الرئيسية » تحقيقات
زوجان

الرباط _ المغرب اليوم

في عام 2017، وضع زوجان إيرانيان أميركيان قائمة بالمدن في الولايات المتحدة وأوروبا التي يمكنهما الاستقرار فيها بعد أن سافرت ابنتاهما للالتحاق بالجامعة هناك.لكن فكرة غير عادية بالمرة خطرت ببال الزوجين عماد شرقي وبهارا عميدي بالانتقال إلى إيران، حيث كانا مرتبطين ارتباطاً وثيقاً بثقافة وتقاليد الوطن الذي تركاه في مرحلة الطفولة. فقد سافرا إلى إيران عدة مرات على مر السنين ولطالما شعرا بالترحاب.
كان السيد عماد شرقي (56 عاماً) شريكاً في شركة بأبوظبي لتأجير وبيع الطائرات الخاصة، وزوجته بهارا عميدي شرقي (53 عاماً) شاعرة وكانت تلقي محاضرات عامة في الجامعات والمستشفيات عن القوة العلاجية للشعر.
حذر أفراد الأسرة في الولايات المتحدة، خاصة والد عماد، الزوجين من هذه الخطوة قائلين إنه «لا مكان لهما» في إيران، غير أنهما رفضا تلك المخاوف ووصفوها بأنها مبالغة لأن أياً منهما لم يشارك في السياسة على الإطلاق.
لكن ما حدث أن هذا القرار قلب حياتهما رأساً على عقب. وأصبح عماد هو آخر مواطن أميركي من أصل إيراني (مزدوج الجنسية) يجري اعتقاله في إيران، وحكم عليه في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) بالسجن لمدة 10 سنوات بتهم غامضة تتعلق بانتهاكات للأمن القومي، بعد محاكمة لم يحضرها ولم يكن لديه فكرة عنها من الأساس.
أما زوجته بهارا فتعيش الآن في واشنطن وتسعى لتأمين إطلاق سراح زوجها واحتواء القلق المتزايد لدى أطفالهما وآبائهما المسنين. وتحدثت علناً في مقابلة مع «نيويورك تايمز» لأول مرة عن محنة الأسرة.
قالت بهارا «كنا نشعر أن إيران هي السكن والبيت وأننا قد عدنا إلى بيتنا»، مضيفة «لقد سافرنا إلى كل مكان، ودرسنا التاريخ كاملاً» ولم نعتقد أن هذا سيحدث له ولو بنسبة واحد في المليون.
جاءت إدانة عماد شرقي على خلفية خطوات استفزازية أخرى اتخذتها إيران منذ انتخاب الرئيس جو بايدن للضغط على الإدارة الأميركية الجديدة لتغيير سياسة «الضغوط القصوى» للرئيس السابق دونالد ترمب بعد أن ألغى مشاركة بلاده في الاتفاق النووي الموقع عام 2015 وأعاد فرض عقوبات اقتصادية قاسية على طهران.
في الوقت الحالي، هناك على الأقل ثلاثة مواطنين أميركيين آخرين من أصل إيراني محتجزون في إيران منذ سنوات. وفي العقد الماضي، سعت إيران مراراً إلى تحقيق أهداف سياستها الخارجية من خلال توقيف مزدوجي الجنسية واحتجازهم كرهائن.
في هذا الصدد، قال هادي غيمي، مدير مركز حقوق الإنسان في إيران، وهي مجموعة حقوقية مقرها نيويورك، إن «السجن الذي تعرض له عماد شرقي مؤخراً يتماشى مع هذا السجل الحافل».
وفيما تحاول إدارة بايدن تحديد كيفية التعامل مع إيران، والتي يمكن أن تشمل العودة إلى الاتفاق النووي، تدعو عائلات الأميركيين المسجونين الإدارة إلى إعطاء الأولوية لإعادة أحبائهم في إطار أي مفاوضات قادمة.
بالإضافة إلى عماد شرقي، كان من بين المحتجزين باقر نمازي، مسؤول سابق في اليونيسف، وابنه سياماك نمازي، رجل أعمال، ومراد طهباز، رائد أعمال بيئي.
وانخرطت إدارة ترمب مع إيران في صفقات تبادل سجناء أسفرت عن إطلاق سراح مواطنين أميركيين محتجزين في طهران هم: شيوي وانغ، طالب دراسات عليا في جامعة برينستون، ومايكل آر وايت، أحد قدامى المحاربين في البحرية.
وتعتبر إيران رسمياً السجناء الأميركيين الآخرين مواطنين إيرانيين، رغم جوازات سفرهم الأميركية.
وأعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، يوم الاثنين الماضي، أن الولايات المتحدة ستنضم إلى 58 دولة في مبادرة تهدف إلى إيجاد نهج عالمي لمواجهة عمليات احتجاز الرهائن والاحتجاز التعسفي التي ترعاها الدول.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية «سنعمل مع حلفائنا، وكثيرون منهم لديهم أيضاً مواطنون محتجزون حالياً من قبل الحكومة الإيرانية، للسعي إلى إطلاق سراحهم والتصدي لممارسات إيران المشينة المتمثلة في استخدام الاحتجاز غير العادل لمواطنين أجانب كأداة سياسية».
وعند حديثها عن زوجها، قالت بهارا وهي تبكي «هذا الملاك هو عماد، ألطف شريك... هو الأب الأكثر حضوراً».
وقالت إن المشاكل مع الأجهزة الأمنية الإيرانية بدأت بعد حوالي عام من انتقال الزوجين إلى طهران. وقبل ذلك الوقت، كان عماد يعمل ممثلاً للمبيعات الدولية في «سفارا»، وهو صندوق استثمار إيراني رفيع المستوى يضم 30 شركة في محفظته و200 مليون دولار من الاستثمارات الأجنبية.
وداهمت قوات الأمن منزلهما، وصادرت جوازات سفرهما ومعداتهما الإلكترونية وألبوماتهما العائلية، واعتقلت عماد، واحتجزته لمدة ثمانية أشهر في جناح تابع لوحدة استخبارات «الحرس الثوري» الإيراني داخل سجن «إيفين» بطهران، وتم استجوابه بشأن علاقاته التجارية ورحلاته.
وقالت بهارا إنها قد تم استجوابها عدة مرات وتعرضت للتهديد بالانتقام مراراً وتكراراً حال أبلغت السلطات الأميركية أو تحدثت مع وسائل الإعلام عن قضية زوجها. وأطلق سراح بهارا بكفالة بعد ثمانية أشهر في ديسمبر (كانون الأول) 2018.
وفي ديسمبر 2019، أصدرت المحكمة الثورية أمراً بإبلاغ عماد شرقي بأنه قد تمت تبرئته من جميع تهم التجسس والأمن القومي، وفقاً لنسخة من الأمر الذي أطلع محامي العائلة عليه صحيفة «نيويورك تايمز».
وقالت بهارا «اعتقدنا في البداية أن صمتنا قد أتى ثماره وانتهى الأمر، ويمكننا المغادرة». لكن الأمر لم يكن بهذه البساطة. فقد كان هناك حدثان غامضان أصاباهما بالقلق: تقرير إخباري إيراني كاذب عن اعتقالهما، ورفض السلطات - الذي يتعذر تفسيره - إعادة جواز سفر عماد.
وطوال عام 2020، تم استدعاء عماد أمام محكمة الثورة لحضور ثلاث جلسات، وفي 30 نوفمبر (تشرين الثاني)، استدعته المحكمة وأبلغه القاضي أنه حوكم غيابياً وحكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات وفقاً لوثيقة مكونة من 35 صفحة تدينه بالتجسس. وتقدم محاميه بطلب استئناف.
ودون علم عائلته أو محاميه، قرر عماد الفرار عبر الحدود مع كردستان العراق حيث حدد المهربون طرقاً لتهريب الأشخاص والبضائع عبر الحدود. وفي 4 ديسمبر (كانون الأول)، تحدثت بهارا إلى زوجها - وفق قولها - وبعد ذلك لم يرد على مكالماتها أو يرى رسائلها. وطلبت من أقاربها في طهران البحث عنه في منزلهم في طهران وفي المستشفيات ومركز الشرطة.
ولم تقدم السلطات الإيرانية أي معلومات عن مكان وجوده ولم تبلغ أسرته بأي أخبار عنه لأكثر من شهر.
وفي 17 يناير (كانون الثاني)، أفاد موقع إلكتروني تابع لـ«الحرس الثوري» بأنه تم اعتقاله عند نقطة تفتيش في محافظة أذربيجان الغربية على بعد 12 ميلاً من الحدود العراقية. وقالت بهارا «كان الأمر مدمراً، اكتشفنا جميعاً من خلال الأخبار وكنا نتصل ببعضنا البعض في محاولة للحصول على معلومات».
وأكد المتحدث باسم القضاء الإيراني، غلام حسين إسماعيلي، اعتقاله في مؤتمر صحافي في أواخر يناير. كما اختلفت رواية إسماعيلي - بشكل غير مفهوم - عن أمر المحكمة الثورية الذي برأ عماد في ديسمبر (كانون الأول) 2019. وقال المتحدث إن عماد خرج بكفالة ولديه «قضية سارية ضده» بتهمة التجسس وغيرها.
ولم ترد بعثة إيران لدى الأمم المتحدة على استفسار حول قضية عماد شرقي.
واتصل عماد شرقي بزوجته، يوم السبت الماضي، لأول مرة منذ اختفائه، وكان صوته خافتاً واعتذر عن عدم التواصل معها طيلة الفترة الماضية. واستطردت بهارا «أعطيت السماعة لبناتي... وقلنا جميعاً: نحبك، نفتقدك، نتمنى أن تعود إلى المنزل». وقالت إنه لم يستطع التحدث طويلاً أو الكشف عن الكثير، باستثناء أنه كان محتجزاً في نفس المكان الذي كان فيه من قبل، أي «سجن إيفين».

