باكو - المغرب اليوم
ندد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الاحد بعيد وصوله الى باكو في جولة تشمل عددا من دول القوقاز، بالاستفتاء الذي ينظمه الانفصاليون في شرق اوكرانيا واعتبره "لاغيا وكأنه لم يكن".
وجاء كلام الرئيس الفرنسي خلال تدشين الثانوية (الليسيه) الفرنسية في باكو عاصمة اذربيجان في القسم الجنوبي من القوقاز.
وقال الرئيس الفرنسي في تصريح صحافي ان "هذه الاستشارات (...) لا معنى لها وهي لاغية وكأنها لم تكن" معتبرا ان "الانتخابات الوحيدة الصالحة" هي الانتخابات الرئاسية في اوكرانيا في الخامس والعشرين من ايار/مايو الحالي.
وتابع هولاند "لا اريد ان اطلق عليها اسم استفتاء" مشيرا الى انه "لا توجد صناديق ولا مكاتب اقتراع ولا لوائح للناخبين" معتبرا ان هذه "الاستشارة لا وجود لها وهي غير شرعية وغير قانونية".
وتابع هولاند "ان الانتخابات الوحيدة الصالحة هي تلك التي ستجري في الخامس والعشرين من ايار/مايو والتي ستتيح انتخاب رئيس لكل اوكرانيا ويكون السلطة الشرعية الوحيدة" في البلاد.
واضاف الرئيس الفرنسي انه سيكون بامكان الروس التفاوض مع الرئيس الاوكراني الجديد.
وتابع "في حال لم يكن بالامكان اجراء انتخابات الخامس والعشرين من ايار/مايو بسبب استفزازات وتدخلات، سيكون عندها من الضروري الانتقال الى مستوى اخر من العقوبات".
وختم قائلا "الا انني اراهن اليوم على ان انتخابات الخامس والعشرين من ايار/مايو ستجري".
واصدرت منظمة "هيومان رايتس ووتش المدافعة عن حقوق الانسان بيانا حثت فيه هولاند على "التطرق الى بوادر القلق المرتبطة بوضع حقوق الانسان" في اذربيجان خلال لقائه مساء الاحد نظيره الاذربيجاني الهام علييف.
واتهمت المنظمة سلطات باكو بسجن عشرات المعارضين واعتبرت ان زيارة هولاند هي فرصة "حاسمة" لطرح هذه المسائل.
وبعد اذربيجان ينتقل الرئيس الفرنسي الاثنين الى ارمينيا ومنها الى جورجيا الثلاثاء.
وتسعى فرنسا الى تعزيز تعاونها الاقتصادي مع هذه الدول الثلاث وحثها على التقارب مع الاتحاد الاوروبي.
وتقيم اذربيجان وارمينيا وجورجيا وهي جمهوريات سوفياتية سابقة علاقات معقدة واحيانا خلافية مع روسيا بوتين الذي يغضبه تقارب هذه الدول التي كانت تدور في فلك الاتحاد السوفياتي السابق من الاتحاد الاوروبي.
والعلاقات الروسية الجورجية خاصة تضررت الى حد كبير بالحرب الخاطفة بين الجانبين في العام 2008. وانتهى النزاع بوقف لاطلاق النار فاوض بشأنه الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي عندما كانت بلاده تتولى انذاك الرئاسة الدورية للاتحاد الاوربي.
الا ان موسكو اعترفت في سياق ذلك باستقلال المنطقتين الجورجيتين الانفصاليتين، اوسيتيا الجنوبية وابخازيا.
وفي هذا المناخ وفي وقت يقوم فيه الغربيون بمساع لاقناع موسكو بالاسهام في "نزع فتيل" التوتر في اوكرانيا، سيحرص هولاند على عدم صب الزيت على النار لا سيما في جورجيا العازمة على الانضمام الى الاتحاد الاوروبي وايضا الى حلف شمال الاطلسي بالرغم من رفض روسيا.
وقال مصدر في الاليزيه "لا نعتبر جهود التقارب مع الاتحاد الاوروبي عملا ضد روسيا"، معتبرا "ان الاسوأ" سيتمثل في "استقطاب" هذه الدول وحملها على الاختيار بين موسكو والاتحاد الاوروبي.
وشددت اوساط الرئيس الفرنسي على القول "انها ليست زيارة معركة بل زيارة تهدف الى تشجيع تقاربها". ويتوقع ان يكتفي الرئيس هولاند بالتذكير بتمسكه بمبدأ وحدة وسلامة اراضي جورجيا.
وكما في معظم تنقلاته الى الخارج سيرافق هولاند المؤيد لنهج "دبلوماسية اقتصادية"، وفد كبير من رؤساء الشركات.
وتبدو العلاقات التجارية مع اذربيجان بشكل خاص غير متوازنة اذ بلغت قيمة الصادرات الفرنسية 266 مليون يورو في 2013، مقابل واردات بقيمة 1,7 مليار معظمها من المحروقات.
وبالرغم من علاقات سياسية وتاريخية وثيقة بين فرنسا وارمينيا -- 500 الف فرنسي من اصل ارمني --، فان المبادلات التجارية الثنائية تبقى محدودة جدا لم تتجاوز قيمتها الخمسين مليون يورو العام الماضي.
وفي ما يتعلق بالخطوات الرمزية سيحضر هولاند مساء الاثنين في اوبرا يريفان حفلة موسيقية للمغني الفرنسي الارمني الاصل شارل ازنافور كما سيدشن حديقة ميساك مانوشيان المقاوم الشيوعي الذي اعدم في 21 شباط/فبراير 1944 على يد المحتل الالماني مع 21 عنصرا من شبكته بالقرب باريس.
ووعد هولاند بان تفعل بلاده "كل ما بوسعها" لكي تعيش اذربيجان وارمينيا "في سلام" بعد النزاع الذي دار بين البلدين قبل نحو عشرين عاما حول اقليم ناغورني قره باخ.
وقال هولاند امام الجالية الفرنسية في باكو في اليوم الاول لزيارته الى القوقاز ان "فرنسا ستفعل كل ما بوسعها لايجاد حل يتيح لاذربيجان وارمينيا ان تعيشا بسلام وان تتصالحا".
وسيزور هولاند يريفان في 12 ايار/مايو بعد عشرين سنة يوما بيوم على دخول اتفاق وقف اطلاق النار الموقع بين اذربيجان وارمينيا بعد نزاع استمر من 1988 الى 1994 للسيطرة على هذه المنطقة الانفصالية ذات الغالبية الارمنية. وتسبب ذلك النزاع بسقوط 30 الف قتيل اضافة الى مئات الاف اللاجئين.
وفي حين يشكل انضمام القرم الى روسيا سابقة خطرة سيشدد هولاند على مسامع محادثيه على المصلحة المشتركة للطرفين في اعادة اطلاق المفاوضات حول وضع هذا الجيب الواقع في الاراضي الاذربيجانية كما سيدعوهما الى اتخاذ "تدابير ثقة" متبادلة. لكن لا يتوقع حصول اي تقدم كبير في هذه المحادثات الحثيثة.


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر