وداعًا مدرسْتي الحِلوة
تطورات الحالة الصحية للفنانة أنغام بعد استمرار إقامتها في المستشفى بألمانيا خلال الفترة الماضية الكوليرا تجتاح جميع ولايات السودان وتسجيل أكثر من 96 ألف إصابة وسط أسوأ أزمة إنسانية تشهدها البلاد ارتفاع وفيات المجاعة في غزة إلى 193 بينهم 96 طفلا وسط تحذيرات منظمات دولية من تفاقم الكارثة الإنسانية غانا تعلن مقتل وزيري الدفاع والبيئة في تحطم مروحية ومكتب الرئاسة يؤكد سقوط ضحايا من الطاقم والركاب المغربي رضا سليم يعود للجيش الملكي على سبيل الإعارة قادماً من الأهلي المصري على سبيل الإعارة ستارمر يندد بمعاناة غزة ويهدد باعتراف بدولة فلسطينية وسط إستمرار الدعم الاستخباراتي لإسرائيل كتائب القسام تعلن تفجير جرافة عسكرية للاحتلال شرقي غزة إصابة عدد من الأشخاص في قصف إسرائيلي استهدف جنوب لبنان عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين تتوعد بالعصيان المدني احتجاجا على خطة إحتلال غزة فرنسا تعلق إعفاء حاملي جوازات السفر الرسمية والدبلوماسية الجزائرية من التأشيرة
أخر الأخبار

وداعًا مدرسْتي الحِلوة

المغرب اليوم -

وداعًا مدرسْتي الحِلوة

بقلم - المصطفى المريزق

كنت في سن السابعة من العمر حينما وطأت قدامي عتبة المدرسة لأول مرة، لأجد في استقبالي "المدير السيتي". رجل مفتون بالإدارة، يمشي بسرعة البرق، يلوح بيده اليمنى واليسرى داعيًا كل تلاميذ المدرسة لـ"مثنى مثنى" في الساحة أو قرب القسم. لا يعرف المزاح ولا الضحك، ويلزم الجميع بالانضباط واحترام الوقت وإجبارية الهندام الحديث عن "المدير السيتي"، هو استحضار لذاكرة مشتركة بين بنات وأبناء منطقة جبالة بني زروال، الذين عند قراءتهم لهذا النص سيتذكرون أيام "مدرستي الحلوة"، لكي لا ينسوا تاريخهم وجذورهم، ولكي يستحضروا الماضي في علاقته بالحاضر المهين للقيم وللمدرسة وللعائلة وللدولة والوطن.

لم نكن نئن من قساوة أحوال الطقس، ولا من انعدام حطب التدفئة والألبسة الشتوية، ولم نكن نشتكي غياب النقل المدرسي، كنا نذهب للمدرسة محررين من العقد ومن التمييز الطبقي والجنسي

لم نكن نفرق بين المعرفة السائدة وبين الفقه وبين قواعد المنهج العلمي، وبين تملك المنطلقات الأولية للعلوم بكل أصنافها، كنا نعشق المدرسة باعتبارها حاضنة بنات وأبناء

الشعب
كان ذلك في أواخر الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي، وللتاريخ دلالته. يوم كانت المدرسة لا تنتج فقط أطر الإدارة، بل كانت مشتلًا لخلق الإرادة والجواهر الخالدة، وتضطلع بمسؤولية إنتاج النخبة وإن كانت معارضة للدولة.

واليوم؟ لدينا مجلس أعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، نؤدي ثمن وجوده من مالنا الخاص، ليعقد دورته العاشرة على إيقاع سمفونية الفزع، تقضي بإلغاء مجانية التعليم وخصخصته، للإجهاز على ما تبقى من وطنية الدولة وما يربطها بحقوق الشعب الدستورية وعلى رأسها الحق في التعليم كحق مقدس.

هادْشِي عِيبْ وعارْ. لو كان مازال بيننا "المدير السيتي" لهاجم عمر عزيمان في بيته واعتصم أمام بيت بنكيران ووزير تعليمه ضد مشروع القانون الإطار لإصلاح المنظومة التربوية، والذي يكرس اختيارًا تلا شعبية تضرب في العمق المساواة بين المواطنين، وتعمق الهوة الطبقية بين المدينة والقرية، وبين كل الطبقات والشرائح الاجتماعية في بلادنا.