قد يهمك ايضا.

الحوثيون يعلنون تحرير 4 من عناصرهم بوساطات محلية

الاتحاد الأوروبي يؤكّد أن تصنيف "أنصار الله" منظمة إرهابية سيؤدي إلى تعقيد جهود السلام

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

طقوس الفاتيكان لانتخاب الحبر الأعظم الجديد من داخل المجمع…
البابا فرنسيس من أحياء بوينس آيرس المتواضعة إلى سدّة…
الكشف عن تفاصيل عملية تهريب ثروة الأسد على متن…
«الأونروا» توزع طروداً غذائية على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان
غوتيريش يكشف عن نزوح 12 مليون لاجئ من السودان…

اخر الاخبار

مجلس النواب المغربي يُصادق على تعديل قانون المسطرة الجنائية…
حزب الاستقلال يدعو وزير الداخلية المغربي إلى سرعة مراجعة…
الشعب المغربي يحتفل بالذكرى التاسعة والستين لتأسيس القوات المسلحة…
نزار بركة يستقبل وفد الحزب الشيوعي الصيني ويؤكد تقاطع…

فن وموسيقى

نانسي عجرم أول فنانة عربية في جاكرتا وجدول حفلات…
كندة علوش تعلن شغفها بالقضايا الإنسانية وتكشف رغبتها في…
دنيا بطمة تؤكد أنها لم أنَل حقها في المغرب…
إليسا تشعل 2025 بمفاجآت فنية وألبوم جديد بعد تألقها…

أخبار النجوم

فتحي عبدالوهاب يكشف تفاصيل حياته الشخصية وأولوياته الفنية وأعماله…
حنان مطاوع تعرب عن سعادتها بتكريم مهرجان المسرح العالمي
هيفاء وهبي تشارك مصطفى شعبان لأول مرة في فيلم…
حسن الرداد يكشف حقيقة اعتذار فنانين عن "طه الغريب"

رياضة

المغربي أشرف حكيمي يفوز بجائزة أفضل لاعب إفريقي في…
قميص محمد صلاح يُعرض في مزاد ويصل إلى 17…
المغربي أشرف حكيمي مرشح لجائزة أفضل لاعب إفريقي في…
هاري كين يقترب من لقب هداف الدوري الألماني للموسم…

صحة وتغذية

تقنية روسية جديدة لعلاج السرطان دون ألم أو جراحة
تقنية جديدة تقلل أضرار الجراحة التقليدية لعلاج سرطان الكلى…
طريقة سهلة لخفض ضغط الدم دون الحاجة لتقليل الملح…
إجراء أول عملية استئصال للبروستات باستخدام الروبوت الجراحي عن…

الأخبار الأكثر قراءة

ترامب يؤكد جديته في الترشح لولاية ثالثة رغم قيود…
الخزانة الأميركية تُصدر عقوبات جديدة بشأن إيران
العثور على جثامين 14 مسعفًا مقيدة داخل حفرة في…
جنبلاط يحذر الدروز في سوريا من الانجرار وراء تحالف…
ارتفاع واردات الأسلحة إلى أوروبا بنسبة 155 بالمئة في…