قابل للجدل كاتب كان يتقد بالحياة وهو على بعد خطوات من الموت
آخر تحديث GMT 09:48:54
المغرب اليوم -
شركة الخطوط الملكية المغربية تطلق خدمة ويفي مجانية على متن طائرات "دريم لاينر" الجزائر ترفض بشكل قاطع إجراء صادر عن وزارة الخارجية الفرنسية مادونا تدعو بابا الفاتيكان لزيارة غزة وتحذر من فوات الأوان مباراة الدرع تكشف معاناة محمد صلاح قبل انطلاق الموسم رابطة العالم الإسلامي ترحب بموقف أستراليا الداعم للاعتراف بدولة فلسطين وسائل إعلام لبنانية مناصرون لحزب الله ينظمون مسيرة بالدراجات النارية في الضاحية الجنوبية لبيروت احتجاجًا على قرارات الحكومة بشأن حصر السلاح بيدها ترامب يعلن نشر الحرس الوطني ووضع شرطة واشنطن تحت إدارة اتحادية للتصدي للجريمة الاتحاد الأوروبي يعلن إعداد حزمة عقوبات جديدة ضد روسيا ويتمسك بوقف إطلاق نار كامل قبل أي تنازلات طائرة حربية إسرائيلية تخترق أجواء العاصمة دمشق وتحلق فوق ريفها القائد العام للقوات المسلحة يكلف صدام حفتر نائباً للقائد العام ويطلق رؤية 2030 لتحديث الجيش الليبي وتعزيز جاهزيته
أخر الأخبار

