الرئيسية » نساء في الأخبار
وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس

لندن - ماريا طبراني

تعد وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس  أبرز الطامحين لخلافة بوريس جونسون في زعامة حزب المحافظين الحاكم، وتالياً، رئاسة قيادة الحكومة البريطانية، واختارت تراس أن تركز لدى عرض سياساتها أمام زملائها النواب على مواقفها المتشددة، في مسعى جادّ لاجتذاب أصوات التيار اليميني المتشدد في الحزب. وبالفعل، واكب تأثير صورة تراس، مع انتشار تقارير إعلامية غربية قالت، إنها «طردت السفير الروسي لدى بلادها أندريه كيلين، من مكتبها بوزارة الخارجية البريطانية، في فبراير (شباط) الماضي، بعد نقاش حاد بسبب هجوم روسيا على أوكرانيا»، وإنها خاطبت السفير قائلة «ينبغي أن تشعر بالخجل لأن روسيا كذبت بشكل متكرّر، وفقدت آخر شرارة للثقة لدى المجتمع الدولي».

ومع تقدم معركة التنافس على زعامة حزب المحافظين الحاكم في بريطانيا، سعت وزيرة الخارجية الحالية ليز تراس على تثبيت موقعها في قلب الجناح اليميني داخل الحزب. وكان السباق لخلافة رئيس الوزراء المستقبل بوريس جونسون قد افتتح في مطلع الأسبوع بـ11 مرشحاً، سرعان ما انسحب منهم وزير النقل غرانت شابس. ومن ثم تساقطت الأسماء تباعاً في الأيام التالية وتزايدت الاصطفافات التكتيكية وضوحاً داخل الحزب بين ممثلي الجناح المعتدل (يمين الوسط)، ومن أبرز وجوهه وزير الخارجية السابق جيريمي هنت، ممثلو الجناح المتشدد (أقصى اليمين) ومنهم المدعية العامة سويلا برافرمان، وزميلتها كيمي بادينوك وزيرة الحكم المحلي والبيئات الإيمانية والمحلية. غير أن تطور السباق واستطلاعات الرأي أشارت إلى تقدم وزير المالية ريشي سوناك ووزيرة التجارة بيني موردنت ووزيرة الخارجية ليز تراس. لكن، بينما بدا كل من سوناك وموردنت حريصين على طرح نفسيهما كمرشحي «وحدة» بين أجنحة الحزب اختارت تراس العمل على تزعم الجناح المتشدد اليميني.

في تقديم تراس «رؤيتها» أمام الحزب، قالت في كلمة لها بعد عودتها من إندونيسيا في أعقاب استقالة جونسون «لدي رؤية واضحة لاقتصاد البلاد، والخبرات والحلول لتنفيذ هذه الرؤية... سأخوض المنافسة في هذه الانتخابات بصفتي محافظة وسأحكم بصفتي محافظة. إنني أضع نفسي في المقدّمة لأنني أستطيع أن أقود، وأتخذ القرارات الصعبة. لدي رؤية واضحة للمكان الذي نحتاج إلى أن نكون فيه، ولدي الخبرة والعزم للوصول بنا إلى هناك»، مشددة تحمسها لموضوع خفض الضرائب الذي يعد أولوية عند الشارع السياسي المحافظ.

ولدت ماري إليزابيث «ليز» تراس، في مدينة أوكسفورد بجنوب وسط إنجلترا يوم 26 يوليو (تموز) عام 1975، لأسرة بريطانية من الطبقة المتوسطة ذات قناعات يسارية قوية، وترتيبها الابنة الكبرى بين أربعة أشقاء. أبوها كان بروفسوراً للرياضيات، أما أمها فكانت ممرضة ومدرّسة وناشطة سياسية. وحقا ترعرعت «ليز» في بيئة عائلية يسارية ملتزمة.

