القاهره ـ المغرب اليوم
كان توقف خدمة "واتس آب" عن العمل، مساء السبت، إثر تعرضها لعطل تقني واسع النطاق، بمثابة مصدر للسخرية من جانب جمهور المستخدمين حول العالم، نتيجة حدوث ذلك بعد يومين فقط من إتمام صفقة استحواذ "فيسبوك" على "واتس آب" مقابل 19 مليار دولار، وهي الصفقة التي قابلها كثير من مستخدمي "واتس آب" بالانتقاد والتذمر. توقف "واتس آب" في حدود الثانية ظهرا بتوقيت "نيويورك"، من يوم أمس السبت، أعلن الحساب الرسمي لـ"واتس آب" أن الخدمة بالفعل تعرضت لعطل أدى إلى توقفها عن العمل، وقدمت اعتذارها لمستخدميها، واعدة بأن تعالج الخلل في أقرب وقت ممكن، وهو ما حدث بالفعل بعد توقف استمر لساعات. وبينما كان مستخدمو "واتس آب" عاجزين عن إرسال أو استقبال أي رسائل أو مواد رقمية، كانت المواقع الاجتماعية الأخرى تمتلئ بالتعليقات الساخرة والساخطة على إدارة "فيسبوك" التي اتهموها بالوقوف وراء العطل "تعمدا" بعد أن كان التطبيق الشهير المنافس الأقوى والأبرز لفيسبوك، رغم اختلاف نمط الاستخدام في كلا الخدمتين الرقميتين. تعليقات ساخرة لم تمر سوى ساعات قليلة على تعطل خدمة "واتس آب" حتى انطلق سيل من التعليقات الساخرة والساخطة على إدارة "فيسبوك" التي اتهموها بالوقوف وراء هذا العطل، سواء في مصر أو في العالم. ورصد موقع Tech Crunch الأمريكي مجموعة من الصور المعالجة بشكل سيء "تسخر" من فيسبوك وواتس آب، وهي الصور المعروفة باسم "الكوميكس"، كان أبرزها صورة لمؤسس موقع فيسبوك والمدير التنفيذي له "مارك زوكربرج" ومكتوب عليها "إذا لم تستطع هزيمته.. قم بشرائه ثم إغلاقه" في إشارة إلى الصفقة التي أتمتها الشركتان منذ يومين بشراء فيسبوك لـ"واتس آب". كما تجسد صورة أخرى مأساة التطبيق بعد هذا العطل، بتصويره وكأنه سباق دراجات بين أشهر برامج التراسل الفوري مثل فايبر، بينما يسقط "واتس آب" من السباق. سر الصفقة تقارير صحفية عديدة تحدثت خلال العام الماضي عن انحسار ملحوظ في شعبية "فيسبوك" إلى جانب توقعات بخسارته مزيداً من المستخدمين، منها تقرير نشرته صحيفة The Time of India في ديسمبر الماضي تحدث عن مؤشرات واضحة لتقلص شعبية الموقع الاجتماعي الأشهر، لهذا تأتي صفقة استحواذه على تطبيق التراسل الفوري "واتس آب" WhatsApp بمثابة طوق النجاة للموقع الاجتماعي الأشهر عالميًا. المحللون أرجعوا حرص "فيسبوك" على شراء "واتس آب" هو رغبته في تملك مستخدمي التطبيق الشهير والاستحواذ عليهم أيضًا، خاصة أنها تستهدف تجديد الدماء في عروق موقعها من خلال تلك الفئة العمرية من المستخدمين وهم المراهقون والشباب. ويبدو أن "فيسبوك" خشيت من أن تلاقي مصيرًا مثل منافسيها السابقين "ماي سبيس" My Space و"هاي فايف" Hi 5، وكلاهما موقعان اجتماعيان شهدا عزوف الملايين عن استخدامهما بمرور الوقت بعد سنوات من النجاح منقطع النظير، ولهذا كان عليها التحرك سريعا لإنقاذ الموقف. سبب آخر وراء الصفقة يشير إليه التقرير الذي نشره موقع Tech Cruch الأمريكي الشهير، والذي أوضح من خلال الرسوم البيانية وملفات "الإنفوجرافيك" المنافسة الشرسة بين "فيسبوك" و"واتس آب" قبل الاندماج. ويوضح الرسم البياني، المستند لإحصاءات رقمية دقيقة أجرتها شركة Onavo، أن مستخدمي "واتس آب" فاق مستخدمي فيسبوك في كل الدول الأوروبية عدا فرنسا، بينما كان الفارق في الاستخدام كبيراً جداً في بعض الدول مثل إسبانيا، وهي إحصائية مهمة تعكس مدى التهديد الذي مثله "واتس آب" لفيسبوك. ومن خلال الإحصاء المذكور أيضًا، يتضح أن نسبة الاستخدام النشط لـ"واتس آب" تفوقت على "فيسبوك" في كل دول العالم باستثناء الولايات المتحدة واليابان وفرنسا وكوريا الجنوبية، فيما جاءت نسبة الاستخدام مماثلة في دول أخرى مثل كندا ونيوزلندا، أما باقي الدول التي شملتها الإحصائية فالتفوق يبدو واضحًا لـ"واتس آب". مخاوف متبادلة الاهتمام الكبير بهذه الصفقة تسبب في مخاوف لدى مستخدمي "واتس آب" و"فيس بوك" على حد سواء، أو حتى لدى المستخدمين لكليهما، ولعل "تهديدات الخصوصية" هي القضية الأبرز هنا، فكلتا الخدمتان الرقميتان تواجه انتقادات في حماية خصوصية المستخدمين، لكن تختلف طبيعة تلك الانتقادات وفقا لنمط استخدام الخدمة. الهاجس الأكبر لدى مستخدمي "واتس آب" أن فيسبوك ستبدأ في استغلال حصيلة المستخدمين الجديدة لتبث إعلانات عبر التطبيق، وهو الأمر الذي نفاه "وقتيا" المدير التنفيذي ومؤسس فيسبوك، مارك زوكربج، حيث أعلن أن شركته لا تخطط القيام بخطوة مثل هذه في الوقت الحالي، مؤكدًا استمرار الخدمة للعمل بنفس الأسلوب التقليدي لفترة من الزمن. أما مستخدمو "فيسبوك"، فيرون أن "واتس آب" لا يزال لا يتمتع بالحماية الكافية للخصوصية، مثلا لا يمكن منع أي من الرسائل النصية أو رسائل الوسائط المتعددة من الوصول إلى مستخدمين آخرين، حتى من دون سابق معرفة، كأن يرسل مستخدم لآخر عبارات خادشة أو صورًا غير لائقة، دون أن يكونا أصدقاء. ويتخطى عدد مستخدمي "واتس آب" حول العالم حاجز الـ450 مليون مستخدم، منهم 70% مستخدمين نشطين، وينضم إلى البرنامج كل يوم قرابة مليون مستخدم جديد.