الرئيسية » مراجعة كتب

بغداد ـ وكالات

تتحرك رواية «عجائب بغداد» للروائي والقاص العراقي وارد بدر السالم (دار الثقافة للشر والتوزيع – 2012) على مسافة متوازية بين المتن والهامش إلى الحد الذي يتماهى في كثير من الأحيان ما يدخل في باب المتن مع الهامش أو بالعكس. ومثلما قد لا تجد بطلا محددا لهذه الرواية فإن ما يبدو هامشا يؤثر في صنع الحدث الروائي أو تكييفه لصالح عملية السرد مثلما هو المتن الحكائي. وحيث إن وارد اعتمد أسلوب القص أو الحكاية، التي تبدو أحيانا على شكل رسالة أو لنقُل رسالة طويلة وممتدة بين المراسل الصحافي (البطل المفترض للرواية)، ولكنه في الحقيقة الراوي العليم، وبين بوحمد مدير تحرير الجريدة التي يعمل فيها المراسل عراقي الأصل، الذي انتدبه للعمل في العراق في أكثر الأزمنة خطورة، وهي الحقبة التي تلت أحداث سامراء عام 2006، فإنه سعى لربط الأحداث والوقائع بعضها مع بعض عبر نسيج متكامل غلبت عليه ظاهرا السمة السردية المباشرة التي تقرب من الخبر الصحافي أو التقرير. ولكنها، في حقيقة الأمر، محكومة بتنقية روائية عالية اتضحت معالمها في الربع الأخير من الرواية. يقول الروائي وارد بدر السالم لـ«الشرق الأوسط»: «إنني لم أفكر بكتابة (عجائب بغداد) إطلاقا، غير أن مصادفة غريبة من نوعها أدخلتني في دوامتها، ذلك أني كنت أكتب في رواية اسمها (مقابر طائفية)، لكني وجدت أن بها حاجة إلى (استهلال) أو (عتبة) أو (دخول آمن). وكان قراري أن خمس صفحات تكفي للتمهيد الآمن لتنظيم عملية الحكي بسلاسة.. غير أن هذا المدخل الآمن الذي أزعمه طال واستطال بيدي وامتد شهورا لتكون (عجائب بغداد) رواية مستقلة، لا علاقة لها بمشروعي الأول». تبدأ أحداث الراوية على مستوى السرد من تاريخ مقتل الصحافية العراقية أطوار بهجت في الثاني والعشرين من فبراير (شباط) عام 2006 في مسقط رأسها مدينة سامراء بعد أحداث سامراء الشهيرة التي كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر التوافق الطائفي الهش في العراق، لتبدأ بعده إحدى أسوأ الحروب الطائفية في تاريخ العراق الحديث. ومن تلك الواقعة - التاريخ دخلت الرواية في صلب الأحداث والوقائع العراقية حد التفاصيل بين فنادق العاصمة التي تم اتخاذها مقرات لعمل المراسلين العرب والأجانب بوصفهم شهودا على ما جرى وضحايا في كثير من الأحيان مثل «الشيراتون» و«فلسطين» إلى «المنطقة الخضراء»، وانتهاء بـ«القرية البوذية» التي تمثل البديل الرمزي لما حصل من أحداث مأساوية في العراق تغير معها مجرى كل شيء حين أصبح القتل على الهوية وكاد المجتمع أن يضيع تماما. ويضيف الروائي قائلا: «لا يوجد ما هو غريب في الرواية. كل شيء تعرفونه في الواقع.. توجد عجائب فحسب.. الرواية واقعية إلى حد الاستهلاك.. وعجائبيتها من فانتازيا الواقع أثناء الاحتلال الأميركي وما حدث عبر سنواته الرمادية».لقد حاول وارد أن يبني أطرا رمزية فيها شيء من الواقعية السحرية مثل الإصبع الحي والرأس المقطوع، بل وحتى القرية بكل ما تنطوي عليه من عوالم خيالية، وإن كانت من بنات أفكار «الأستاذ»، وهو أحد أبطال الرواية المفترضين الذي حاول أن يبني مجتمعا فاضلا على أنقاض الخراب، لكنها مثلت معادلا موضوعيا لكمية الخراب المجتمعي الذي تسببت به تلك الحرب الأهلية. يغوص الروائي في قاع المجتمع لكي يكشف لنا ما يمكن أن تنتجه الحروب من قذارات.يضيف وارد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إن الواقع الصارم أعطاني فسحة للاستعانة بخيال خصب وصارم هو أيضا لتفادي الاصطدام بين خطين ملتهبين من فتنة محلية، لذلك تجدون أن (أهم) شخصيات الرواية ظهرت في الربع الأخير منها. ولم تظهر، كما درجت العادة، في البداية، وأعني بهما على وجه التشخيص (الأستاذ) و(الصياد)، فهما بؤرتا الرواية». وإذا كان المؤلف لم يركز كثيرا على الحرب الأميركية على العراق على مستوى الوقائع المباشرة إلا من خلال نماذج معينة مثل مايكل (الجندي الأميركي الشاذ) ونظيره العراقي (الشاذ هو الآخر)، وكأنه يريد أن يرسم مشهدا لصورة أخرى من صور الدمار الأخلاقي والنفسي الذي تنتجه الحروب مهما كانت دوافعها وما تحمله من شعارات مثل الديمقراطية والحرية والتقدم والازدهار وسواها مما صدم به العراقيون وهم يدفعون أثمانها الباهظة من خلال الهويات التي كان يلفظها نهر دجلة بعد أن يبتلع جثث أصحابها من المقتولين على الهوية خلال سنوات الحرب الأهلية، تلك الهويات التي برع في اصطيادها ما عرف بصياد الجثث. وإذا كان الروائي قد اعتمد الوصف العام للمشاهد والوقائع والأحداث فضلا عن تنميته خطوطا عاطفية جمعته مع لورا وميريام في محاولة منه لصنع نوع من الترابط بين ما هو وصفي عام للوقائع وما يدخل في باب المشاعر والأحاسيس الإنسانية النبيلة التي لا يمكن لأية قوة دمار في الأرض أن توقف نموها فضلا عن تفجرها، فإنه اعتمد أيضا أسلوب التنويع في عرض الوقائع والأحداث وما تتطلبه من مواقف واستنتاجات باعتبار أن الراوية شاهدة على ما جرى. وبالتالي فإن الروائي وبقدرة ممتازة على ربط الوقائع معا تمكن من اللعب على حبال ما هو غرائبي حينا وما هو وثائقي وريبورتاجي بحت حينا آخر.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

