الرئيسية » التحقيقات السياحية

الرباط - المغرب اليوم

تقع مدينة بويزكارن على بعد 40 كيلومترا عن مدينة كلميم بالنفوذ الترابي لجهة كلميم وادنون، كواحدة من بين أقدم الجماعات بالمنطقة وأكثرها كثافة سكانية في مقابل كونها ضمن التجمعات الأقل تنمية مقارنة مع جماعات عديدة محيطة بها.

وعلى الرغم من التموقع المهم لبويزكارن على الطريق الوطنية رقم 1 الرابطة بين شمال المغرب وجنوبه وتمركزها الإستراتيجي على بعد كيلومترات قليلة عن بوابة الصحراء المغربية، فإن هذين المؤشرين لا ينعكسان إيجابا على وضعها التنموي الذي عانى ولا يزال على كافة المستويات.

هسبريس زارت بويزكارن، والتقت العديد من المواطنين الذين عبروا في تصريحات متطابقة للجريدة عن عدم رضاهم على الجمود التنموي الذي تعرفه المنطقة لسنوات دون أن تعرف أي تطور ملحوظ على جميع الأصعدة، كما ناشدوا في الوقت ذاته الجهات الحكومية على الصعيد المركزي قصد التدخل وتمكين بويزكارن من جو تنموي واقتصادي واجتماعي يمكنها من لعب دورها الطلائعي الذي تبوأته عبر حقب تاريخية متفرقة.

 

توقف عجلة التنمية ببويزكارن وصفه محمد، وهو رجل في عقده السادس من أبناء المنطقة، بقول ساخر: “لبويزكارن ثلاثة مداخل؛ الأول من جهة كلميم ويوجد به سجن، والثاني من جانب أكادير ويتموقع فيه مستشفى بدون روح، والثالث يؤدي إلى تيمولاي ويضم مقبرة.. إذا أي تنمية هاته تسألون عنها في منطقة توجد بين ثالوث السجن والمرض والموت؟”، وفق تعبيره.

من جهته، قال الفاعل المدني نور الدين الكامل في تعليق له على الوضع التنموي بهذه المنطقة: “حين الحديث عن هذا الموضوع سيظهر على السطح مصطلح مواز هو الرؤية التنموية، وهي الغائبة تماما في تصورات وتوقعات المجلس المسير للمدينة؛ على اعتبار أنه المسؤول عن ذلك. كما يغيب عن مقرراتها التي كان من المفروض أن تراعي الحاجيات التي تفرضها الوضعية الراهنة للمدينة على جميع المستويات، اقتصادية واجتماعية وتربوية وغيرها”.

وأضاف نور الدين الكامل: “إن الإكراهات التي تعرفها المنطقة لا يمكننا التفريق بين قطاع معين عن باقي القطاعات، لأنها جميعا تعاني وليس في صمت بل تظهر النتائج السلبية يوما بعد يوم. وعلى سبيل المثال لا الحصر، بعد أن تم تدشين مستشفى محلي بالمدينة في إطار زيارة ملكية منذ سنة 2007 ولم ير النور إلا سنة 2014 ليولد معاقا، حيث لم يفتح بجميع الاختصاصات المشار إليها بالتصاميم، ثم أصبح فيما بعد شبه مهجور بعد أن تم ترحيل الكفاءات الطبية إلى أن أصبح المرتفقون يطالبون بالحفاظ على الحد الأدنى المتمثل في مصلحة المستعجلات”، يورد الفاعل المدني ذاته في تصريح لهسبريس.

 

وسجل المتحدث ذاته أن الموقع الإستراتيجي للمدينة استفادت منه مدن أخرى، خاصة كلميم، فيما يخص ارتباطنا بالصحراء جنوبا، وكان هذا الارتباط بين المدخل الشمالي للمدينة والمخرج نحو كلميم لا يقدم شيئا بجماعة بويزكارن لسبب وحيد هو ضعف الترافع الجماعي عن المدينة واقتصار الرؤية على المدى القريب جدا؛ وهو ما ينبع من المستوى العلمي والمعرفي لممثلي الساكنة ولضعف المجتمع المدني من جمعيات وهيئات محلية.

وأوضح الكامل أن مسببات كثيرة هي التي تجعل مدينة بويزكارن في ركود تام بل تسير نحو الحضيض؛ أهمها ضعف التمثيلية السياسية واقتصارها على المواسم الانتخابية، وجمود العقليات المنتخبة التي تعتبر انتخابها في المجلس تولية لأمور الساكنة عوض أن تكون تمثيلية تفرض المقاربة التشاركية في التوجهات الكبرى لتنمية المدينة، ومن جهة أخرى ضعف الهيئات المدنية والجمعوية التي تسير أغلبها في مسار الاسترزاقية والوصولية الضيقة دون أدنى أفكار مستقبلية قد تفيد المدينة على المديين المتوسط والبعيد، ناهيك عن استحواذ منتخبين ومقربين على أقوى الجمعيات وتحويلها إلى جمعيات “عائلية” يراد بها تنمية المداخيل الشخصية فقط.

“أرى أنه لتغيير المدينة يجب تغيير الكثير من غير الملموس المرتبط بالأخلاق والعقليات والمبادئ، ثم آنذاك يمكن تغيير البنية التحتية وما إلى ذلك وبسهولة؛ لأن آليات الاشتغال، من غيرة ومصداقية وشفافية وتطوع، ستكون كلها متوفرة وداعمة للمشاريع المقدمة”، يختم نور الدين الكامل تصريحه لجريدة هسبريس.

 

من جانبه، قال بوبكر أنغير، وهو واحد من أبناء بويزكارن، إن “هذه المنطقة لها عمق تاريخي وحضاري مهم لعبته في الماضي من حيث العدد الهائل من الأطر التي أنجبتها في كافة القطاعات، إذ يكفي أن نعرف مثلا بأنها تزخر بكفاءات علمية وطاقات رياضية شرفت بلادنا في المحافل الوطنية والدولية… كلنا يعرف اللاعب حجي مصطفى ابن إفران الأطلس الصغير، ومن منا لا يتذكر الحارس بنزكري ابن مدينة بويزكارن وأوشلا وغيرهم، وعلينا أن نعرف مثلا أن الوالي العظمي ورئيس مجلس المستشارين السابق بيد الله محمد الشيخ وآخرين كلهم من خريجي المنطقة”.

وأوضح عضو اللجنة الإقليمية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإقليم كلميم أن “ظروفا تاريخية معينة وصراعات بين أبناء المنطقة، فضلا عن صعوبات عقارية متوارثة وغياب مدافعين ملتزمين بالدفاع عن المدينة، جميعها أسباب وراء تهميش بويزكارن وإقصائها لفترة طويلة وترحيل عدد من المشاريع الكبرى اتجاه مدينة كلميم؛ آخرها المستشفى العسكري الخامس الذي كان يقدم خدمات ممتازة للساكنة وفي رمشة عين تم ترحيله نحو كلميم ونفس الشيء بالنسبة للمطار، فهل يعقل أن يتم برمجة جميع المرافق الحيوية بمدينة كلميم ويتم إقصاء المنطقة كليا؟”، يقول أنغير متسائلا.

وأشار المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، إلى أن مطلب إحداث عمالة بويزكارن فم الحصن كان مطلبا يروم من خلاله المطالبون به إعادة الاعتبار إلى هذا المحور الجغرافي المظلوم تاريخيا وجغرافيا ومناخيا، خصوصا أن من شأن هذه الخطوة أن تعيد بعض الرونق إلى المنطقة التي أعطت شهداء في دفاعها عن الوحدة الترابية المغربية وما زالت مقابرها تشهد وجود رفات عدد من الشهداء الذين قاموا الاستعمار”.

 

وتابع مسترسلا: “إن بذل مجهود استثنائي أضحى ضرورة حتمية للرفع من المستوى التنموي للمدينة وإعطائها المكانة التي تستحق؛ فواحة بويزكارن في تدهور مستمر، والبطالة ضاربة أطنابها في صفوف الشباب، والمجالس المتعاقبة لم تستطع الإيفاء بما يجب في حق المدينة وأخلفت موعدها مع التنمية، وإن كانت مجهودات كثيرة بذلت من طرف الدولة ووكالة الجنوب والسلطات الولائية؛ لكن العجز التنموي ما زال صارخا”.

وأنهى بوبكر أنغير تصريحه لهسبريس مشددا على أن “الناخب البويزكارني يجب أن يعي بأن مصيره بيده، وأن اختياره لشخص أو لمجموعة غير مسؤولة وغير نزيهة وغير مكثرة بحقوقها ولا تسكن معه ولا تعيش همومه سيكون مشاركة في جريمة إفقار المنطقة والإمعان في إقصائها، فمن لا يسكن داخل المدينة ولا يأكل من مخابزها ولا يستحم في حماماتها ولا يدرس أبناؤه داخلها ولا يزور مستشفياتها لن يعطي في نظري المتواضع أي إضافة نوعية للمدينة والمنطقة برمتها”.

ومن أجل نيل وجهة نظر جماعة بويزكارن بخصوص الموضوع، اتصلت جريدة هسبريس برئيس المجلس موسى الصافي؛ غير أنه اعتذر عن الإدلاء بأي تصريح بسبب ما اعتبره التزامات مهنية طيلة هذه الأيام، مشيرا إلى أن المجلس الجماعي بويزكارن سينكب قريبا على إعداد الحصيلة المحققة خلال الولاية الانتدابية الحالية.

قد يهمك ايضاً :

جهة كلميم وادنون تسجلان حالتي إصابة بوباء" كورونا" في المغرب

وفاة شخص وإصابة 7 آخرين بحادث سير في مدينة بويزكارن

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

جامع الشيخ زايد الكبير الثامن عالميًّا والأول في الشرق…
وزارة السياحة ترد على دعوات المقاطعة وتؤكد إستمرار جاذبية…
إطلاق طيران مباشر بين الأردن والمغرب
وزارة الخارجية الأميركية تلزم بعض المسافرين بدفع كفالة مالية…
إيرادات السياحة في المغرب تسجل 54 مليار درهم بالنصف…

اخر الاخبار

الجيش الأميركي يعلن المشاركة في مناورات النجم الساطع بمصر
إحباط محاولة تهريب ذخائر مخبأة داخل براميل من سوريا…
المملكة المغربية تنجح في إختبار صاروخ موجه من طراز…
محكمة مغربية تصدر أول حكم يقضي بقانون العقوبات البديلة

فن وموسيقى

الكشف عن حقيقة الوضع الصحي لأنغام وتطوراتها الأخيرة
إليسا ضحية عملية احتيال بملايين الدولارات ورجل أعمال يفر…
تدهور في الحالة الصحية للفنانة أنغام واستمرار معاناتها مع…
سعيدة شرف تؤكد أن حضورها في المهرجانات الغنائية داخل…

أخبار النجوم

فيفي عبده تعلن وفاة الفنانة المعتزلة سهير مجدي
بسمة بوسيل ترد على الانتقادات برسالة غامضة ووالدتها تدافع…
مي عز الدين تحيي ذكرى خالد صالح برسالة مؤثرة
الفنان عاصي الحلاني يكشف رأيه في لجنة برنامج «The…

رياضة

كريستيانو رونالدو يدخل في حالة حزن بعد خسارة كأس…
رونالدو يتفوق تاريخيا على الأهلي قبل نصف نهائي السوبر…
نجم مغربي جديد ينضم إلى الدوري الإنجليزي الممتاز
فيفا يُحيي ذكرى 20 عامًا لميسي مع الأرجنتين قبل…

صحة وتغذية

أمل جديد في علاج تلف الكبد الناتج عن الإفراط…
سيرينا ويليامز تكشف تجربتها مع أدوية إنقاص الوزن بعد…
دراسة فلسطينية تكشف آثارًا مدمرة للمعاناة النفسية لدى الأطفال…
دراسات تكشف مخاطر السجائر الإلكترونية "النظيفة" على القلب وضغط…

الأخبار الأكثر قراءة

متنزهات ايطاليا جوهرة مخفيه تجمع بين الطبيعه الخلابه والمذاق…
الصين تُوسّع نطاق الدخول من دون تأشيرة لأكثر من…
التأشيرة الخليجية الموحدة قريباً لتعزيز التنقل والسياحة
افتتاح خط جوي جديد بين برشلونة والصويرة يعزز جاذبية…
السفر الفاخر اليوم "موناكو" تجسيد للتجربة الراقية