الرئيسية » أخبار الثقافة والفنون
أديب فلسطين وكاتبها المناضل غسّان كنفاني

بيروت ـ فادي سماحة

 

 وافق يوم 8 تمّوز/يوليو من هذا العام، الذكرى الـ 50 لاستشهاد أديب فلسطين وكاتبها، المناضل غسّان كنفاني، الذي اغتالته القنابل “الإسرائيلية” بتفجير سيارته أمام منزله في بيروت عام 1972، مع ابنة أخته لميس نجم، وقد كان عضوًا في المكتب السياسي للجبهة الشعبية، وواحدًا من أبرز أدباء فلسطين والعرب في القرن الماضي.
كانت فلسطين قبل ظهور  غسان كنفاني، واضحة، كطبيعة كلّ الأشياء التي نراها بالعين المجرّدة، لكن مع ظهور الكاتب الشاب الذي أصدر مجموعته القصصية الأولى (موت سرير رقم 12)، في العام 1961، أصبحت فلسطين أوضح، وقصتها أقرب للعالم.

وعلى مدار أعوامٍ طويلة، حتى اليوم، لا يزال يُشكّل أدب غسان كنفاني محورًا هامًا في الحكاية الفلسطينيّة، خصوصًا أنّ اغتياله كان نهايةً بطوليّة لقصةٍ كان لها أن تُكتب منذ أكثر من أربعين عامًا، بدءًا من بيروت، حتى فلسطين.

استشهد غسّان كنفاني في الثامن من تموز/يوليو عام 1972 ميلاديًا، في العاصمة اللبنانيّة، مكان إقامته. وضع عُملاء جهاز المخابرات “الإسرائيلي” (الموساد)، العبوة الناسفة في قلب سيّارته الخاصّة، ولم يكُن غسّان رجلًا عسكريًا كي يأخذ احتياطاته الأمنية، فكان من السهل على (الموساد) أن يصطاد جسده.

تناثرت أشلاء الرجل مع ابنة أخته الصغيرة لميس نجم (19 عامًا)، وهي التي كانت أقرب إلى قلبه، حيث كان يكتب لها القصص ويُهديها إيّاها في مناسباتها الجميلة، وقد كانت كتابته (القنديل الصغير)، واحدة من تلك القصص التي نُشرت بخطّ غسّان، وهو يضع المقدمة للطفلة، ويُبيّن لها أنّ أفضل ما يُمكن أن يُهديه لطفلةٍ مثلها (قصة).

ولد الشهيد غسّان كنفاني عام 1936، ومن المصادفة أنّه لم يعِش إلّا ستةً وثلاثين عامًا، انتمى خلالها إلى حركة القوميين العرب، وشارك في تأسيس  الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حيث كان عضوًا في مكتبها السياسيّ، وناطقًا إعلاميًا باسمها، حيث كان يتقن العديد من اللغات بينها الفرنسيّة والإنكليزيّة.

تزوّج غسّان من الدانماركيّة “آني هوفر”، والتي تعرّف عليها حينما كان يُعرّفها عن فلسطين وقضيتها، عندما أتت إلى لُبنان لهذا الأمر. وقد مثلت دعمًا رئيسيًا له في حياته، كما كان هو في حياتها.

كتب خلال أعوامٍ قليلة عشرات القصص القصيرة، وأصدر عشرات الروايات، إضافةً لدراساتٍ سياسيّةٍ هامّة. وقد خلّد الرجل من بعده إرثًا أدبيًا عظيمًا، جعل منه واحدًا من مؤسسي الأدب الفلسطيني الحديث، وواحدًا من أعمدة ما يُسمى بـ “أدب المقاومة”.

شقّ غسّان طريقه بنفسه، بإبداعه الذي جعله مخلدًا في ذاكرة الفلسطينيين بعد أكثر من أربعة عقودٍ من الزمن على رحيله، تمامًا كما شقّت أعماله الأولى طريقها بين آلافٍ من الأعمال الأدبية في الساحة العربية.

قال غسّان في مقدمةٍ لأوّل كتابٍ كان قد نشره، وهو مجموعته القصصية “موت سرير رقم 12”: “أنا أؤمن أن الكتاب يجب أن يقدم نفسه، وإذا عجز عن إحراز جزء من طموح كاتبه، فعلى الكاتب أن يقبل ذلك ببساطة، كما قبل -مرات ومرات- أن يمزق قصصًا ليعيد كتابتها. وهكذا “فموت سرير رقم 12″ أدفعها لتشق طريقها، إن استطاعت أن تهتدي إلى أول الطريق، بنفسها، دون شفاعة ودون وساطة ودون جواز مرور”.

وقد نشر غسّان كنفاني عشرات الأعمال، أشهرها “عائد إلى حيفا”، و “رجالٌ في الشمس”، والتي مُثلت فيما بعد من خلال فيلم، ومثلت الأولى في أحد المسلسلات. إضافةً لـ “أم سعد”، و “أرض البرتقال الحزين”، والعديد من الأعمال.
فيما انتهت حياته قبل أن يُكمل ثلاثة روايات، هي “العاشق”، و “الأعمى والأطرش”، و “برقوق نيسان”، والتي نشرت بعد استشهاده ثلاثيّة غير مكتملة، معًا.
في أعوامٍ قليلة، تنقل غسّان بين ميلاده في عكا وحياته ودراسته في يافا، حتى معاناته الطويلة ككلّ اللاجئين الفلسطينيين بعد النكبة، بين  الكويت وبيروت ودمشق، والعراق.

في هذه الأعوام، شهدت حياته عدة تنقلاتٍ ما بين تدريس التربية الفنية في مدارس اللاجئين، والعمل الصحفيّ والسياسيّ، حيث عمل ما بين مجلة الحريّة، وجريدة المحرّر، وجريدة الأنوار، ومجلة الرأي. رئيسًا لتحرير أحدها حينًا، ومحررًا وكاتبًا في أحيانًا أخرى. فيما بعد قرّر أن يستغني عن عمله المستقرّ، وأن يؤسس مجلة “الهدف”، ليكون رئيسًا لتحريرها، ولتصدر عن الجبهة الشعبية فيما بعد بشكلٍ رسميّ، والتي امتدت حتى يومنا هذا.

شكّل غسّان كنفاني واحدًا من أعمدة “أدب المقاومة” الذي ظهر من فلسطين المحتلة، في ظلّ الاحتلال ومجازره المستمرّة فيها. عرّف غسّان كنفاني العالم على شعراء فلسطين، وكان له الفضل الكبير في خروج محمود درويش، الذي يعد واحدًا من أكبر شعراءها. فقد نشر غسّان في العام 1965 كتابه الهامّ، (أدب المقاومة في فلسطين المحتلة)، وهو عبارة عن دراسية أدبيّة مميّزة، كانت مقدمة للعالم تبيّن لهم أنّ في فلسطين شعراء وأدباء متميّزين، كان بينهم سميح القاسم ومحمود درويش وتوفيق زيّاد.

في أحد الأعوام، زار الشهيد غسّان كنفاني مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ومن بينها عين الحلوة، شاهد رسوماتٍ على الجدران حينها، وقد تعرّف على شاب صغير يُسمى “ناجي العلي”. قرّر وقتها أن يأخذ رسوماته، لينشرها في مجلة “الحرية”، التي أعاد غسّان نشرها من بيروت، بعد عودته من الكويت، ذلك الوقت. ومن هنا كانت انطلاقة الفنان ناجي العلي الذي عبّر بريشته عن القضايا الفلسطينيّة والعربيّة، كما عبّرت قصص وأدب غسّان كنفاني عنها.

في حياته، كان غسّان كنفاني مُحبًا للأطفال ولعالمهم المتميّز، وقد تجلى ذلك في العلاقة القويّة التي ربطته بابنة أخته (لميس نجم)، والتي قضت معه في عملية اغتياله عام 1972.
كما تظهر العلاقة بشكلٍ كبير حين نشر غسّان كتابه القصصي (عالمٌ ليس لنا) في العام 1965، والذي أهداه إلى طفليه فايز وليلى، مُبينًا أنّهما وإلى كلّ أطفال العالم الذين يحلمون بعالم أفضل. (الهدف)

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

فلسطين تُطلق جائزة غسان كنفاني للرواية العربية

48 عامًا على وفاة غسان كنفاني السياسي والصحافي والروائي والقاص

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

فيلم عن فلسطين “لا أرض أخرى” لمخرج لفلسطيني و…
الملك تشارلز يتعاون مع "أمازون برايم" لإنتاج فيلم وثائقي
غموض يحيط بمصير الأكاديمية السورية رشا العلي بعد أنباء…
وزير الثقافة المغربي يُعلن عن تعميم خدمات جواز الشباب…
بايتاس يؤكد أن الحكومة المغربية أطلقت عدة مبادرات من…

اخر الاخبار

أمير قطر يبحث تطورات المنطقة مع الرئيس الإماراتي في…
ترامب يدرس تعيين ستيفن ميلر مستشاراً جديداً للأمن القومي
قوات الدعم السريع تشنّ أول هجوم على بورتسودان
الملك سلمان بن عبد العزيز يتلقى دعوة الرئيس العراقي…

فن وموسيقى

كندة علوش تعلن شغفها بالقضايا الإنسانية وتكشف رغبتها في…
دنيا بطمة تؤكد أنها لم أنَل حقها في المغرب…
إليسا تشعل 2025 بمفاجآت فنية وألبوم جديد بعد تألقها…
هند صبري تتألق في بيروت وتتوج بجائزة الإنجاز الفني…

أخبار النجوم

سعد لمجرد يلتزم بقرار منعه من الظهور في مشاهد…
إياد نصار يكشف عن أعماله السينمائية خلال الفترة المقبلة
حسن الرداد يستعد لأحدث أعماله السينمائية فيلم "طه الغريب"
غادة عبد الرازق تهاجم مخرجين يتجاهلون مصلحة الممثل وتصفهم…

رياضة

هاري كين يقترب من لقب هداف الدوري الألماني للموسم…
محمد النني يتوج بجائزة جديدة في الدوري الإماراتي
نيمار يضع حجر الأساس لمشروع رياضي ضخم في البرازيل
محمد صلاح ضمن قائمة أفضل 7 لاعبين على مدار…

صحة وتغذية

إجراء أول عملية استئصال للبروستات باستخدام الروبوت الجراحي عن…
القهوة تحارب الضعف الجسدي لدى كبار السن وتحسن القوة…
علاج فقدان السمع في مراحله المبكرة قد يساهم في…
دراسة صادمة تؤكد أنّ دمى الأطفال أكثر تلوثا من…

الأخبار الأكثر قراءة

الشاعرة المغربية سناء الحافي تصدر ديوانها "ملك القلوب" إهداءً…
فيلم عن فلسطين “لا أرض أخرى” لمخرج لفلسطيني و…