الرئيسية » تحقيقات
أحياء فقيرة في المغرب

الرباط - المغرب اليوم

واقع مأساوي تعيشه الطفولة بجبال ومداشر المملكة المغربية، خاصة التي تتميز بوعورة التضاريس وغياب الشبكة الطرقية وأبسط ضروريات الحياة اليومية، حيث تعيش ما بين الحرمان والفقر والاستغلال في أشغال شاقة، سواء الفلاحية أو غيرها.

وكشف عدد من المهتمين بالطفولة بالمغرب أن أطفال الجبال والمناطق النائية يواجهون شتى أنواع الحرمان والتهميش؛ وذلك نتيجة الفقر الذي تعيشه أسرهم ومحيطهم، ما أصبح يدعو إلى إعداد خطة وطنية لإنقاذ الطفولة بصفة عامة، وخاصة بالجبال والمناطق وعرة الولوج، للاستفادة من جميع الخدمات التي يتم توفيرها لأقرانهم بالمدن والمراكز، وذلك في إطار مبدأ تكافؤ الفرص بين أفراد الشعب المغربي، وفقهم.

ولم تقتصر معاناة الطفولة الجبلية في المملكة المغربية على الفقر والحرمان فقط، بل تعاني أيضا من بعد المؤسسات الصحية والتعليمية، وكذا أبسط الضروريات التي يمكن أن تسهل التواصل بينهم وبين عالمهم الخارجي، من شبكة طرقية ووسائل تنقل، وشبكات الهاتف والأنترنيت، وبعد الإدارات العمومية.

طفولة محرومة

ورغم مجموعة من القوانين الإطار التي أعلن عنها المغرب في وقت سابق، وتهم تعزيز حقوق الطفل في جميع المجالات، خاصة التعليم، إلا أن الطفولة الجبلية والقاطنة بالمناطق النائية لم تستفد منها، إذ مازالت تعاني من الحرمان والتهميش في جميع المجالات، خاصة المتعلقة بالتعليم والصحة، وفق تصريحات عدد من آباء الأطفال بالمناطق الجبلية والقرى.

“الأطفال بالجبال والقرى النائية يشكلون الفئة الأكثر تضررا بسبب غياب العدالة المجالية بين الحواضر والهامش، وهو ما يجعلهم يقضون سنوات صغرهم في الشقاء والقهر والفقر”، يقول حسن أشهبار، فاعل حقوقي مهتم بالطفولة بجهة درعة تافيلالت.

وتعيش الطفولة القروية والجبلية، يضيف الحقوقي ذاته، في تصريح لهسبريس، “حرمانا كبيرا في جميع المجالات، سواء التعليم أو الصحة أو الحق في اللعب”، مؤكدا أن “بعض القوانين التي يتم إقرارها بالمغرب تخدم بالدرجة الأولى الطفولة بالحواضر والمراكز المتقدمة، ولا يمكن لطفولة الجبال والهوامش الاستفادة منها”، وفق تعبيره.

في المقابل، قالت خديجة أيت عبد العالي، فاعلة جمعوية من إقليم ميدلت: “هناك تمييز بين الأطفال في المغرب، فالطفولة بالمدن والحواضر تستفيد من جميع الضروريات اليومية، فيما طفولة الجبال والقرى تعيش حياة البؤس والفقر والحرمان”.

وأضافت أيت عبد العالي في تصريح : “حان الوقت لإعطاء أهمية كبيرة لطفولة الجبال والقرى وعموم الساكنة، التي تئن تحت وطأة التهميش والفقر المدقع”، مؤكدة أنه “أمام غياب العدالة المجالية بين المدن والقرى والمراكز والجبال لا يمكن الحديث عن حقوق الطفل أو التنمية الشاملة”.

تشغيل الأطفال جريمة

“في المغرب هناك قانون يمنع تشغيل الأطفال، ويعتبره جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن والغرامة المالية، هذا في الوثائق، أما بالنسبة للواقع فهناك آلاف من الأطفال تتراوح أعمارهم ما بين 10 و16 سنة يشتغلون في مهن عديدة أمام أعين مفتشي الشغل وباقي السلطات العمومية”، يقول إدريس الناصري، فاعل جمعوي من إقليم الرشيدية.

