الرئيسية » أخبار الثقافة والفنون
الفن التشكيلي المصري

القاهرة ـ أ ش أ

ليس من قبيل المبالغة القول ان الفن التشكيلي المصري يمكن ان يقوم بدور كبير ضمن منظومة ادوات القوة الناعمة لمصر في مواجهة مغالطات فجة تتردد احيانا في الخطاب الثقافي والاعلامي الغربي بشأن المشهد المصري.
وقد يصل الأمر في هذه المغالطات لتشجيع التصورات الفوضوية التي تناهض فكرة الدولة من الاساس وفي الأصل مع ان الغرب لم يسمح حتى الآن على الأقل بازالة او شطب دولة من دوله استجابة لمن يطلق عليهم هناك اسم "الفوضويين" او "الأناركيين"!.
ومن هنا يستحق مركز الجزيرة للفنون الاشادة لمبادرته مؤخرا بتنظيم ندوة للتعريف بمشروع ثقافي جديد عنوانه :"مصر في عيون العالم" فيما يسعى رئيس قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة الدكتور احمد عبد الغني للاستفادة من القوة الناعمة للترويج لمصر ثقافيا وسياحيا.
وكانت مدير مركز الجزيرة للفنون ايناس حسني قد لفتت لخطأ "الاكتفاء بالنظر لأنفسنا من الداخل اكثر من الاهتمام برأي العالم فينا" بينما رأى احمد غانم منسق مشروع "مصر في عيون العالم" انه اذا اردنا ان تكون صورة مصر على الوجه الأفضل "فلابد وان نفهم كيف ينظر العالم الينا حتى نستطيع مخاطبة الثقافات والشعوب المختلفة بالطريقة التي يفهمونها هم وليست الطريقة نفهمها نحن".
والوضع الراهن يؤشر لأهمية منح الثقافة ما تستحقه من اهتمام وبناء علاقات بناءة بين الاجهزة والمؤسسات الثقافية الرسمية وتلك التي تقع خارج الاطر الرسمية لصالح شعب مصر ودفاعا عن قضاياه ودرء شرور الحروب الدعائية-الاعلامية التي تشنها قوى معادية لمصر والمصريين بلا هوادة وعبر اشكال وصيغ مختلفة.
ومن الأهمية بمكان في هذا السياق كسر النخبوية المفترضة للفن التشكيلي لتكون لوحاته متاحة لكل المصريين تماما كما هو الأمل المنشود لتجليات ثقافية اخرى كالشعر والموسيقى والرواية ومن اجل تعميق ثقافة الحق والخير والجمال في ارض الكنانة التي تعشق بفطرتها الطيبة كل ماهو جميل.
وكان الدكتور شاكر عبد الحميد وزير الثقافة الأسبق قد اكد على ان نجاح عناصر وادوات القوة الناعمة ومن بينها الفنون التشكيلية يرتبط بمدى قربها من الناس ومشاكلهم والا يتم التعامل معها باعتبارها مجرد وسائل للترفيه والرفاهية.
واللافت ان بعض اهم رسامي الكاريكاتير في مصر مثل الراحل العظيم مصطفى حسين والفنان الكبير احمد طوغان الذي يوصف عن جدارة "بشيخ رسامي الكاريكاتير في مصر" لهم اسهامات ابداعية هامة في الفن التشكيلي فيما ضمت باقة الفنانين التشكيليين المصريين اسماء خالدة في الحياة الثقافية المصرية مثل الراحل حسن فؤاد صاحب شعار "الفن في خدمة الحياة" والمناضلة انجي افلاطون والمبدع عبد الغني ابو العينين ناهيك عن الأستاذ عبد السلام الشريف.
ان الفن التشكيلي المصري مؤهل كتجل اصيل من تجليات الثقافة المصرية لمواجهة الهجمة غير المسبوقة على مصر والعالم العربي ككل وهي هجمة تحمل في ثناياها مآرب من يقف وراءها من اطراف رئيسة وعميلة من قتل للذاكرة واهانة للشعوب وهو ماتؤشر له بوضوح عمليات الاستهداف المتعمد للمتاحف والابداعات الفنية منذ بدء تنفيذ مخطط الفوضى الخلاقة بغزو العراق ونهب متاحف بغداد واعز روائع تراثها.
وهكذا عندما تقيم جامعة حلوان معرضا للفنون التشكيلية وهو المعرض الذي بدأ امس "الثلاثاء" ويستمر اسبوعا حافلا بابداعات شباب مصر في عشرات اللوحات التشكيلية فهي بذلك تشارك ضمنا في رد الهجمة التي تستهدف معنى الوجود المصري والعربي وتحويل حواضر العرب ومدنهم الزاهرة "للأرض الخراب".
ولعل ابتسامة مصر تتسع وهي ترى شبابها يعرضون ابداعات تشكيلية مضمخة بأنفاس مصرية واحلام مصرية وثقافة وطنية تتفاعل مع اخر صيحات الفن التشكيلي في العالم ومدارسه المتطورة بقدر مايشعر المرء بالاعجاب والثقة في قدرات الجيل الشاب خاصة وان عددا لايستهان به من المشاركين في هذا المعرض ينتمون لكليات خارج اطار مايسمى بالكليات المتخصصة في الفنون كالفنون الجميلة والتطبيقية والتربية الفنية كما يوضح الدكتور خالد السحار الأستاذ بكلية الفنون الجميلة والمشرف على المعرض.
وشباب مصر في جامعة حلوان يسهمون بهذه الابداعات في عملية تحصين الذاكرة الوطنية المصرية بقدر ماينتصرون للجمال كقيمة انسانية ويخاطبون بانتاجهم الثقافي كل من يهمه الأمر في عالم كتب عليه ان يعاني من محاولات اثمة للمحو الحضاري والتجهيل ومسخ الهوية وتحويل الوطن الى سوق "لامكان فيه للذاكرة ولا مكان للأبطال" كما قالها ذات يوم عظيم الرواية المصرية نجيب محفوظ وهو يستشرف المستقبل في مجموعته القصصية "صدى النسيان".
يتبع.
ومن نافلة القول ان الفنون التشكيلية بقدر ماتؤثر في اي مجتمع فهي تتأثر بمتغيراته وثوراته كما هو الحال في بلد كمصر تأثرت فيه الفنون التشكيلية بصورة واضحة على ايقاع ثورة 1919 وثورة 23 يوليو 1952 فيما لن يكون من قبيل المفاجأة ان تنجب ثورة يناير-يونيو اسماء جديدة وكبيرة في عالم الفن التشكيلي.
ولايمكن التغاضي عن اهمية نقابة الفنانين التشكيليين اذا كانت هناك نوايا جادة للاستفادة من ابداعات الفن التشكيلي المصري في تعظيم القوة الناعمة لمصر في خضم التحديات الراهنة فيما كان نقيب التشكيليين الدكتور حمدي ابو المعاطي قد جهر بالشكوى جراء مااعتبره نزعة من جانب البعض لتجاهل هذه النقابة في فعاليات ثقافية هامة.
وثمة حاجة واضحة للتنسيق بين الهيئات الثقافية الرسمية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني على صعيد تحرك جاد لشرح حقيقة ثورة الثلاثين من يونيو للرأي العام في الغرب والنخب السياسية والثقافية بالولايات المتحدة واوروبا وهي ثورة كانت في احد اهم ابعادها تناهض عملية "تفكيك الدولة" في بلد تشكل "الدولة" في ثقافته حاجة مصيرية في الوجدان والعقل الجمعي للمصريين.
المشكلة الأساسية في السياق الغربي ان الأغلبية الشعبية في الغرب المنهمكة في عملها اليومي وتفاصيل ازالة آثار الأزمة الاقتصادية الأخيرة لاترى الحقائق جيدا فيما يتعلق ببلد مثل مصر او في المنطقة العربية ككل بفعل التأثير الضار لبعض الأقلام والأصوات الاعلامية والثقافية الغربية المنحازة لتصورات بعينها والتي تخدم مصالح بعينها.
وفيما باتت التلفزة موضع دراسات ثقافية عميقة في الغرب بقدر ماهي جذابة رأي الدكتور محمد عبد الشفيع عيسى استاذ العلاقات الاقتصادية الدولية في معهد التخطيط القومي بالقاهرة ان المشهد المصري بعد ثورة 30 يونيو مشوه لدى الرأي العام الخارجي .
واذا كان الدكتور محمد عبد الشفيع عيسى قد اكد على ان هناك حاجة لتقديم صورة اكثر توازنا لواقع الحال المصري فان الحروب التلفزيونية التي تتعرض لها مصر من الخارج تسهم في عملية التشويه الجارية على قدم وساق.
ويشير الدكتور محمد عبد الشفيع عيسى الى ان استراتيجيات الاعلام العالمي تابعة بصورة عامة للاستراتيجية العامة للدول الغربية الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة فيما لفت الى اعتياد اجهزة الاعلام على نقل "الشكل العام" للحدث اي تضاريسه الظاهرية دون القدرة وربما دون رغبة في تجسيد التفاصيل العميقة لجوهر الظاهرة .
وفي مصر على وجه التحديد لم تكن الدولة كفكرة وحاجة او ضرورة موضع تساؤل فهي بأي منظور تاريخي ومجتمعي استجابة مطلوبة لضرورات ملحة ولم يكن السؤال حول الدولة كصيغة وانما يمكن ان تطرح الكثير من الاسئلة حول مضمون الدولة ومحتواها وطبيعة علائقها .
فالى جانب التأثير البالغ الأهمية لنهر النيل على طبيعة الحياة المصرية التي تستلزم وجود دولة مركزية تنظم قضايا الري وهي قضايا حياة او موت فان المصريين الذين كانوا يواجهون في لحظة تاريخية عصيبة خطر الفناء في ظل غياب الدولة الحافظة للوطن لم ينسوا لمحمد علي انه اقام هذه الدولة التي حفظت الوطن بقدر ماأنقذتهم من خطر الفناء.
ومن هنا بقت تجربة الرجل راسخة في الوجدان المصري على الرغم من اي مآخذ او ملاحظات موضوعية وجوهرية حول هذه التجربة ونظام الحكم الذي انتجته وظل اسم محمد علي يحظى بتقدير واضح حتى في ذروة المد الثوري القومي لتجربة جمال عبد الناصر حيث استمرت فكرة الدولة ومفاهيمها واهمية الحفاظ عليها "جزءا اصيلا في العقيدة الوطنية المصرية".
ومن هنا ايضا فان الشعور الشعبي المصري بأهمية الدور المركزي للدولة الوطنية ينطلق في الحقيقة من منظور التاريخ والواقع معا وهذا الشعور العام بقى دوما في حنين للدولة العادلة او الدولة الرحيمة والحازمة معا التي تقوم على قيمتي الحرية والعدل وهما في الواقع اهم قيمتين في التراث النضالي المصري والعربي على وجه العموم .
يطرح هوارد كايجل في كتاب "في المقاومة:فلسفة التحدي" افكارا ورؤى جديرة بالتأمل والاهتمام ومن بينها "ان المقاومة لاتفرز بالضرورة سلوكا اخلاقيا ولايمكن وصفها بالمثالية الا اذا قررت ان تضع المثل والأخلاق في قلب سياساتها".
لكن الطريف والدال هذا التأويل الثقافي في الكتاب الجديد لرؤية المفكر الاستراتيجي الألماني الشهير كارل فون كلاوز فيتز للمقاومة باعتبارها تجليا لنشاط ابداعي و"استجابة خلاقة للفرصة" ولعلها رؤية مطلوبة في خضم اللحظة المصرية التي تتطلب الكثير من الابداع والاستجابة الخلاقة للفرصة بدلا من هدر الامكانية والسقوط في دوامة الفراغ او الحلقة المفرغة .
ولعل التحرك المحمود لفنانين تشكيليين مصريين دفاعا عن مصر وثقافتها وتصحيحا لمفاهيم مغلوطة في الغرب يشكل نموذجا للمقاومة باعتبارها تجليا للنشاط الابداعي واستجابة خلاقة للفرصة..البعض يريد للربيع العربي ان يكون عواصف نار ودمار لاتنتهي الا وقد التهمت الدول التي ثارت شعوبها من اجل حياة افضل!.
انها لعبة المصالح والخرائط الجديدة والصراع على المستقبل ومصر في قلب هذا الصراع ..اعداء مصر يبغونها "جسدا معلقا بين الجوع والربيع" لكن مصر ستسقط المؤامرة الملغومة وثقافتها تحتشد لتبني المدائن وتحرر الخلائق ويرسم فنانها المبدع "يمامة خضراء مؤتلقة بالأمومة والنخيل المرابط في ارض الكنانة وهمسة عشق في هودج قمر من مرمر"!..يرسم" احلام الصبا وشموسا تلمع في عينين صافيتين لمهرة مصرية تركض نحو الحلم".

