الرئيسية » ناس في الأخبار

الرباط ـ وكالات

تعد الميزانية المخصصة لوزارة الثقافة جد ضعيفة، هل بمقدور هذه الميزانية أن تنهض بالوضع الثقافي المغربي؟ لا اعتقد ذلك، بإمكانها أن تحقق نتائج محدودة بترشيدها، لكنها مقارنة بحجم الانتظارات وبالمكانة التي احتلتها الثقافة والفنون في الدستور الجديد وبمكانة الثقافة في برامج الأحزاب السياسية المشكلة للحكومة هي في العمق تراجع واستمرار لرؤية جزء كبير من الطبقة السياسية للثقافة كمنتوج ترف زائد عن اللزوم بسبب شيوع منطق ربط التنمية البشرية بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية فقط، وهي مقاربة خاطئة حتى من وجهة النظر الاقتصادية حين تربط الفاعلية الاقتصادية بالمردودية المباشرة، في حين أن قوة الثقافة تكمن في مردوديتها غير المباشرة. يجب أن نفهم أن ما يربحه المغرب مع بعض العلامات الثقافية البارزة، كالكاتب الكبير الراحل محمد شكري، وكموسم أصيلا الثقافي، على سبيل المثال فقط، أكبر وأهم بكثير مما يتم إنفاقه على الحملات الدعائية التي يمكن أن تقوم بها وزارة السياحة للتعريف بالمغرب وبمدينة طنجة أو أصيلا مثلا. في الوقت الحاضر من يملك الثقافة والعلم والإبداع يسيطر على العالم؛ لأنها كلها مجالات تنتج الفكر والقيم والإبداع والابتكار الذي هو أساس أي منتوج مادي قابل للتعامل الاقتصادي من منظور المردودية المباشرة. كل هذا يقود إلى أنه سواء من حيث حجم الانتظارات أو من حيث المردودية يبقى الملف الثقافي خاضعا لنفس المنطق القديم، بل ومقارنة مع مقتضيات الدستور الجديد  يشكل ضعف الميزانية المرصودة للشأن الثقافي تراجعا من حيث تنزيل مقتضايته فيما يخص الجانب المتعلق بالحق في دعم التنمية الثقافية.  ماذا تقترحون لتدارك العجز الذي تعاني منه وزارة الثقافة على مستوى الميزانية؟  أولا تصحيح صورة سادت عن وزارة الثقافة منذ حكومة التناوب إلى الآن، وهي كونها المسؤول الأول عن تدبير الثقافة بالمغرب، وهذا غير ممكن حتى ولو توفرت لها إمكانيات أكبر فما بالك بهذا المبلغ الهزيل، وهي مع هذه الصورة أصبحت الملاذ الوحيد لدعم الثقافة، مع تراجع دور قطاعات أخرى عن أداء دورها في دعم الجزء الذي يعنيها من الثقافة. ولذلك فأهم إجراء من الناحية التدبيرية هو حصر صرف ماليتها في مجال الثقافة الاحترافية وهو إجراء مقترن بقيام مجهود كبير على المستوى التشريعي الذي ينبغي أن يصب في اتجاه تكامل كل المتدخلين في القطاع وفي اتجاه تنويع مصادر التمويل، انطلاقا من تقنين الصناعة الثقافية والإبداعية بالمغرب. وهو إجراء صحيح ليس فقط في محدودية الميزانية، بل وحتى في حالة رفعها، لأن دور وزارة الثقافة يجب أن يكون تشريعيا بالدرجة الأولى فيما يخص كل مداخل الثقافة، وتمويلي بالدرجة الثانية في حدود الثقافة الاحترافية، التشريعي يهم القوانين المؤطرة للعمل الثقافي بمختلف تجلياته وهو يقود إلى أن تنفيذ أية سياسة حكومية في مجال الثقافة يبقى رهينا بتنوع المتدخلين المحتاجين إلى الخدمات الثقافية لتنفيد برامجهم، أما المجهود التمويلي بالنسبة للوزارة فهو شيء آخر مرتبط بدعم جزء من المنتوج الثقافي المحترف، وهذا في حد ذاته مجهود كبير ويحتاج إلى اعتمادات مالية مهمة. وهو إجراء يتماشى مع روح ومنطوق الدستور الذي لم يدرج الثقافة في سياق وحيد. وفي حالة العكس ستصبح وزارة الثقافة أهم عائق في وجه تقدم الثقافة المغربية، لأنها أمام التزايد المستمر للحاجيات الثقافية ستلعب دور المسكن والمهدن، في الوقت الذي تتقاعس فيه جهات أخرى عن أداء دورها. ثانيا يتعين إعادة توزيع الميزانية بما يفيد تقوية الاستثمار في المنتوج الثقافي الاحترافي حسب حجم الحاجيات وتخفيض نفقات التسيير؛ ثالثا، ينبغي النظر في إمكانية إعمال مبدأ العدالة الضريبية في مجال هش يحتاج إلى تخفيضات أو تحفيزات ضريبية... ومع ذلك كل هذه الاقتراحات لا تنفي أن الحل الحقيقي للمعضلة الثقافية هو الزيادة في حجم الاعتماد المالي المرصود للوزارة حتى يتسنى تطبيق البرنامج الطموح الذي عرضه السيد الوزير يوم الإثنين الماضي في لقاء صحافي.. وحتى في مجال الثقافة الاحترافية، كيف لوزارة الثقافة أن تبني وتجهز وتسير مركبات ومراكز ثقافية ومعاهد موسيقية ومسارح وحصتها في قانون المالية الجديد لا تتجاوز عشرين منصب شغل، والحال أنها تتوفر على مؤسسات للتكوين تعطي سنويا أفواجا من الخرجين الشباب الذين يتعين أن يجدوا طريقهم لسوق الشغل أساسا في مؤسسات وزارة الثقافة.. كيف يمكن للوزارة الوصية تطوير الفنون الاحترافية والخدمات الثقافية المختلفة وطنيا وجهويا وتنشيط الديبلوماسية الثقافية وتعزيز البنيات التحتية وغير ذلك بميزانية هزيلة!!!  اقترحت وزارة الثقافة مجموعة من المشاريع الطموحة، هل أنتم متفائلون بخصوص إمكانية تحقق هذه المشاريع؟  ما قدمته وزارة الثقافة من مشاريع يشكل ملامح سياسة ثقافية جديدة وطموحة ودقيقة في توجهاتها العامة ومطابقة لروح الدستور ومنطوقه وقابلة للتحقيق، لكن الأفكار تحتاج إلى تزيل وإلى اعتمادات مالية معقولة وهو ما ينبغي على الحكومة تداركه، وهو ما يفرض على الفاعلين الثقافيين أيضا فتح واجهة نضالية جديدة عنوانها: لا إصلاحات في مجال الثقافة في غياب التزام حقيقي بمضامين الدستور من قبل الحكومة.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

وزيرة الاقتصاد والمالية المغربية تترأس تنصيب عامل إقليم الجديدة
إيفانكا ترامب تحتفل بعيد ميلادها المتأخر في نيويورك وسط…
بريطانيا تحيي يوم الهدنة والملك تشارلز يضع إكليل الزهور…
الأمير هاري يعتذر لكندا بعد ارتداء قبعة «دودجرز»
جمهورية أنغولا تكرم الملك الحسن الثاني تقديرا لدعمه في…

اخر الاخبار

وزير الخارجية السوري يؤكد أن حكومته تسعى لتفادي التصعيد…
حزب التقدم والاشتراكية يعارض مشروع قانون المالية 2026 ويبرز…
الملك محمد السادس يهنئ خالد العناني بانتخابه أول عربي…
المملكة المغربية تشارك في أشغال الدورة الحادية والأربعين لمجلس…

فن وموسيقى

نانسي عجرم تكشف أسرار نجاحها والصعوبات التي واجهتها في…
يسرا تتسلّم وسام الشرف الفرنسي تقديراً لمسيرتها الفنية الطويلة
كريم محمود عبد العزيز يعلن انفصاله رسميا مؤكدا الطلاق…
منى زكي تكشف أسباب ابتعادها عن الوسط الفني ودخولها…

أخبار النجوم

شريهان تشكر المخرج محمد عبد العزيز وتهنّئه بتكريمه في…
ناهد السباعي تُعبر عن سعادتها بمشاركة فيلمها "بنات الباشا"…
شيرين عبد الوهاب تتقدم ببلاغ رسمي ضد شقيقها وتطلب…
خالد النبوي يتألق في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي ويهدي…

رياضة

ميسي وسالم الدوسرى يتفوقان على نجوم العالم فى الأداء…
مبابي يتعهد بتكريم ضحايا هجمات باريس خلال مواجهة أوكرانيا
رونالدو يوضح مقصده من كلمة "قريباً" حول نهاية مسيرته
إصابة المغربي أشرف حكيمي تتحول إلى مكسب تجاري ضخم…

صحة وتغذية

دراسة تكشف أن الشاي الأخضر والجوز يساهمان في إبطاء…
الصحة العالمية تحذر من وفاة أكثر من مليون شخص…
دراسة تكشف فحصًا جديدًا أدق لتشخيص أمراض الكلى
آلية دفاعية جديدة تمنح البكتيريا مقاومة متقدمة لمضادات الحيوية

الأخبار الأكثر قراءة

الرئيس السوري أحمد الشرع يصدر مرسوماً جديداً لتنظيم العطلات…
عبد اللطيف حموشي يمنح ترقية إستثنائية لشرطيين تقديراً لتضحياتهما…
ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس افتتاح الدورة ال…
ماكرون وزوجته يستعدان لتقديم أدلة لمحكمة أمريكية تؤكد أن…
أنباء عن انفصال الملك تشارلز والملكة كاميلا وتساؤلات حول…