الرئيسية » أخبار الثقافة والفنون

برلين - د.ب.أ

من منفاه البرليني يراقب الروائي السوري نهاد سيريس الأزمة السورية ويأمل في ولادة أنماط جديدة لمختلف جوانب الحياة من تحت الأنقاض. مؤلف "الصمت والصخب" و"خان الحرير" يتحدث عن تجربته في ظل نظام قمعي وأثناء التمرد عليه. ساحة زافيني المشهورة بمقاهيها ومكتباتها في وسط حي شارلوتنبورغ البرليني، هي المكان المفضل لدى الكاتب السوري نهاد سيريس في منفاه الجديد، ربما بسبب أزقتها المرصوفة بالحجارة والتي تشبه في بعض الأماكن أزقة حي الجديدة في مدينة حلب، مسقط رأسه. "عندما أقرأ في الأخبار عن دمار السوق الأثري حول قلعة حلب أخاف جداً وأكاد لا أصدق". ارتباط سيريس بمدينة حلب وبتاريخها انعكس بشكل جلي على أعماله الروائية والتلفزيونية، التي كان يتناول فيها تطور المجتمع الحلبي في القرن العشرين. فمن رواية "رياح الشمال" التي تدور أحداثها إبان الحرب العالمية الأولى، وترصد تفتح الوعي القومي والتنويري في المجتمع السوري من خلال نموذج المجتمع الحلبي، إلى رواية "الكوميديا الفلاحية" التي تحكي قصة غزو العشائر البدوية لمدينة حلب، وجلب روح البداوة إلى مجتمع كان يزحف باتجاه المدنية. ونهاد سيريس يوظف الرمزية في العمل الروائي، ويعتبرها شكلاً من أشكال التجريد لاستعراض الواقع من خلال الماضي، مستلهماً تجربة أدباء أوروبيين على غرار الكاتب الألماني توماس مان الذي تحدث في روايته "الموت في البندقية" عن البرجوازية في ألمانيا دون أن يأتي على ذكرها بشكل مباشر. بعد مرور ثلاثة أعوام على انطلاقة ثورات الربيع العربي يتذكر سيريس لمتابعته لتلك الأحداث: "كنت أراقب الثورات في تونس ومصر ثم ليبيا، وأقول في نفسي من المستحيل أن تصل الثورة إلى سوريا بسبب تجربة الثمانينات"، في إشارة إلى قيام نظام حافظ الأسد بقمع حراك شعبي شاركت فيه حركة الإخوان المسلمين في ذلك الوقت. ويستطرد سيريس لكن الشعب قام بالفعل بثورة "لم تكن انتفاضة بمعنى التغيير وإنما كانت رد فعل على عنف السلطة". وذلك في الوقت الذي كان فيه العمل السري والمعلن للمثقفين السوريين يدعو إلى التغيير. وبالنسبة لنهاد سيريس، كان الأدب دائماً وسيلة للتغيير، مما كلفه مشاكل مع النظام السوري، ففي التسعينات كتب العمل التلفزيوني "خان الحرير" الذي استعرض الفترة التاريخية قبل وبعد الوحدة مع مصر، فكان أول صدام له مع السلطة، ومُنع على أثره من الكتابة للتلفزيون. في عام ألفين توفي حافظ الأسد وورثه سريعاً ابنه بشار، الذي أعلن فور استلامه السلطة عن نيته إطلاق الحريات وإحياء المجتمع المدني، وذلك في خطاب "القسم" الذي ألقاه في السابع عشر من يوليو/ تموز 2000. وشكل الخطاب موعدا لانطلاق ما عرف بربيع دمشق الذي دام أشهرا فقط، إثر قيام السلطات بتجميد نشاط المنتديات السياسية والثقافية. يقول الكاتب السوري سيريس إن بشار الأسد أوقف "العملية، وخان أصدقاءه، مثل علي فرزات، الذي دفعه ليؤسس (جريدة) "الدومري"، ثم أوقفها وورطه بديون مع وزارة المالية"، كما أنه فرض الصمت على المثقفين السوريين، ليتحول الحوار بينهم إلى عمل سري. في تلك الفترة كتب سيريس رواية "الصمت والصخب" التي عرضت التناقض ما بين الصمت المفروض على المثقف والصخب الذي تفرضه السلطة على المواطنين. " أنا مع التغيير ولكني أخاف الثورة" بعد مرور ما يقارب العام على اندلاع الثورة السورية قرر سيريس الخروج من سوريا، خاصة بعد معايتنه للاغتيالات المتكررة التي كانت تستهدف المثقفين. دموية النظام السوري والعنف السافر الذي تعرض له السوريون من قبل النظام دفع الشارع إلى التسلح، حسب قول سيريس الذي وصل إلى مرحلة لم يجد فيها مكاناً له على مسرح الأحداث. ويقول الأخير "لم يعد ممكناً أن أبقى وأصمت، وكان عليّ الصمت للبقاء في سوريا. ولأنه لا يمكنني حمل السلاح أو الدعوة إلى حمله، فقد رحلت. أنا مع التغيير لكني أخاف من الثورة". اختار نهاد سيريس الهجرة إلى بلد عربي بسبب علاقته مع اللغة، مفضلا مصر، حيث يمكنه التحرك بسهولة والبقاء قريباً من تطور الوضع في سوريا. إقامته فيها كانت غنية من الناحية الأدبية، وتخللتها زيارة إلى أمريكا شهدت نشاطاً أدبياً. "عندما عدت إلى مصر كانت الثورة قد غيّرت وجهها، كما كنت أتألم لرؤية مئات الآلاف من السوريين الذين هجروا من ديارهم ولجؤوا إلى مصر بحثاً عن الأمان". في صيف 2013 وأثناء زيارته لألمانيا لنيل جائزة روكرت حصل انقلاب عسكري في مصر، كما يقول الكاتب، فقرر عدم العودة وبقي في برلين. أنماط جديدة ستولد من الدمار بعد مرور ثلاثة أعوام على انطلاق الثورة ضد النظام السوري، وبعد تعرض مدن سورية بأكملها للدمار وبعد مقتل أكثر من مئة ألف سوري وتشرد الملايين، يرى سيريس أن لا مجال للعودة إلى الوراء، ولا وجود لسوريا التي عرفها في الماضي، "في سوريا كل شيء سيتغير. حتى اللغة ستتغير، وستظهر أجناس أدبية جديدة على غرار ما حصل في أوروبا بعد الحرب العالمية الأولى". ويتوقع الكاتب الحلبي المقيم في برلين منذ حوالي ثمانية أشهر أن تُغني الحياة في ألمانيا تجربتَه الأدبية. "أنا ككاتب لم أكن يوماً بعيداً عن الأدب الألماني، ولكني اليوم أستمتع به أكثر عندما أمشي في الشوارع نفسها وأستمتع بالمناظر نفسها، وأشرب الماء نفسه الذي شربه أدباء ألمان كنت أقرأ لهم بشغف". وعند سؤاله عما إذا كان سيعود إلى سوريا، رد قائلا "كل سنة أزداد هرماً. كنت أتمنى كمهندس أن أعود وأساهم في إعادة الإعمار. لا أدري".

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

قصور الثقافة تكرم الشاعر محمد عبد القادر ببورسعيد
الساحة الرضوانية في ضيافة وزارة الثقافة المصرية بقبة الغوري
أولويات ميزانية الثقافة والتواصل تثمين سجلماسة ومعرضان للألعاب والإعلام
ماستر كلاس للمخرج أشرف فايق بمركز الثقافة السينمائية الأربعاء…
24 مدينة مغربية تتدارس عطاء الأديب والناقد برادة

اخر الاخبار

محافظ شمال سيناء يؤكد أن إدخال المساعدات إلى غزة…
الجيش اللبناني يُحبط مخططاً إرهابياً ويعتقل خلية مؤيدة لداعش…
بايتاس يعلن دخول قانون العقوبات البديلة حيز التنفيذ نهاية…
مجلسا النواب والمستشارين يجددان الولاء للملك محمد السادس ويشيدان…

فن وموسيقى

أنغام تنفي إصابتها بسرطان الثدي وتطمئن جمهورها قبل طرح…
لطيفة تؤكد أن ألبوم "قلبي ارتاح" يعكس روحها وأعادت…
جيهان الشماشرجي سعيدة بتجسيد دور مركب ومعقد في فيلم…
نانسي عجرم تكشف لمحة أولى من ألبومها المنتظر "Nancy11"…

أخبار النجوم

أنغام تخضع لجراحة استئصال ورم من البنكرياس وفحوصات لتحديد…
أنوشكا تهاجم مشاركة البلوغرز في الأعمال الفنية
أنغام تتألق في ظهورها الأول بعد شائعة إصابتها بالسرطان
حسين فهمي يشارك في الدورة الثانية من جوائز الباندا…

رياضة

ليفربول يضم موهبة مصرية جديدة كريم أحمد يوقع عقده…
قطر مرشحة لاستضافة النسخة الثانية من مونديال الأندية
والد لامين يامال يعلق على أزمة احتفال "عيد الميلاد"
أندية سعودية تبدي اهتمامها بضم يوسف النصيري

صحة وتغذية

معدل مشي يومي جديد يساعد في الوقاية من الأمراض…
وزير الصحة المغربي يكشف تفاصيل مرسوم جديد لخفض أسعار…
ابتكار طبي يستخدم الذكاء الاصطناعي لتشخيص أمراض القلب بشكل…
التمارين الرياضية تفتح باب الأمل للتخلص من الأرق وتحسين…

الأخبار الأكثر قراءة