الرئيسية » مراجعة كتب

الجزائر - وكالات

إلى جانب الكتب السماوية التي أثرت بعدد كبير من الناس، هناك أيضاً كتباً علمية وفلسفية استطاعت تغيير آراء الناس ومعتقداتهم الفلسفية من أجل خير الإنسان والبشر.. فمن الدين والفقه، مرورا بالسياسة والاستراتيجية..وصولا إلى العلم والاقتصاد.. احتفظت هذه الكتب دوما بوقع عظيم ومستمر في الحضارة والإنسان.آلان توفلر سوسيولوجي أمريكي معاصر، يحمل عددا من الدرجات العلمية في الآداب والقانون والعلوم ويحمل درجة في علوم الإدارة من جامعة "كيو" اليابانية، ساعده مقامه في اليابان على تعديل مجموعة من التصورات الغربية، عامة، والأمريكية، خاصة، عن مفاهيم الحداثة والتقدم الصناعي والثروة والتنمية والقوة وغيرها، يعتبر من أبرز الكتاب والمحللين المتخصصين في دراسات المستقبل في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو باحث وناقد اجتماعي مرموق، بالإضافة إلى تميُّزه، كمفكر، في مجال عالم الأعمال. ألّف العديد من الكتب، من أبرزها ثلاثية اكتسحت كل العالم، بل وتعتبر مرجعا، اليوم، لدى أغلب دول العالم في وضع السياسات التنموية والتعليمية، وهي كتاب "تحول السلطة"، كتاب "صدمة المستقبل" وكتاب "الموجة الثالثة". يعمل توفلر باحثا زائرا في منظمة "راسيل سيج" وأستاذا زائرا في جامعة "كورنيل" ومحررا في مجلة "فورتشن" (Fortune)، وهو عضو في معهد الدراسات الاستراتيجية، وتم انتخابه زميلا للجمعية الأمريكية لتقدم العلوم. كتاب تحول السلطة هو الكتاب الثالث من ثلاثية آلان توفر، يتكون الكتاب من ثمانية وعشرين فصلا، مقسَّمة إلى خمسة أبواب، الباب الأول: المعنى الجديد للسلطة، الباب الثاني: الحياة في الاقتصاد الموغل في الرمزية، الباب الثالث: حرب المعلومات، الباب الرابع: السلطة في الشركة المرنة، الباب الخامس: أساليب تحول السلطة. بالانتقال إلى محتويات الكتاب، نجد أنه يطرح إشكاليات عميقة في الفكر السياسي والمرشَّح للاعتماد في حكم العالم خلال القرن المقبل، فالقرار يجب أن يكون مسؤولية مالكي المعلومات، لأن هذه الملكية تتيح لهم اتخاذ القرارات الصحيحة، وهذا يعني إبعاد الجماهير (التي تعجز عادة عن ملكية مقدار كاف من المعلومات) عن مراكز القرار، لذلك يعتبر المؤلف أن إحدى سخريات التاريخ تمكن في أنه، بينما يطمح المواطنون، بشغف، إلى استكمال ملكيتهم للحرية، فإن ديمقراطيات الغرب واليابان في طريقهما نحو إنهاء عصر ديمقراطية الجماهير، مما يوقع هذه الديمقراطيات في أزمات داخلية طاحنة. ويستعرض المؤلف نماذج من هذه الأسئلة الداخلية، فيرى قدرتَها على إصابة المجتمع بالتفكك، ذلك أن تقنية المعلومات -الاتصال تستطيع أن تعتمد شرائح اجتماعية بعينها، تاركة الشرائح الأخرى لحملة معلومات آخرين، حيث تفقد الجماهير تجانسها وتتحول إلى جماعات غير متجانسة. يشير المؤلف إلى أن باستطاعة المصالح الأجنبية استغلال عدم تجانس فئات مجتمع معين، عن طريق إمداد جماعة صغيرة، دينية أو عرقية، بالمال أو بأي صورة من المساندة، حيث يتضخم تأثير هذه الجماعة، بصورة هائلة. في المقابل، يُطرح السؤال: هل نجت الدول الكبرى من عدم تجانس مجموعاتها؟ والجواب هو لا، بالطبع، لأن العالم يسير في هذا الاتجاه. ومن الأمثلة على ذلك نذكر حوادث لوس أنجلوس والحركات الميليشياوية للبيض الأمريكيين وكذلك سعي الشمال -الإيطاليي- إلى الانفصال... إلخ. كما يطرح المؤلف إشكالية حكم الحكومة الخفية ويعطي مثالا عليها تغير الرؤساء الأمريكيين مع بقاء الحكومة الخفية (يصفها بأنها هي التي تخلصت من الرئيس كينيدي عندما حاول تخطيها)، ثم يعود ليؤكد أن الحزب الفائز (مهما تعددت الأحزاب) هو الذي يشكل الحكومة الخفية التي تتحكم في الرئيس أو في الزعيم، مهما كانت قوة شعبيته. لكن انتشار المعلومات وسرعة هذا الانتشار سيجعلان من الصعب على القادة السياسيين أن يمنعوا تسرب المعلومات إلى الجمهور. كما سيصعب عليهم معرفة حقيقة المعلومات الواردة إليهم من مصادر وفي بيانات مختلفة، لذلك اتجهت لعبة المعلومات نحو خفض المعلومات المصنفة "سرية"، واللعب، بمهارة، على تسريب ما هو مناسب من هذه المعلومات، وهذه المهارة هي التي تحدد نجاح القادة... كما يشير المؤلف إلى لعبة معلومات أخرى مفادها حجب المرؤوسين بعضَ المعلومات عن رئيسهم، حتى يتاح له الدفاع عن نفسه (بخصوص كونه يجهلها)، إذا ما ساءت الأمور. ولتأكيد أهمية المعلومات في عالم اليوم، يشير المؤلف إلى أن القادة قد لا يستعملون الكومبيوتر، بشكل شخصي، ولكنهم في المقابل يتخذون قراراتهم بناء على معلومات وتقارير تمت معالجتها بالكومبيوتر، من قِبَل متخصصين، وهو لا يهمل الإشارة إلى إمكانية توجيهها نحو نتائج متناقضة، وهو يسمي هذا الاختلاف ب«حرب المعلومات". وفي هذا الإطار، يشبه المعلومات التي تصل إلى القادة بالنور الذي يمر في متاهة من المرايا المحرفة، وهي متاهة من شأنها أن تحدد انقلاب الصورة أو انعكاسها أو حتى تشويهها. من هنا، حاجة الجميع إلى المعلومة الأصلية وازدياد مطالبة الجماهير بالشفافية وضمان تسهيل حرية وصولها للمعلومات. ويتنبأ المؤلف بازدياد أهمية الجاسوسية في عصر المعلومات المقبل، لكنه يرى حاجتها إلى التطوير، خصوصا في اتجاه التجسس الاقتصادي، الذي ازداد أهمية بعد نهاية الحرب الباردة. ويعطي الأمثلة على تورط عدد من الشركات العملاقة الأمريكية في تأمين الغطاء لجواسيس المخابرات الأمريكية في البلاد التي تعمل فيها هذه الشركات. بل إن المؤلف يذكر حكاية ذات مغزى خاص، فيروي قصة وكالة مخابرات خاصة تمكنت من جمع معلومات تتنبأ باغتيال الرئيس السادات، قبل عشرة أشهر من اغتياله... كما تنبأت هذه الوكالة بنشوب الحرب العراقية الإيرانية، قبل نشوبها بتسعة أشهر!.. ومع تطور إمكانات رصد المعلومات وإيصالها الفوري، فإن المسألة لن تكون مسألة حصول على المعلومات فقط، بقدر ما هي مسألة قدرة على قراءة هذه المعلومات وتحليلها تحليلا صحيحا. وستعطي أهمية القراءة الصحيحة للعقل وللقدرات الفردية -العقلية أهميتَها في عصر المعلومات المقبل. فهل تصح النبوءة بأن من يملك المعلومات يملك العالم؟.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

إصدار جديد يقارب حصيلة الدراسات الأمازيغية في المغرب
مؤلف يرصد البرلمان المغربي في ظل ثلاثة ملوك
رواية "وجوه يانوس" تقود أول امرأة إلى رئاسة الحكومة…
ديوان شعري أمازيغي يدعم مرضى السرطان الفقراء
أول عدد من "مجلة تكامل للدراسات" يرى النور

اخر الاخبار

الولايات المتحدة تغلق مكتب الشؤون الفلسطينية في القدس وتدمج…
ماكرون يستقبل الرئيس السوري أحمد الشرع في أول زيارة…
مقتل عضو في حركة حماس في غارة إسرائيلية على…
تعاون مغربي موريتاني لتعزيز اللامركزية والتنمية المحلية

فن وموسيقى

كندة علوش تعلن شغفها بالقضايا الإنسانية وتكشف رغبتها في…
دنيا بطمة تؤكد أنها لم أنَل حقها في المغرب…
إليسا تشعل 2025 بمفاجآت فنية وألبوم جديد بعد تألقها…
هند صبري تتألق في بيروت وتتوج بجائزة الإنجاز الفني…

أخبار النجوم

مصطفي شعبان يشارك هيفاء وهبي بطولة عمل سينمائي جديد
يوسف الشريف يعلق على مشاركته في حفل بطولة العالم…
الفنان ظافر العابدين ينضم لفيلم "السلم والثعبان 2"
حمادة هلال يشارك في موسم رمضان 2026 بـ«المداح 6»

رياضة

قميص محمد صلاح يُعرض في مزاد ويصل إلى 17…
المغربي أشرف حكيمي مرشح لجائزة أفضل لاعب إفريقي في…
هاري كين يقترب من لقب هداف الدوري الألماني للموسم…
محمد النني يتوج بجائزة جديدة في الدوري الإماراتي

صحة وتغذية

طريقة سهلة لخفض ضغط الدم دون الحاجة لتقليل الملح…
إجراء أول عملية استئصال للبروستات باستخدام الروبوت الجراحي عن…
القهوة تحارب الضعف الجسدي لدى كبار السن وتحسن القوة…
علاج فقدان السمع في مراحله المبكرة قد يساهم في…

الأخبار الأكثر قراءة