الرئيسية » تحقيقات

تونس - أسماء خليفة

في أحد شوارع العاصمة تونس، فتح محلّ جديد أبوابه عارضاً منتجات إسلاميّة مائة في المائة، ويمكن للمارّ من هذا الشارع أن يهتدي إلى المحلّ دون عناء، فهو المحلّ الوحيد الذي تمّت تغطية وجوه دمى عرض الملابس في واجهته.وحين تجتاز باب المحلّ تجد شابّين بملابس عصريّة جاهزين لتلبية طلباتك. وتكتشف وأنت داخل لتوّك إلى المحلّ لافتة مكتوب عليها "كل من تعطّرت وخرجت وشمّ ريحها فهي زانية". وعلى يمين المحلّ تمّ عرض منتجات موادّ التّجميل من عطور وكريمات لتفتيح البشرة ومراهم للوقاية من الشمس وإزالة البقع من الوجه وإطالة الرّموش وألوان مختلفة من الصبغة المخصّصة للشّعر. مجمل هذه الموادّ تمّ إخفاء وجوه الصور الإشهاريّة الموجودة عليها.وحين تسأل الشابّين عن سبب تغطية الوجوه الإشهاريّة على واجهة تلك الموادّ يردّ أحدهما بعد ضحكة مطوّلة "تم إخفاؤها فحسب".ولا يدرك محدّثنا وليد، اسم مستعار لأحد هؤلاء الشابّين، المعنى الحقيقي لإخفاء تلك الصّور "لأجل ذلك ضحكت" هكذا يقول، مضيفا بعد صمت مطوّل بدا وكأنه محرج من الإجابة "نحن نغطّي تلك الصّور اقتداء بقول النبي صلى الله عليه وسلم بأنّ الرسوم تطرد الملائكة من المحلّ".على يسار المحلّ تمّ تعليق ملابس مخصصة للجنسين وهي ملابس للمنقبات وحاملات الحجاب الشرعي وكذلك ملابس رجالية على الطريقة الإسلامية مثل الجلابيب. يقول وليد إنّ البضاعة يتم توريدها من دولة باكستان عبر مورّد تونسي أصيل إحدى محافظات الجنوب، مؤكدا أن متجرهم هو المتجر الإسلامي الأول من نوعه في تونس.وتشير خارطة المتاجر الإسلاميّة التي برزت في تونس ما بعد الثورة، حصلت عليها "المغرب اليوم" وتنشرها في الصورة المرافقة، إلى انتشار 17 متجرا مخصّصا لبيع المنتجات الإسلاميّة على طول الساحل التونسي.وتوجد هذه المحلات في العاصمة وفي محافظات بنزرت وزغوان ونابل والمنستير وصفاقس وقابس ومدنين والقصرين.ويلتزم أصحاب تلك المتاجر بالتوقيع على ميثاق من ضمن بنوده التعهد بشراء المنتجات من الشركة الأصليّة وأن يلتزم بعدم نشر أو إلصاق أية منشورات سياسيّة، وفقا لتوضيحات إحدى العاملات في المقر الرئيسي للشركة.وعند التوغل داخل المحل للاطلاع على مجمل ما يتم عرضه من ملابس فتتراءى لك على مقربة من الركن المخصص لقياس الملابس مُعلّقة كتِبت عليها الآية الكريمة "الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون" (الآية 20 من سورة التوبة).ما تلاحظه وأنت تجوب أرجاء المحل أنه لا زوّار في المكان، فيهيّأ لك أنك قد تَكُون دخلتَ الساعة الخطأ للمحلّ لكن كلّ المؤشرات تقول إنّ الحريف التونسي ما يزال ينظر بعين الريبة إلى مثل هذه المتاجر."نحن مسلمون ولا نحتاج لمثل هذه المتاجر كي تذكّرنا بإسلامنا، أستغرب كيف تم رفع كل تلك اللافتة على واجهة المحلّ "أول متجر إسلامي في تونس" هل يعني هذا أن المحلات المجاورة هي محلاّت كفّار؟" هكذا علّقت نجلاء ماجري إحدى المارّات من أمام المحل والتي استوقفناها للسؤال.وقالت نجلاء إنّ "تصنيف المنتجات على أساس أنها "حلال"، وفتح متاجر إسلامية أمر يمكن أن يُقْبَلْ في بلد غير إسلامي وهو غير مقبول في تونس الدولة المسلمة، نحن لسنا في حاجة لمن يتاجر بإسلامنا".وعلى عكس نجلاء اعتبرت سارة بلال أن هذه المتاجر توفّر للملتزمين دينيّا حاجياتهم من ملابس وعطور ومواد تجميل وموادّ نظافة وربّما موادّ للتداوي بالأعشاب. وأكدت سارة أنها لا ترى حرجا في فتح هذه المتاجر رغم كل ما يُثَار من حولها على أنها قد تكون آلية من آليات تبييض الأموال وجلب التمويلات للإسلاميين إذ هي تعرض بضاعة خاصة في محلات خاصة لا يرتادها الزوّار، بل إنّ ما تعرضه موجود في محلات أخرى تجارية تعوّد الحرفاء ارتيادها واقتناء حاجياتهم منها وقال يوسف فوراتي إنّ "فتح متاجر إسلامية واعتماد مصرف إسلامي وفتح مطاعم إسلامية وفنادق إسلامية يُفْهَم منه المرور رسميّا نحو تأسيس نواة اجتماعية وثقافية تكون هي أولى خطوات الإسلاميّين في تركيز نموذج اجتماعي يؤمنون به في تونس".كما اعتبر أنّ الموضوع داخل المجتمع التونسي يبدأ بمثل هذه التفاصيل تأصيلا لثقافة مشروع مجتمعي بديل قائلا "الخوف من تغيير النمط المجتمعي التونسي لم يعد بعد فتح هذه المتاجر مجرّد هوس يسكن النخبة التونسية بل هو يسكن أيضاً الشارع التونسي ولا تفسير لعدم الإقبال على منتجات هذه المحلات سوى الخوف من تغيير نمط عيش التونسيّين، فالتغلغل داخل النسيج الاجتماعي والاقتصادي نجح في إيران ونجح في تنفيذه حزب الله في جنوب لبنان، ففَرَضَ اللون الواحد رغم تنوع اللبنانيين في الجنوب، ويحاول إسلاميو تونس خوض هذه التجربة".وكانت محافظة سوسة شهدت فتح أوّل مطعم إسلامي في تونس مخصّص للمنقبات و الملتحين والملتزمين دينيّا يحمل اسم "القلّة". وأثار فتح هذا المطعم جدلا واسعا، إذ يتم فيه منع الاختلاط، كما تقوم العاملات فيه بخدمة النساء فقط، فيما يقوم العاملون في المطعم بخدمة الرجال من الزبائن، علما بأن العاملين في المطعم كلهم من الملتحين.كما أثار اعتماد تصنيف "حلال" في المنتجات الغذائية جدلا آخر واسعا، خصوصا بعد توقيع رئاسة الحكومة ومعهد المواصفات والملكية الصناعية وديوان الإفتاء على اتفاقية تتعلّق باعتماد هذا التصنيف.ووجدت وزارة التجارة تبريرات لتوضيح اللّبس بشأن اعتماد تصنيف كلمة "حلال" إذ أوضحت أنه "أمر يخص الشركات المصدرة كلّيّا". وكان وفد ماليزي ضمّ ممثلين عن الشركات الماليزية الكبرى ورئيس صندوق الزكاة وممثل عن الحكومة الماليزية قد زار تونس العام الماضي. وقدّم هذا الوفد تعريفا لأهم المنتجات «الحلال» التي يمكن تسويقها في تونس، وقدّمت الحكومة الماليزية تسهيلات للمستثمرين التونسيين الراغبين في توريد المنتجات الحلال.كما يجري الدفع في اتجاه اعتماد السياحة الحلال في تونس خصوصا بعد أن أوضحت  دراسة أعدَّت عام 2011 من قبل  منظِّمي سوق السفر العالمي في لندن «يورومونيتور إنترناشيونال» ـ أحد أكبر معارض السياحة في العالَم ـ أنَّ « دول منطقة الشرْق الأوسط هي الأكثر اقبالا على السياحة «الحلال»  وتوقّعت الدراسة ذاتها أنّ عدد السياح في هذا المجال ستصل نسبتهم إلى 66 % في السنة الحالية ليبلغ عددهم 55 مليون سائح وأقرّت الدراسة ذاتها أنَّ تونس من بين البلدان التي يمكن أن تكون وجهة للسائحينَ الملتزمِينَ".

