كلميم - صباح الفيلالي
يعيش مستشفى الحسن الثاني في طانطان وضعية كارثية مزرية نتيجة ضعف ورداءة الخدمات الصحية المقدمة على أكثر من صعيد والتي تتمثل في قلة التجهيزات والمعدات الطبية والموارد البشرية، فحتى قسم الولادة الذي يعد من الأقسام الحيوية، نجده يعرف وضعا مأساويا لغياب اختصاصي في التوليد والمعدات الطبية الكافية، الشيء الذي يجبر النساء اللواتي يأتين للاستفادة من خدماته وهن على وشك الولادة ونتيجة هذا الغياب يلجأن للاتجاه مضطرات صوب المستشفى الموجود في كلميم علما بأن هذا الأخير ليس بأفضل حال، فيرفض استقبالهن، فلا يبقى أمامهن إلا الانتقال إلى أغادير الذي يبقى الوجهة الوحيدة مع ما يصاحب ذلك من مخاطر على صحة الأم والجنين خصوصا أن الأم الحامل تكون في حالة صحية حرجة وغالبا ما يكون مصرهما الموت، زيادة على ثقل المصاريف المادية التي يفرضها عليهم هذا الوضع الطارئ دونما اهتمام بالحالة الاجتماعية لهم، حيث أن غالبيتهم ينحدرون من أوساط فقيرة وبالتالي فنسبة معينة فقط هي التي تستطيع تدبير هذه المصاريف. وأمام هذه الوضعية الكارثية أكد مجموعة من المواطنين للمغرب اليوم على أن هذا الوضع لم يعد مقبولا بالمرة وبأنه سيخرج عن السيطرة ولا يمكن احتوائه وقد يؤدي إلى احتقان اجتماعي، إذ ما ظلت الأوضاع الصحية على ما هي عليه محملين وزارة الصحة مسؤولية وعواقب وتبعات ذلك إذ ما ظلت تتجاهل معانات الساكنة بهذه الطريقة المهينة. وكان أعضاء مجلس جهة كلميم السمارة أخيرا قد وجهوا ملتمسا على هامش الدورة العادية لشهر أيلول/سبتمبر لمعالجة ضعف الخدمات الصحية المقدمة من مستشفى الحسن الثاني في طانطان وطالبوا بإغلاقه ما دامت خدماته ضعيفة ولا ترضي أحداً علما بأن العديد من الملتمسات وجهوها محليا وإقليميا وحتى في قبة البرلمان لكنهم لم يلمسوا أي تغيير على أرض الواقع وذلك منذ ما يناهز 12 عاما من الاحتجاج والشكوى. ويؤاخذ أعضاء مجلس حهة كلميم السمارة، وزير الصحة عدم زيارته لكلميم السمارة رغم أهميتها ومعرفته التامة بالمشاكل والاختلالات التي يعيشها قطاع الصحة بهذه الجهة والوعود التي طالما أعطاها من أجل زيارتها للاطلاع على هذه الأوضاع عن قرب إلا أنه لم يفي بوعوده وقام بزيارة جنوبية أخرى واستثنى هذه الجهة. وحسب مدير قطاع الصحة في كلميم السمارة والمندوب الإقليمي في طانطان فإن قطاع الصحة في أقاليم الجهة كارثي خصوصا مستشفى كلميم وقد يكون الحال في ما يتعلق بالمستشفى الإقليمي في طانطان أفضل وقد تتم تحويله إلى مدينة كلميم ومع ذلك فالجهة ككل لا يمكن اعتبارها تمتلك مستشفى ذات جودة عالية وفي المستوى حيث أن مشكلة الموارد البشرية مطروحة وبحدة حيث لا يعقل أن يعمل طبيب واحد لمدة 24 ساعة متواصلة. أعضاء جهة كلميم السمارة وخصوصا من مدينة طانطان من بينهم المستشار البرلماني المهدي زرقو اعتبر أن الملتمسات لا تجدي نفعا ولا تحل المشاكل المطروحة وألح على ضرورة التفكير في آلية جديدة، ورغم الجهود المبذولة من الفاعلين في الجهة إلا أنه ليس هناك أي رد فعل من طرف الوزارة التي من المفروض أن تتحمل مسؤولياتها. هذا التذمر عبر عنه كذلك أعضاء المجلس عن مدينة طاطا حيث لا يوجد في هذه المدينة التي تعد أكبر المدن من حيث شساعة المساحة فقط 7 أطباء من أصل 30 طبيبا غادروا المستشفى الإقليمي بها مما شكل مشكلة حادة ودفع بالمواطنين إلى الخروج للشارع للتظاهر والاحتجاج حيث حرموا من أبسط العلاجات فما بالك بمعالجة الأمراض المزمنة وما شابه كما أن أغلب المستوصفات رغم اكتمال الأعمال بها فهي مغلقة خصوصا بالمجال القروي بالإضافة إلى بعد المسافة بين المستشفى والجماعات مما يزيد من تفاقم الوضع الصحي في إقليم طاطا ناهيك عن النقص الحاد في سيارات الإسعاف وحتى الموجودة منها تحتاج إلى صيانة ودعا بعض المهتمين بالقطاع إلى ضرورة التفكير في العودة إلى تجربة تعاقد الدولة مع كوادر خارجية كتجربة التعاقد مع الأطباء الصينيين والتي أدت هذه التجربة إلى نتائج ناجحة مع ضرورة تعميم القافلة الطبية وتوسيع أنشطتها لتغطي أرض المدينة. يشار إلى أن جهة كلميم السمارة تعرف عجزا كبيرا في البنيات والتجهيزات الصحية ولا تتوفر إلا على مستشفى واحد وضعه يفوق الكارثي الشيء الذي حتّم على سكان هذه المناطق التنقل إلى المدن التي تتوفر على بنيات وتجهيات صحية جد ملائمة كأغادر ومراكش والدار البيضاء والرباط. كما أن التباين الواضح يما يخص ميدان التجهيزات الصحية في المنطقة يتفاقم من إقليم إلى آخر ومن جماعة إلى آخرى نتيجة تشتت الساكنة وضعف الشبكة الطرقية وابتعاد التجهيزات الصحية من المدن عن العالم القروي يجعلها تبقى عائقا وحائلا في ميدان التأطير الصحي لهذه المناطق المعزولة ليصبح التأطير الطبي ضعيفا وضعيفا جدا مقارنة مع المعدل الوطني.