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

قصور الثقافة تكرم الشاعر محمد عبد القادر ببورسعيد
الساحة الرضوانية في ضيافة وزارة الثقافة المصرية بقبة الغوري
أولويات ميزانية الثقافة والتواصل تثمين سجلماسة ومعرضان للألعاب والإعلام
ماستر كلاس للمخرج أشرف فايق بمركز الثقافة السينمائية الأربعاء…
24 مدينة مغربية تتدارس عطاء الأديب والناقد برادة

اخر الاخبار

أميركا أبلغت الوسطاء أنها تضغط على نتنياهو للوصول لهدنة…
الشارع السوداني يترقب إعلان التشكيلة الوزارية وخلاف طفا على…
فتيات العنب في مصر يتصدرن المشهد بعد حادثة حزينة…
وزير الخارجية الإيراني يؤكد استعداد بلاده للعودة إلى المحادثات…

فن وموسيقى

صابر الرباعي يؤكد أن مهرجان موازين في المغرب نموذج…
نيللي كريم تكشف تفاصيل إصابتها بالسرطان في وجهها وتحكي…
أحمد حلمي يُعبر عن سعادته بتكريمه في مهرجان الدار…
هند صبري تواجه حملة هجوم بسبب موقفها من قافلة…

أخبار النجوم

كاظم الساهر يُسحر جمهور الرباط في ليلة طربية لا…
شيرين عبدالوهاب توجّه رسالة الى رسالة الى الملحن مدين…
دينا فؤاد تكشف كشفت العديد من أسرارها الشخصية والمهنية
حنان مطاوع تكشف عن الأعمال الفنية التي ندمت عليها…

رياضة

ضربة للهلال قبل موقعة السيتي غياب سالم ستة أسابيع
خيسوس على بعد خطوة من تولي تدريب النصر
كأس العالم للأندية انطلاق برازيلي وهيمنة أوروبية وثلاث نهائيات…
فرص الهلال قائمة للتأهل في مونديال الأندية رغم المنافسة…

صحة وتغذية

6 مشروبات تنظف الأمعاء عند تناولها على معدة فارغة
دراسة تؤكد نجاح الإنسولين المستنشق في علاج الأطفال المصابين…
لقاح جديد للرضع يحمي من الفيروس المخلوي التنفسي
علماء يكتشفون فئة دم فريدة من نوعها في العالم

الأخبار الأكثر قراءة