الرئيسية » حوارات وتقارير

الدار البيضاء ـ يسرى مصطفى

انفتحت الفنانة التشكيلية المغربية عزيزة جمال على عالم الريشة والصباغة منذ نعومة أظافرها، وتألقت في مسارها، الذي نحتته بخطى متواصلة، ما جعلها دائمة التجديد والبحث في مجالها، تلامس انشغالاتها الفنية "السيراميك" و"النحت"، فضلا عن الصباغة و"فن التزيين"، الذي ورثته عن والدتها قبل أن تتلقى آليات وأسس "فن التجميل".   درست عزيزة جمال، التي عرضت إبداعاتها داخل الوطن وخارجه، التشكيل في الولايات المتحدة حيث حصلت وهي في السابعة عشرة من عمرها على الجائزة الأولى في مسابقة الإبداع في كاليفورنيا سنة 1989 تعددت مواهب وانشغالات عزيزة جمال، التي لا تخفي إعجابها بعدد من الفنانين التشكيليين الأجانب كمارك شاغال، والمغاربة أمثال رحول والشعيبية. فتقول عزيزة في حوار لـ"العرب اليوم"  "أتتبع كل الأعمال التشكيلية وأقرأها قراءة عاشقة، فهذا الفن ظل نابعا من اختيار وهواية تحولت إلى أحاسيس تنمو شيئا فشيئا، لتؤسس لقناعات شخصية تعبر عن الأحلام والآمال والمعاناة، فالفنان التشكيلي مرتبط بمحيطه ويشتغل منه وإليه، ويسخر كل الطاقات والمجهودان لتحقيق هذه الغايات النبيلة". فعزيزة سريعة البديهة وعاشقة للإبداع.. تجيد المزج بين الألوان، وتنقب ببراعة في التراث. تحضر المرأة في لوحات عزيزة جمال بقوة، وترمز إلى الحرية وقوة ودقة التعبير والشخصية المتفردة، وتستعمل ألوانا تنضح بأسرار الجمال الأنثوي، وتنطق بالأصالة المتجذرة في الأرض المغربية. فتقول"ارتبطت وجدانيا بهذا الرمز الذي لا يغيب عن أعمالي، لأنني أعتقد دائما أن الفن التشكيلي، كغيره من الفنون، حرية قبل أن يكون عطاء روحانيًا وتجسيدًا لوجود إنساني، وحضور المرأة في لوحاتي ليس اعتباطيًا، بل ينبع من قناعات راسخة للتعبير عن هذا الكائن عن آلامه وآماله، وتطلعاته في ظل الحياة التي تتجاذبها القسوة والأحلام المنكسرة والظروف القاهرة، آمنت دائما أن الفنان التشكيلي ملزم بالانفتاح على محيطه وجعله يستفيد منه، وفي هذا الإطار سخرت تجربتي من خلال ورشات لنساء في سجن عكاشة، جعلتهن يعبرن عن آلامهن بالصباغة والألوان ليتحسسن عالما جميلا وجدانيا وحسيا. فالحلم ليس محصورًا، والريشة وسيلة لتجاوز محنتهن ولمواساتهن ولشغل فراغهن... هن سجينات لكن الفن لا يمكن سجنه أو خنقه، ويجعلني هذا التقارب والتواصل دائما سعيدة جدا، لأنني أستطيع بهذا تحويل الفن التشكيلي إلى رسالة حسية ووجودية وتوظيفه لخدمة شرائح عريضة، وتحبيبه إليها". تعتقد عزيزة جمال أن الفن التشكيلي في تجربتها وجد أيضًا لخلق جمهور عاشق متعطش للتواصل ولتحقيق المتعة من خلال ثقافة بصرية توظف فيها الصورة وتنسج من خلالها الحكايات والألوان "لا ننتج اللوحات من فراغ فالمواد والآليات التي نشتغل من خلالها تصور واقعا حسيا وبصريا، وتعتبر لوحدها أداة ثقافية ننهجها لخدمة أغراض نبيلة وعميقة، نؤسس بهذا لجمهور ذكي، يتتبعنا ويناقش تصوراتنا وأفكارنا. فالفنان ملزم بتحبيب الأطفال للصباغة والألوان وتربيتهم على الذوق وتعويدهم على الحس النقدي، خاصة مع تزايد الاهتمام بالفن التشكيلي في المجتمع المغربي، وهي التجربة التي كانت ناضجة منذ خمس سنوات مع قرى الأطفال المسعفين، الذين استقبلتهم ببيتي، أصبحوا بعد مرافقتهم يبدعون لوحات جميلة ويستفيدون من عائداتها، ما جعلني أقتنع بجدوى هذه التربية في خلق جمهور ذكي راق يهتم بالفن التشكيلي وتسخيره في خدمة محيطنا الاجتماعي والإشارة إلى الاختلالات التي توجد فيه".   تحب تجربتها التشكيلية أيضا بالألوان الترابية، ويظل هذا التوجه مرتبطًا بزياراتها الدورية للجنوب المغربي، الذي تنهل منه باعتباره مصدرًا غنيا لإلهامها، هذه العلاقة جعلتها تحتفظ بـ"حفنات تراب كل جهات المملكة" داخل متحف في بيتها تجمع فيه بين الحلي والأبواب الخشبية والألوان والألبسة التقليدية، علاوة على جمع التحف النفيسة وأهمها الزرابي، والمجوهرات الفضية النفيسة. وتضيف عزيزة  لـ"مصر اليوم": "لوحاتي تمتح من تراب الجنوب المغربي وتراث الأجداد، ومن المناظر الطبيعية والبورتريهات، ولهذا جعلت أعمالي "تغوص" في عمق هذا الماضي الجميل استحضارا للهوية والأصالة، كما بحثت دائما عن الجمال في عالم رسم كل المناظر الطبيعية الخلابة، وانشغلت برسم اللوحات التجريدية وتجميع التحف القديمة والملابس التراثية، والأقمشة والأبواب الخشبية القديمة، والأواني الخزفية لعرضها، في الوقت الذي كانت أمي حريصة على أن أرث مهنتها في تزيين العرائس. كانت طفولتي ضاجة  بالتأثيرات وبأسرار نحتتها الخطوط والألوان النسائية والأقمشة على اللوحات...كنت أراقب أمي وهي تعد العروس لليلة عرسها، وكانت تسعدني رؤية الألوان وأنواع الملابس، التي كانت تستخدمها الأم لتجعل العروس جميلة ومستعدة للظهور أمام المدعوين محمولة على العمارية، وكنت أمضي معها أسعد اللحظات، وأنا أتتبع لساعات عملها المضني ونتائجه المبهرة للحاضرين، كانت كلها صور أخاذة تعكس انسجام الألوان وسحر الملابس التراثية المغربية التي ترتديها العروس في هذه الليلة، وكنت في تلك اللحظات مستمعة ذكية تمعن النظر مليا في عالم أغراني وأصبح ملازما لكل حركات وحتى سكناتي".  

