الرئيسية » أخبار عالمية
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب

واشنطن ـ المغرب اليوم

يوماً بعد يوم، يبرز القلق الأوروبي من عودة الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض لولاية ثانية مع برنامج لا يخلو من الوضوح بالنسبة لما يريده من القارة القديمة، إن على صعيد العلاقات الاقتصادية والتجارية، أو بالنسبة للحلف الأطلسي، أو لما يضمره إزاء الحرب الروسية - الأوكرانية التي تلج بعد شهر من الآن عامها الرابع.

من هنا، فإن الملف الرئيس الذي يحتل واجهة الاجتماعات الأوروبية بمختلف مستوياتها، منذ 5 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، يدور حول ما يتعين على الاتحاد الأوروبي القيام به لمواجهة «الهجمة» الأميركية المقبلة. وهذا الواقع كان ظاهراً في قمة «دافوس» الاقتصادية، كما كان واضحاً خلال اجتماع الرئيس الفرنسي والمستشار الألماني، الأربعاء، في باريس بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ62 لمعاهدة الصداقة الفرنسية - الألمانية التي وقّعها الجنرال ديغول والمستشار كونراد أديناور في قصر الإليزيه. وفي تصريحين لإيمانويل ماكرون وشولتس، كان واضحاً أن «الهم» الأميركي يطغى عليهما معاً، ولكن مع فارق لافت. ففي حين كان الأول «قاطعاً» في كلامه، سعى الثاني إلى إبقاء الأبواب كافة مشرعة للتوصل إلى تفاهم مع سيد البيت الأبيض. والواضح حتى الآن، أن مسؤولي الاتحاد الأوروبي يتأرجحون بين التذكير بأن للاتحاد القدرة على الدفاع عن نفسه والرد على الإجراءات الأميركية، وبين الرغبة في إبراز الليونة إزاء واشنطن بانتظار أن تتضح السياسة التي تنوي الإدارة الأميركية اتباعها ورؤية ما إذا كانت تهديدات ترمب بفرض رسوم باهظة على الصادرات الأوروبية سيتم العمل بها، أم أنه يشهرها سيفاً لدفع الأوروبيين لتغيير نهج تعاملهم التجاري والاقتصادي مع الجانب الأميركي.

توجد مجموعة رسائل، تتمثل الرسالة الأولى الموجهة للأوروبيين، في التأكيد على أهمية وحدة الأوروبيين في مواجهة ما يأتي من الضفة الأخرى للأطلسي. وقال ماكرون إنه «بعد تنصيب إدارة جديدة في الولايات المتحدة، من الضروري أكثر من أي وقت مضى أن يلعب الأوروبيون دورهم في تعزيز أوروبا موحدة وقوية وذات سيادة»، مضيفاً أن «الرد الوحيد الذي ينتظره الأوروبيون هو مزيد من الوحدة والطموح، ومزيد من الاستقلالية». وأوروبا التي يتمسك بها ماكرون هي من جهة: «المتمسكة بالعلاقات الأطلسية»، ولكنها تعرف، في الوقت عينه، «أن تدافع عن مصالحها الخاصة بالارتكاز إلى قيمها وإلى أدواتها» المتوفرة.

وأردف ماكرون قائلاً: «أولوية أوروبا يجب أن تكون الدفاع عن المنافسة (الشريفة)، وتوفير الأمن والازدهار (لمواطنيها)، وتعزيز الديمقراطية، والمحافظة على النموذج الاقتصادي والاجتماعي الأوروبي»، وهو بذلك يريد أن يبين الفرق الشاسع بين رؤية ترمب والرؤية الأوروبية التقليدية. ومن جانبه، استخدم شولتس «لغة مزدوجة»، فمن جهة لم يتردد في عدّ رجوع ترمب، مجدداً، في البيت الأبيض أنه «سيشكل تحدياً، وهذا أمر واضح بالفعل، ولذا يتعين أن تكون أوروبا قوية، وأقدر على المثابرة في عالم متحرك». لكنه في الوقت عينه، سارع إلى تأكيد أن «صداقة قوية تجمع بين الولايات المتحدة وأوروبا، وعلى هذا الأساس نريد، مع شركائنا الأميركيين، الاستمرار في البناء معاً». واستطرد شولتس قائلاً: «موقفنا واضح: لأوروبا فضل اقتصادي واسع يتشكل من 450 مليون مواطن ونحن أقوياء، وسنكون شركاء موثوقين للولايات المتحدة، وسيكون لنا تعاون جيد مع أميركا ومع الرئيس الجديد». وتشكل ألمانيا وفرنسا أكبر قوتين اقتصاديتين في الاتحاد الأوروبي. من هنا، تأتي أهمية ما يقوله شولتس وماكرون. وتجدر الإشارة إلى أن رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، تبنت لغة مماثلة استخدمها الزعيمان الأوروبيان، المتأرجحة بين التشدد والتهديد باتخاذ إجراءات مضادة ومعاملة البضائع الأميركية بالمثل، أي فرض رسوم إضافية عليها، وفي الوقت عينه تأكيد العزم على الحوار واستمرار الشراكة مع الجانب الأميركي.

