لندن - المغرب اليوم
طرحت صحيفة الإندبندنت البريطانية في تغطية حديثة تساؤلاً محورياً: "إلى أين سيذهب سكان مدينة غزة؟"، في ظل تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية وتقلص المساحات الآمنة، بعد بدء الجيش الإسرائيلي هجوماً برياً شاملاً على المدينة، أدى إلى نزوح جماعي واسع النطاق وسط ظروف إنسانية كارثية.
الصحفية المتخصصة في قضايا حقوق الإنسان، بريوني غوش، نقلت صورة قاتمة عن الخيارات المحدودة التي يواجهها مئات الآلاف من الفلسطينيين العالقين في المدينة. فمع توالي إخطارات الإخلاء، وتكثيف القصف الجوي والبري، نزح عدد كبير من السكان نحو الجنوب، حيث أصبحت مناطق مثل دير البلح وخان يونس ومخيم المواصي الوجهة "المفترضة" للفرار من الموت. لكن الواقع، كما تنقله الصحيفة، مختلف تمامًا: لا أماكن آمنة في القطاع، ولا ملاذ من الغارات، حتى في المناطق المعلنة "إنسانية".
ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة، شهد الشهر الماضي فقط أكثر من 150 ألف حركة نزوح من شمال غزة، فيما تحرك أكثر من 70 ألفاً خلال الأيام القليلة الماضية وحدها. وقد طُلب من السكان التوجه إلى منطقة المواصي، لكنها بدورها تعرضت للقصف، رغم تصنيفها من قبل الجيش الإسرائيلي كمنطقة إغاثة إنسانية. وقد أفادت منظمة اليونيسف أن الوضع هناك مروع للغاية، حتى أن بعض الأطفال فقدوا حياتهم أثناء محاولتهم جلب المياه.
وفي الوقت ذاته، يُعد طريق الرشيد الساحلي هو المسار الوحيد المتاح للتنقل جنوبًا، لكنه مكتظ للغاية ومخيف. ويصف سكان محليون الطريق بأنه "عنق زجاجة" للموت، حيث تقطعت السبل بآلاف العائلات، وسط نقص الوقود وارتفاع أسعاره بشكل فاحش، ما أجبر البعض على استخدام وقود منزلي الصنع يتم إنتاجه من حرق البلاستيك، رغم سُميته وخطورته. ويبلغ سعر لتر الوقود التقليدي نحو 100 شيكل (ما يزيد عن 30 دولاراً)، بينما يصل سعر اللتر المصنع محليًا إلى نحو 50 شيكلًا.
ورغم هذه الكارثة المتراكبة، لا تقدم إسرائيل للسكان خيارات حقيقية. فهي تواصل قصف المدينة، وتعتبرها "منطقة قتال خطرة"، مبررةً عمليتها بتدمير "البنية التحتية لحماس". أما السكان، فيُتركون دون حماية، أو مأوى، أو حتى ضمانة بعدم استهدافهم أثناء محاولات النزوح.
وتنقل الصحيفة مشاهد مروعة للدمار والذعر، حيث يُجبر الناس على ترك منازلهم المحطمة، حالمين بمكان يوفر لهم الحماية، ولو بشكل مؤقت. غير أن هذا الحلم يبدو أبعد منالاً مع استمرار القصف، وتراجع إمكانيات المساعدات، وانهيار النظام الصحي، واستهداف المستشفيات، كما حصل مع مستشفى عبد العزيز الرنتيسي للأطفال، الذي تعرض للقصف ثلاث مرات متتالية.
القلق لا يقتصر على الداخل فقط، بل يطال أيضاً الموقف الدولي. وتلفت الإندبندنت إلى أن تعاطي الدول الكبرى، وعلى رأسها بريطانيا، لا يزال "رمزياً" أكثر منه عمليًا، رغم الاعتراف المتزايد دوليًا بتدهور الأوضاع إلى حد الإبادة الجماعية. إذ لم تعترف الحكومة البريطانية حتى الآن بأن ما يحدث في غزة يرقى لمستوى الإبادة، رغم تقرير الأمم المتحدة الذي أشار إلى ارتكاب إسرائيل أربعة من أصل خمسة أفعال تُعرف قانونياً كجرائم إبادة جماعية.
بين نيران القصف ووعود مناطق آمنة لا تتحقق، يقف سكان مدينة غزة في وجه سؤال لا يجد له أحد إجابة: إلى أين نذهب؟
والإجابة المؤلمة التي ترشح من شهادات النازحين هي: لا مكان نذهب إليه... إلا الصمود أو الموت.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
الجيش الإسرائيلي يقصف 150 هدفاً في غزة ويفتح مسار انتقال مؤقت لخروج السكان ونتنياهو يتهم قطر بتمويل حماس
الجيش الإسرائيلي ينشر خريطة "طريق آمن" لسكان مدينة غزة إلى الجنوب


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر