الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
معرض بغداد

بغداد - المغرب اليوم

بأجواء شبيهة بما كانت عليه "أسواق الوراقين" في أحياء بغداد القديمة، استمرت فاعليات معرض بغداد الدولي للكتاب لمدة 10 أيام، أي من 10-20 يونيو الجاري، حيث توافد مئات الآلاف من العراقيين من مختلف منابتهم إلى صالات المعرض، ليشكلوا مناسبة استثنائية للحوار فيما بينهم.بشكل استثنائي، فإن المعرض الأخير بدورته الثانية والعشرين كان نتيجة شراكة مجموعة من المؤسسات المدنية/الثقافية العراقية، اتحاد الناشرين العراقيين وشركة المعارض العراقية وشركة صدى العارف، وبرعاية مجموعة من الشركات والمؤسسات العراقية الإعلامية والتجارية، وبذا كان فرصة خاصة لشكل من التحالف بين قوى المجتمع المدني والثقافي العراقي. الذين استطاعوا جذب 228 دار نشر محلية وعالمية، من 14 دولة.

وفي دلالة على مواجهة الأوضاع السياسية والأمنية الخطيرة التي تواجهها البلاد، فإن المعرض أتخذ شعاراً مُعبراً "الكتاب وطن"، للتذكير بالهوية الثقافية والمعرفية التي كانت تجمع العراقيين تقليدياً، وتميزهم عن باقي مجتمعات المنطقة، حسب الشعار التقليدي الشهير "القاهرة تكتب وبيروت تطبع وبغداد تقرأ"، هذا الوضع الذي كان قد لاقى تراجعاً خلال السنوات الماضية، بسبب ضغوط الأوضاع الأمنية والسياسة الاستثنائية التي عاشها المجتمع العراقي خلال سنوات الحرب. الكاتب والخطاط العراقي نشوان الأميري شرح، في حديث مع سكاي نيوز عربية، أهمية ما يفعله المعرض من خلال تنصيب وتكريس شخصيات وخطابات وطنية ما فوق طائفية وقومية "أسماء قاعات المعرض الأربعة، علي الوردي ومصطفى جواد وزها حديد وأبو نواس، مؤشر واضح على أنه ثمة بين جنبات المجتمع العراقي ما يُمكن الإجماع عليه، فالوردي هو أهم مرجع لفهم ووعي المجتمع العراقي، تاريخاً وحاضراً، ومصطفى جواد هو المؤرخ واللغوي العراقي الذي قاد العراقيين للغة عربية محدثة، تستطيع أن تتفاعل مع منجزات العلم.

أما زها حديد فهي سليلة زمن الديمقراطية العراقية في الأربعينات والخمسينات، وواحدة من أهم رموز العراق إلى العالم، حيث ما تزال تصميماتها المعمارية في جميع عواصم العالم دلالة على قدرة الإنسان العراقي لإنجاز من يلفت الانتباه، أما أبو نواس، فهو تذكير بالماضي الثقافي والروحي والحضاري العراقي المجيد، الذي على مجموع العراقيين أن يعتبروا أنه ثمة ما هو مثل ذلك وممكن في مستقبلهم.

أسماء القاعات كانت تعبيراً واضحاً عن دور الثقافة وبالذات الكتاب في الحياة المشتركة للعراقيين".

لم تكن فعاليات معرض بغداد للكتاب الأخير مجرد عرض سوقي للكتب وبيعها، بل كانت محملة بعدد كبير من الفعاليات الثقافية، ولجميع الفئات العمرية والاجتماعية، من الندوات والمحاضرات الثقافية، مروراً بأقسام مخصصة للرسم وعرض المنتجات الفنية، إلى مساحات للفنون السمعية وأخرى لعرض صور عن الحياة الثقافية التقليدية التي كانت في بغداد، من أجواء النساخين التقليديين والطباعة والتجليد والحفظ التي كانت في أزمنة سابقة.

كما أن المقاهي وصالات الاستراحة التي أحاطت بصالات المعرض شهدت أوسع مناسبة لتفاعل مئات الآلاف من زوار المعرض، لتداول مجموع القضايا العامة في البلاد، السياسية والاقتصادية والثقافية وحتى البيئية والحقوقية. وهي أجواء نادراً ما تتوفر في العراق، سواء في صفحات شبكات التواصل الاجتماعي أو وسائل الإعلام أو داخل المؤسسات التشريعية. فالعراق يعيش منذ سنوات في نوع من الاستقطاب السياسي، الذي يؤثر على المزاج العام وتحرضه على خلق أشكال من القطيعة بين المواطنين.