وإزاء التهديدات التي تنضح بها تصريحات ترمب، دعا ماكرون إلى دعم قطاعات صناعات الصلب والسيارات والكيماويات، فضلاً عن القطاع الزراعي الفرنسي. وتشكل هذه القطاعات جانباً مهماً من الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة. ويميل الميزان التجاري لصالح القارة القديمة التي تصدر ما معدله 520 مليار يورو، وتستورد بنحو 350 ملياراً من الشريك الأميركي.

ولم تغب حرب أوكرانيا عن الزعيمين الأوروبيين. وفيما من المنتظر أن يطلق ترمب مبادرة ما بشأنها، فإن شولتس وماكرون حرصا على التذكير بالثوابت الأوروبية، فأعلن الأول أن أوكرانيا «يمكنها الاعتماد علينا، لأننا لن نتخلى عن دعمها في مواجهة العدوان الروسي».

أما الثاني، فقد أشار إلى أن أحد أهم أهداف أوروبا هو الدفاع عن مصالحها، والعمل أيضاً من أجل السلام والاستقرار في محيطها، والاستمرار في مساندة أوكرانيا في تحديد شروط السلام العادل والدائم. وإذ أمل شولتس في وضع حد لهذه «الحرب الرهيبة»، إلا أن الشرط لذلك أن تكون كييف في موضع قوي. وكلام ماكرون وشولتس موجه مباشرة للرئيس ترمب الذي كان طيلة حملته الانتخابية، يؤكد الحاجة لتخفيض المساعدات المالية والعسكرية لكييف، وأنه قادر على وضع حد للحرب «في 24 ساعة» من غير أن يبين كيف سيحقق هدفه ووفق أي شروط. والتخوف الأوروبي أن يسعى ترمب إلى «صفقة» مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا ترضي الأوكرانيين، وأن تكون «من وراء ظهر» الأوروبيين، ما من شأنه أن يهدد أمن وسلامة واستقرار أوروبا. أما الرسالة الثالثة للمسؤولين الأوروبيين فتتناول الحلف الأطلسي، وذلك على خلفية مخاوف أوروبية من انسحاب الولايات المتحدة منه أو عدم التزامها بتطبيق اتفاقية إنشائه. ويأخذ ترمب على الأوروبيين أنهم لا يساهمون بما يكفي في ميزانية الحلف الدفاعية، وذهب إلى مطالبتهم بأن يخصصوا نسبة 5 في المائة من ناتجهم الداخلي الخام للدفاع، وهو هدف يصعب بلوغه، علماً بأن الهدف الحالي هو الوصول إلى نسبة 2 في المائة.

