استطاع النادي الأدبي في جدة على مدى 40 عاماً أن يسهم في تشكيل مجتمع معرفي منضما في مكوناته للحراك الثقافي والفكري الذي تشهده مختلف مناطق المملكة العربية السعودية، وتمخض عن نشاطاته خلال هذه العقود (388) إصدارا تنوعت ما بين كتب وسلاسل محاضرات في العقيدة والثقافة الإسلامية، ودوريات أدبية.
واثمرت عطاءات مفكري النادي الأدبي في جدة عن إصدار (191) كتاباً، وخمس سلاسل من محاضرات الأدب والفكر والثقافة الإسلامية، إلى جانب خمس دوريات تضمنت المعارف المعبرة عن بناء وتماسك النسيج الاجتماعي بالمملكة.
وكان أول إصدار طبعه النادي هو ديوان شعر الأديب محمد حسن عواد, بعنوان "قمم الأولمب" عام 1395هـ، ضمّ بين دفتيه أربعين قصيدة ، بينما كان أول إصدار نسائي للنادي هو كتاب "بسمة من بحيرات الدموع" للأديبة عائشة زاهر أحمد وذلك عام 1399هـ, وهو عبارة عن قصة متوسطة الحجم طارحة خلالها إشكالية الطلاق وتفرقة الأبناء عن الأمهات.
وشكل أول وجود لنادي جدة الثقافي الأدبي عام 1975م في متنزه كيلو 10 بطريق مكة المكرمة، بعد خطاب صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - بتاريخ 21 / 3 / 1975م الذي رحّب فيه باقتراح الأدباء إقامة أندية أدبية في المملكة، إذ يقول الأديب القاص محمد على قدس : إن تشكّيل أول تكوين رسمي لإدارة نادي جدة الأدبي الثقافي تم عن طريق الاجتماع الأول للجمعية العمومية للنادي الذي تم فيه انتخاب مجلس الإدارة في مساء 22 / 5 / 1395هـ.
وأفاد قدس أن سموّه التقى الأدباء على هامش مؤتمر إحياء سوق عكاظ، واستمع لمقترحهم بإنشاء أندية أدبية تدعمها الدولة على غرار الأندية الرياضية، فأبدى - رحمه الله - ترحيبه بالفكرة، ليبادر بعدها كل من الأديبين محمد عواد، وعزيز ضياء، بتقديم طلب تأسيس نادٍ أدبي في جدة, وصدر في نفس اليوم موافقة الأمير فيصل بن فهد رقم 3/1/11/423 وتاريخ 29 / 2 / 1395هـ بتأسيس النادي الأدبي بجدة.
ومن اجتماع الجمعية العمومية بدأ نادي جدة الأدبي في تكوين أول مجلس إدارة له برئاسة الأديب الشاعر محمد حسن عواد، ونيابة الأديب عزيز ضياء، وعضوية صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله الفيصل، وصاحب السمو الأمير سعود بن سعد بن عبدالرحمن - رحمهما الله - بالإضافة إلى الأدباء حسن القرشي، ومحمود عارف، ومحمد علي مغربي، وعبدالله الحصيّن، وعبدالله منّاع، وعبدالفتاح أبو مدين أميناً لصندوق النادي، وعقد المجلس المنتخب أولى جلساته في منزل الأديب ضياء يوم الأربعاء 7 / 7 / 1395هـ تلته سبع جلسات كان آخرها السبت 12 / 11 / 1395هـ بحضور أعضاء المجلس.عقب تلك الفترة تم تجديد انتخاب مجلس إدارة النادي، باعتبار أن فترة المجلس السابق تنتهي في 23 / 5 / 1400هـ وهي المرة الأولى التي يتم الإعلان فيها عن سبعة عشر مرشحاً, رفعت أسماؤهم إلى سمو الأمير فيصل بن فهد - رحمه الله - واختير منها محمد حسن عواد - رئيساً وعزيز ضياء - نائباً للرئيس ومحمود عارف - عضواً وحسن القرشي - عضواً والدكتور حسن نصيف - عضواً وشكيب الأموي- عضواً إضافة الى محمد علي قدس - سكرتيراً للنادي.
