويقال ترجل للذكر وترجلي للأنثى, أما النساء فهي الشيء المتأخر من الشيء، ولا تعني حصرًا الأنثى، فقد تشمل أيضًا المتأخرين من الذكور، وبهذا معنى الرجال والنساء هو دور اجتماعي وتعني السعي وليس بيولوجي كمفهوم الذكر والأنثى.

وبذلك تكون القوامة " أي إدارة الأمور" لمن هم في حالة عليا ماليًا واداريًا سواءً كان رجلًا أم امرأة، حيث يمكن لأنثى أن تكون صاحبة القوامة كمديرة في مصنع أو مؤسسه وأن تقوم " أي تدير وتصلح" عمل مئات بل آلاف الرجال، ونفس الشيء بالنسبة للذكر على الأنثى إن كان هو في موقع إدارة ومال.

ولو أراد الله أن يعني بالرجل الذكر على الأنثى لكان قد نصت الآية " بما فضل الله بعضهم على بعضهن" إلا أن الآية نصت " بما فضل الله بعضهم على بعض" والبعض هنا يشمل الذكر والأنثى, فقد تكون صاحبة القوامة أمًا تمارس التسلط والاستبداد وقلة الصبر وضيق الأناة والصدر في بيتها وعلى أولادها، أو أختًا تمارس ذلك كله على إخوتها وأخواتها، أو جدة تمارسه على أولادها وأحفادها, في هذه الحالة يكون الحل بالعظة والنصيحة والقول الكريم فعظوهن.

أما إذا لم ينفع الحل الأول بالعظة والثاني بالهجر بالنسبة للزوجة فيأتي حل اضربوهن أي فاضربوا على أيديهن بسحب القوامة منهن, وتبقى هذه الحلول منطقية وطبيعية بوجود القوامة في يد المرأة، لكنها تصبح لا معنى لها مطلقًا، لو أن القوامة للرجل خلقًا وعقلًا ودينًا وولايةً.

ونقف هنا عند قول الآية "اضربوهن", فقد ذهب البعض إلى أن الضرب هنا يعني الصفع واللكم والرفس. وفاتهم أن الضرب في اللسان العربي يعني ضرب الأمثال، ويعني الضرب في الأرض، ويعني التدابير الصارمة كقولنا: ضربت الدولة بيد من حديد على المتلاعبين بالأسعار، ويعني ضرب النقود ويعني أخيرًا الصفع واللكم والرفس, لكن الرسول الأعظم خرج إليهم قائلًا "لا تضربوا إماء الله، فهل يعتقد القائلون بالضرب أن النبي "صل الله عليه وسلم"، لو صح خبر أبي داوود، كان ينهى عما أمر الله به؟!

ثانيًا: إنه وبعد أن تغيرت حقوق المرأة في التشريعات المدنية بمساواتها – في التشريع على الأقل – مع الرجل، وأصبح لها حق التعليم والعمل والتنقل والأهلية المالية التامة دونما قيود قانونية – كما قيدتها الكثير من المنظومات السلفية والثقافية – فلم يعد هنالك إذنًا مبررًا لنفقة وقوامة الزوج على زوجه، فكيف يستقيم أن تكون امرأة متمكنة ماليًا وإداريًا في عملها وحياتها، ويقوم الرجل بتقييدها – وفق مفهوم القوامة التقليدي – وينفق عليها لاسيما أن كان الزوج دخله وماله وسلطته الوظيفية في درجة أقل من زوجته، بخاصة أن بعضهم محدودي الدخل !. وصحيح أن ذلك الأمر لا ينسحب على كل الزوجات – فبعضهن لا يملكن القدرة على الإنفاق لأنهن غير متمكنات اقتصاديًا – ولذلك فإن التفاهم وحسن المعاشرة يستوجب تقاسم الأعباء وفق دخل الزوج والزوجة، فمن هو أو هي في وضع أفضل ماليًا يساهم بحصة أكبر من الطرف الأخر باتفاق عادل وموضوعي.

ثالثًا: إنه لمن المستغرب أن يكون خطاب الغالبية من الحركات النسوية والمنظمات النسائية المطالبات بالمساواة بين الذكر والأنثى في كل مناحي الحياة إلا أغلبهن يرجعن خطوة إلى الوراء لهذا الفهم التقليدي للقوامة بوجوب نفقة الزوجة من قبل الزوج، وذلك خلافًا لمرجعيتهن الرئيسية وهو اتفاقية سيداو والتي نصت على المساواة التامة في الزواج، بما يعني تقاسم الأعباء وتحمل المسؤولية في الزواج والتي تشمل القوامة والنفقة, وأن المطالبة بالنفقة عليها يعني ترسيخًا لسيطرة الذكر عليها دومًا.

وبالتالي فهذا خطاب متناقض بين مساواة واستقلالية المرأة مع مفهوم القوامة، وحتى النفقة المقررة قضائيًا على أرض الواقع قليلة ولا تساعد المرأة والطفل بقدر ما تقيدها لصالح الرجل. وينطلق رأيي من رؤية حقوقية تقوم على المساواة والعدالة سواءً من النص الحقوقي الدولي أو من نص التنزيل الحكيم، وأعلم أن جزءًا كبيرًا – ربما – من الإناث لن يعجبهن قولي، وجزء ليس بيسير من الذكور سيعجبهم هذا الرأي، ولكني ما أردت إلا الإصلاح.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في النفقة الزوجية في النفقة الزوجية



GMT 08:13 2018 الجمعة ,09 آذار/ مارس

سيّدتي لا تصدّقينا

GMT 06:20 2018 الجمعة ,09 آذار/ مارس

الجنة تحت أقدام النساء

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 02:41 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

سؤال للازواج

GMT 15:55 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

الصداقة، سعادة

البدلة النسائية أناقة انتقالية بتوقيع النجمات

بيروت - المغرب اليوم

GMT 18:52 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

دواء جديد يغير حياة النساء بعد انقطاع الطمث
المغرب اليوم - دواء جديد يغير حياة النساء بعد انقطاع الطمث

GMT 13:58 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

نادين لبكي بإطلالات أنيقة وراقية باللون الأسود

GMT 20:54 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

فوز صنز وجاز في مستهل مشواريهما في دوري السلة الأميركي

GMT 02:28 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

بيولي يكسر عقدة يوفنتوس بفوز تاريخي

GMT 03:07 2020 الأحد ,28 حزيران / يونيو

المرايا في "ديكورات" 3 غرف نوم نجمات عالميات

GMT 02:31 2020 الأحد ,28 حزيران / يونيو

ريال مدريد يفجر مفاجأة بشأن رحيل حكيمي

GMT 09:27 2020 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

أفضل الزيوت لمكافحة الشيخوخة

GMT 05:54 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

كيم كاردشيان تخطف الأضواء لصالح مجلة شهيرة

GMT 23:16 2019 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

أفضل العطور النسائيه الجديده لنفحات عذبة

GMT 22:26 2019 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

السفر إلي المكسيك والأستمتاع علي شواطئ تولوم

GMT 16:46 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات ساحلية اقتصادية لشهر العسل

GMT 18:38 2019 الخميس ,26 أيلول / سبتمبر

ديربي فاس في الخميسات بدون جمهور
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib