الرئيسية » أخبار عربية

بنى غازى ـ وكالات

تعيش ليبيا وضعا مختلفا عن باقي بلدان الربيع العربي بسبب الإرث الثقيل الذي خلفه النظام السابق و تزايد الأطماع الخارجية المحدقة بالبلد. ورغم كل ذلك يحلم الليبيون بمستقبل ينسيهم كل آلام الماضي ويفتح لهم آفاق حياة كريمة.رغم مرور أكثر من سنتين على ثورة ليبيا التي أطاحت بنظام العقيد الليبي معمر القذافي وأعلنت مرحلة جديدة في تاريخ ليبيا، إلا أن البلاد مازالت تتخبط في حالة من عدم الاستقرار و الانفلات الأمني، من جهة بسبب انتشار السلاح و نفوذ القبائل والميليشيات، و من جهة أخرى بسبب غياب مؤسسات الدولة و تزايد الأطماع الخارجية في ثروات البلاد. هذا الواقع يجعل من استقرار ليبيا و انتقالها للديمقراطية حلما مؤجلا.ورغم أن الليبيين كانوا متفائلين بسقوط نظام القذافي الذي ترك خلفه بلدا يفتقر لأبسط أنواع مؤسسات الدولة و قيادات منعدمة الخبرة و اقتصادا ضعيفا، إلا أنهم اليوم يعيشون تحت رحمة المليشيات المسلحة التي تتصارع فيما بينها لفرض مصالحها المتناقضة. مشاكل ليبيا لا تنحصر في الصراعات بين القبائل و المليشيات المسلحة، بل هناك غياب لتوافق سياسي وطني يجعل من عملية الانتقال طريقا معقدة، فحكومة علي زيدان تواجه تهديدات بإسقاطها، كما أن خلافات الثوار تعرقل سير عمل المجلس الوطني، مما يؤجل إصدار الدستور. وأولى خطوات ليبيا نحو دولة المؤسسات و القانون تصطدم بعقبات كبيرة. كمال بن يونس، مدير مجلة دراسات دولية التونسية، يعتقد أن أسباب ما تعيشه ليبيا اليوم من عدم استقرار و اضطراب داخلي مختلفة و متعددة، لكن أخطرها هو غياب مؤسسات تتدخل بحزم فيما يجري، و هو ما يجعل الوضع أكثر تعقيدا من مصر و تونس. يشكل انعدام الأمن أبرز تحديات ليبيا الجديدة. انتشار العنف و مهاجمة الأجانب و رجال الشرطة و المنشآت النفطية...كل هذا يؤثر على إنتاج النفط في هذا البلد الغني كما أنه يثير قلق المستثمرين الأجانب. و تواجه السلطات الليبية اتهامات بعجزها عن فرض سيطرتها في مواجهه الميليشيات المسلحة و تأسيس جيش و أجهزة أمن قوية تحمي المواطنين و تتصدى للفوضى و الاشتباكات بين الأطراف المتصارعة. ويقول كمال بن يونس، إن المشهد المعقد للقبائل و العشائر التي تقسم ليبيا إلى خمس مناطق كبرى، حيث يصل عدد السكان في بعضها إلى أزيد من مليون شخص، يزيد الأمر سوءا في ليبيا، خاصة في ظل انتشار السلاح، حيث أن هناك أكثر من مليون قطعة سلاح منتشرة في أنحاء ليبيا. لكنه يضيف خلال حوار أجرته معه DW عربية " السلاح، وإن كان انتشاره بهذا الحجم في صفوف الليبيين يثير الخوف، إلا أن خطورته كانت أكبر خلال الثورة و بعيدها لأنه حول ليبيا لحلبة للصراع المسلح بين أنصار القذافي والمتمردين. أما الآن فالسلاح صار يوظف من طرف القبائل كوسيلة للضغط على السلطات لتنفيذ مطالب معينةّ". و باعتقاد الخبير التونسي فالسلاح في ليبيا رغم كل شيء لا يطرح مخاطر بحجم تلك التي عرفها العراق بعد سقوط صدام حسين بسبب انتشار السلاح.من جهتها تعتقد الخبيرة الألمانية، إيزابيل شيفر، كبيرة الباحثين في العلاقات الدولية و الدراسات المتوسطية بجامعة هومبولدت في برلين أن مشكلة انعدام الأمن في ليبيا تشكل خطرا كبيرا، وتعززها الصراعات الداخلية ووجود مجموعات إسلامية متطرفة و إرهابية، و يحتمل أن تظل مشكلة الأمن مطروحة على المدى البعيد و أن تستمر الأطراف المتنازعة في التشويش على المسار الانتقالي لليبيا. و لكن شيفر تستبعد رغم ذلك أن يتحول الأمر إلى حرب أهلية، كما يحدث في سوريا منذ شهور. و تبدو آمال بعض الليبيين معلقة على دستور ليبيا الذي تم استدعاء فقهاء الدستور و القانون من عدة دول ليشرفوا على عملية صياغته، بينما تعتبر فئة أخرى من الليبيين أن مشاكل بلادهم أعمق و أكبر من أن يتم حلها بواسطة صياغة دستور للبلد، خاصة في ظل غياب ثقافة المؤسسات و سلطة الدولة. و يقول بن يونس الخبير التونسي في هذا الصدد، "صياغة الدستور سهلة جدا، خاصة أن القائمين على هذا الأمر شرعوا في تهيئة أرضية لإعداد دستور للبلاد، ولكن ما ينقص في الواقع هو الإرادة السياسية لصناع القرار ورؤساء القبائل. و لا ننسى أن ثلث الليبيين يعيشون حاليا خارج البلاد.. ويشكل ذلك تحديات أهم من خطوة صياغة الدستور". بيد أن الخبيرة الألمانية شيفر تعتبر أن صدور الدستور سيكون خطوة كبيرة و مهمة و أساسية بالنسبة لمستقبل البلد بعد انتخابات العام الماضي، كما أن إصدار الدستور سيكون اللبنة الأولى لتأسيس دولة القانون و سيساهم في خلق مؤسسات و ظروف تتمكن من خلالها الأطراف المتنازعة من إيجاد إطار سلمي لحل الصراعات بينها. لكن إصدار الدستور لا يبدو مهمة سهلة، فالحكومة الليبية الحالية برئاسة، علي زيدان، تواجه مطالب باستقالتها و اتهامات بأنها لم تقدم حتى الآن أية حلول للمشاكل التي تمر بها ليبيا، كما أن المجلس الوطني الليبي توقف عن العمل منذ أكثر من 45 يوما بسبب اعتصام الثوار الجرحى داخل مقره، مما أعاق مناقشة قضايا أساسية من بينها الدستور.لكن شيفر، الخبيرة الألمانية تعتبر أن بناء نظام سياسي ديمقراطي و تعددي هو مسلسل طويل و معقد يعتمد على التقاء عدة عوامل و شروط، منها فصل السلطات و إقامة دولة القانون و التوزيع العادل للثروات، و محاربة العنف و تعزيز دور المجتمع المدني... و يعتبر كمال بن يونس أن الأطماع الخارجية واحد من الأخطار التي تحدق بليبيا الجديدة. و يقول في هذا السياق" المصالح الخارجية، الإقليمية العربية و الدولية في ليبيا يساهم في تفاقم الأوضاع داخلها، هناك أطماع في نفط ليبيا و غازها، كما أن هناك مصالح متناقضة بين من ساهموا في الإطاحة بالنظام السابق، بالإضافة إلى من يسعون للتدخل في ليبيا بعد الثورة، و كل هذا يؤجل المصالحة الوطنية و استمرار المسار الانتقالي". و في رده على سؤال حول ما إذا كان أي تدخل خارجي حالي قد يخرج البلاد من فوضى الصراعات الداخلية، يقول بن يونس" ليبيا غنية و لا تحتاج لدعم دولي، الأمم المتحدة قد تقدم مساعدات على شكل خبرات و مساعي لإقناع الأطراف المتنازعة بأن طرفا واحدا لا يمكنه أن ينفرد بالحكم لوحده" و يضيف الخبير التونسي أن الأولويات الآن هي تحقيق توافق سياسي ومصالحة وطنية شاملة تطوي صفحة الماضي نهائيا ، بالإضافة إلى محاكمة المتورطين في الفساد و القمع. ومن جهتها تعتقد الخبيرة الألمانية شيفر أن أوربا يمكنها أن تساهم في نزع السلاح، وتضيف قائلة " من المؤكد أن مساهمة أوربا في نشر السلاح لن يساعد ليبيا بل سيزيد الأمور تعقيدا. أوربا يمكنها تقديم المساعدة فيما يتعلق ببناء المؤسسات مثلا، وبما أن بعض الدول الأوروبية تدخلت عسكريا في ليبيا سنة 2011 فهي تتحمل أيضا مسؤولية إعادة أعمار ليبيا".

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

الشرع يغادر إلى البرازيل للمشاركة في قمة المناخ كوب…
الأمير محمد بن سلمان يستقبل ملك ماليزيا في الديوان…
الرياض تستضيف المؤتمر الدولي للتأهب والاستجابة للطوارئ النووية والإشعاعية
مصر تعلن السلام خيارها الاستراتيجي مع الحفاظ على قوة…
نبيه بري يؤكد التزام حزب الله باتفاق وقف إطلاق…

اخر الاخبار

ماركو روبيو يدعو لتحرك دولي لوقف إمدادات السلاح إلى…
الأمم المتحدة تحذر من خطر المجاعة في 12 منطقة…
تقرير يكشف أن تغيير اسم الوزارة إلى وزارة الحرب…
الرئيس المصري يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد

فن وموسيقى

يسرا تتسلّم وسام الشرف الفرنسي تقديراً لمسيرتها الفنية الطويلة
كريم محمود عبد العزيز يعلن انفصاله رسميا مؤكدا الطلاق…
منى زكي تكشف أسباب ابتعادها عن الوسط الفني ودخولها…
ملحم زين يكشف كواليس تفكيره في الاعتزال ويدافع عن…

أخبار النجوم

الفنانة زينة تعلّق على صعوبات مسلسلها "ورد وشوكولاتة"
كريم عبد العزيز يوجّه رسالة مؤثرة لوالده المخرج محمد…
دفاع عمرو دياب يطعن بالنقض على حكم الشاب المصفوع
قرار قضائي لصالح أحمد عز في نفقة توأم زينة

رياضة

مبابي يتعهد بتكريم ضحايا هجمات باريس خلال مواجهة أوكرانيا
رونالدو يوضح مقصده من كلمة "قريباً" حول نهاية مسيرته
إصابة المغربي أشرف حكيمي تتحول إلى مكسب تجاري ضخم…
ميسي يقود إنتر ميامي لاكتساح ناشفيل والتأهل إلى نصف…

صحة وتغذية

الصحة العالمية تحذر من وفاة أكثر من مليون شخص…
دراسة تكشف فحصًا جديدًا أدق لتشخيص أمراض الكلى
آلية دفاعية جديدة تمنح البكتيريا مقاومة متقدمة لمضادات الحيوية
تناول القهوة يومياً قد يخفض خطر الإصابة بالرجفان الأذيني…

الأخبار الأكثر قراءة

وزير الخارجية المصري يشدد على مركزية القضية الفلسطينية ورفض…
العراق يطلق رسمياً الحملات الدعائية للانتخابات العامة
مسؤولون اميركيون يؤكدون دراسة ارسال صواريخ توماهوك الى اوكرانيا
المرصد السوري يكشف تعرض الأسد للتسميم خلال زيارته لموسكو
الحوثيون يستهدفون سفينة في خليج عدن بصاروخ مجنح