الرئيسية » التحقيقات السياحية
بروكسل قلب أوروبا

لندن - المغرب اليوم

إذا كانت بروكسل قلب أوروبا السياسي والإداري، فهي قلبها الطبيعي والتاريخي... وهي «المنسيّة»، والمجهولة غالباً، رغم ما تتمتّع به من مزايا ومفاتن. إنها دوقيّة لوكسمبورغ الصغيرة، لؤلؤة القارة الأوروبية التي ينصهر فيها التاريخ بالحداثة والأناقة الهادئة، والتي يتعرّج بين ثناياها الخضراء ومعمارها العريق نهرٌ عميق ومغناج تلمع مياهه بخفر عند سفح أسوار الحصن القديم الذي يزنّر المدينة منذ مطالع القرن الثاني عشر.

الخضرة هنا سيّدة المكان، والأحياء هي أقرب إلى الغابات الكثيفة. مدينة تبدو كأنها طالعة لتوّها من القرون الوسطى، أو كمشهد سينمائي خارج الزمان والمكان. لكن هذه المدينة التي لا يزيد عدد سكانها عن المائة ألف، في الدوقيّة التي تعدّ 600 ألف نسمة، والتي تقاطعت فيها الطرقات الرومانية القديمة ومرّت عليها قوافل التجّار والفنّانين وأرتال الجنود في طريقها من إيطاليا إلى هولندا إبّان عصر النهضة، تضجّ اليوم شوارعها بواجهات أفخم العلامات التجارية وأكثر المخازن أناقة في العالم.

والتاريخ هنا ليس من الماضي فحسب، فهذه الدولة الصغيرة كانت من الدول المؤسسة للمجموعة الأوروبية في عام 1952، وفي هذه المدينة، الأصغر من أحياء الحواضر الكبرى، تتخذّ مقرّاً لها مؤسسات أوروبية عديدة مثل الأمانة العامة للبرلمان الأوروبي وديوان المحاسبة الأوروبي ومحكمة العدل الأوروبية.

اقرا ايضًا:

أفضل عشر مُدن عليك زيارتها في القارة الأوروبية

بداية جولتنا في هذه المدينة من «ميدان الدستور» الذي يتوسّطه نصب تذكاري لشهداء كل الحروب، ويطلّ على منخفض «بتروس» الجميل المترامي حتى أسوار الحصن. منه نتّجه نحو الكاتدرائية القوطيّة الطراز التي يحجب تقشّفها من الخارج الروائع الفنيّة التي تزخر بها من الداخل، والتي تطلّ، من ناحية اليمين، على «ميدان السلاح» الجميل، ومن ناحية الشمال، على ميدان «غيليوم» الذي تنطلق منه الزيارات السياحيّة التي ينظّمها مكتب السياحة بلغات عدّة وتقام فيه كل أربعاء وسبت سوقٌ شعبية للمأكولات والخضراوات والفواكه والزهور. ومن هذه الميدان المدخل إلى شارع الملكة الأنيق الذي يؤدي إلى القصر الدوقي المبني على طراز عصر النهضة، والذي تنظَّم جولات سياحية لزيارته كل أيام الأسبوع.

في عام 2004 قررت منظمة اليونيسكو وضع القصر الدوقي والحي المرتفع المحيط به، مع منظومة الأسوار والحصون الدفاعية القديمة، على قائمة التراث العالمي. ويقوم وراءه المتحف الوطني للتاريخ والفنون الذي يضمّ مجموعات نادرة من الحقبتين الرومانية والبيزنطية. وعلى مقربة منه متحف المدينة الذي يبهر بمبناه العصري والمصعد الزجاجي الضخم الذي يخترق كل طوابقه من الداخل ويشرف على كل الحقب التي مرّت بها المدينة منذ عصر ما قبل التاريخ حتى أيامنا هذه. ونظراً لطبيعة تكوين المدينة غير المتناسقة، توجد فيها مصاعد عدّة لتسهيل التنقّل بين أحيائها، وقد قرّرت البلدية مؤخراً أن تكون جميع المواصلات العامة، بما فيها المصاعد، مجّانية اعتباراً من مطلع السنة المقبلة.

محطة أخرى لازمة في جولتنا هي «الكورنيش» الذي يعتبره كثيرون «أجمل شرفة في أوروبا» لما تطل عليه من مناظر طبيعية خلّابة من قلب المدينة، ويؤدي في نهايته إلى «جزيرة المأكولات»، وهي عبارة عن سلسلة من المطاعم المتنوّعة التي تعكس التمازج العرقي في هذه المدينة التي يتعايش فيها مواطنون ينتمون إلى 160 جنسيّة مختلفة. وتنظّم فيها أيضاً حفلات موسيقية مجانيّة ساعة الظهر من أيام الجمعة.

تحت «الكورنيش»، وعلى حافة النهر، دير الرهبان البنديكتيين القديم الذي يعود إلى القرن الثالث عشر، والذي أصبح، بعد ترميمه مؤخراً، مركزاً ثقافيّاً تنشط فيه أيضاً جمعيّات المهاجرين ويفتح قاعاته للفنّانين والمبدعين منهم يعرضون أعمالهم. على بعد أمتار من المركز يقوم متحف التاريخ الطبيعي الذي يشرف على العناية بالبساتين الصغيرة المنتشرة على هذه الضفة من النهر.

وننتقل الآن إلى «كلاوسين» و«بفافنتال»، وهما من الأحياء الراقية المشاطئة للنهر، لنعبر منها، بعد نزهة هادئة بين منازلها العريقة، إلى حي «كيرشبيرغ» الذي تقوم في وسطه «ساحة أوروبا» الجميلة التي ترتفع على جوانبها مجموعة من المباني الحديثة التي تتنافس في تصاميمها الرائدة نخبة من كبار المهندسين المعماريين في العالم، ويبرز بينها مبنى متحف الفن الحديث للصيني «باي» الذي صمم أهرامات متحف اللوفر في العاصمة الفرنسية.

وحول ساحة أوروبا تقوم أيضاً مجموعة من مباني المؤسسات الأوروبية، ولا ننسى أن نزور بالقرب منها المنزل الذي وُلد فيه روبرت شومان، مؤسس أوروبا الموحّدة، الذي تحمل اسمه ساحات أخرى في العديد من العواصم والمدن الأوروبية. وقبالة منزله يرتفع مبنى حديث لافت بتصميمه الطليعي ولونه الأبيض، هو مبنى الكونسرفتوار الذي يستضيف كبريات الفرق الموسيقية العالمية، بينما يستضيف «مسرح المدينة الكبير» فرق الباليه والرقص في المبنى الكلاسيكي الذي يرتفع جانب القصر الدوقي.

حياة الصخب الليلية تدور في «ميدان المسرح»، وتكثر فيها المقاهي والمطاعم الفاخرة، وتتحوّل في فصل الصيف إلى «شاطئ لوكسمبورغ» عندما تُفرَش بالرمل والمراجيح. وعند طرف هذا الميدان تنتشر مطاعم من كل الأعراق والجنسيّات، تذكّر بأن قلب أوروبا هو أيضاً قلب العالم.

قد يهمك ايضًا:

 استمتع بالمناظر الخلابة من أجمل المناطق السياحية في براغ

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

تطوّرات الحرب تسرّع وتيرة مغادرة السياح من لبنان
توتر الأجواء وتصاعد المواجهة بين إيران وإسرائيل يشل حركة…
وجهات صيفية لا تُفوّت لعشاق البحر والمغامرة في سيشل
السياحة الداخلية في مدينة أغادير تدفع ثمن فوضى الايجارات
الجزائريون يشتكون من غلاء السياحة الداخلية مقارنة بعروض تونس…

اخر الاخبار

بايتاس يُطلق برنامج حكومي جديد لتأهيل جمعيات المجتمع المدني…
مجلس النواب المغربي يعقد جلسة عمومية موجهة إلى رئيس…
وزارة الخارجية المغربية تُعين 22 قنصلاً عاماً جديداً
الإكوادور تعزز علاقتها مع المغرب بافتتاح سفارتها في الرباط

فن وموسيقى

أحمد السقا يؤكد أنه بلا منافس في السينما ويكشف…
ماجدة الرومي تُعبر عن مشاعر محبة وامتنان عميقة تجاه…
صابر الرباعي يؤكد أن مهرجان موازين في المغرب نموذج…
نيللي كريم تكشف تفاصيل إصابتها بالسرطان في وجهها وتحكي…

أخبار النجوم

مي كساب تُثير الجدل بتصريحاتها عن الرجال وتكشف كواليس…
لطيفة تؤكد أن ألبومها الجديد يُمثل نقلة نوعية في…
أصالة تكشف كواليس ألبومها الجديد "ضريبة البُعد"
كريم عبد العزيز يخوض أولى تجاربه في الدراما الصعيدية…

رياضة

ياسين بونو وحكيمي يدخلان التشكيلة المثالية لثمن نهائي مونديال…
غوارديولا يُعرب عن حزنه بعد خروج مانشستر سيتي أمام…
المغربي أشرف حكيمي يقود باريس سان جرمان لربع نهائي…
الأردن يرفض مواجهة إسرائيل في مونديال السلة وعقوبات محتملة…

صحة وتغذية

بارقة أمل للنساء علاج واعد لأكثر أنواع سرطان الثدي…
شركة مايكروسوفت تعلن عن تقدم غير مسبوق في الذكاء…
دراسة تحذر السيجارة الإلكترونية تؤثر على جينات الفم
6 مشروبات تنظف الأمعاء عند تناولها على معدة فارغة

الأخبار الأكثر قراءة

البيت الأبيض يتفاوض مع قطر للحصول على طائرة جامبو…
الأردن ينجح في إجلاء 1800 سائح من البتراء بعد…
العلا على خريطة السياحة العالمية إرث تاريخي يتألّق برؤية…