وكلف حسن القرشي بتسيير أمور النادي بعد وفاة رئيس النادي محمد حسن عواد -رحمه الله- إلى أن أتى يوم الأحد الموافق 15/ 1 / 1401هـ حيث تم انتخاب مجلس إدارة النادي الجديد، وتشكيل لجنة للانتخابات بناء على توجيهات سمو الأمير فيصل بن فهد- رحمه الله - فتكونت اللجنة من كل من أحمد فرح عقيلان رئيسا،ً وعبدالله التويجري نائب مدير إدارة الأندية عضواً ، ومحمد علي قدس عضواً وسكرتيراً للجنة التحضيرية للانتخابات.
وجرت الانتخابات في مسرح إدارة التعليم في حي البغدادية بجده، بمشاركة كل من عبدالله محمد الزيد وحسن عبدالله القرشي ومطلق مخلد الذيابي وعبدالفتاح أبو مدين ومحمد علي قدس وعبدالله الغذامي وعبدالهادي الفضلي وعبدالله إدريس وأحمد المبارك ومنصور بن سلطان وشهاب جمجوم وكانت النتيجة النهائية، فيما جاء حسن عبدالله القرشي - رئيساً والدكتور عبدالله محمد الزيد - نائباً للرئيس ومطلق مخلد الذيابي- عضواً والدكتورعبدالهادي الفضلي- عضواً وأحمد بن علي المبارك- عضواً وعبدالفتاح أبو مدين- عضواً ومنصور بن سلطان - عضواً وأميناً للصندوق ومحمد علي قدس- أميناً لسر النادي والدكتور عبدالله الغذامي وعبدالله إدريس عضواً .
ويشير كتاب أصدره النادى بعنوان "نادي جدة الأدبي الثقافي مسيرة 40 عاماً " من إعداد الدكتور ياسر مرزوق إلى أنه بعد انقضاء الفترة السابقة تشكلت إدارة للنادي تعد الرابعة من عمر مجلس إدارة النادي، حيث جاءت الموافقة على هذه الإدارة بقرار الأمير فيصل بن فهد - يرحمه الله - رقم 174 بتاريخ 17 / 8 / 1401هـ, وكان مجلسها يضم كلاً من عبدالفتاح أبو مدين- رئيساً والدكتور عبدالله الغذامي - نائباً للرئيس والدكتور عبدالمحسن القحطاني- عضواً والدكتور عبدالله المعطاني- عضواً بالاضافة الى الشاعر يحيى توفيق حسن- عضواً والدكتور حمد الزيد- عضواً والدكتور سعيد مصلح السريحي- عضواً ومنصور بن سلطان - عضواً وأميناً للصندوق ومحمد علي قدس- أميناً للنادي.ويوضح الكتاب أنه بحلول عام 1404هـ تم تشكيل مجلس إدارة جديد يضم عبدالفتاح أبو مدين- رئيساً والدكتور سعيد مصلح السريحي- عضواً والدكتور عبدالمحسن القحطاني- عضواً والدكتور أبو بكر أحمد باقادر- عضواً والدكتور حسن النعمي- عضواً بالإضافة إلى الشريف منصور بن سلطان- عضواً وأميناً للصندوق، وقينان الغامدي- عضواً ومحمد علي قدس- عضواً وأميناً لسرّ النادي.
أما الإدارة السادسة للنادى فقد جاءت مواكبة لقرار ضم الأندية الأدبية وانتقال القطاعات الثقافية إلى وزارة الثقافة والإعلام بموجب الأمر الملكي رقم أ/2 وتاريخ 28 / 2 / 1424هـ.
وعقب الملتقى الأول للمثقفين السعوديين بتاريخ 1425هـ الذي عدَلت فيه الوزارة عن فكرة الانتخاب إلى فكرة التعيين, قدمت الإدارة السابقة استقالتها، وحلت إدارة جديدة معيّنة من وزارة الثقافة والإعلام برئاسة الدكتور عبدالمحسن القحطاني وعضوية مجموعة من المثقفين والشعراء .
وبعد مضي أربع سنوات على الإدارة السابقة المعيّنة من قبل وزارة الثقافة والإعلام عادت الوزارة مرة أخرى في عهد معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة، إلى فكرة انتخاب مجالس إدارة الأندية الأدبية الثقافية عن طريق الجمعية العمومية بعد تعديل لائحة الأندية الأدبية الثقافية، واستجابت الأندية الأدبية لهذه الفكرة.
وبعد عملية انتخابية جرت في 18 / 12 / 1432هـ بحضور 176 اسمًا مسجلاً في الجمعية العمومية للنادي تمت عملية الانتخابات وفقاً لترشيح أعضاء الجمعية العمومية، فتم انتخاب مجموعة من الادباء والمثقفين ليقوموا بادارة النادى في مرحلته الجديدة، وتم الاتفاق بين الجميع على تعيين الدكتور عبدالله عويقل السلمي- رئيساً للنادي والدكتور سعيد مسفر المالكي- نائبًا للرئيس.
واستمر النادي في أداء دوره البناء فعمل على تقديم مجموعة كبيرة من الاصدارات التى حملت عناوين لكتاب ومفكرين من داخل المملكة وخارجها إلى جانب الدوريات المتخصصة.
وحرص النادي على تنظيم ملتقياته الكبرى منها (ندوة قراءة جديدة في تراثنا النقدي وملتقى قراءة النص بمواسمه الإثني عشر) والملتقيات الداخلية الصغرى كالمنتدى الثقافي المفتوح الأول عام 1417هـ، وملتقى جماعة حوار وملتقى حلقة جدة النقدية، وملتقى منتدى عبقر الشعري وملتقى برنامج جليس .وينظم النادي الأدبي في جدة كل عام برنامجا في مختلف الأنشطة الثقافية والفكرية، وقدم العام المنصرم مجموعة كبيرة من المحاضرات والندوات والأمسيات ما بين شعرية وقصصية ومسامرات، ومضى في تحقيق مسار التدريب الأدبي والثقافي تمثّل ذلك في برنامج "طاقات" أحد أبرز البرامج الجديدة المستحدثة في النادي, وهو البرنامج الذي يدعو لتنمية المواهب الأدبية والثقافية الشابة بالنادي.
وتمكن النادي من تحقيق نجاح كبير في برامج خدمة المجتمع، مركزا على رقي ووعي إنسان منطقة جدة بشكل خاص واستثماره ثقافياً مندرجاً تحته برنامجا السائح المثقف وبرنامج مبادرة عبداللطيف جميل للإصدار الأول، وفي مجال النشاط المسرحي ركز النادى على معالجة كثير من الظواهر والمشكلات الاجتماعية والتربوية في قالب مسرحي محبب تم من خلاله عرض خمس مسرحيات تربوية اجتماعية هادفة هى: (دكتور ساعدني, هوامير مول, الطفلة الساحرة, هالة وهلالة, الحصان الخشبي).
وعقد النادى خلال الادارة الحالية مجموعة من الشراكات التي تمت بين نادي جدة الأدبي الثقافي وعدد من الجهات الحكومية والتعليمية والإعلامية ومؤسسات المجتمع بمختلف أنماطها ومنها الشراكة مع جامعة الملك عبدالعزيز, والشراكة مع المجلس البلدي بمحافظة جدة والشراكة مع إدارة التربية والتعليم بمحافظة جدة والشراكة مع إذاعة جدة
وتبنى نادي جدة الأدبي خلال مسيرته مجموعة من الجوائز الأدبية والثقافية منها جائزة الإبداع لعام 1410هـ وجائزة محمد حسن عواد للإبداع, وجائزة جدة للدراسات الأدبية والنقدية، وجائزة شاعر شباب جدة، فيما لا يزال النادي يواصل نشاطه لجذب الشباب وتهيئة الفرص لكل الطاقات حتى يستفيدوا من المساحة الفكرية والأدبية التي تتمتع بها البلاد.