قانون الإفلاس ولادة متعسرة

قانون الإفلاس... ولادة متعسرة

المغرب اليوم -

قانون الإفلاس ولادة متعسرة

بقلم : هاني أبو الفتوح

أخيراً أصبح لدينا مشروع قانون الإفلاس بعد ولادة متعسرة. كم من الوقت
أًهدر في مناقشة مجموعة القوانين اللازمة لتحسن بيئة الاستثمار، ومنها
قانون الإفلاس؟ ولكن كما يقول المثل "أن تصل متأخرا خير من أن لا تصل
أبدا".
وافق مجلس النواب مبدئياً على قانون "إعادة الهيكلة والصلح الواقي
والإفلاس" المعروف اعلامياً باسم "قانون الإفلاس". هذا القانون قد سبق و
أن وافق عليه مبدئياً مجلس الوزراء في يناير2017 ، ولا علم لدي لماذ
تأخرت الموافقة المبدئية عليه من مجلس النواب.  وقبل أن أعرض وجهة نظري
حول قانون الإفلاس، سوف أستهل بسرد قصة طريفة عن تاريخ الإفلاس في
اليونان القديمة.
يحكى أن الإفلاس لم يكن معروفاً في بلاد الاغريق . فعند تعثر رجل عن سداد
دين، يُزج به هو وزوجته وأبنائه في عقد عبودية مدته خمس سنوات لخدمة
الدائن حتى يسدد كل ما عليه من ديون نظير الأجر الذي يحصل عليه من سيده.
ومن هنا نشأت فكرة حبس المدين المفلس في العصر الحديث.
الإفلاس هو أن تعلن الشركة أو التاجر العجز على الوفاء بالالتزامات
المالية أمام الدائنين، يتبعه التوقف عن السداد. ويُعرف الإفلاسِ في
القانون التجاريّ بعدم قدرةِ التّاجر على دفعِ الديون، ثم يشهر إفلاسه،
من أجل تصفية أصوله، وممتلكاته وتوزيع قيمتها على الدائنين توزيعاً
عادلاً. ويتم تعيين ممثل عن الدائنين لإدارة تلك الأموال ويعرف بـ"مدير
التفليسة". ويترتب على إشهار الإفلاس سقوط بعض الحقوق المهنية والسياسية
عن المفلس، ولا يمكنه استعادتها إلا باتباع الإجراءات التي نص عليها
القانون لرد الاعتبار.
تتعدد أسباب الافلاس، فمنها يرجع إلى ظروف خارجة عن الارادة أو قدرية مثل
الخسائر الناتجة عن الكوارث الطبيعية. وقد تتسبب الأحوال الاقتصادية أو
القانونية أو الأحداث السياسية في التعثر ثم الافلاس. كما ترجع بعض
الأسباب إلى سوء الادارة أو التقصير. وبلا شك أن سؤ النية يكون المحرك في
بعض حالات الافلاس التي تنطوي على التدليس والغش.
ترجع مشكلة الإفلاس في مصر بصفة خاصة إلى طول وتعقيد الاجراءات مما يضر
بحقوق الدائنين والمساهمين. وبحسب تقارير سابقة للبنك الدولي، فإن دول
الشرق الأوسط تحتاج لنحو ثلاثة أعوام ونصف  لتصفية شركة متعثرة بتكلفة
تصل إلى 14% من قيمة الشركة، بينما تحتاج نظيراتها من البلدان الأعضاء في
منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى عام وسبعة أشهر فقط، بتكلفة تعادل
8.4% من قيمة الشركة. وفيما لا يستعيد الدائنون بمنطقة الشرق الأوسط
وشمال إفريقيا أكثر من 30% من أموالهم، فإن هذه النسبة ترتفع في بلدان
"منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" إلى 70%..
لذلك كان من الضروري اصدار "قانون الإفلاس" من أجل معالجة أوضاع الشركات
المتعثرة وحماية أموال الدائنين والمساهمين بما يحمي النشاط الاقتصادي
والبيئة الاستثمارية بشكل عام. واللافت أن مشروع "قانون الإفلاس" يكمل
كفاءة النظام الاقتصادي والمناخ الجاذب للاستثمار بعد إقرار قانون
الاستثمار. فمشروع القانون يتضمن تبسيط  إجراءات ما بعد الافلاس ويعالج
بطريقة فعالة المشاكل الناتجة عن تطبيق احكام الباب الخامس من قانون
التجارة رقم 17 لسنة 1999 بشأن الافلاس .
وكما صرحت وزيرة الاستثمار، كانت أحكام الإفلاس مصدر انتقاد وتؤثر سلباً
على تقييم مصر في مؤشرات أداء الأعمال الدولية. لذلك، ينعقد الأمل في أن
يساهم مشروع القانون فى تحسين ترتيب مصر في المؤشرات الدولية، وبيئة
الأعمال والاستثمار، مثل تقرير ممارسة الأعمال الذي يصدره البنك الدولي.
يتكون مشروع قانون "تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقى والإفلاس"من 264
مادة و ينظم القانون إشهار الإفلاس وإعادة هيكلة نشاط المفلس، وتسرى على
التاجر وفقا للتعريف الوارد فى قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999، والشركات
بكافة أنواعها عدا شركات المحاصة وشركات القطاع العام وقطاع الأعمال
العام.
وفي رأيي، أنه بالاضافة الى الميزات التي تم ذكرها، لعل أبرز فائدة في
مشروع القانون هي إلغاء عقوبة الحبس والاكتفاء بالغرامة مما يعد حافز
لتدفق المزيد من الاستثمار وخطوة جيدة لجذب رؤوس أموال جديدة وعودة
للاستثمارات الهاربة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قانون الإفلاس ولادة متعسرة قانون الإفلاس ولادة متعسرة



هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 14:07 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

توم كروز يحصل على أول جائزة أوسكار فخرية في مسيرته
المغرب اليوم - توم كروز يحصل على أول جائزة أوسكار فخرية في مسيرته

GMT 02:17 2020 السبت ,06 حزيران / يونيو

القبعات القش تتصدر قائمة أحدث صيحات الموضة

GMT 05:46 2020 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

شركة "لفيت" تنافس بأقوى سيارات الدفع الرباعي في العالم

GMT 10:29 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل ألوان احمر الشفاه لشتاء 2020

GMT 15:59 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

شركة "هوندا" تكشف عن سيارة تعتمد على الذكاء الاصطناعي

GMT 17:56 2017 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

اللاعب محمد الناهيري يعود إلى الفتح الرباطي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib