رواية كرافت ليس كل شيء على ما يرام
آخر تحديث GMT 16:16:17
المغرب اليوم -

رواية "كرافت" ليس كل شيء على ما يرام

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - رواية

القاهرة - المغرب اليوم

الرواية تقدم ما يشبه إدانة كاملة لما يمكن تسميته بـ"الرأسمالية المتوحشة" التي تقود العالم اليوم.

في اللحظة التي انتهيت فيها من قراءة رواية "كرافت" للكاتب السويسري "يوناس لوشر"، الصادرة هذا العام عن دار العربي للنشر والتوزيع في القاهرة، وبترجمة د. معتز المغاوري - تخيلت بيني وبين نفسي -ضاحكاً-  أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وبمعجزة ليس لها مثيل، تفرغ أياماً لقراءتها ثم كيف يكون رد فعله على انتحار بطل الرواية، "ريتشارد كرافت"، في نهايتها. ولا يساورني شك أن رد فعله، إن حدث أو كما أتخيله، لن يكون إلا سخرية شديدة تصل لدرجة الوقاحة (التي اعتدناها منه).  

في الواقع - وبعيداً عن ترامب وسخريته ووقاحته المتوقعَة- فإن تلك الرواية استغرقت مني وقتًا طويلًا في قراءتها، وليس سبب ذلك حجمها أو عدد صفحاتها (الرواية كلها 265 صفحة) وإنما لأنني كنت أتوقف كثيراً عند نهاية كل فصل من فصولها، محاولاً استيعاب الأفكار التي تطرحها على لسان بطلها، وهو يحاول الإجابة على سؤال واحد: هل كل شيء على ما يرام؟ وهو سؤال - وإن بدا ظاهرياً- سهلاً وبسيطاً إلا أنه ليس كذلك على الإطلاق. 

البداية عندما يتلقى البروفيسور الألماني، ريتشارد كرافت، دعوة للمشاركة في مسابقة يقيمها أحد أساطين وادي السليكون الشهير. للإجابة على ذلك السؤال في ظل كل التطورات الكبيرة والخطيرة والهائلة التي يعيشها العالم، منذ انتصار الرأسمالية وقيمها وتفردها بقيادة الكرة الأرضية، بعد انهيار عدوها -أو أعدائها- في بداية التسعينيات من القرن العشرين، على أن يفوز صاحب الإجابة الصحيحة بجائزة مالية قدرها مليون دولار، مع أننا لا نعرف أبداً كيف يُمكن تقدير تلك الإجابة الصحيحة، وتحت أية معايير أو مقاييس محددة سلفاً أو معروفة. 

اقرا ايضًا:

 يحي يخلف يفوز بجائزة ملتقى الرواية العربية

وبالفعل يذهب "كرافت" إلى المسابقة، خصوصاً أن الدعوة جاءته من صديق قديم وحميم كان -في سن الشباب- يشاركه أفكاره وأحلامه، وهذا الصديق -رغم أنه مجري الأصل- فإنه أصبح واحداً من أولئك المفكرين "الاستراتيجيين" الذين أصبحت لهم الكلمة العليا في تحديد أهداف وخطط واستراتيجيات الولايات المتحدة الأميركية. 

وفي جانب آخر مهم فإن كرافت يذهب إلى المسابقة من أجل الفوز بالجائزة كي يستطيع -بالمليون دولار الموعودة- ترتيب أمر انفصاله عن زوجته وضمان مستقبل أولاده، وهو في ذلك يتصور أنه يحصل على "حريته" من كل الارتباطات والقيود العائلية، وهذا في حد ذاته تناقض صارخ -لا يلحظه البروفيسور العبقري!- منذ البداية. 

في الأيام التي قضاها "كرافت" في حرم جامعة "ستانفورد" وفي قلب وادي السيليكون، مقر كل الشركات العالمية التي تتحكم في حياة البشر، تسنح له الفرصة، وفي سبيل العثور على الإجابة النموذجية للسؤال، أن يستعيد تفاصيل حياته كلها، ومراجعة كل أفكاره التي تحمس لها منذ شبابه الباكر، حتى أوصلته لما عليه من مكانة علمية وأدبية مرموقة في مجال تخصصه. لكنه وبطريقة لم يخطط لها، يستطيع أن يصل إلى نتائج لم يتصورها أو يتخيلها عن نفسه وعن حياته العملية والشخصية، وهي النتائج التي تقوده في النهاية إلى الانتحار، لأنه -ببساطة شديدة- لم يكن كل شيء على ما يرام. 

الرواية تقدم ما يشبه إدانة كاملة لما يمكن تسميته بـ"الرأسمالية المتوحشة" التي تقود العالم اليوم، فكل منتجاتها -وإن كانت ظاهرياً- تُسهّل على البشر حياتهم اليومية، وتوعدهم بمستقبل لا بد وأن يكون أفضل دائماً، إلا أنها في حقيقتها لا تعدو سوى أنها مجرد طريقة ضمن طرق أخرى، فيها الجيد والسيء، الإيجابيات والسلبيات، فلا شيء مُطلق أو ناجح مائة في المائة، وربما من هذه النقطة تحديداً تخيلت رد فعل شخص مثل "دونالد ترامب" لو حدثت المعجزة وقرأ تلك الرواية، فهو -بشكل من الأشكال- يعتبر النموذج الأكثر تعبيراً لجواب سؤالها بأنه ليس كل شيء على ما يرام!

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رواية كرافت ليس كل شيء على ما يرام رواية كرافت ليس كل شيء على ما يرام



النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 08:22 2025 الثلاثاء ,11 آذار/ مارس

"إكس" تتعرض إلى هجوم سيبراني ضخم

GMT 16:15 2017 الجمعة ,16 حزيران / يونيو

إنفينيتي تعلن عن مزايا سيارة QX80 Monograph الجديدة

GMT 16:18 2022 الثلاثاء ,11 كانون الثاني / يناير

في مجتمعنا نساء مضطهدات…وتفسير خطأ للجندرة!

GMT 12:02 2021 الإثنين ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أولمبيك خريبكة ينفصل عن مدربه عزيز كركاش رسمياً

GMT 15:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

لائحة الغرامات المتعلقة بمخالفات السير في المغرب

GMT 06:45 2021 السبت ,02 كانون الثاني / يناير

سلمى أبو ضيف تعلن ارتباطها برئيس مجلة "فوغ"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib