الرئيسية » تمثيل
"حرير آدم" مسرحية ترتقي بالذائقة البصرية والأداء المتماسك

عمان ـ بترا

  إرتقت مسرحية حرير آدم للمخرج إياد شطناوي بالذائقة البصرية والاداء التمثيلي المتماسك في طرحها لقضايا مجهولات النسب برؤية إخراجية واعية.

وتفتتح ستارة العرض المسرحي الذي كتبت نصه اروى ابو طير واعده زيد خليل وقدم مساء امس السبت على مسرح هاني صنوبر في المركز الثقافي الملكي، وإتكأ على المدرسة الواقعية ومقتربا من التجريب، بأولى لوحاته بدخول 4 شخصيات نسائية منهكة ومحبطة، متتاليات بتشكيل اصطفافي من يسار عمق الخشبة في ظل إضاءة منبثقة افقيا وبشكل قطري كأنها كوة باب من العلم الخارجي تجاه يسار منتصف الخشبة حيث يرتدين ملابس افرهولات عاملات نظافة ويسرن على ما تشكل من مستطيل انعكاسا لتلك الاضاءة في ظل تعتيم مختلف ارجاء المسرح والتي عبرت عن تساويهن في المسار والهم والمآل الذي بدى مظلما، لا يلبثن ان يتوزعن على ارجاء الخشبة بشكل هندسي اقرب الى المربع بحيث تأتي اثنتان منهن في مقدمة طرفي الخشبة فيما الاخريان في عمقها وتفصل بينهما مسافة اقصر ليكون التشكيل مرئي للجمهور.

واذا كان معيار نجاح اي عرض مسرحي، هو ان يترك في الذاكرة منظراً او تشكيلاً او ظلاً يبقى ملتحما مع الذاكرة فان للانظمة العلامتية والايقونات دوراً لا يستهان به في تنشيط هذه الذاكرة، إذ أن العرض المسرحي الذي يطرح في ثيمته الرئيسة قضايا الفتيات مجهولات النسب وما يتعرضن له من ظلم اجتماعي وانتهاكات نفسية وجسدية، جاء زاخرا وبشكل موفق، بايقونات وصور ومضامين عديدة ، حيث صاغ المخرج رؤيته الاخراجية على سلسلة لا تنتهي من المرئيات والصور والاحاسيس والاصوات التي تتشكل على هيئة منظومة علاماتية داخل نسيج ذلك العرض المسرحي، حتى أن لغة الممثل المنطوقة بحد ذاتها تصبح هي الاخرى ايقونة بمجرد نطقها بحسب استاذ المسرح البريطاني باتريس بافيس كما ظهر ذلك في تقمص الممثلات اللاتي قدما أداءً مميزا، لشخوص مختلفة في لوحات العرض لاسيما تقديمهن لشخصية الرجل الذكورية من خلال رؤية نسائية وهو ما يسجل للمخرج ايجابا.

العرض المسرحي قدم 4 نماذج لفتيات تعرضن للاضطهاد الاجتماعي والانتهاك الجسدي وهن اللقيطة التي تبذل جهدها في ظل صعوبات مختلفة، للحصول على بطاقة شخصية الى ان يتصدى لمساعدتها شخصية نافذة ويعرض عليها مقابل تلك المساعدة الزواج منه، فيما الثانية يتيمة توفت والدتها التي كانت تسكن معها وطردها شقيقها المغترب من البيت لتتشرد في الشوارع تبيع على الاشارات الضوئية وتنتهي نتيجة التحرش وانعدام الخيارات في الملاهي الليلية، فيما الثلاثة تلك الفتاة التي تراجع طبيبا فيخدرها ويعتدي عليها ما يضطرها ان تقتله انتقاما لشرفها والاخيرة الصحفية التي استغل زميلها ظرف الاختلاء بها اثناء تأديتهم لتحقيق صحفي خلال احدى الحروب بعد ان انهار مدخل النفق الذين كانوا فيه وانكشف امرهما فيما بعد وقام بالتشهير بها لتفقد سمعتها ووظيفتها، ويزج بهن جميعا في السجن. وفق المخرج في استخدام تقنيات الاضاءة المتحركة إذ انها توظف حينا باعتباره يساوي بين الفتيات الاربعة كقضية واحدا وذاتا واحدا ويلتقين نفس النظرة الاجتماعية ومرة اخرى باعتباره حيدا يمثل المجتمع الذي تجاهلهن، وفي لوحة أخرى قضبان السجن، علاوة على انها جاءت متغيرة بحسب مشاهد العرض ولوحاته ما بين الابيض والاحمر والاصفر وما حملته من مضامين، علاوة على انه عمل على الحلول مكان قطع الديكور.