من هنا تأتي أهمية ما قاله شولتس وماكرون، فالأول أكد أن الحلف يعد «الضامن المركزي للأمن في أوروبا، ونحن قمنا بالكثير من أجل تعزيز جناحه الأوروبي، والمخصصات الدفاعية ارتفعت في دوله كافة». ومن جانبه، رأى ماكرون أن الاستثمار في الشأن الدفاعي يجب أن يكون بالدرجة الأولى من خلال تعزيز الصناعات الدفاعية الأوروبية، مضيفاً أن ما يتعين على أوروبا القيام به «ليس فقط توفير مزيد من التمثيل للدفاع، ولكن أن تطور قاعدتها الصناعية في ميدان الدفاع، وأن تعزز قدراتها الذاتية الخاصة». وما يريد ماكرون إيصاله أنه يتعين التوقف عن شراء السلاح من خارج أوروبا، وتحديداً من الطرف الأميركي؛ لأن عملاً مثل هذا لا يساعد قطعاً على نمو الصناعات الدفاعية الأوروبية، كما أنه لا يسهم في تحقيق ما يدعو إليه منذ 8 سنوات لجهة تحقيق الاستقلالية الاستراتيجية لأوروبا. وباختصار، فإن الأوروبيين يتلمسون ما يمكن القيام به لتجنب حرب تجارية واقتصادية مع الشريك الأميركي، ولكن في الوقت عينه، يبحثون عن الوسائل التي تمكنهم من مقاومة ضغوط ترمب. لكن نقطة ضعفهم الرئيسة أنهم يفتقدون لوحدة الموقف على المستوى الأوروبي وهي ثغرة تسعى المفوضية الأوروبية إلى سدها قبل أن تفرض أولى العقوبات.

قد يهمك أيضا:

بعد غضون ساعات من تنصيب دونالد ترمب تقوم الإدارة الجديدة بإغلاق النسخة الإسبانية من الموقع الرسمي للبيت الأبيض

استبعاد 160 موظفاً بمجلس الأمن القومي الأميركي لتكوين فريق متوافق مع أجندة ترمب

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

الناتو يرى أن قمة واشنطن وموسكو قد تفتح الباب…
ترامب قبل لقائه مع بوتين يؤكد سعيه لاستعادة بعض…
موجة اعتقالات في إيران على خلفية التخابر مع إسرائيل
موسكو تحذر من «جهود جبارة» لعرقلة لقاء بوتين وترمب
وزير الخارجية الأمريكي يهنئ أرمينيا وأذربيجان على بدء حقبة…

اخر الاخبار

اشتباكات بين الجيش وقسد شرق حلب محاولة تسلل
المبعوث الأميركي برّاك يلتقي وزيري خارجية سوريا والأردن في…
مقتل جندي سوري في اشتباكات مع "قسد" شرق حلب…
شعار عن محرقة غزة على حائط المبكى يثير إدانات…

فن وموسيقى

لطيفة تكشف رغبتها في تقديم أغنية مهرجانات وتتحدث عن…
نبيل شعيل يعود الى الحفلات في مصر بعد غياب…
أصالة تعلن موعد زيارتها الأولى إلى سوريا بعد غياب…
رحيل الفنان لطفي لبيب عقب مسيرة فنية حافلة بالعطاء…

أخبار النجوم

شائعات تتهم وفاء عامر بالاتجار في الأعضاء البشرية وفيديو…
محمود سعد يطمئن الجمهور على أنغام بعد جراحة دقيقة…
جدل حول محمد رمضان بعد اتهامه بدفع مبالغ مالية…
جورجينا رودريغيز تثير الجدل بخاتم زواج يوحي بموافقتها على…

رياضة

انتقادات تطال محمد صلاح بعد خسارة ليفربول وغياب أرنولد…
3 منتخبات عربية تودع كأس آسيا في جدة مع…
المغربي أشرف حكيمي ينفي تهمة الإغتصاب ويؤكد ثقته الكاملة…
قائمة المرشحين لجائزة الكرة الذهبية 2025 وتشيلسي وبرشلونة في…

صحة وتغذية

الذكاء الاصطناعي قادر على اكتشاف سرطان الحنجرة عبر تحليل…
"إيلي ليلي" تكشف عن نتائج مثيرة لدواء جديد لإنقاص…
أزمة الأدوية في موريتانيا تدفع المرضى للبحث عن العلاج…
بشرى لمن يريد خسارة الوزن بعد تصنيع دواء يفقد…

الأخبار الأكثر قراءة

روسيا تصبح أول دولة تعترف بحكومة «طالبان» في أفغانستان
«طالبان» تنفي أي ضلوع لها في اختفاء مواطن أميركي
مقتل أربعة مسؤولين بانفجار تبنّاه «داعش» في باكستان
أوكرانيا مستعدة «لشراء أو استئجار» أنظمة دفاع جوي بعد…
توقيف العشرات في تجمع بإسطنبول دعماً لإمام أوغلو بعد…