الرئيسية » أخبار الثقافة والفنون
الكاتب والشاعر والسيناريست السوري خالد خليفة

دمشق ـ أحمد شالاتي

كأن السوري خالد خليفة حين كان يضع عناوين رواياته، كان يخطّ كلمات نعواته التي تدفقت، مساء السبت، إلى حسابات طيف واسع من المثقفين والفنانين السوريين على وسائل التواصل الإجتماعي، لدى تلقّيهم نبأ رحيله المفاجئ. حيث وجده أصدقاؤه المقرَّبون مستلقياً على الأريكة مفارقاً الحياة، على أثر احتشاء في العضلة القلبية، إذن «الموت عمل شاقّ لك ولنا» كتب كثيرون من الأصدقاء مؤكدين أن قلوب كثيرين ستصلّي عليه، استعارة لعنوان رواية «الموت عمل شاق»، ورواية «لم يصل عليهم أحد».

الروائي خالد خليفة، الذي يناديه الأصدقاء بـ«الخال»، كان قد تفرّغ منذ بداية مسيرته الأدبية، لاحتراف الكتابة الإبداعية، وسخَّر لها كل طاقاته ونشاطاته، وتمكّن، بدماثته المشهودة، من نسج علاقات صداقة ودية متينة في الأوساط الثقافية المحلية والعربية، وحتى الأجنبية، بدأب في السنوات الأخيرة، على السفر، رغم تقييد حركته من قِبل الأجهزة الأمنية السورية التي كانت تمنحه إجازة سفر لمرة واحدة غير قابلة للتجديد، على أمل أن تكون مغادرته بلا عودة، إلا أن «خالد» كان يعود إلى دمشق التي اختار الاستقرار فيها، ما دام قادراً على البقاء. صديقه المقرَّب، ابن مدينة حمص، عبد الباسط فهد، أكد ذلك في نعيه لخالد، عبر حسابه في «فيسبوك»: «جمعَنا شعور مشترك وقرار حازم لا رجعة فيه بالبقاء في البلد، رغم خرابها الأخير، ورغم الفرص الكثيرة للرحيل والهجرة».

وبينما تجاهلت الجهات الرسمية السورية نبأ رحيل خليفة، وما خلفه من صدمة وحزن كبيرين في الأوساط الثقافية والفنية، نعاه المحتجّون في محافظة السويداء، ورفعوا عبارات النعي مع صور الراحل في ساحة الاحتجاجات المركزية، يوم أمس الأحد: «عشتَ حرّاً كما سنديان الجبل، وداعاً خالد خليفة». وبدورها نعته «رابطة الكُتاب السوريين»، في بيان قالت فيه إن «خالد» رحل في دمشق التي عاش فيها ولم يغادرها، «تاركاً خلفه الصدمة والحزن لدى كل من عرفه وقرأه في سوريا وفي عموم الوطن العربي والعالم». ولفت البيان إلى أن خليفة هو من أبرز وجوه الروائيين السوريين الذي قدّموا للقراء أعمالاً جماهيرية تلتزم قضايا المجتمع وتحاول أساليب مختلفة في السرد، فكان من خلال ذلك «أنموذجاً للكاتب الذي حمل روح التجدد والشباب». وتابعت الرابطة أن «خالد» لم يتردد لحظة في الوقوف مع مواطنيه في عام 2011، حين نزلوا الشوارع، وتعرَّض لاعتداء جسدي مباشر ومُضايقات متكررة على مدى أعوام طويلة، وتم تقييد حركته لفترة، قبل أن يُسمح له بالمغادرة، بموجب موافقة أمنية لا تجدَّد تلقائياً، الأمر الذي وضعه تحت طائلة حرمانه من حقه في السفر والعودة».

خالد عبد الرزاق، الشهير بخالد خليفة، وُلد في حلب 1963، لعائلة تنحدر من بلدة مريمين، في ريف عفرين (شمال حلب)، درس الحقوق في جامعة حلب، وتخرَّج فيها عام 1988، دخل عالم الأدب بكتابة الشعر، ومع بداية التسعينات برز بوصفه كاتب سيناريو، من خلال مسلسلات تركت أثراً واضحاً في الدراما السورية، منها «قوس قزح»، و«سيرة آل الجلالي»، و«المفتاح»، و«العراب»، و«هدوء نسبي»، و«ظل امرأة»، كما كتب أفلاماً وثائقية وأفلاماً قصيرة، وأفلاماً روائية طويلة؛ منها فيلم «باب المقام».

أولى رواياته كانت «حارس الخديعة» عام 1993، بعدها أصدر رواية «دفاتر القرباط» عام 2000، ليحترف كتابة الرواية، ويَذيع صيته مع صدور رواية «مديح الكراهية» التي تُرجمت إلى اللغات (الفرنسية، والإيطالية، والألمانية، والنرويجية، والإنجليزية، والإسبانية)، كما وصلت إلى القائمة القصيرة في الجائزة العالمية للرواية العربية «بوكر» في دورتها الأولى عام 2008، ليواصل نجاحه، وتتوالى أعماله الأدبية التي كانت تلقى رواجاً واسعاً كرواية «لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة»، التي حازت، عام 2013، جائزة نجيب محفوظ للرواية، ووصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية. و«الموت عمل شاق» الصادرة عام 2016، و«لم يصلّ عليهم أحد» عام 2019.