"قابل للجدل" كاتب كان يتقد بالحياة وهو على بعد خطوات من الموت

المغرب اليوم -

المغرب اليوم -

لندن ـ وكالات

كان الكاتب والصحافي الشهير الراحل كريستوفر هيتشنز برفقة مجموعة من أصدقائه في أحد المطاعم الفاخرة التي تكتظ بها العاصمة الأميركية واشنطن. بينما كان منهمكا في أكل «الستيك» الشهي، لمعت في خياله فكرة ساخرة وملحة لم يستطع مقاومتها. في الوقت الذي كان يعد نفسه ليترجمها لكلمات مسموعة، تدخل الجرسون، الواقف قريبا، بطريقة مرتبكة وقام بتقطيع اللحم في طبق هيتشنز إلى أجزاء صغيرة، وتبرع بعدها بتوزيع بعض من هذه القطع على الآخرين. هيتشنز، كما كتب، صدم من تصرف الجرسون ونسي فكرته المثيرة التي كان ينوي إمتاع الحاضرين بها، خصوصا النساء. تنتظر الآن بلهفة تكملة القصة، لتتفاجأ بأن الكاتب يتوقف ليعلن أن الجرسون لم يقم بذلك على أرض الواقع، ولكن فقط في خياله الذي صار قطعة اللحم. كل حركات وسكنات وكلمات ذلك الجرسون، تبعث برسائل وقحة للزبائن بأن عليهم إما المغادرة بسرعة أو طلب المزيد من الطعام أو الشراب، لأن هناك من ينتظر ليدفع أكثر. الترجمة المجازية لسلوك هذا الجرسون المتململ غير بعيدة عن المشاهد التي ارتسمت في خيال الكاتب، كأنه يقوم بتقطيع قطعة اللحم ومن ثم يوزع بعضها وربما يأكل جزءا منها. هذا المدخل المثير استخدمه هيتشنز ليحبس أنفاس القارئ بهدف إغرائه، وقد نجح في ذلك، لقراءة بقية المقال الساخر الطويل الذي يعزي فيه هيتشنز انهيار التقاليد العريقة في المطاعم الكلاسيكية. الكثير من القصص الساخرة الشبيهة بهذه القصة، يجدها القارئ لكتاب الصحافي الإنجليزي الأميركي المعنون بـ«Arguably» أو «قابل للجدل». الكتاب يضم عددا كبيرا من المقالات الطويلة والقصيرة التي نشرها في الأعوام الأخيرة في عدد متنوع من الصحف والمجلات. صدر لهيتشنز بعد رحيله، بسبب مرض سرطان المريء، كتاب صغير الحجم بعنوان «Mortality» (وكتاب إلكتروني آخر - أو مقال مطول - كتبه بعد مقتل زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن). لكن هذا الكتاب الذي قام بإهدائه لمحمد بوعزيزي، كان الكتاب الأخير بالنسبة لهيتشنز، الذي سارع بتحضيره بعد أن أكد له الأطباء أن عاما واحدا فقط هو كل ما تبقى له في الحياة. أجمل ما في هذا الكتاب أنه يعيد الثقة للكتابة الصحافية الذكية والأنيقة التي تاهت في السنوات الأخيرة بين وسائل التواصل الاجتماعية المختصرة والطرح الأكاديمي الطويل والجاف. ليس هذا فقط، بل إن هذا الكاتب المثير للجدل، والمعروف بدخوله في نقاشات صاخبة حول قضايا عميقة في السياسة والتاريخ والثقافة والأدب، لم يتردد في أن يكتب قصصا ساخرة وغريبة من هذا النوع الذي يخاف الصحافيون الجادون مثله من التطرق إليها. فهيتشنز، وقلة غيره، لديهم القدرة على رؤية الأفكار الصحافية المثيرة في أماكن لا تخطر على بال؛ في مطعم أو محطة مترو أو في مكتبة أو رصيف يزدحم بالمارة أو في تصرفات جرسون مغفل. هناك دائما شيء متوار، ولكنه بحاجة إلى عقل صحافي لامع وحذق، يعرف كيف يلتقط الفكرة المندسة ويربطها بحدث أكبر منها. الكتاب يحفل بالكثير من المقالات الساخرة ذات الأفكار الغريبة التي يبرع فيها هيتشنز. في مقال آخر بعنوان «لماذا النساء غير ظريفات؟»، يطرح الكاتب قضية مستفزة أثارت سخط النساء عليه. يبدأ المقال بالإشارة إلى أنه من النادر أن يصف الرجل المرأة التي يحبها بالظرف. قد يقول إنها جميلة ولطيفة، ولكن لن يقول عنها ظريفة. هذا على العكس من النساء اللاتي يرين حتى في الرجال الثقلاء ظرفا وخفة ظل. ثم يطرح هذا السؤال: «لماذا المرأة التي يقع كل عالم الرجل تحت رحمتها غير ظريفة؟!». يجيب بعدها عن سؤاله بالقول إن «المرأة لم يكن لها دافع قوي لكي تكون خفيفة ظل من أجل أن تجذب الرجل لها. الرجل، على العكس، ومنذ آلاف السنوات، يشعر بانجذاب شديد نحو جمال المرأة. لكن الرجل الذي لا يملك الكثير من المزايا ليجذب المرأة إليه لم يكن أمامه إلا أن يطور حس الدعابة لديه حتى تقع المرأة في حبه». هيتشنز لا يكتفي بهذا السبب، بل يضيف سببا آخر. يكتب: «حس الظرف من علامات الذكاء، والكثير من النساء يعتقدن، أو هكذا علمتهن أمهاتهن، أنهن يصبحن مهددات للرجل إذا كن حاذقات جدا. ربما الرجال لا يريدون من النساء أن يكن ذكيات. إنهم يفضلونهن كجمهور لا كمنافسات». من المحتمل أن يغضب هذا الكلام المتهور المرأة، ولكنه يعود مرة أخرى ليتملقها ويرشوها بمديح لا يمكنها رفضه. يقول: «إن سببا آخر لتميز الرجل عن المرأة بحس الظرف، هو أن الرجل، منذ الأزل، لم يتمتع بالكثير من المزايا الجمالية، والطبيعة كانت قاسية عليه، لذا استخدم حس الطرفة كعزاء يواسيه ودرع تحميه بذات الوقت». لكن الكتاب يتطرق أيضا على الكثير من القضايا الجادة ويغوص أحيانا في التاريخ. في مقال بعنوان «لينكولن: الطفل البائس» يتحدث هيتشنز عن حياة الرئيس الأميركي التي كانت عبارة عن معاناة قاسية منذ الطفولة، إلى فترة رئاسته التي كانت كلها حربا باستثناء ستة أسابيع حتى نهايته مقتولا، ولكن بعد أن قام بتحرير السود. كان أبوه يستخدمه كأجير يقوم بالأعمال اليدوية الشاقة له ولجيرانه البخلاء. لينكولن الذي كان أشبه بالمملوك كما تملك الماشية، قال مرة: «لقد رأيت قدرا كبيرا من الجانب الخلفي في هذا العالم». ربما هذا ما زرع في روح لينكولن المدمرة في الطفولة كراهية العبودية، الأمر الذي جعله يطلق كلمته المشهورة عام 1858 «لا أريد أن أكون عبدا، ولا أريد أن أكون سيدا». في مقال آخر، يحكي هيتشنز بطريقة شفافة ورقيقة عن لقائه الزعيمة الباكستانية المغتالة بنازير بوتو. تشعر في بداية المقال بغضب الكاتب من بوتو بسبب مراوغتها السياسية، ولكن المقال يتحول بذلك، بطريقة ناعمة، إلى نوع من الإعجاب بشخصها لأنها صححت خطواتها، ومن ثم ينعطف مسار الكلمات لتشعر بروحها الشجاعة التي لم تمنعها التهديدات والمخاطر من قيادة سيارتها المكشوفة (وهو كان بصحبتها في إحدى المرات). بعد أن تختلط بداخلك مشاعر الغضب والفهم والإعجاب، تعرف أن المقال انحفر في صميمك. لكن هيتشنز لا يكتفي بذلك ويضيف إلى هذا المزيج المعقد من العواطف إحساس الحزن الشفاف، الراثي رحيلها الصادم. الغريب أنه لم يستخدم أبدا لغة عاطفية أو نبرة بكائية، ومع ذلك، الكلمات التي نثرها تجعل مشاعرك تتصاعد مع كل قطعة في المقال. كشف هيتشنز في الكتاب، بطريقة غير مباشرة، عن أسباب تألقه. الرجل ملتزم ومحب لعمله، وقد قال مرة إنه ولد لكي يكون كاتبا، ولا يعرف أي شيء آخر يفعله في الحياة غير ذلك. يكتب في كل يوم ما لا يقل عن 2000 كلمة، ولم يتأخر يوما عن موعد النشر، رغم أنه ينشر في أكثر من مكان؛ في مجلة «فانتي فير» أو «The Nation» أو «أتلاتنك»، أو غيرها من المطبوعات. يقول هيتنشز أيضا إنه تعلم أن يكتب كما يتكلم، أي يترجم الصوت الذي داخل عقله لكلمات مطبوعة. قد تبدو هذه مسألة سهلة للقارئ، ولكنها شاقة لمن لا يملك مثل موهبته. المحير أكثر أن هيتشنز كان مشهورا بسهراته الصاخبة وعلاقاته الواسعة وسفراته المتواصلة وحضوره التلفزيوني المكثف، فكيف إذن يجد الوقت للكتابة الأنيقة؟ هيتشنز يختار أيضا أن يذهب في كل عام أو اثنين إلى بلدان غير آمنة ليكتب عنها، لأن المكوث في الأماكن المستقرة لفترة طويلة تضعف، كما يقول، الحس الصحافي. دفع هيتشنز بكتابه هذا وهو يعلم أنه الأخير، بسبب مرضه القاتل الذي لم يكتشفه إلا بعد أن تغلغل في جسده وأصبح القضاء عليه مستحيلا. في أيامه الأخيرة، بدا صوته مختنقا وفقد الكثير من وزنه، وارتسمت على وجهه ملامح الموت. عقله كان ينهار تدريجيا وينزلق في الظلام، لكن لم يمنعه ذلك عن منح هذا الكتاب الممتع المتفجر بأكثر الأشياء جمالا في الحياة. الأفكار الخلاقة والنقاشات العميقة - التي يمكن الاختلاف مع الكثير منها - والنكت الساخرة، كلها مكتوبة بأسلوب رفيع وسلس. تعمد هيتشنز، وهو في طريقه لبوابة النهاية، أن يهدي كتابه هذا للحياة وللناس الباقين فيها، ولم ينس أن يكتب لهم نصيحته المقتبسة: «عش بكل ما تستطيع، من الخطأ ألا تفعل ذلك».

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قابل للجدل كاتب كان يتقد بالحياة وهو على بعد خطوات من الموت قابل للجدل كاتب كان يتقد بالحياة وهو على بعد خطوات من الموت



أزياء كارمن سليمان أناقة معاصرة بنكهة شبابية وجرأة في اختيار الأزياء

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:05 2025 الثلاثاء ,01 تموز / يوليو

ليونيل ميسى يدرس الرحيل عن إنتر ميامي

GMT 14:47 2021 الجمعة ,30 تموز / يوليو

موديلات فساتين منفوشة للمحجبات

GMT 18:46 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تكون مشرقاً وتساعد الحظوظ لطرح الأفكار

GMT 22:45 2020 الجمعة ,14 شباط / فبراير

كتاب جديد يكشف موضع إعجاب غريبا لدى ترامب

GMT 20:56 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

مطالب بعودة أحكام الإعدام في المغرب بعد مقتل السائحتين

GMT 17:01 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية تضرب الحسيمة ليلا بقوة 3,2 درجة

GMT 04:37 2018 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ملابس زهريّة أنيقة ومميزة تضامنًا مع مرضى سرطان الثدي

GMT 01:55 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

الجعايدي الحارس الأشهر للملك محمد السادس يعود إلى الواجهة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib