الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
قصور ليبيا ذات الألف عام وعام تُمثل تجربةً في المعمار والدفاع والاقتصاد والتعليم

طرابلس ـ فاطمة سعداوى

تتناثر عبر ليبيا مئات القصور، خصوصاً في غرب البلاد. وتتركز غالبيتها في الجبل الغربي وجنوب طرابلس في ترهونه وبني وليد، ولا تخلو منها مناطق الجنوب والشرق. وقصور ليبيا ذات الألف عام وعام تمثل تجربة في المعمار والدفاع والاقتصاد والتعليم، تطوّرت عبر مئات السنين وعلى نحو مختلف عن غالبية ما عرف من قصور العالم.
ويعود عمر غالبية تلك القصور إلى القرن الرابع للميلاد وبعضها إلى القرنين العاشر والحادي عشر للميلاد. ويزيد عمر أحدثها على 400 عامًا. وتتنشر قصور القرن الرابع بشكل لافت في ترهونه وبني وليد وهي جزء من نظام المزارع المحصنة الذي ابتدعه الرومان لحماية مدنهم الساحلية لبدة واويا، وهي طرابلس الحديثة وصبراته، وكان يقيم فيها ضباط رومان متقاعدون يشتغلون بإدارة المزارع الكبيرة في تلك المناطق التي كانت تنتج القمح والشعير وزيت الزيتون والعنب والخوخ، ويستخدم العبيد في خدمتها وقت السلم لتتصدى لهجمات "الجرمنت"، وهم سكان الجنوب الليبي في ذلك العصر عند تقدمهم لمهاجمة مدن الشمال التي يسيطر عليها الرومان.
واتخذت قصور القرن الرابع للميلاد شكل القلاع المحصنة وبنيت في أعالي الهضاب والمرتفعات، وتركز اهتمام مهندسيها على جعل الوصول إليها صعباً وبمداخل وأبواب محددة، مما يسهل الدفاع عنها وحمايتها. وتتكون غالباً من طابقين، ويقسم كل طابق إلى غرف مستطيلة ومربعة. واستُخدمت في بنائها المواد المحلية من حجارة وطين وجبس، وصنعت أبوابها من جذوع الزيتون. ويمثل "قصر البنات" وقصر "بوالاركان" في بني وليد وقصر دوغه في ترهونه النماذج الأمثل لها، ولا تزال صامدة على رغم الإهمال الذي تعرضت له على مرّ قرون طويلة. ويعتبر قصر دوغه أكثر تلك القصور أناقة وجمالاً بهندسته الناعمة ورسوم جدرانه الزاهية ونقوشه الكثيرة.
ويغلب المعمار الليبي المحلي على تلك القصور، بل يكاد لا يظهر أثر للمعمار الروماني الذي كان يسود في مدن لبدة واويا وصبراته. ويشير معمار تلك القصور والقلاع إلى ما يشبه الانفصال بين الحضارتين وبقاء ثقافة المعمار المحلي مسيطرة في تلك الأرجاء.
في جبل نفوسه في غرب ليبيا، تسيطر المحلية ولا يظهر أثر للحضارات الأجنبية التي تعاقبت حتى الفتح الإسلامي، حين وفدت الثقافة الإسلامية وأثرت في كل جوانب الحياة، ومنها المعمار. ويعتبر جبل نفوسه المدرسة الليبية الأهم في المعمار التي سادت حتى النصف الثاني من القرن العشرين، على رغم ظهور مبانٍ إيطالية في مراكز بعض مدن هذا الجبل. وتمثل قصور جبل نفوسه التي يصل عمر بعضها إلى 8 قرون فن المعمار والتحصين في ليبيا، فهي وككل القلاع تبنى في أعالي الجبال وتحمى بسور شديد التحصين وبمداخل صعبة، ويمثل قصر نالوت نموذجها الأكبر والأجمل.
وقصور جبل نفوسه ليست قصوراً للسكن، بل للتخزين. إنها المصرف المركزي للمدينة أو "الاحتياط الوطني"، إذ يقسم القصر إلى غرف صغيرة تخصص كل منها لعائلة لتخزن فيها رصيدها من الحبوب والزيت والتين. وطوّر الليبيون أساليب وأدوات تخزين قادرة على حفظ تلك المواد لفترات طويلة.
ويحتوي قصر نالوت على أكثر من 400 غرفة، بنيت بعضها فوق بعض بهندسة بسيطة. وتفصل غرف القصر في كل طابق منه ممرات ويربط بين طوابقه درج. واستخدمت في بناءه المواد المحلية وخططه مهندسون محليون ونفذه عمال محليون أيضاً.
وقصر الحاج هو نموذج آخر لقصور ليبيا الكثيرة، وهو مقسم إلى مئة وأربع عشرة غرفة. ويقول البعض إنه قسم بعدد سور القرآن الكريم. ويستخدم أيضاً للتخزين وكان يحرسه رجال متفرغون يتقاضون أجوراً. وتمول القصور أعمال صيانتها وأجور العاملين فيها بنسبة من المحصول المخزن لديها. وكان قصر الحاج كمؤسسة اقتصادية يصرف جزءاً من دخله على تعليم بعض طلاب العلم وذلك بتقديم المنح الدراسية لهم.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

وصول الوفود المشاركة في حفل افتتاح المتحف المصري الكبير…
مصر ترحب بقادة العالم في افتتاح المتحف المصري الكبير
المغرب يتوج بجائزة اللغة العربية تقديراً لجهوده في خدمة…
سارة السهيل ترعى حفل إشهار "أنشودة الخلود" وتؤكد أن…
الملك تشارلز والبابا ليو أول صلاة مشتركة منذ خمسة…

اخر الاخبار

الأمم المتحدة تحذر من خطر المجاعة في 12 منطقة…
تقرير يكشف أن تغيير اسم الوزارة إلى وزارة الحرب…
الرئيس المصري يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد
عبد العاطي ينقل رسالة السيسي إلى أردوغان

فن وموسيقى

يسرا تتسلّم وسام الشرف الفرنسي تقديراً لمسيرتها الفنية الطويلة
كريم محمود عبد العزيز يعلن انفصاله رسميا مؤكدا الطلاق…
منى زكي تكشف أسباب ابتعادها عن الوسط الفني ودخولها…
ملحم زين يكشف كواليس تفكيره في الاعتزال ويدافع عن…

أخبار النجوم

الفنانة زينة تعلّق على صعوبات مسلسلها "ورد وشوكولاتة"
كريم عبد العزيز يوجّه رسالة مؤثرة لوالده المخرج محمد…
دفاع عمرو دياب يطعن بالنقض على حكم الشاب المصفوع
قرار قضائي لصالح أحمد عز في نفقة توأم زينة

رياضة

مبابي يتعهد بتكريم ضحايا هجمات باريس خلال مواجهة أوكرانيا
رونالدو يوضح مقصده من كلمة "قريباً" حول نهاية مسيرته
إصابة المغربي أشرف حكيمي تتحول إلى مكسب تجاري ضخم…
ميسي يقود إنتر ميامي لاكتساح ناشفيل والتأهل إلى نصف…

صحة وتغذية

الصحة العالمية تحذر من وفاة أكثر من مليون شخص…
دراسة تكشف فحصًا جديدًا أدق لتشخيص أمراض الكلى
آلية دفاعية جديدة تمنح البكتيريا مقاومة متقدمة لمضادات الحيوية
تناول القهوة يومياً قد يخفض خطر الإصابة بالرجفان الأذيني…

الأخبار الأكثر قراءة

اعلان الفائزين في جايزة منصور بن زايد لتصوير الخيل…
القوات المسلحة الملكية تبرز التراث المغربي في معرض الفرس…
ناصر بوريطة يؤكد أن تخليد ذكرى 15 قرنا على…
المغرب يبدي اهتمامه بإنشاء قاعدة بيانات رقمية للمعالم التاريخية
التحقيقات تكشف تفاصيل جديدة في واقعة اختفاء أسورة الملك…