المخرج الأميركي كوينتن تارانتينو يُصدر روايته الأولى
إصدار جديد يقارب حصيلة الدراسات الأمازيغية في المغرب
مؤلف يرصد البرلمان المغربي في ظل ثلاثة ملوك
رواية "وجوه يانوس" تقود أول امرأة إلى رئاسة الحكومة…
ديوان شعري أمازيغي يدعم مرضى السرطان الفقراء

اخر الاخبار

الجيش الإسرائيلي يشن حملة اعتقالات ومداهمات واسعة في الضفة…
بابا الفاتيكان يجدد دعوته لوقف إطلاق النار في السودان
الشرطة البريطانية تستبعد الدوافع الإرهابية في حادث القطار
بوريطة يكشف إتصالات للملك محمد السادس حسمت القرار الأممي…

فن وموسيقى

آمال ماهر تكشف أسرار غيابها وترد على شائعات زواجها…
أحمد مالك أول مصري يفوز بجائزة أفضل ممثل في…
وثيقة زواج مزعومة لمنة شلبي تثير الجدل ومصدر مقرب…
محمد رمضان يطرح الإعلان الترويجي الأول لفيلم "أسد" من…

أخبار النجوم

كريم عبد العزيز ومنى زكي يحييان احتفالية المتحف المصري…
شريهان تشارك في حفل افتتاح المتحف بعد غياب سنوات
الفنانة شمس البارودي تكشف عن تفاصيل أزمتها الصحية
مصطفى كامل يتوعد خصومه داخل نقابة الموسيقيين ويحيل الإتهامات…

رياضة

كريستيانو رونالدو يُعبر عن سعادته بقيادة فريق النصر لتحقيق…
ميسي يتصدر قائمة أعلى اللاعبين أجراً في الدوري الأميركي
مدرب موناكو يؤكد اقتراب عودة بول بوغبا إلى الملاعب…
لامين يامال يشعل التوتر قبل الكلاسيكو بتصريحات مثيرة

صحة وتغذية

أدوية شائعة قد تسبب نقصاً في الفيتامينات والمعادن وتؤثر…
دراسة كندية تكشف أن النساء أكثر عرضة لمضاعفات أمراض…
إصابات جديدة بجدري القرود بمزيد من الدول ووفيات في…
الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء على منع السكري قبل ظهوره

الأخبار الأكثر قراءة