الرئيسية » عالم الثقافة والفنون

الرباط - المغرب اليوم

في أبرز الموسوعات الفلسفية العالمية “ستانفورد”، أضيف مدخل مفصل باللغة الإنجليزية لحياة وعمل الفيلسوف الأندلسي ابن رشد، أعده الأكاديمي المغربي فؤاد بن أحمد والأكاديمي الأمريكي روبرت باسناو.

وتقدم هذه المادة التعريفية بالموسوعة مدخلا إلى حياة أبي الوليد ابن رشد ومنجزه، وتتوقف عند أعماله في مجالات متعددة، منطقا وميتافيزيقا وفلسفة ونظرا في النفس ودينا وطبا وسياسة وأخلاقا. كما تعرج على تلقيه في المجالات التداولية العربية والعبرية واللاتينية. وتقدم، أيضا، جردا لأعماله.

وحول هذا الحدث، يقول فؤاد بن أحمد، جامعي مغربي أحد مُعدَّي المدخل، إن أهميته تكمن في كون موسوعة ستانفورد، التابعة لجامعة ستانفورد البارزة، هي “الأشهر والأوسع في الفلسفة”.

ويزيد الأكاديمي المغربي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذا يأتي بعد انتباه كثير من الدارسين إلى غياب مادة فلسفية عن ابن رشد في هذه الموسوعة؛ وهو أمر غريب، علما أنه منذ سنوات كان زميل أمريكي سيتولى كتابة هذا التعريف، لكن هذا لم يتم”. بالتالي جاءت المبادرة من ابن أحمد والأستاذ في جامعة كولورادو باسناو، لتأليف مادة مطولة عن ابن رشد، هي مدخل مفصّل في 40 صفحة.

ويستحضر المتحدث وجود “هيمنة للمقاربة الأوروبية الأمريكية لابن رشد”، التي “لها خصوصيتها؛ لأنها نتجت داخل سياق نظري معين (…) محكوم بشروط نظرية للدارسين في السياق الأكاديمي الأوروبي، وهو ما يظهر في مسألة رمزية هي الإحالة على ابن رشد، في 90 في المائة من الكتابات الأوروبية، باسمه اللاتيني “أفيرويس””.

ويذكر بن حمد أن الإحالة على ابن رشد باسم “أفيرويس” ليست “أمرا شكليا”، بل هي “إحالة على إشكالات فلسفية نظرية خلقها المبشرون بالرشدية أو المناهضون لها في أوروبا، تخص السياق الأوروبي في القرون الـ13 والـ14 والـ15 والـ16 الميلادية، ليأتي بعد ذلك إرنست رينان في القرن الـ19 ليكمل بناء الأسطورة، ويهيمن على قلوب وعقول الناس، مسلمين وغير مسلمين، عربا وغير عرب”.

ويقدم الأكاديمي مثالا على هذه “الهيمنة” بـ”النقاش الشهير الذي شغل العديد من المفكرين في العالم العربي، بين فرح أنطون ومحمد عبده”، ووصفه بـ”النقاش المختلق، الذي يتعلق بـ”أفيرويس”، بتأثير من رينان، ولا يتعلق بابن رشد الفيلسوف الطبيب الذي عاش بين قرطبة ومراكش”.

إذن، يقول فؤاد ابن أحمد إن الشرط الأول في صياغة المادة التعريفية المنشورة اليوم حول ابن رشد في موسوعة ستانفورد الفلسفية، كان “الابتعاد بأقصى قدر ممكن عن المقاربة الغربية له، ومحاولة تقريبه من الداخل، كما كان في سياقه؛ ولذلك أعطيت الأولوية المطلقة للنصوص العربية، ولأول مرة جرى التعرض للتلقي الفكري لابن رشد في السياقات العربية الإسلامية، بينما في جل الكتابات والمداخل نجد حديثا عن التلقي الأوروبي المسيحي، والعبراني اليهودي له، مع غياب شبه مطلق عن تلقيه في السياقات الإسلامية”.

ومن بين الأهداف أيضا، حسب التصريح نفسه، تقديم ابن رشد كما عاش وفكّر في سياقه، لوضع “مدخل متوازن”، على الرغم من هيمنة الدوائر الأكاديمية الغربية، تاريخيا، التي يقابلها “في دوائر هذا العالم الذي ننتمي إليه في الدول النامية، غياب شبه مطلق للأصوات التي يمكن أن تقدم مثلا ابن سينا من الداخل، وابن رشد، أو تقدم أمثالهما بصوت مختلف”.

ويستحضر الأكاديمي في هذا الإطار حديث ابن رشد عن الشريعة، التي “يفهمها الأمريكي أو الأوروبي، بطريقة مختلفة تماما عن الطريقة التي يفهمها بها الدارس المغربي أو العربي”.

كما يستحضر كتاب ابن رشد “الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة”، الذي “لا علاقة له بالغزالي، بل له علاقة بالجويني، ولا علاقة له بالدين والفلسفة؛ بل بموقف ابن رشد من هيمنة المتكلمين في الأندلس، خاصة بعدما لاحظ أن كتب المتكلمين، والجويني خاصة تُدرَّس. وهو أمر يصعب أن نجده عند الدارسين الأوروبيين، الذين يختزلون الأمر في الحديث عن علاقة الفلسفة بالشريعة، بشكل مطلق مستقل عن سياقه”.

وحول مضمون المادة المنشورة، يذكر بن أحمد أنها “مدخل شامل لمجموع اهتمامات ابن رشد، دون إيلاء أهمية لجانب على حساب آخر، فيحضر الطب والفقه ونقد المتكلمين، وكل الجوانب التي اهتم بها وعندنا نصوص الآن بخصوصها”.

وبعيدا عن الجانب الأكاديمي، يقول فؤاد بن أحمد إنه يعتز على المستوى الشخصي بهذا المنجز؛ لأنه “انطلاقا من الانتماء إلى الفضاء الذي تحرك فيه ابن رشد، الأَولى أن نقدم ابن رشد؛ فأشعر بأنه من العيب أن يكون فيلسوف مثل هذا ينتمي إلى هذا الفضاء، ولا نقدمه. فقط يجب أن يكون التقديم بطريقة ليس فيها ادعاء، أو فخر، بل أن نقدم صوتا يتنافس مع أصوات أخرى، يزعم أنه يحتكم إلى النص الأصلي، ولا ينشغل بالإشكالات التي تولدت في السياق اللاتيني المسيحي والعبراني، بل ينشغل بفهم ابن رشد في سياقه”.

ويزيد الجامِعي فؤاد بن أحمد قائلا إن هذا المدخل “مهدى لروح جمال الدين العلوي، ومحمد بن شريفة، ومحمد عابد الجابري، الذين حملوا لواء ابن رشد”، قبل أن يتوقف عند عمل الأكاديمي الراحل محمد بن شريفة، الذي “حاول تقديم ابن رشد في سياقه، وما أقدمه أعتبره تتمة أو تطويرا أو حواشي على ما أنجزه الفقيد بنشريفة”.

قد يهمك ايضاً :

التشييد الإسمنتي يعرقل "البناء الدرامي" للمسرح الملكي في مراكش

مسرحية " شا طا را " لفرقة ثفسوين من الحسيمة تلهب جمهور مدينة الرباط

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

مصر ترحب بقادة العالم في افتتاح المتحف المصري الكبير
المغرب يتوج بجائزة اللغة العربية تقديراً لجهوده في خدمة…
سارة السهيل ترعى حفل إشهار "أنشودة الخلود" وتؤكد أن…
الملك تشارلز والبابا ليو أول صلاة مشتركة منذ خمسة…
تعامد الشمس على معابد أبو سمبل ظاهرة فلكية تجسد…

اخر الاخبار

ناصر بوريطة يكشف ملامح الدبلوماسية المغربية في الفضاء السيبراني
واشنطن تقلل من أهمية دور إسرائيل في جهود وقف…
مصر تطالب بالانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة…
الشرع والشيباني وكوبر ولامبرت يشاركون في مباراة سلة تثير…

فن وموسيقى

ملحم زين يكشف كواليس تفكيره في الاعتزال ويدافع عن…
أحمد حلمي وهند صبري يلتقيان في فيلم جديد للمخرج…
أحمد سعد يكشف عن تجربة جديدة في مسيرته الفنية…
آسر ياسين يتحدث عن بداياته في الفن والمعاناة التي…

أخبار النجوم

نقيب الموسيقيين يطمئن جمهور محمد منير على صحته
أنغام تستعد لإحياء حفل ضخم عند الأهرامات وتعد جمهورها…
أروى جودة تتحدث عن الأدوار التي تتمنى تقديمها
ظافر العابدين متحمس لبدء تصوير مسلسل "ممكن" مع نادين…

رياضة

محمد صلاح على أعتاب معادلة رقم واين روني وتسجيل…
رونالدو يؤكد قوة الدوري السعودي ويصف التسجيل فيه بأنه…
جائزة سلام الفيفا الأولى تشعل المنافسة بين أبرز الأسماء
يامال يرفض المقارنات بميسي ويركز على تحسين أداء الفريق

صحة وتغذية

إنطلاق المرحلة الأولى لتنزيل المجموعات الصحية الترابية بجهة طنجة…
إنخفاض مستويات فيتامين D في الدم قد يرتبط بارتفاع…
دواء جديد يحمي مرضى السكري من تلف الكلى
بعض الأدوية الشائعة المستخدمة يومياً تؤثر سلبا على فعالية…

الأخبار الأكثر قراءة

القوات المسلحة الملكية تبرز التراث المغربي في معرض الفرس…
ناصر بوريطة يؤكد أن تخليد ذكرى 15 قرنا على…
المغرب يبدي اهتمامه بإنشاء قاعدة بيانات رقمية للمعالم التاريخية
التحقيقات تكشف تفاصيل جديدة في واقعة اختفاء أسورة الملك…
ندوة أدبية حول كتاب "فحوى التأويل" للكاتب علي القيسي…