رحل خليفة وهو في أوج عطائه، مخلّفاً الصدمة، وكثيرون من أصدقائه لم يصدّقوا بدايةً النبأ، وظنّوا أنها مزحة سمجة، لكنْ ومع تأكد الخبر تدفق إلى وسائل التواصل الاجتماعي موجة عالية من نعوات المثقفين والصحافيين والفنانين والناشطين السياسيين داخل سوريا وخارجها، وكتب الشاعر السوري منذر المصري معاتباً: «خالد... عأساس تطبع مخطوط الرواية الجديدة (غرفة بصاق للعمة) على ورق ونشتغل عليها سوا... أي أساس!؟ حياتنا كلها حفر وخراب»، ذاكراً أنه، وخلال مقابلة صحافية، حين سُئل عن خالد قال: «أخاف أن يموت قبلي! صدقاً كنت عارف!».

الفنان التشكيلي بطرس معري نعاه بلوحة رمزية تضمنت «بورتريه» مع كتابة «خالد خليفة أحبَّ بلده فأحبَّه البلد وأهل البلد».

من جانبه أظهر الكاتب والصحافي المصري سيد محمود فيضاً من مشاعر الحزن والأسى، وكتب: «أنعى لكم قطعة من قلبي، مات خالد خليفة وتركني في العراء، لا أحد عندي مثل خالد».

وكذلك نعاه الأديب الكويتي طالب الرفاعي قائلاً: «كأن الموت ينتقي أحبابه، خبر صادم يا صديقي». المخرج السوري هيثم حقي بدا غير مصدّق النبأ: «خالد خليفة، هل حقاً رحلت؟ كيف ترحل وأنا ما زلت بانتظارك للقاء أجّلناه، ولم نتصوّر أن (الموت الشاق) لن يعطينا فرصة كنا نتمناها... أخي وصديقي الحبيب وشريكي في عدد من أعمال تلفزيونية، نجحت بك وببراعة حسّك الروائي العالي... ورغم عدم تصديقي أتلفّظ أصعب جملة: رحل خالد خليفة... الألم والمرارة أصرّا على صفعي بالحقيقة».

 قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

صدور رواية "الموت عمل شاق" للكاتب خالد خليفة

 

مؤلفات "أدباء نوبل" تزيّن متحف نجيب محفوظ في القاهرة

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

ترامب يزور جامع الشيخ زايد الكبير في أبو ظبي
انقسام جزائري حاد بعد سجن محمد الأمين بلغيث بسبب…
وزارة الأوقاف المغربية تُحذر من الإعلانات المضللة بشأن تأشيرات…
محمد المهدي بنسعيد يترأس الوفد المغربي في الحوار الوزاري…
الأمير مولاي رشيد يترأس افتتاح الدورة الثلاثين للمعرض الدولي…

اخر الاخبار

تنظيمات مغربية تدين محاولة اغتيال الصحافيين في غزة واستهداف…
مصر تُعلن أنها لا تمانع نشر قوات دولية في…
نيوزيلندا تدرس الاعتراف بدولة فلسطينية وفق تصريح وزير خارجيتها
طهران تصعّد لهجتها ضد اتفاق سلام ترمب بشأن الممر…

فن وموسيقى

لطيفة تكشف رغبتها في تقديم أغنية مهرجانات وتتحدث عن…
نبيل شعيل يعود الى الحفلات في مصر بعد غياب…
أصالة تعلن موعد زيارتها الأولى إلى سوريا بعد غياب…
رحيل الفنان لطفي لبيب عقب مسيرة فنية حافلة بالعطاء…

أخبار النجوم

عمرو دياب يشارك أجواء الصيف مع ابنتيه جانا وكنزي
كريم عبد العزيز يؤكد أن المرأة مظلومة ويشدد على…
أنباء انفصال ياسمين رئيس تشعل السوشيال ميديا وزوجها يرد…
أحلام تعلن مشاركتها في مهرجان قرطاج بدون مقابل وتوجه…

رياضة

3 منتخبات عربية تودع كأس آسيا في جدة مع…
المغربي أشرف حكيمي ينفي تهمة الإغتصاب ويؤكد ثقته الكاملة…
قائمة المرشحين لجائزة الكرة الذهبية 2025 وتشيلسي وبرشلونة في…
محمد صلاح يتلقى عرضاً خيالياً جديدًا من الدوري السعودي

صحة وتغذية

"إيلي ليلي" تكشف عن نتائج مثيرة لدواء جديد لإنقاص…
أزمة الأدوية في موريتانيا تدفع المرضى للبحث عن العلاج…
بشرى لمن يريد خسارة الوزن بعد تصنيع دواء يفقد…
اكتشاف دور فيروس الورم الحليمي البشري بيتا في تحفيز…

الأخبار الأكثر قراءة

"نوبل الأميركية" تختار الفلسطيني إبراهيم نصرالله للقائمة القصيرة لجائزة…
القناع الذهبي لتوت عنخ آمون يغادر متحف القاهرة إلى…