الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
معبد أبو سمبل

القاهرة - محمد الشناوي

في ظاهرة فريدة من نوعها، تتعامد أشعة الشمس على تمثال الملك رمسيس الثاني داخل معبده الضخم في أبو سمبل، في مشهد يروي قصة مذهلة عن براعة المصريين القدماء في علم الفلك والهندسة المعمارية. هذه الظاهرة التي تجذب أنظار الزائرين من كل أنحاء العالم ليست مجرد لعبة ضوء طبيعية، بل هي رسالة واضحة من ماضي عريق، تثبت مدى تقدم الحضارة الفرعونية في رصد حركة الشمس والتنبؤ بمواعيدها بدقة متناهية. يعود هذا الإنجاز إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، حين أمر الملك رمسيس الثاني بنحت معبده داخل الجبل تخليدًا لانتصاره الكبير في معركة قادش واحتفالًا بحكمه. يمتد الممر الأمامي للمعبد بطول حوالي 60 مترًا، حيث تخترق أشعة الشمس هذا الممر لتصل إلى قدس الأقداس داخل المعبد، مضيئة تماثيل رمسيس الثاني وثلاثة آلهة رئيسية هي رع حور آختي، وآمون رع، بينما يبقى تمثال الإله بتاح في الظل، تعبيرًا عن مكانته كإله الظلام في المعتقدات المصرية القديمة.

وقد اكتشفت هذه الظاهرة للمرة الأولى عام 1874 على يد المستكشفة الإيطالية إميليا إدوارذ، التي وثقتها في كتابها "ألف ميل فوق النيل" الصادر في عام 1899، لتكون بذلك واحدة من أكثر الظواهر التي أثارت اهتمام الباحثين وعشاق التاريخ على حد سواء. ومن خلال دراسات حديثة، يؤكد خبراء الآثار أن تصميم معبد أبو سمبل لم يكن عشوائيًا، بل هو إنجاز هندسي وفلكي بامتياز يعكس معرفة المصريين القدماء بدورة الشمس ومواسم السنة، وربطها بأحداث مهمة مثل ميلاد الملك وتوليه العرش، مما يدل على تطور علم الفلك لديهم إلى مستويات متقدمة. كانت هذه الظاهرة تحدث في الأصل يومي 21 أكتوبر و21 فبراير من كل عام، لكن بعد أن تم نقل المعابد بالكامل إلى موقع جديد أعلى من الموقع القديم بـ66 مترًا ضمن مشروع عالمي لإنقاذ آثار النوبة برعاية منظمة اليونسكو بين عامي 1960 و1980 بسبب بناء السد العالي، تغير موعد التعامد ليصبح في 22 أكتوبر و22 فبراير، نتيجة لتغير زاوية المعبد بعد النقل.

لم تقتصر روعة هذا التعامد على معبد رمسيس الثاني فقط، بل إن الشمس تتعامد في أوقات محددة على معابد أخرى داخل مصر، مثل معبد قصر قارون بالفيوم، ومعبد الكرنك بالأقصر، بل وحتى على بعض الكنائس مثل كنيسة الملاك ميخائيل في كفر الدير بمحافظة الشرقية، في مشاهد تجمع بين العلم والروحانية وتؤكد استمرارية الترابط الحضاري عبر العصور المختلفة في مصر. وتعكس هذه الظاهرة كذلك فهم الفراعنة العميق لحركة الكواكب والنجوم، حيث كانوا قادرين على تحديد مواقع الأبراج وصنع الساعات الشمسية التي استخدموها في تقسيم الزمن بدقة مذهلة.

يأتي هذا المشهد السنوي لتأكيد أن الملك رمسيس الثاني كان أكثر من مجرد ملك محارب، فهو رمز للحضارة المصرية القديمة التي جمعت بين السلام والعلم والفن، وقد خلد اسمه من خلال معاهدة السلام الأولى في التاريخ ومنشآت معمارية فريدة صمدت أمام اختبار الزمن، لتظل شاهدة على عبقرية المصريين القدماء في ربط ضوء الشمس بحياة الإنسان وروحه في تناغم خالد لا ينضب.

قد يهمـــــك أيضا :

استعدادات لتعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني في معبده الكبير في أبو سمبل

 

وزير الآثار والوفد المرافق له يحضرون ظاهرة تعامد الشمس علي معبدي أبو سمبل

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

اختفاء لوحة أثرية مصرية نادرة والنيابة العامة تفتح تحقيقًا
انطلاق تصفيات مسابقة مؤسسة محمد السادس للعلماء الافارقة في…
اعلان الفائزين في جايزة منصور بن زايد لتصوير الخيل…
القوات المسلحة الملكية تبرز التراث المغربي في معرض الفرس…
ناصر بوريطة يؤكد أن تخليد ذكرى 15 قرنا على…

اخر الاخبار

مصدر يكشف تفاصيل مباحثات مصر وإسرائيل حول غزة
نتنياهو يلمح برفض وجود قوات تركية في غزة
الكنيست يصوّت مبدئياً لصالح فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة…
وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو يزور إسرائيل غداً

فن وموسيقى

محمد رمضان يطرح الإعلان الترويجي الأول لفيلم "أسد" من…
أزمة جديدة تضرب الفنان محمد فؤاد بعد تسريب أغنية…
منة شلبي تكشف كواليس تكريمها في مهرجان الجونة و…
منة شلبي تحصد جائزة الإنجاز الإبداعي في مهرجان الجونة

أخبار النجوم

إياد نصار يكشف عن مسلسل رمضاني يتناول أحداث غزة
تسريب أغنية حليم يشعل أزمة بين محمد فؤاد وشركته
حنان مطاوع تكشف تفاصيل مشاركة فيلمها هابي بيرث داي…
شيرين رضا تتناول دور التكنولوجيا في صناعة السينما وتبدي…

رياضة

إنتقادات حادة لمحمد صلاح بعد هزيمة ليفربول أمام مانشستر…
لقجع وسط الجماهير لدعم المغرب أمام الأرجنتين في نهائي…
صلاح بين ميسي ورونالدو في قائمة أعظم لاعبي كرة…
أول تعليق من الكاف بعد فوز بيراميدز بكأس السوبر…

صحة وتغذية

دراسة جديدة تربط بين الشيب والوقاية من الأورام
6 مشروبات صحية ثبت علميا أنها تخفض مستويات السكر…
الاكتشاف المبكر لمرض الزهايمر وأهمية التعرف على العلامات الأولية
العلاقات الاجتماعية الدافئة تحسن صحة كبار السن وتبطئ الشيخوخة

الأخبار الأكثر قراءة

مهرجان البندقية يكرّم صوت هند رجب بجائزة الأسد الفضي
وزارة الأوقاف المغربية تُعلن عن المرحلة الثانية لاستخلاص مصاريف…
وزير الثقافة المغربي يدعو المنتجين العالميين لاكتشاف المملكة كوجهة…
انطلاق الدورة الـ32 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي بمشاركة…
وزارة الأوقاف المغربية تعلن الإثنين أول شهر ربيع الأول…