الرئيسية » تحقيقات

واشنطن ـ يوسف مكي

كشف فيلم وثائقي، عن أن وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، أرسلت محاربًا أميركيًا خبيرًا بأمور "الحروب القذرة" في أميركا الوسطى، للإشراف على وحدات كوماندو طائفية في العراق، التي أنشأت مراكز اعتقال وتعذيب سرية من أجل الحصول على المعلومات من أفراد المقاومة العراقية، وقامت تلك الوحدات بإدارة أسوأ أعمال التعذيب خلال فترة الاحتلال الأميركي، كما أنها عجلت بوقوع البلاد في حرب أهلية شاملة. وقد قامت صحيفة "الغارديان" البريطانية وشبكة "بي بي سي" العربية، بإعداد تقرير استقصائي حصري، جاء فيه أن الكولونيل جيمس ستيل (58 عامًا) كان محاربًا متقاعدًا بالقوات الخاصة، وذلك عندما قام وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد بترشيحه للمساعدة في تكوين جماعات شبه عسكرية في محاولة لسحق المقاومة السنية، وأنه بعد رفع البنتاغون الحظر على انضمام المليشيات العسكرية الشيعية إلى قوات الأمن العراقية ، تزايد انضمام جماعات العنف الشيعية إلى وحدات كوماندوز الشرطة الخاصة، والتي كان من بينها "ألوية بدر"، وأما المستشار الخاص الثاني وهو الكولونيل جيمس كوفمان فقد عمل مع الكولونيل جيمس ستيل في مراكز الاعتقال التي تم إنشائها بتمويل أميركي. وقالت "الغارديان" إن "الكولونيل أن كوفمان كان يخضع مباشرة لإشراف الجنرال ديفيد بيترايوس الذي تم إرساله إلى العراق في حزيران/يونيو عام 2004، لتكوين وتدريب قوات الأمن العراقية الجديدة ، أما جيمس ستيل الذي عمل في العراق خلال الفترة من 2003 وحتى 2005، فقد كان يخضع للإشراف المباشر لدونالد رامسفيلد". وافترضت الإدعاءات التي قال بها شهود أميركيين وعراقيين في الفيلم الوثائقي الذي أنتجته كل من "الغارديان" والـ"بي بي سي" العربية، تورط المستشارين الأميركيين في انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها أفراد الكوماندوز، وأن هذه هي المرة الأولى التي يشار فيها إلى تورط الجنرال ديفيد بيترايوس في تلك الانتهاكات، الذي اضطر إلى الاستقالة من منصبة كمدير لـ"سي آي إيه" بسبب تورطه في فضحية جنسية، وكان كوفمان يخضع لإشراف بترايوس الذي وصف نفسه في إحدى المقابلات مع مجلة "ستارز آند ستريبس" العسكرية الأميركية، أنه كان عيون وأذان بترايوس على الأرض في العراق. وقال الجنرال العراقي منتظر السامرائي، الذي عمل مع ستيل وكوفمان لمدة عام، "لقد كانا يعملان معًا يدًا بيد، وأنهما لم ينفضلا عن بعضهما على مدى الأربعين أو الخمسين مرة التي شاهدهما فيها داخل مراكز الاعتقال، إنهما كان على علم بكل ما كان يدور هناك من أسوأ أنواع التعذيب" وجاء في تقرير إضافي لصحيفة "الغارديان"، المزيد من التفاصيل حول أساليب الاستجواب آنذاك، وزعم السامرائي أن كل مركز اعتقال كان لديه لجنته الخاصة للاستجواب، وكانت كل لجنة تتشكل من ضابط مخابرات وثمانية من المحققين، كما استخدمت اللجنة أساليب التعذيب كافة لإرغام المعتقلين على الاعتراف مثل التعذيب بالكهرباء، والتعليق رأسًا على عقب ونزع الأظافر والضرب في الأماكن الحساسة، غير أنه لا يوجد أدلة على أن ستيل أو كوفمان قاما بنفسيهما بتعذيب المعتقلين، ولكنهما كانا أحيانًا يتواجدان داخل مراكز الاعتقال، حيث كان يتم التعذيب كما شاركا في إجراءات التعامل مع آلاف المعتقلين، وأن التعذيب كان أمرًا روتينيًا في مراكز الاعتقال التي كان يشرف عليها الكوماندوز، وقال إنه يتذكر مشاهدته لصبي عمره (14 عامًا) وهو مقيد من قدميه ورأسه إلى أسفل، وأن جسمه قد تحول إلى اللون الأزرق من تأثير الأسلاك التي كان يضرب بها. وقد بدأت فكرة التحقيق المشترك بين "الغارديان" والـ"بي بي سي" العربية، بعد نشر الوثائق الأميركية العسكرية السرية على موقع "ويكيليكس"، والتي تشير إلى مئات الحوادث التي كان الجنود الأميركيين على علم بتعذيب المعتقلين داخل شبكة مراكز الاعتقال التي كانت تدار على يد كوماندوز الشرطة عبر العراق. وقد التقى المصور بيريس عندما كان في مهمة صحافية لحساب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية مع ستيل، أثناء زيارة أحد مراكز الكوماندو في سامراء، وقال إنه شاهد الدماء في كل مكان أثناء إجراء المقابلة مع ستيل، أما الصحافي بيتر ماس الذي كان يجرى المقابلة مع ستيل فأوضح أنه تناهى إلى سمعه أصوات صرخات مرعبة، وأنه سمع أحدهم يصرخ ويقول "الله الله الله"، وأنه لم يكن يردد تلك العبارة على سبيل التعبد وإنما كان ينطق بها من فرط الألم والرعب. ويتشابه النموذج العراقي من أساليب التعذيب، مع الوثائق التي تكشف انتهاكات حقوق الإنسان على يد الكتائب شبه العسكرية تحت إشراف وتمويل الولايات المتحدة في منطقة أميركا الوسطى خلال فترة الثمانينات، وكان ستيل آنذاك رئيس فريق أميركي من المستشارين العسكريين الذين كانوا يدربون قوات الأمن في سلفادور لمكافحة أعمال المقاومة، وزار بيترايوس السلفادور عام 1986 عندما كان ستيل هناك وأصبح أحد كبار أنصار أساليب تعذيب أفراد المقاومة. وقد رفض ستيل الرد على أسئلة "الغارديان" والـ"بي بي سي"، حول دوره في السلفادور أو العراق، بعدما أنكر في الماضي تورطه في أي أعمال تعذيب، وقال إنه يعارض انتهاك حقوق الإنسان، كما رفض كوفمان أيضًا التعليق على ما جاء في الفيلم الوثائقي، في حين قال مصدر رسمي نيابة عن بترايوس إنه "خلال سنوات تواجده في العراق لم يعلم بمزاعم قيام القوات العراقية بتعذيب المعتقلين، وأنه كان يشرك القيادة الأميركية العسكرية والسفير الأميركي في بغداد وكذلك الزعماء العراقيين في كل واقعة". وأضافت الصحيفة البريطانية في تقريرها، أن "تورط وحدة كوماندوز قوات الشرطة الخاصة في أعمال التعذيب علم به الشعب العراقي عندما كان يتم استعراض بعض الضحايا أمام جمهور مشاهدي التلفزيون خلال برنامج يحمل عنوان (الإرهاب في أيدي العدالة)، وكانت مراكز الاعتقال مزودة بكاميرات فيديو من طراز كانون بتمويل من الجيش الأميركي حيث كان يتم استخدامها لتصوير المعتقلين للبرنامج التلفزيوني، وعندما بدأ البرنامج يثير غضب الرأي العام العراقي، تلقى رئيس وحدة الكوماندوز الخاصة الجنرال عدنان ثابت مكالمة من مكتب بترايوس يطلب فيها وقف عرض تعذيب الرجال على شاشة التلفزيون، ويقول سامرائي الذي كان موجودا آنذاك في بيت عدنان عندما تلقى المكالمة، إن مترجم بترايوس الخاص سعدي عثمان أبلغه برسالة بترايوس التي يطلب فيها وقف عرض تلك المادة الإعلامية، وبعدها بثلث ساعة تلقى أيضًا مكالمة من وزير الداخلية العراقي يطلب أيضًا الشئ نفسه". وأكد عثمان الذي يعيش الآن في نيويورك، أنه أجرى المكالمة نيابة عن بترايوس، التي طلب فيها وقف عرض مشاهد تعذيب المساجين، وأن الجنرال بترايوس لا يوافق على التعذيب، وأن الزعم بأنه يدعم التعذيب كلام فارغ، فيما قال عدنان ثابت أنه يستبعد فكرة أن الأميركيين الذين تعامل معهم كانوا لا يعلمون بما كان يقوم به الكوماندوز، وأنه وحتى مغادرته منصبه، كان الأميركيون يعرفون كل شئ كان يقوم به، فقد كانوا على علم بما كان يحدث أثناء الاستجواب، وكانوا يعرفون أيضًا المعتقلين، وإنهم يكذبون بدليل أن بعض المعلومات الاستخباراتية عن المعتقلين كانت تأتي من عندهم. وقبيل مغادرة بترايوس وستيل للعراق في أيلول/سبتمبر 2005 ، تم تعيين وزير داخلية عراقي جديد، والذي كان على علاقة وثيقة بـ"ألوية بدر" العسكرية، وقد تصاعدت أعمال التعذيب والوحشية آنذاك، ويعتقد على نطاق واسع أن تلك الوحدة قد تحولت إلى ما يُسمى بـ"كتائب الموت". وقد علمت "الغارديان" أن كبار القيادات العراقية الذين تعاملوا مع الولايات المتحدة بعد الغزو، قد حذروا بترايوس من خطورة تعيين وزير الداخلية الجديد، ولكنه تجاهل هذا التحذير، وأن محصلة تمويل وتسلحي هذه القوة الشبه عسكرية على المدى البعيد، تمثلت في إطلاق قوة طائفية مميتة، لعبت دورًا في إرهاب المجتمع السني، كما ساعدت على إشعال نيران حرب أهلية راح ضحيتها عشرات الآلاف، ووصل الأمر في ذروة تلك الحرب الطائفية إلى أن شوارع العراق كانت تشهد ثلاثة ألاف جثة شهريًا.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

جيش الاحتلال يفتح تحقيقًا في تزايد حالات انتحار الجنود…
كيف تتحول الاعترافات بفلسطين إلى عنصر مؤثر في طريق…
أزمة ثقة نووية بين إيران والغرب وسط اختبار لحدود…
عراقجي يروي تفاصيل محاولة اغتياله خلال حرب إيران وإسرائيل
خامنئي يصف خسارة العلماء والقادة بالضربة المؤلمة لإيران

اخر الاخبار

اشتباكات بين الجيش وقسد شرق حلب محاولة تسلل
المبعوث الأميركي برّاك يلتقي وزيري خارجية سوريا والأردن في…
مقتل جندي سوري في اشتباكات مع "قسد" شرق حلب…
شعار عن محرقة غزة على حائط المبكى يثير إدانات…

فن وموسيقى

لطيفة تكشف رغبتها في تقديم أغنية مهرجانات وتتحدث عن…
نبيل شعيل يعود الى الحفلات في مصر بعد غياب…
أصالة تعلن موعد زيارتها الأولى إلى سوريا بعد غياب…
رحيل الفنان لطفي لبيب عقب مسيرة فنية حافلة بالعطاء…

أخبار النجوم

شائعات تتهم وفاء عامر بالاتجار في الأعضاء البشرية وفيديو…
محمود سعد يطمئن الجمهور على أنغام بعد جراحة دقيقة…
جدل حول محمد رمضان بعد اتهامه بدفع مبالغ مالية…
جورجينا رودريغيز تثير الجدل بخاتم زواج يوحي بموافقتها على…

رياضة

انتقادات تطال محمد صلاح بعد خسارة ليفربول وغياب أرنولد…
3 منتخبات عربية تودع كأس آسيا في جدة مع…
المغربي أشرف حكيمي ينفي تهمة الإغتصاب ويؤكد ثقته الكاملة…
قائمة المرشحين لجائزة الكرة الذهبية 2025 وتشيلسي وبرشلونة في…

صحة وتغذية

الذكاء الاصطناعي قادر على اكتشاف سرطان الحنجرة عبر تحليل…
"إيلي ليلي" تكشف عن نتائج مثيرة لدواء جديد لإنقاص…
أزمة الأدوية في موريتانيا تدفع المرضى للبحث عن العلاج…
بشرى لمن يريد خسارة الوزن بعد تصنيع دواء يفقد…

الأخبار الأكثر قراءة

البنتاغون يُعلن أن إدارة بايدن كانت ترسل الأسلحة لأوكرانيا…
حكومة نتنياهو تريد ضم غانتس تحسباً لانسحاب بن غفير…
الانتهاكات جنوب سوريا تتغذى على الخلافات العشائرية والطائفية
مكانان فقط في العالم آمنان من الدمار إذا اندلعت…
تفاصيل جديدة عن محاولة اغتيال الرئيس الأميركي في ولاية…