ورغم الهبوط الذي نال من صوت الممثلات (اريج دبابنة والهام عبدالله ورسمية عبدو وسالي حلمي) احيانا إلا أن الاداء التمثيلي جاء متماسكا لجميع الممثلات ونحا احيانا الى الكوميديا الخفيفة التي لم تخل بسياق العرض، كما جاء الاداء منسجما مع مشاهد العرض وسياقاته لاسيما ما يتعلق باستخدام تقنيات الحركة وتوزيعاتها التي لم تخل بميزانسين العمل، وتقنيات الجسد وايحاءاته، خصوصا في لوحات التي تقوم الممثلات فيها تأدية دور الموظفات غير المباليات بهموم المواطن وتلك التي تقمصت فيها الممثلات الشخصيات الذكورية وخصوصا لوحة الاعتداء.

الديكور في العرض كانت تشكله الاضاءة واجساد الممثلات واكسسورات العرض مثل المكنسة/الممسحة التي برع المخرج في توظيفها مرة باعتبارها جدران لغرف وبيوت ومرة اخرى باعتبارها مجارف حفر او ميزان العدالة في مشهدية المحكمة، فيما جاءت الدلالي مكملة لها بوصفها كفتي الميزان الذي عمدن الممثلات الى جعله مائلا وغير متوازن ومرة اخرى جاءت حين يضعنها على رؤوسهن باعتبارهن قضايا لايعيرها المجتمع اي قيمة او اعتبار .

لم يوفق المخرج في اقحام موضوع حرب غزة في مشهد الصحفية والمصور الذين يدخلان احد الانفاق لتغطية احداث الحرب خصوصا انه قام باسقاط اللهجة الفلسطينية على شخصيتي المرأتين اللتين كانتا تتابعان دخولهما الى النفق وحيث ان ثيمة العرض تتعلق بقضايا مجهولات النسب دون تدخل اي بعد سياسي في الموضوع.

ويختتم العرض الذي جاءت موسيقاه منسجمة مع لوحات مشاهده بان تفتتح كوة من اقصى يسار عمق الخشبة للفتيات القابعات في السجن، تعبيرا عن ملاذ للخروج منه إلا انهن ينظرن الى تلك الكوة التي شكلتها الاضاء البيضاة ويتأملنها قليلا ثم يستدرن ويتموضعن جلوس على ركبهن وقد وضعن الدلالي على رؤوسهن للتعبير عن عدم رغبتهن مواجهة نظرة المجتمع السلبية لهن والذي لا يتفهم قضاياهن ويتعامل معهن بازدراء.

شارك في العرض في الاضاءة محمد المراشدة والموسيقى جوزيف دمرجيان

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

مسرحية “نَايْضَة تو” الواقع السياسي ومفارقات تحالفات أحزاب اليمين…
محترف ناس الحال ينهي جولته بمسرحية "الحلم الراكد"
الأفخم يحصل على جائزة ترايمف الدولية الثقافية ويهديها لحاكم…
عذابات المهاجرين المكسيكيين كما ترويها كاتبة أميركية
استئناف عروض مسرحية "سينما مصر" على مسرح النافورة في…

اخر الاخبار

المنسقة الأممية تدعو لبنان لاتخاذ قرار حاسم بشأن السلاح…
عراقجي يؤكد رغبتنا في التفاوض على اتفاق نووي عادل…
السعودية تستنكر استمرار الانتهاكات الإسرائيلية في المنطقة
صورة حديثة تكشف تشغيل توربينات سد النهضة وتدفق المياه…

فن وموسيقى

تامر حسني يتلقى دعماً كبيراً من نجوم الوسط الفني…
غياب شيرين عبد الوهاب يثير القلق وسط أنباء عن…
عمر خيرت موسيقي استثنائي صنعت تجربته مساراً مختلفاً وحضوراً…
نانسي عجرم تكشف أسرار نجاحها والصعوبات التي واجهتها في…

أخبار النجوم

زواج أحمد السقا يشعل منصات التواصل الاجتماعي
إيمان العاصي تعلن غيابها عن سباق دراما رمضان 2026
منة شلبي تتعاقد علي مسلسلها في رمضان مع إياد…
ياسمين رئيس تعود للدراما في رمضان 2026 بـ "اسأل…

رياضة

حكيمي يتسلم جائزة أفضل لاعب أفريقي وهو على السكوتر
حكيمي وبونو يجسدان المجد المغربي في أفريقيا
تألق حكيمي يرفع آمال المغاربة قبل كأس الأمم 2025
حكيمي خامس مغربي يحصل على جائزة الكرة الذهبية الإفريقية…

صحة وتغذية

نجاح تجربة لعلاج سكر النوع الأول بزراعة الخلايا الجذعية
تقدماً كبيراً لعلاج السكري من النوع الأول عبر زراعة…
تقنية جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لدعم الأطباء في…
كيف يرفع التدخين ضغط الدم ويزيد من خطر أمراض…

الأخبار الأكثر قراءة