الرئيسية » عالم العلوم والتكنولوجيا
مجال الذكاء الاصطناعي

واشنطن - المغرب اليوم

لقد دخل الذكاء الاصطناعي حياتنا اليومية من أوسع أبوابها، متجاوزًا دوره التقليدي في تحليل البيانات، فمن خلال إدماجه في هواتفنا وأجهزتنا، ووجود تطبيقات مثل (ChatGPT)، و(Gemini) لتوليد النصوص والمواد المرئية بات الذكاء الاصطناعي يشكل جزءًا لا يتجزأ من تفاعلاتنا اليومية، ويساهم في تشكيل طريقة تفكيرنا وعملنا وحتى حياتنا الاجتماعية.
ومع هذا التغلغل المتزايد، يطرح الباحثون سؤلًا مهمًا: هل يمكن للذكاء الاصطناعي، الذي يعتمد على البيانات وتحليلها، أن يفهم مشاعرنا المخفية وراء النصوص التي ننشرها عبر الإنترنت؟

للإجابة عن هذا السؤال، أجرى مجموعة من الباحثين في جامعة (أوكلاند) Auckland في نيوزيلندا، دراسة جديدة لاستكشاف قدرة الذكاء الاصطناعي على فهم المشاعر الإنسانية المعقدة من النصوص المنشورة عبر الإنترنت.
وقد اختار الباحثون منصة التواصل الاجتماعي X (تويتر سابقًا) كنموذج لتحليل كيفية ارتباط المشاعر المعبر عنها في المنشورات بقرارات الأفراد في العالم الواقعي، مثل قرار التبرع للمؤسسات الخيرية.
استخدام المشاعر لتوجيه السلوك:
لطالما اعتمد الباحثون على طريقة تقليدية لتقييم المشاعر، وهي تصنيف الرسائل إلى إيجابية أو سلبية أو محايدة، ومع ذلك لا تستطيع هذه الطريقة أن تعكس التعقيد الكامل للمشاعر المعبر عنها في النصوص، لأن لمشاعر البشرية تتجاوز هذه التصنيفات، وتتنوع في درجاتها ونوعياتها، مما يؤثر بنحو كبير في سلوكنا واتخاذ قراراتنا، فعلى سبيل المثال، قد يبدو أن الغضب والإحباط وجهان لعملة واحدة، ولكنهما يختلفان اختلافًا كبيرًا في تأثيرهما في سلوك الأفراد، خاصة في بيئات العمل، فغضب العميل قد يؤدي إلى نتائج أكثر خطورة مقارنة بإحباطه.

ولتجاوز محدودية هذه الطرق التقليدية، طور الباحثون نموذج ذكاء اصطناعي متقدمًا، يستند في عمله إلى (المحولات) Transformers، وهي نوع من الشبكات العصبية العميقة التي حققت تقدمًا كبيرًا في مجال معالجة اللغة الطبيعية، إذ تتميز بقدرتها على التعامل مع العلاقات المعقدة بين الكلمات في الجملة، مما يجعلها أدوات قوية لفهم المعنى والسياق.
ولتحسين دقة النموذج، دربه الباحثون على مجموعة واسعة من البيانات التي تتضمن ملايين الجمل المعبر عنها بمشاعر مختلفة، وبفضل هذا التدريب المكثف، أصبح النموذج قادرًا على التمييز بين مجموعة متنوعة من المشاعر، مثل الفرح، والغضب، والحزن، والاشمئزاز والخوف.
ثم استخدم الباحثون هذا النموذج لاكتشاف المشاعر الدقيقة التي يعبر عنها المستخدمون في منشوراتهم عبر منصة إكس ، وقد حقق النموذج دقة مذهلة بلغت 84% في اكتشاف المشاعر من النص، مما يفتح آفاقًا جديدة لفهم السلوك البشري وتحليل الرأي العام، كما يمكن أن يؤثر هذا الاكتشاف في تطوير الكثير من المجالات: مثل التسويق، وخدمة العملاء، والرعاية الصحية والتعليم.

وقد أظهرت النتائج أيضًا علاقة قوية بين المشاعر المعبر عنها في التغريدات وسلوك الأفراد في الحياة الواقعية، فعلى سبيل المثال، وجد الباحثون أن التعبير عن الحزن في التغريدات مرتبط بزيادة في التبرعات لبعض المؤسسات الخيرية، بينما كان الغضب مرتبطًا بزيادة في التبرعات لمؤسسات أخرى.
التحديات الأخلاقية لتطور الذكاء الاصطناعي:
تُعدّ القدرة على تحديد المشاعر بدقة أمرًا بالغ الأهمية في العديد من القطاعات مثل: التسويق والتعليم والرعاية الصحية. ففي عالم رقمي يتزايد فيه التفاعل عبر الإنترنت، يمكن للشركات التي تفهم مشاعر عملائها أن تصمم منتجات وخدمات تلبي احتياجاتهم بنحو أفضل، مما يزيد من ولائهم ورضاهم.

التسويق: يمكن للشركات استخدام تحليل المشاعر لتقييم ردود فعل العملاء على المنتجات والإعلانات، وتصميم حملات تسويقية أكثر فعالية.
خدمة العملاء: يمكن لروبوتات الدردشة التي تستخدم تقنيات فهم المشاعر التعامل مع استفسارات العملاء بطريقة أكثر تعاطفًا وفعالية.
الرعاية الصحية: يمكن استخدام تحليل المشاعر لتشخيص الأمراض النفسية، مثل الاكتئاب والقلق، من خلال تحليل النصوص المكتوبة والمسموعة.
الأبحاث الاجتماعية: يمكن استخدام هذه التقنيات لدراسة الرأي العام حول قضايا معينة، وتحديد الإستراتيجيات التي تساعد في توجيه الرأي العام.
وقد أثبت نتائج الدراسة أن هذا الأمر ينطبق بنحو خاص على مجال جمع التبرعات، إذ تمكنت المشاعر المعبر عنها في النصوص التسويقية لبعض المؤسسات الخيرية في توجيه قرار المستخدمين بالتبرع.
ولكن لا يقتصر الأمر على اكتشاف المشاعر من النصوص المكتوبة فقط، بل يتجه الباحثون نحو بناء أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على فهم المشاعر بدقة وشمولية، وذلك من خلال إدماج هذه التقنية في بيانات أخرى كالصوت وتعابير الوجه لرسم صورة عاطفية أكثر شمولًا.
تخيل عالمًا يمكن فيه للأجهزة قراءة أفكارنا ومشاعرنا بسهولة كما نقرأ كتابًا، قد يبدو هذا الأمر من عالم الخيال العلمي، ولكنه أصبح واقعًا الآن بفضل التطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي. فبفضل التقنيات الحديثة، أصبح من الممكن الآن تحليل النصوص المكتوبة والمسموعة والمرئية لفهم المشاعر والعواطف بدقة متناهية.
ومع ذلك، يجب علينا أن نكون حذرين بشأن الآثار المترتبة على الخصوصية والأخلاقيات مع هذا التطور، إذ قد تُستخدم هذه التقنيات للتلاعب بمشاعر الناس أو انتهاك خصوصيتهم. لذلك، من الضروري وضع قوانين ولوائح واضحة لتنظيم استخدام هذه التقنيات.

قد يهمك أيضــــاً:

«أوبن إيه آي» أطلقت نموذجاً جديداً للذكاء الاصطناعي التوليدي قادراً على «التفكير»

 

«ميتا» تستخدم منشورات البريطانيين لتدريب الذكاء الاصطناعي

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

شركة ميتا تختبر ميزة جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي…
غوغل تطلق نماذج ذكاء اصطناعي متطورة لتعزيز قدرات الروبوتات
إطلاق تلسكوب فضائي جديد لرسم خريطة شاملة للسماء وكشف…
"إكس" تتعرض إلى هجوم سيبراني ضخم
خلل في الإملاء الصوتي بهواتف iPhone يحول كلمة "عنصري"…

اخر الاخبار

أمير قطر يبحث تطورات المنطقة مع الرئيس الإماراتي في…
ترامب يدرس تعيين ستيفن ميلر مستشاراً جديداً للأمن القومي
قوات الدعم السريع تشنّ أول هجوم على بورتسودان
الملك سلمان بن عبد العزيز يتلقى دعوة الرئيس العراقي…

فن وموسيقى

كندة علوش تعلن شغفها بالقضايا الإنسانية وتكشف رغبتها في…
دنيا بطمة تؤكد أنها لم أنَل حقها في المغرب…
إليسا تشعل 2025 بمفاجآت فنية وألبوم جديد بعد تألقها…
هند صبري تتألق في بيروت وتتوج بجائزة الإنجاز الفني…

أخبار النجوم

سعد لمجرد يلتزم بقرار منعه من الظهور في مشاهد…
إياد نصار يكشف عن أعماله السينمائية خلال الفترة المقبلة
حسن الرداد يستعد لأحدث أعماله السينمائية فيلم "طه الغريب"
غادة عبد الرازق تهاجم مخرجين يتجاهلون مصلحة الممثل وتصفهم…

رياضة

هاري كين يقترب من لقب هداف الدوري الألماني للموسم…
محمد النني يتوج بجائزة جديدة في الدوري الإماراتي
نيمار يضع حجر الأساس لمشروع رياضي ضخم في البرازيل
محمد صلاح ضمن قائمة أفضل 7 لاعبين على مدار…

صحة وتغذية

إجراء أول عملية استئصال للبروستات باستخدام الروبوت الجراحي عن…
القهوة تحارب الضعف الجسدي لدى كبار السن وتحسن القوة…
علاج فقدان السمع في مراحله المبكرة قد يساهم في…
دراسة صادمة تؤكد أنّ دمى الأطفال أكثر تلوثا من…

الأخبار الأكثر قراءة

كيا EV3 تتأهل للتصفيات النهائية في جوائز السيارات العالمية…
شركة ميتا تختبر ميزة جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي…
غوغل تطلق نماذج ذكاء اصطناعي متطورة لتعزيز قدرات الروبوتات
إطلاق تلسكوب فضائي جديد لرسم خريطة شاملة للسماء وكشف…
"إكس" تتعرض إلى هجوم سيبراني ضخم