الناشطة المدنية العراقية سوسن الجبوري ذكرت، في حديث مع سكاي نيوز عربية، دلالات مشاركة العديد من الدول العربية في المعرض "صراحة يشكل معرض الكتاب دلالة قطعية لهوية المجتمع العراقي، ففي وقت تشارك المئات من دور النشر العربية المصرية واللبنانية والإماراتية والأردنية وغيرها، وتلقى منتجاتها الأدبية والثقافية والمعرفية إقبالاً واضحاً من قِبل القارئ العراقي من مختلف مناطق البلاد، فإن غيرها من الدول المتدخلة في الشأن الداخلي العراقي لا تحضر بشكل شبه كامل في معرض الكتاب، وتالياً في أي عالم داخلي ثقافي وروحي عميق للمجتمع العراقي. وهذه العلاقة الثقافية والروحية التداخلية بين المجتمع العراقي والفضاء العربي تُثبت حتى أثناء المعارض العراقية التي تُقام في إقليم كردستان العراق". الجهات المنظمة للمعرض، أخضعت دور النشر لمجموعة من المعايير المُحددة لعرض منتوجاتها، إذ منعت بشكل مسبق جميع الكُتب التي تحمل بين طياتها نزعات سياسية أو طائفية أو قومية أو دينية تحرض على العنف والكراهية ونبذ التعايش، مذكرة الجهات المشاركة بأن إدخال أية منشورات تملك تلك السمات قد تعرض أصحابها للمساءلة القانونية حتى خارج إجراءات المعرض وضمن الأجهزة القضائية العراقية. وهو منع قال عنه المسؤولون عن المعرض بأنه يختلف تماماً عن أشكال المنع السياسي والأمني البدائية التي كانت تمارسها السلطات القمعية. فالمعرض يسمع بعرض وتداول الكُتب التي تملك مختلف الآراء، أياً كانت درجة النقد والرأي فيها، لكنها تعتبر نشر الكراهية والتحريض على الصراع القومي والطائفي مساً بوجدان العراقيين، الذين ذاقوا أكثر من غيرهم مرارة تلك الأحوال.

كذلك منع المنظومة تداول الكُتب المُقرصنة، طباعة وترجمة وتجارة، معتبرة بأن ذلك يتعارض مع حقوق الملكية الفكرية والمادية للمنتجين. هذا القرار الذي قد يدفع الكثير من المثقفين والمترجمين والمعرفيين العراقيين لإنتاج ونشر كُتبهم داخل العراق، لأن ذلك سيوفر لهم حماية ومردوداً اعتبارياً ومادياً مناسباً.

قد يهمك ايضا:

مليونا عنوان في معرض بغداد الدولي للكتاب دون خطوط حمراء

جناح المملكة المشارك في معرض بغداد الدولي يشهد حضوراً لافتاً من الزوار

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

الرئيس الفرنسي يعبر عن سعادته وفخره باستقبال المغرب ضيف…
نجاة دار الوثائق القومية في السودان وحماية أرشيف تاريخي…
"لام شمسية" يثير جدلاً واسعاً بعد طرحه قضية التحرش…
محمد بن عيسى منبع الثقافة وصانع مهرجان أصيلة الذي…
هيئة الأدب والنشر والترجمة تستعد لتنظيم معرض جازان للكتاب…

اخر الاخبار

الولايات المتحدة تغلق مكتب الشؤون الفلسطينية في القدس وتدمج…
ماكرون يستقبل الرئيس السوري أحمد الشرع في أول زيارة…
مقتل عضو في حركة حماس في غارة إسرائيلية على…
تعاون مغربي موريتاني لتعزيز اللامركزية والتنمية المحلية

فن وموسيقى

كندة علوش تعلن شغفها بالقضايا الإنسانية وتكشف رغبتها في…
دنيا بطمة تؤكد أنها لم أنَل حقها في المغرب…
إليسا تشعل 2025 بمفاجآت فنية وألبوم جديد بعد تألقها…
هند صبري تتألق في بيروت وتتوج بجائزة الإنجاز الفني…

أخبار النجوم

مصطفي شعبان يشارك هيفاء وهبي بطولة عمل سينمائي جديد
يوسف الشريف يعلق على مشاركته في حفل بطولة العالم…
الفنان ظافر العابدين ينضم لفيلم "السلم والثعبان 2"
حمادة هلال يشارك في موسم رمضان 2026 بـ«المداح 6»

رياضة

قميص محمد صلاح يُعرض في مزاد ويصل إلى 17…
المغربي أشرف حكيمي مرشح لجائزة أفضل لاعب إفريقي في…
هاري كين يقترب من لقب هداف الدوري الألماني للموسم…
محمد النني يتوج بجائزة جديدة في الدوري الإماراتي

صحة وتغذية

طريقة سهلة لخفض ضغط الدم دون الحاجة لتقليل الملح…
إجراء أول عملية استئصال للبروستات باستخدام الروبوت الجراحي عن…
القهوة تحارب الضعف الجسدي لدى كبار السن وتحسن القوة…
علاج فقدان السمع في مراحله المبكرة قد يساهم في…

الأخبار الأكثر قراءة

محمد بن عيسى منبع الثقافة وصانع مهرجان أصيلة الذي…