وأضاف الجمعوي ذاته، في تصريح ، أن “قانون منع تشغيل الأطفال يجب تفعيله في جميع مناطق المغرب، وألا يقتصر على المدن الكبرى أو الحواضر”، مشيرا إلى أن “بعض المشغلين يستغلون ضعف الأسر لتشغيل الأبناء، ويقومون بتعذيب الطفل أشد العذاب في أشغال شاقة وكبيرة؛ وهؤلاء يجب أن ينالوا جزاءهم بما يفعلون”، وفق تعبيره.

وأكد عدد من المهتمين بالطفولة بالمغرب أن هناك نسبة كبيرة ومهمة من أطفال الجبال والقرى النائية يتم استغلالهم في الأشغال، سواء الفلاحية أو غيرها من الأشغال التي تشكل بالنسبة للطفولة خطرا حقيقيا على حياتهم ومستقبلهم، مؤكدين أن على وزارة التشغيل القيام بجولات وزيارات ميدانية سرية إلى بعض الأماكن للوقوف على ظاهرة تشغيل الأطفال والعمل على توقيفها فورا.

في المقابل، قال مصدر من مفتشية الشغل إن “المغرب من البلدان الإفريقية المنخرطة في القانون الدولي لحماية الطفولة، وتحقيق جميع شروط الحياة الكريمة لها، وبذلك قام بإقرار قانون في هذا الإطار، وأيضا في سياق مجهودات تنزيل مقتضيات الدستور الجديد”.

وأوضح المصدر ذاته أن “مسؤولية استمرار تشغيل الأطفال ما دون سن 18 سنة لا يمكن تحميلها للدولة بمفردها، بل هناك نصيب منها تتحمله الجمعيات والأسر”، داعيا جميع الجمعيات إلى ضرورة الإبلاغ عن أي عملية تشغيل للأطفال، ليس فقط بالجبال والقرى، بل أيضا في المدن، “وبناء عليه ستقوم السلطات المختصة بواجبها”.

وأكد المتحدث ذاته، في تصريح ، أن “السلطات المحلية أيضا والأمنية يجب أن تتدخل في هذا الإطار لمساءلة أي مشغل تورط في تشغيل قاصر، وإبلاغ النيابة العامة المختصة التي ستقوم بواجبها القضائي وإبلاغ مفتش الشغل بمنطقة النفوذ للقيام بواجبه”، مضيفا: “كل هذه الخطوات من شأنها أن تخفف من كثرة تشغيل الأطفال، فقط على المواطنين القيام بدورهم الوطني والإنساني”.

التعليم والصحة

بعد المؤسسات التعليمية والصحية وغياب وسائل التنقل مشكل آخر كبير تعاني منه الطفولة في جبال وقرى المغرب، خاصة في ظل غياب شبكة طرقية ذات جودة بالعديد من المناطق الجبلية والقرى النائية، وهو ما أصبح يفرض على الدولة الاعتناء بساكنة الجبال والمداشر على غرار سكان المدن والحواضر.

وأجمعت تصريحات العديد من أولياء وآباء الأطفال بعدد من القرى والجبال بجهة درعة تافيلالت أن بعد المؤسسات التعليمية والمؤسسات الصحية يشكل عبئا على الأطفال بهذه الجهة، ملتمسين توفير وسائل النقل لهم أسوة بباقي أطفال المغرب النافع، على حد وصف أحدهم.

ويسبب بعد المؤسسات التعليمية والصحية، حسب الآباء وأولياء الأطفال، الهدر المدرسي وضعف التعلم، مؤكدين أن بعض الأطفال يقطعون مسافات تقدر بما بين 7 و11 كلم يوميا ذهابا ورجوعا من وإلى المدرسة، “وهي مسافة تؤثر بشكل كبير على مستوى تعلمهم ورغبتهم في مواصلة مشوارهم الدراسي”.