عندما كانت ليز في سن الرابعة من عمرها انتقلت الأسرة إلى مدينة بيزلي الاسكوتلندية المجاورة لمدينة غلاسغو، ولاحقاً إلى مدينة ليدز بشمال إنجلترا، تبعاً لمواقع أبيها البروفسور في جامعة ليدز. وفي ليدز أكملت تعليمها الثانوي قبل التحاقها بجامعة أوكسفورد (كلية ميرتون) العريقة، حيث تخصصت في الفلسفة والسياسة والاقتصاد. وفي الجامعة بدأ تحوّلها السياسي من اليسار إلى الوسط عندما نشطت في كقيادية طلابية في صفوف حزب الديمقراطيين الأحرار.

وكانت رحلة ليز تراس إلى أوروبا الشرقية في التسعينات من القرن الماضي «لحظة حاسمة في حياتها» كما أخبرت بعض أصدقائها. وحقاً، التحقت بعد تخرجها في الجامعة إلى حزب المحافظين، معتبرة أمام أصدقاء لها، أن «(مارغريت) ثاتشر تبنّت النهج الصحيح».

وبعد التخرّج في أوكسفورد، عام 1996، عملت تراس في شركة خاصة، وتزوجت من محاسب هو هيو أوليري، كانت قد التقته في مؤتمر المحافظين عام 1997، وتزوجا عام 2000، ولديها ابنتان، تذهب معهما في بعض الأحيان لركوب الدراجات، كما تساعدهما في واجباتهما المدرسية.

وككل المرشحين الجدد، احتاجت تراس إلى الفشل مرتين بالانتخابات البرلمانية، قبل أن تُرشَّح لمقعد مضمون وتغدو نائبة في مجلس العموم عام 2010، وخلال تلك الفترة دعت إلى إجراء تغييرات في عدد من المجالات، خاصة الصحة والتعليم والاقتصاد، وشغلت منصب وكيل وزارة برلماني لرعاية الأطفال والتعليم في الفترة من 2012 إلى 2014.

إلا أن النقلة النوعية في مسيرة تراس جاءت على يد رئيس الوزراء الأسبق ديفيد كاميرون، الذي عيّنها وزيرة دولة للبيئة والأغذية والشؤون الريفية ما بين عامي 2014 و2016، فكانت أصغر وزيرة في الحكومة بعمر 38 سنة.

وبعد استقالة كاميرون، عُيّنت وزيرة للعدل في حكومة تيريزا ماي. وفي منتصف 2019، بعد استقالة ماي، دعمت تراس ترشح بوريس جونسون لرئاسة حزب المحافظين، ومع تولي الأخير رئاسة الحكومة عُيّنت وزير دولة للتجارة الخارجية ورئيس مجلس التجارة، ووزيرة لشؤون المرأة والمساواة في سبتمبر (أيلول) 2019، ثم وزيرة دولة للشؤون الخارجية وشؤون الكومنولث والتنمية في 15 سبتمبر 2021؛ لتصبح أول وزيرة خارجية من حزب المحافظين، وثاني امرأة تجلس على هذا المقعد.

في البداية، كانت تراس منحازة لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، وشاركت في حملة «بريطانيا أقوى في أوروبا»، غير أنها بعد تعيينها وزيرة للخارجية، تولت إدارة ملف «بريكست» خلفاً لديفيد فروست، حيث شغلت منصب كبير مفاوضي الحكومة البريطانية مع الاتحاد الأوروبي.

منذ تولي ليز تراس مهام منصبها وزيرة للخارجية سطع نجمها دولياً، وصارت بين أنشط الوزراء وأشهرهم. وهكذا أخذ اسمها يتردد كخليفة محتمل لجونسون، حتى قبل أن تفصح هي عن رغبتها في ذلك. ورغم تأكيدات عدد من المصادر للصحف البريطانية على أنها «تركز عملها على إدارة ملفات البلاد الخارجية، ولا تنظر إلى منصب رئيس الوزراء»، ليبدو أن الأمر تغير عقب استقالة جونسون، وأنها كانت تعد لذلك منذ مدة.

وتحاكي تراس بطلتها ثاتشر بالحديث عن الحرية والتجارة الحرة، وتخفيض الضرائب؛ وهو ما يجعل البعض يراها «تسير على خطى المرأة الحديدة»، وأنها «مارغريت ثاتشر جديدة».

ورغم أن تراس ترفض علانية المقارنة مع ثاتشر؛ فإن المقربين منها يرون أنها «تحبها»، بينما يقلل منتقدوها من التشابه بين ثاتشر وتراس، بقولهم، إن الأخيرة «تفتقد للرؤية والمبادئ التي كانت تعتقنها ثاتشر».

ومواقف تراس الاقتصادية والسياسية، تجعل البعض الآخر يشكك في هذا، مشكلاً حالة من الانقسام حولها بين أعضاء حزب المحافظين أنفسهم، فوفقاً لاستطلاع رأي أجري في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فإن «أداء حزب المحافظين سيكون أسوأ تحت قيادتها، مما هو قائم تحت قيادة جونسون»، بحسب صحيفة «الفاينانشيال تايمز».

ويصف دومينيك كمينغ، المستشار السابق لجونسون، تراس بأنها «قنبلة يدوية»، وتوقع في مقابلة نشرت أخيراً، أنها «ستكون أسوأ من بوريس جونسون لو تولت منصب رئاسة الوزراء».

وومنذ طرح اسم تراس كمرشحة محتملة لرئاسة الوزراء بدأت المقارنات التقليدية بينها وبين ثاتشر، وهي مقارنة طبيعية مع أي سيدة تطمح لتولي كرسي «المرأة الحديدية»، ويقول الصحافي والنائب السابق ماثيو باريس، في تصريحات تلفزيونية «تراس تتظاهر بأنها ثاتشر، وتلقي خطابات غريبة... إنها شخصية محبوبة من جميع من عملوا معها، لكنها غريبة بعض الشيء»، وهذا الوصف تتناقله الصحف البريطانية عن زملاء لها في البرلمان من حزب المحافظين؛ إذ يقولون، إنها «غريبة... ليست سيئة أو جيدة، لكنها غريبة الأطوار».

أما شقيقها الأصغر فرنسيس فيصفها بأنها «شخصية تنافسية، دائماً ما تسعى للفوز، معتدة برأيها وواثقة من نفسها». ولا يبتعد أساتذة لها في جامعة أوكسفورد عن المعنى الإيجابي بوصفها «الذكية التي تفكر خارج الصندوق»، أو «الطموحة، تتحدث بما يدور في ذهنها».

في المقابل، لا تعدم تراس المنتقدين، بطبيعة الحال، الذين يعتقدون أنها «مهتمة فقط بالترويج لملفها الشخصي، بسبب حرصها على الترويج لنفسها على مواقع التواصل الاجتماعي». ويتخوف هؤلاء من تربع تراس على قمة السلطة بحجة أنها «خفيفة الثقافة». كذلك، يستند معارضو توليها رئاسة الحكومة إلى ما يرون أنه «انتهازية» في مسارها مركزين على «تحولها من معارضة لـ(بريكست) إلى مشاركة في مفاوضات تنفيذها. وأنها بينما تبشر بالتجارة الحرة، تدعم انسحاب بريطانيا من أكبر اتفاقية للتجارة الحرة»، بحسب ما نشرته مجلة «نيو ستيتمان» البريطانية اليسارية.

وللعلم، في خطابها نهاية العام الماضي، عكست تراس حجتها بشأن «بريكست»، فقالت «بعد ما يقرب من 50 سنة في الاتحاد الأوروبي، أصبحت جميع أدوات السياسة في يدينا، الدبلوماسية والتنمية والتجارة والأمن، نحن نعيد بناء عضلاتنا من جديد لتحقيق وعدنا ببريطانيا العالمية».

على صعيد آخر، باعترافها شخصياً، لا ترى تراس نفسها «دبلوماسية». إذ قالت في «بوكادست» لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) «لا أعتقد أن أحداً يصفني بالدبلوماسية، وأنا لست دبلوماسية»، عقب توليها مهام منصبها كوزيرة للخارجية. وهو المنصب الذي دفع كثيرين للتساؤل عن الوجه الجديد لبريطانيا أمام العالم.