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

أحمد التوفيق يؤكد أن لمبالغ التي يتلاقاها المؤذنون المغاربة…
عبد الإله عاجل يؤكد أن إستعادة مسرح الحي المغربي…
غابرييل بانون يتحدث حول روايته الأخيرة "ربوتات نهاية العالم"…
مؤلف كتاب "الحفار المصري الصغير" يكشف موعدا هاما
العيسى ينادي بتنقية الإسلام من التفسيرات الخاطئة

اخر الاخبار

زيلينسكي يرفض الهدنة الروسية القصيرة ويؤكد استعداده لوقف كامل…
نزار بركة يؤكد أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية…
عزيز أخنوش يُشيد بانسجام الأغلبية الحكومية ويهاجم مروجي الأخبار…
وزير العدل المغربي يسّتعرض إجراءات وزارته من أجل مواكبة…

فن وموسيقى

دنيا بطمة تؤكد أنها لم أنَل حقها في المغرب…
إليسا تشعل 2025 بمفاجآت فنية وألبوم جديد بعد تألقها…
هند صبري تتألق في بيروت وتتوج بجائزة الإنجاز الفني…
شيرين عبدالوهاب تعود للساحة الفنية وتشيد بدراما رمضان وتبدي…

أخبار النجوم

سعد لمجرد يلتزم بقرار منعه من الظهور في مشاهد…
إياد نصار يكشف عن أعماله السينمائية خلال الفترة المقبلة
حسن الرداد يستعد لأحدث أعماله السينمائية فيلم "طه الغريب"
غادة عبد الرازق تهاجم مخرجين يتجاهلون مصلحة الممثل وتصفهم…

رياضة

محمد النني يتوج بجائزة جديدة في الدوري الإماراتي
نيمار يضع حجر الأساس لمشروع رياضي ضخم في البرازيل
محمد صلاح ضمن قائمة أفضل 7 لاعبين على مدار…
الركراكي يؤكد التزام المغرب بمقاربة صادقة تجاه اللاعبين مزدوجي…

صحة وتغذية

إجراء أول عملية استئصال للبروستات باستخدام الروبوت الجراحي عن…
القهوة تحارب الضعف الجسدي لدى كبار السن وتحسن القوة…
علاج فقدان السمع في مراحله المبكرة قد يساهم في…
دراسة صادمة تؤكد أنّ دمى الأطفال أكثر تلوثا من…

الأخبار الأكثر قراءة