حياة أبردان، فاعلة جمعوية من جهة درعة تافيلالت، قالت: “طفولة الجبال والقرى النائية لم تنل حقها في التعليم والصحة وباقي القطاعات”، مضيفة: “تصور أن طفلا في عمر الزهور يقطع كل صباح كيلومترات للوصول إلى المدرسة مشيا على الأقدام، مقابل أن طفلا في عمره بالمدينة يأتي النقل المدرسي إلى باب المنزل لنقله. إنها مفارقة عجيبة”.

وأضافت المتحدثة ذاتها، في تصريح ، أن “الدولة لا يجب أن تتعامل مع الأطفال بازدواجية.. عليها أن تتعامل معهم بالمنطلق نفسه”، داعية إلى “تنظيم لقاء وطني حول هذا الموضوع لدراسة المشكل وإيجاد الحلول ومعرفة مكامن الخلل”.

قد يهمك أيضا

سفير عُمان يجدد دعم الوحدة الترابية للمغرب

 

بوريطة يُشيد بالعلاقات التي تربط المملكة المغربية وجمهورية السنغال

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

عائلات فلسطينية تعيش بين القبور في خان يونس هربا…
الحوثيون يتحولون إلى جزء من شبكة إقليمية متداخلة تتجاوز…
ترمب يهدّد بوقف تمويل نيويورك إذا فاز زهران ممداني…
إثيوبيا تتمسك بمنفذ على البحر الأحمر وتؤكد أن ميناء…
طهران ترى أن احتمال تعرضها لهجوم أميركي جديد ما…

اخر الاخبار

تل أبيب تهدد بالتصعيد لفرض الهدنة في لبنان وغزة
إسرائيل تضغط على الجيش اللبناني لتفتيش منازل الجنوبيين والجيش…
الكنيست يطرح اليوم قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين للتصويت بالقراءة…
نتنياهو يجتمع مع المبعوث الأميركي كوشنر في القدس

فن وموسيقى

كريم محمود عبد العزيز يعلن انفصاله رسميا مؤكدا الطلاق…
منى زكي تكشف أسباب ابتعادها عن الوسط الفني ودخولها…
ملحم زين يكشف كواليس تفكيره في الاعتزال ويدافع عن…
أحمد حلمي وهند صبري يلتقيان في فيلم جديد للمخرج…

أخبار النجوم

مي كساب تكشف تفاصيل بدايتها وإبتعادها عن الفن لأربع…
يسرا تؤكد أنها لم تلجأ لأي عمليات تجميلية وأسرار…
شيري عادل تكشف عن أولوياتها الفنية بعد الابتعاد عن…
تامر حسني وأحمد سعد يحييان حفلًا غنائيًا ضخمًا في…

رياضة

ميسي يقود إنتر ميامي لاكتساح ناشفيل والتأهل إلى نصف…
محمد صلاح على أعتاب معادلة رقم واين روني وتسجيل…
رونالدو يؤكد قوة الدوري السعودي ويصف التسجيل فيه بأنه…
جائزة سلام الفيفا الأولى تشعل المنافسة بين أبرز الأسماء

صحة وتغذية

الأمم المتحدة تحذر من موجة جديدة لتفشي الكوليرا في…
علماء يكتشفون مفتاح إطالة عمر الإنسان عبر الحمض النووي
إنطلاق المرحلة الأولى لتنزيل المجموعات الصحية الترابية بجهة طنجة…
إنخفاض مستويات فيتامين D في الدم قد يرتبط بارتفاع…

الأخبار الأكثر قراءة

قلق في إسرائيل بعد إلغاء عقود سلاح ومخاوف من…
ديربي مدريد يتحول إلى صدمة لجندي إسرائيلي
FBI يعثر على وثائق سرية في مكتب مستشار ترمب…
تحقيق أممي يكشف نوايا إسرائيل في غزة والضفة
تقرير يكشف الموساد نشر 100 عميل في إيران قبل…