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

ترمب يهدّد بوقف تمويل نيويورك إذا فاز زهران ممداني…
إثيوبيا تتمسك بمنفذ على البحر الأحمر وتؤكد أن ميناء…
طهران ترى أن احتمال تعرضها لهجوم أميركي جديد ما…
تحذيرات أمميه من جيل ضائع في غزة وسبعين مليار…
استطلاع إسرائيلي يكشف تشككاً واسعاً في صمود وقف النار…

اخر الاخبار

أفغانستان تؤكد فشل جهود السلام مع باكستان
إسرائيل تبدأ تقليص استدعاءات جنود الاحتياط
العلمي يؤكد أن إنفتاح البرلمان المغربي على البث المباشر…
وزير الداخلية المغربي يترأس حفل تنصيب خالد آيت الطالب…

فن وموسيقى

ملحم زين يكشف كواليس تفكيره في الاعتزال ويدافع عن…
أحمد حلمي وهند صبري يلتقيان في فيلم جديد للمخرج…
أحمد سعد يكشف عن تجربة جديدة في مسيرته الفنية…
آسر ياسين يتحدث عن بداياته في الفن والمعاناة التي…

أخبار النجوم

نقيب الموسيقيين يطمئن جمهور محمد منير على صحته
أنغام تستعد لإحياء حفل ضخم عند الأهرامات وتعد جمهورها…
أروى جودة تتحدث عن الأدوار التي تتمنى تقديمها
ظافر العابدين متحمس لبدء تصوير مسلسل "ممكن" مع نادين…

رياضة

محمد صلاح على أعتاب معادلة رقم واين روني وتسجيل…
رونالدو يؤكد قوة الدوري السعودي ويصف التسجيل فيه بأنه…
جائزة سلام الفيفا الأولى تشعل المنافسة بين أبرز الأسماء
يامال يرفض المقارنات بميسي ويركز على تحسين أداء الفريق

صحة وتغذية

إنخفاض مستويات فيتامين D في الدم قد يرتبط بارتفاع…
دواء جديد يحمي مرضى السكري من تلف الكلى
بعض الأدوية الشائعة المستخدمة يومياً تؤثر سلبا على فعالية…
الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة

الأخبار الأكثر قراءة

قلق في إسرائيل بعد إلغاء عقود سلاح ومخاوف من…
ديربي مدريد يتحول إلى صدمة لجندي إسرائيلي
FBI يعثر على وثائق سرية في مكتب مستشار ترمب…
تحقيق أممي يكشف نوايا إسرائيل في غزة والضفة
تقرير يكشف الموساد نشر 100 عميل في إيران قبل…