وْشكُونْ الرابَحْ؟، طبعًا من يتباهى بالسلوك الحسن لصندوق النقد الدولي، ومن يُطبل ويُزمر للتدخل المتوحش للدولة في كل المجالات والقطاعات، ومن يجعل من الاهتمام بترشيد حالة التدين ببلادنا همه الأساسي، متناسيًا أن المدرسة التي بنى أعمدتها "المدير السيتي" وأمثاله باتت مصنعًا لإنتاج التيار الجهادي، ومشتلًا للداعشية، وماكينة لإعادة إنتاج الفقراء والمقهورين والمعذبون في الأرض.

إن الإحساس اليوم بالإجهاز على ما تبقى من كل شيء، هو نفس الإحساس الذي راود أبناء الشعب المغلوب على أمرهم منذ أن تربص بنا "بلعباس" (الوزير الذي حاول ضرب مجانية التعليم في الستينات وأدى قراره إلى انتفاضة مايو\أيار 1965)، وظل شبحه يسكن عظامنا باستمرار لإجهاض كل من له علاقة بالمساواة والمناصفة وبالحريات.

إنها نهاية مدرسة "المدير السيتي" وبداية مدرسة من دون مدير أو معلم أو أستاذ. إنها مدرسة الحگرة وقطّاع العلم والمعرفة، وسوق المضاربة بين السماسرة الذين حولوا "مدرستي الحلوة" إلى بضاعة، وإلى بيوت ومساكن ودور لإنتاج التخلف والثقافة النكوصية من دون حسيب أو رقيب.

ورغم ذلك، لن نشيع المدرسة، ولن نعلن وفاة المعلم والأستاذ مادام التلميذ حي يرزق، والطالب يرفض الذهاب في أي جنازة أو مسلسل انهيار العلم والمعرفة. طبعًا، نشعر بالغثيان كلما جاءنا خبر إغلاق مدرسة، أو زرنا مدرسة آيلة للسقوط، أو علمنا بإغلاق مدرسة بسبب تغير أحوال الطقس وتراكم الثلوج، أو بسبب غياب الأطر التعليمية أو نقص في الحجرات الدراسية.

وفي انتظار حق المغاربة جميعا في الفوسفاط والصيد البحري  ومناجم "النقرة" ومقالع الرمال وغابات الأطلس، يعتبر ما يحدث اليوم ضد المدرسة جريمة يُساء لنا جميعًا من دون رحمة ولا شفقة.
 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وداعًا مدرسْتي الحِلوة وداعًا مدرسْتي الحِلوة



GMT 14:20 2023 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

العراق فاتحاً ذراعيه لأخوته وأشقائه

GMT 12:23 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

أعلنت اليأس يا صديقي !

GMT 05:17 2023 الأربعاء ,05 إبريل / نيسان

اليمن السعيد اطفاله يموتون جوعاً

GMT 00:59 2022 الإثنين ,14 آذار/ مارس

بعد أوكرانيا الصين وتايون

GMT 11:30 2021 الإثنين ,20 كانون الأول / ديسمبر

عطش.. وجوع.. وسيادة منقوصة

GMT 19:57 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

إستوحي إطلالتك الرسمية من أناقة النجمات بأجمل ألوان البدلات الكلاسيكية الراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 04:45 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

آية الشامي اللاعبة الأفضل في البطولة العربية الطائرة

GMT 03:13 2023 الجمعة ,14 إبريل / نيسان

عقبات تواجه تنفيذّ خطة الكهرباء في لبنان

GMT 23:03 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

أطباء مغاربة يرفضون منح "شهادة العذرية" للمقبلات على الزواج

GMT 01:11 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

لبلبة تُوضِّح أنّ عام 2019 بداية جميلة لعام مليء بالحُب

GMT 17:12 2019 الثلاثاء ,08 كانون الثاني / يناير

سلطنة عمان تفتح أبوابها للمواطنين المغاربة دون تأشيرة

GMT 08:18 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة مؤلف كتب "حصن المسلم" عن عمر يناهز 67 عامًا

GMT 05:08 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

عصبة الهواة توقف البطولة الوطنية للقسمين الأول والثاني

GMT 23:45 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

عرض فيلم "عقدة الخواجة" لحسن الرداد الشهر المقبل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib