الرئيسية » مراجعة كتب

بنى غازى ـ وكالات

<طلا على العالم كله من شرفة مركز اللجوء الإنساني في هولندا (آزاتسي ) يقلب الإعلامي والكاتب الليبي مجاهد البوسيفي في روايته الأولى "آزاتسي" صفحات من تاريخ ليبيا الحديثة ما قبل ثورتها ومعها أيضا تاريخ عربي، ويجوب أيضا آفاقا في التاريخ الباكستاني والأفغاني.لا يدعي "سالم" -السارد لشخصية البوسيفي الرئيسية في الرواية- بطولات كثيرة، فهو ليس معارضا كبيرا، ولا بطلا كان في مواجهة القمع. هو إعلامي ضاق به المقام في بلاد لا هوية فيها للإنسان مع ارتفاع نغمة الخطاب "الثوري" العدمي الذي يلغي كل شيء الناس والمدن والمكان بكل تفاصيله لحمايته من العدو إلا الهرب بحثا عن أفق إنساني.وفي الرواية -التي صدرت أخيرا عن دار ضفاف للنشر- تفاصيل تأتي عبر تقنية (الفلاش باك) للبلد التي غادرها وفي ذاكرته شخوص مكلومون وسلطة تصادر روح لمثقف حين تشتريه، وناس يتشوه وعيهم بالقمع والدين، إذ يصبح خلاصا ووجها آخر للقمع أيضا، كما في قصة "يحيى" سارد مجزرة سجن "بوسليم" الرهيبة الذي ارتكبت في عهد القذافي.لا تحضر هولندا في الرواية إلا لماما، فيما يحضر العالم كله في مركز اللجوء، وكأن الشرفة التي يطل منها على عالمه الجديد سجن آخر استبدل به من ليل طرابلس ليل اللجوء في آزاتسي.في مركز اللجوء الأول يلتقي عراقيين (يساريين) وأفغانا فروا من حكم طالبان وأفارقة وباكستانيين، فيما يحول المكان إلى جامعة أمم متحدة سكانها لاجئون فارون من القمع.ويصير العالم مساحة للتأمل ومسرح خواطر يوفره فقط (آزاتسي) لسالم الذي يخوض جدالات كثيرة ويعتريه صمت كثير أيضا حيال تناقضات القمع وآلياته في التشويه والمصادرة.بيد أن ذلك لا يمنع السارد، وقد صار المركز عالم الجميع من تقديم لوحات إنسانية لمن جمعهم القمع وصقيع أوروبا البارد، حين لم تسعهم شمس بلدهم ولم تمنحهم الدفء والأمان.ملجأ الحكايةوككل من يختارون المنافي، يصبح الماضي هو الحاضر والذاكرة ملجأ الحكايات ووطنا يراوح به بين حاضر غائم ومستقبل مجهول، ويتدثر بتاريخ فيه إشراقات يحجبها سواد كثير في بلاد لم تعد تسع أبناءها. يروي فسادا كثيرا في ليبيا وقبضة الجنرالات وأناسا تصادر أرواحهم، وبما أنه الخارج من رحم الإعلام هناك يحكي شيئا عن التدليس الذي يمارسه القامعون في صنع خطاب مشوه.يروي المفارقة في عمله عن الهتاف الذي ينطلق من شرفة المغني السوداني محمد وردي "لا السجن باق ولا السجان"، فيما يعرض الواقع لمسجونين في قبضة العقيد تكتظ بهم المعتقلات وتجري لبعضهم المذابح داخلها، والعقيد من فوق الجميع يتلو على أهالي طرابلس أبيات الشاعر محمد الفيتوري يعدهم بالحرية ويئد أحلامهم بها.لا يبخل البوسيفي في روايته ويفيض عبر سارده بمعاناة الليبيين في ظل حكم العقيد، ويروي سيرته هو القادم من البداوة إلى طرابلس العاصمة "عندما جئت من القرية إلى طرابلس كان البدوي يدخل العاصمة كميلاد جديد له، متكيفا مع قانونها ومحتملا سخريتها اللاذعة وتشابه بنيانها وملابسها الضيقة التي تحد من حركة الجسم ولكنة أهلها السريعة الشبيهه بلكنة الطليان".فالمدينة للبدوي "هى الجنة والنار في الوقت نفسه، حب وكره، تعال وتذلل، غزل وإعراض وكل المتضادات التي  تتكرر في الحياة وتتكثف في هذه العلاقة المتشكلة من طيات متشابكة لا حدود لها بقدر ما مر من حضر ومضر وتاريخ وأزمان".وكما دخل طرابلس وأقام فيها وارتحل عنها ظل يعاني غربتيه بين لجوء قاس في آزاتسي وآخر في البلد الأم، ولا جنة موعودة بينهما.وبين المكانين غرائب على أنها أكثر "فانتازية في بلد الديكتاتور الذي يخفي ملامحها ويغير أسماء شوارعها وبشرها أيضا حتى لا يعرفها الغازي الإسرائيلي القادم إليها، كل ذلك غطاء للاستمرار في القبض على البلد واستعباد أهلها".رواية البوسيفي تأتي واحدة من روايات ما بعد الربيع العربي التي تفتح وتقلب صفحات ماض قمعي وترصد تداعياته عبر من فروا بأرواحهم إلى مراكز اللجوء، وهناك سفر كبير من المعاناة أيضا.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

إصدار جديد يقارب حصيلة الدراسات الأمازيغية في المغرب
مؤلف يرصد البرلمان المغربي في ظل ثلاثة ملوك
رواية "وجوه يانوس" تقود أول امرأة إلى رئاسة الحكومة…
ديوان شعري أمازيغي يدعم مرضى السرطان الفقراء
أول عدد من "مجلة تكامل للدراسات" يرى النور

اخر الاخبار

الحرس الثوري الإيراني ينتقد تصريحات بزشكيان للتفاوض لتجنب الهجوم
دونالد ترامب يؤكد أن حركة حماس لن تفرج عن…
المغرب يوقف شاباً موالياً لداعش كان يحضر لعمليات إرهابية…
الملك محمد السادس يهنئ رئيس تشاد بعيد بلاده الوطني…

فن وموسيقى

لطيفة تكشف رغبتها في تقديم أغنية مهرجانات وتتحدث عن…
نبيل شعيل يعود الى الحفلات في مصر بعد غياب…
أصالة تعلن موعد زيارتها الأولى إلى سوريا بعد غياب…
رحيل الفنان لطفي لبيب عقب مسيرة فنية حافلة بالعطاء…

أخبار النجوم

عمرو دياب يشارك أجواء الصيف مع ابنتيه جانا وكنزي
كريم عبد العزيز يؤكد أن المرأة مظلومة ويشدد على…
أنباء انفصال ياسمين رئيس تشعل السوشيال ميديا وزوجها يرد…
أحلام تعلن مشاركتها في مهرجان قرطاج بدون مقابل وتوجه…

رياضة

انتقادات تطال محمد صلاح بعد خسارة ليفربول وغياب أرنولد…
3 منتخبات عربية تودع كأس آسيا في جدة مع…
المغربي أشرف حكيمي ينفي تهمة الإغتصاب ويؤكد ثقته الكاملة…
قائمة المرشحين لجائزة الكرة الذهبية 2025 وتشيلسي وبرشلونة في…

صحة وتغذية

الذكاء الاصطناعي قادر على اكتشاف سرطان الحنجرة عبر تحليل…
"إيلي ليلي" تكشف عن نتائج مثيرة لدواء جديد لإنقاص…
أزمة الأدوية في موريتانيا تدفع المرضى للبحث عن العلاج…
بشرى لمن يريد خسارة الوزن بعد تصنيع دواء يفقد…

الأخبار الأكثر قراءة