الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
الرسام المغربي الراحل عباس صلادي

الرباط -المغرب اليوم

نقاش حول التفرد الإبداعي للرسام المغربي البارز الراحل عباس صلادي، شهده متحف بنك المغرب الذي يحتضن معرضا استعاديا خصص لأعماله، ومساره الفني وعالمه الإبداعي.وتحدث الناقد الفني عبد الرحيم بنحمزة، قيّم المعرض الذي سير المحاضرة، عن إشكالات صلادي العقلية والنفسية، وإبداعه الذي جعله “فنانا كبيرا”، وعن العالم الأخروي في رسوماته، قائلا: “هو عالم عجائبي، غريب، مليء بالرموز، عالم استلهمه من القصص الشعبية، فقد كان زائرا دائما لساحة جامع الفنا وحكاياتها، وأحب القراءة، خاصة بالعربية، وألف ليلة وليلة، ومنطق الطير لفريد الدين عطار، وكان يتابع بين الحين والآخر رسومات لمصر القديمة”.

 أسلوبه الذي صار “أكثر دقة”، مع التوازن الخارق للعادة في لوحاته، وخلقه لعالم خاص به، جعل منجَز الراحل صلادي “يختلف تماما عمّا يقوم به فنان تخرج من مدرسة فنية”، فهو عصامي، و”رسام، أكثر منه فنان تشكيلي”وبالنسبة لرشيد الأندلسي، مهندس صديق لعباس صلادي، فـ”إذا كان أحد يحمل الفن المغربي والإبداع المغربي ويمكن أن نقدم به الإبداع المغربي، فهو صلادي”، دون أن يكون ذلك “إقصاء للآخرين”.

ووصف الأندلسي صلادي بكونه “وسيطا بين عالمين، وعابرا بينهما”، هما: العالم المحسوس والعالم الملموس. علما أنه “ظل متزوجا بمرسمه، حتى بعد زواجه الذي لم يمتد إلا سنتين”، وفيا لـ”عالمه بالألوان، ذاك العالم المتجاوز للواقع، والمتفائل، والشاعري كثيرا، الذي وضع كل مشاعره فيه”. بعدما كان في حياته “بسيطا، ومتواضعا، ولا يتحدث كثيرا”.وكان علاج صلادي من أدوائه النفسية، وفق صديقه، هو “الرسم ولا شيء غير الرسم”، وكان في إبداعه “صامتا، يعمل، ولا يهتم بالوقت”.

ورغم “مرضه، وأزماته المستمرة التي تدفعه للانغلاق على ذاته، وعدم الحديث”، إلا أن عباس صلادي “كان يتحدث ويحكي في ذهنه”، يقول الأندلسي، مستحضرا ذكرى “صديق، إنسان”، كان يتعجب من اهتمام الناس بأعماله، التي فيها “سرد، وحكي جميل، وعالم خاص به، تتحدث فيه شخصياته، التي كان يسمّيها”.

 من جهته، تحدث محمد راشدي، ناقد فني، عن عباس صلادي الذي لم يتم دراسته الجامعية، والذي لم يستفد من أي تعليم فني، وكان ضيفا متكررا على المصحات العقلية، لكن تجربته الخاصة جعلت عمله “متفرّدا”.وقال الناقد الفني إن التعبير الفني بالنسبة لصلادي كان “ضرورة”، يبسط عبرها “ما كان في قلبه”، وهو ما جعل تعبيره الفني “متفردا، وقطيعة في مجال الفنون التشكيلية المغربية؛ فلم يكن هناك تعبير مثله، لا قبله ولا بعده.”

وأكد راشدي أن عمل عباس صلادي “أبعد ما يكون عن الفطرية”، فقد كانت له “قواعده، وفضاؤه الخاص، ومرجعه الاستعاري”، وكان مبنيا على “معرفة أصيلة وأصلية”، و”تفرد جمالي”، مما جعله يجد “مكانا استثنائيا في العالم الفني”.وفي الوقت الذي كانت تسير فيه نخبة من الأسماء الفنية المغربية التي ولدت في الخمسينات في مسار اكتشاف “فضاءات إبداعية أخرى، تعبر عن تفردهم”، كان صلادي “في لاوعي هذا التحول”، وتميز في “مواضيعه، ولغته التشكيلية، والفضاء الشعري الذي يوظّفه”.

وبطريقة حدسية، يضيف المتحدث، سيكتشف عباس صلادي ما بين الحس والخيال، والجسد، وغيره من التيمات الحاضرة في لوحاته. مع اهتمام دائم بـ”العالم غير الملموس، العالم الميتافيزيقي/المتجاوز للعالم المحسوس”؛ فقدم “رؤيته للعالم الشيطاني والملائكي. الذي يتصارع فيه صلادي إنسانا وفنانا”، بـ”ذاتية، وعفوية”، تجعل منجزه عملا “لعالم اللاوعي”.وتساءل الناقد الفني: “هل كان عبور صلادي الدائم بين العالم المرئي وغير المرئي، والعكس (…) استئناسا بشياطينه؟”، قبل أن يعود إلى بساطة أدواته، وأحجام لوحاته المتواضعة باستثناءبعضها، وحوامل رسوماته الملونة أو غير الملوَّنة، ليقول إنه لم يكن تشكيليا، بل رسام صور، لأن هدفه لم يكن إنتاج أحجام، بل “جعل غير المرئي مرئيا”؛ مثل حكّاء “له حاجة لسرد قصصٍ، صورا.”

وتتبع الناقد تعبيرات صلادي التي يحضر فيها الماضي الفرعوني، و الفنون الشعبية المغربية، الحاضرة في ساحة جامع الفنا بمراكش، والتصوير الشعبي، مثل المنمنمات عربية، بألوان حية. كما أبرز استلهام هذا الفنان المغربي من المشهد المحلي بمسقط رأسه مراكش، وطبيعتها، ومعمارها، وجبالها، وزلّيجها، ومنارتها…وسلط راشدي الضوء على معالجة عباس صلادي لمواضيعه بإبداع مغذّى بالقصص الخيالية لجامع الفنا، ومنطقه الخاص، مع تصوير جيد للمخيال بمخلوقاته العجائبية المتجذرة في الواقع، وتصوير للعوالم المتعالية عن الوجود المرئي، المتعالية عن كل واقع ملموس.

قد يهمك ايضا:

افتتاح دار الشعر في مراكش تعزيزًا للمشهد الثقافي في المدينة

حميد الحضري يُحيي حفلًا في دار الشعر في مدينة تطوان

   

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

اتهامات للحوثيين بتدمير قطاع التعليم الحكومي
قصر سيئون اليمني يعود للحياة بجهود الترميم بعد قرون…
التقويم الهجري تقويم قمري بدأ قبل الإسلام بقرنين واعتمده…
اكتشاف أثري نادر لمدينة مدفونة في دلتا النيل تعود…
الحرب العالمية الثانية غيرت نمط الغذاء والحياة اليومية في…

اخر الاخبار

البرهان يشكل رئاسة جديدة لهيئة الأركان برئاسة محمد عثمان…
إسرائيل تعلن مساعدات إنسانية عاجلة إلى جنوب السودان
إيران تؤكد استئناف المفاوضات مع وكالة الطاقة الذرية وتربط…
هجمات روسية جديدة على اوكرانيا وزيلينسكي يتوجه الى واشنطن

فن وموسيقى

تدهور في الحالة الصحية للفنانة أنغام واستمرار معاناتها مع…
سعيدة شرف تؤكد أن حضورها في المهرجانات الغنائية داخل…
تامر حسني يؤكد إستمرار علاقته الفنية مع بسمة بوسيل…
لطيفة تكشف رغبتها في تقديم أغنية مهرجانات وتتحدث عن…

أخبار النجوم

وزارة الثقافة المصرية تتدخل في أزمة نجوى فؤاد وتعد…
الجمهور يرحّب بقوة بعودة المغربية بسمة بوسيل إلى عالم…
توم كروز يرفض تكريما من دونالد ترامب
رامي صبري يكشف رأيه بتجربته الأولى في The Voice…

رياضة

الأندية الإنجليزية على أعتاب رقم تاريخي في انتقالات اللاعبين
خسارة تاريخية لسانتوس بسداسية أمام فاسكو دا غاما ونيمار…
محمد صلاح يكشف أسرار مسيرته مع ليفربول ويتحدث عن…
أنهى نادي النصر السعودي اتفاقه مع بايرن ميونيخ الألماني…

صحة وتغذية

علماء يبتكرون علاجاً ثورياً للسرطان يجمع بين البكتيريا والفيروسات…
فحص دم مبكر يكشف سرطان المبيض بدقة ويمنح أملا…
6 طرق بسيطة للحفاظ على صحة المفاصل ومرونتها
مؤشرات مبكرة لمشاكل الإنجاب عند الرجال

الأخبار الأكثر قراءة

فنانة دنماركية تتهم الإعلامية المصرية مها الصغير بسرقة لوحة…
اتهامات للحوثيين بتدمير قطاع التعليم الحكومي
قصر سيئون اليمني يعود للحياة بجهود الترميم بعد قرون…
التقويم الهجري تقويم قمري بدأ قبل الإسلام بقرنين واعتمده…
اكتشاف أثري نادر لمدينة مدفونة في دلتا النيل تعود…