ولكن، في سياق متصل، تتمتع تراس بطاقة هائلة للعمل؛ إذ يقول مقرّبون منها، إنها «لا تعرف الكلل أو الملل، وتعشق الوظيفة، لدرجة أنها تأكل وتشرب العمل، حتى أنها في إحدى المرات كتبت خطاباً مهماً في منتصف الليل، بعد 17 ساعة من المفاوضات التجارية الشاقة في طوكيو». وحسب بعض هؤلاء «كي تمضي ساعات طويلة في العمل، فإنها تشرب كميات كبيرة من القهوة... ولم ير شخصاً يشرب قهوة مثلها».

أخيراً، كانت الحرب الروسية الأوكرانية اختباراً مهماً لليز نراس، التي طالبت بفرض عقوبات على روسيا، وشجعت المتطوعين البريطانيين على الانضمام للقتال. وكانت أيضاً تطالب بزيادة الإنفاق الدفاعي، وتصر على «ضرورة هزيمة روسيا وليس استرضاءها»، حتى أن الكرملين في وقت سابق «حمّل تراس المسؤولية عن قراره وضع ترسانته النووية في حالة تأهب». وفقاً لمجلة «نيو ستيتمان»، قال عنها سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، إن «المفاوضات معها أشبه بالحديث مع شخص أصم».

قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :

ريشي سوناك يتصدر الجولة الأولى من التصويت لخلافة جونسون كزعيم لحزب المحافظين

جونسون يرفُض دعم أي مرشح لرئاسة حزب المحافظين

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

المدعية العسكرية الإسرائيلية السابقة رهن التحقيق بعد فضيحة "سديه…
وزارة الداخلية السورية تكشف حقيقة اختطاف 42 سيدة منذ…
الشيخة حسينة تتحدث لأول مرة منذ الهروب
ميغان ماركل تطلق شموعاً جديدة برائحة منزل عائلتها في…
فائزة رفسنجاني تُثير الجدل مجدداً وتؤكد أن والدها تم…

اخر الاخبار

العلمي يؤكد أن إنفتاح البرلمان المغربي على البث المباشر…
وزير الداخلية المغربي يترأس حفل تنصيب خالد آيت الطالب…
الجيش الإسرائيلي يواجه صعوبات كبيرة في التعامل مع المقاتلين…
أذربيجان ترفض إرسال قوات إلى غزة قبل وقف القتال

فن وموسيقى

أحمد حلمي وهند صبري يلتقيان في فيلم جديد للمخرج…
أحمد سعد يكشف عن تجربة جديدة في مسيرته الفنية…
آسر ياسين يتحدث عن بداياته في الفن والمعاناة التي…
آمال ماهر تكشف أسرار غيابها وترد على شائعات زواجها…

أخبار النجوم

فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق…
أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
الحكم على محمد رمضان بالسجن عامين ورد فعله يشعل…
هالة صدقي تعبرعن سعادتها بتكريمها في مهرجان VS للأفلام…

رياضة

محمد صلاح على أعتاب معادلة رقم واين روني وتسجيل…
رونالدو يؤكد قوة الدوري السعودي ويصف التسجيل فيه بأنه…
جائزة سلام الفيفا الأولى تشعل المنافسة بين أبرز الأسماء
يامال يرفض المقارنات بميسي ويركز على تحسين أداء الفريق

صحة وتغذية

إنخفاض مستويات فيتامين D في الدم قد يرتبط بارتفاع…
دواء جديد يحمي مرضى السكري من تلف الكلى
بعض الأدوية الشائعة المستخدمة يومياً تؤثر سلبا على فعالية…
الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة

الأخبار الأكثر قراءة

طرد نائبة نيوزيلندية من البرلمان خلال نقاش حول اعتراف…
فارسين أغابكيان تثمن دور السعودية في الاعترافات بدولة فلسطين
ميلوني تدعو إلى صعود اليمين المحافظ في أوروبا وتؤكد…
المغربية خديجة بندام أول امرأة تتولى رئاسة المجلس الدولي…
ماكرون وزوجته يلجآن إلى القضاء الأميركي بأدلة فوتوغرافية وعلمية…