جنيف - أ ف ب
تثير الجولة الجديدة للمفاوضات بشأن البرنامج النووي الايراني التي تستأنف الاربعاء في جنيف، تحركات دبلوماسية دولية غير مسبوقة تحشد فيها القوى الكبرى طاقاتها وسط تمسك اسرائيل بموقف حازم تجاه ايران وتمسك المرشد الاعلى الايراني اية الله علي خامنئي ب"حقوق" بلاده النووية راسما "خطوطا حمراء".
وقبل اجتماع مفاوضي القوى الكبرى وايران اليوم في جنيف للمرة الثالثة في خلال خمسة اسابيع، اعلن خامنئي في خطاب بثه التلفزيون مباشرة "اشدد على ترسيخ حقوق ايران النووية". وطلب من المفاوضين الايرانيين الالتزام ب"الخطوط الحمر" بشأن البرنامج النووي وهي خصوصا تخصيب اليورانيوم على الارض الايرانية ورفض اغلاق موقع فوردو للتخصيب تحت الارض.
وفي خطابه اكد خامنئي ايضا ان اسرائيل "مصيرها الزوال" في عبارة من شأنها ان تزيد من تعقيد مفاوضات جنيف حيث تكرر القوى الغربية رغبتها في ضمان امن اسرائيل في اطار اي اتفاق مع ايران.
واستئناف المحادثات حول الملف النووي الايراني الخلافي يثير حملة دبلوماسية دولية مكثفة مع تعبئة الدول الكبرى لطاقاتها تحت ضغط اسرائيل التي تعتمد موقفا متشددا ودعوات ايران الى عدم تفويت فرصة نادرة لتسوية هذه الازمة.
وستجري طوال فترة قبل الظهر محادثات ثنائية خصوصا مع لقاء بين وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ووزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون التي تتراس المفاوضات.
ثم ستعقد بعد الظهر جلسة مناقشات موسعة بين ايران ومجموعة الدول الست التي تضم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا وبريطانيا) اضافة الى المانيا.
في هذه الاثناء، توجه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الى روسيا الاربعاء للقاء الرئيس فلاديمير بوتين مواصلا حملته ضد اي اتفاق مع ايران، بعد ان تاكد من دعم فرنسا اثناء زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند.
وقد تحدث بوتين الذي اجرى اتصالا هاتفيا مع الرئيس الايراني حسن روحاني، عن "فرصة حقيقية" لتسوية المسألة النووية الايرانية.
واعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما من جهته الثلاثاء انه لا يعلم ما اذا كانت المفاوضات الدولية في جنيف ستؤدي الى توقيع اتفاق انتقالي هذا الاسبوع ولكنه طلب من عدد من كبار المسؤولين في مجلس الشيوخ التريث قبل التصويت على عقوبات جديدة بحق ايران، من دون ان يبدو انه تمكن من اقناعهم بذلك حتى الان.
وقال "لا اعلم ما اذا كنا سنكون قادرين على التوصل الى اتفاق هذا الاسبوع او الاسبوع المقبل"، مشددا على ان اي تعليق للعقوبات الدولية المدرج في اتفاق محتمل سيكون محدودا. ويبدو ان هذا التصريح يهدف الى طمأنة الحليف الاسرائيلي واعضاء الكونغرس المعارضين لاي رفع للعقوبات وحتى في شكل جزئي.
واضاف اوباما "لن نقوم باي شيء لتخفيف العقوبات القاسية. العقوبات النفطية والمصرفية والمفروضة على الخدمات المالية لها اكبر تأثير على الاقتصاد الايراني". واكد ان "كل هذه العقوبات ستبقى قائمة".
لكن قبل ذلك واثناء لقاء لساعتين في البيت الابيض، طلب اوباما من اعضاء نافذين في مجلس الشيوخ اعطاء فرصة للمحادثات وعدم التصويت على تشديد العقوبات القائمة كما يدعو البعض.
من جهته، اتصل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الثلاثاء بالرئيس روحاني في خطوة غير مسبوقة منذ "اكثر من عقد"، كما اعلن داونينغ ستريت.
وبحث كاميرون وروحاني تحسن العلاقات بين بريطانيا وايران مع تعيين قائمين بالاعمال غير مقيمين الاسبوع الفائت، وهي خطوة اولى في عملية تطبيع بدات بعد انتخاب روحاني في حزيران/يونيو. واكد بيان رئاسة الوزراء البريطانية ان الجانبين "قررا مواصلة جهودهما لتحسين العلاقات في شكل تدريجي ومتبادل". واضاف "بالنسبة الى البرنامج النووي الايراني، توافق الجانبان على ان تقدما ملحوظا احرز في المفاوضات الاخيرة في جنيف ومن المهم انتهاز الفرصة التي تمثلها جولة المفاوضات التي تبدأ الاربعاء".
ولم تفض الجولة السابقة من المفاوضات في جنيف في التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر الى نتيجة. لكن جميع المشاركين اكدوا على احراز تقدم اسهمت فيه الى حد كبير سياسة الانفتاح التي ينتهجها الرئيس روحاني منذ انتخابه في حزيران/يونيو.
وقال مسؤول اسرائيلي طلب عدم الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس "نريد منهم ان يفهموا مخاوفنا بشكل افضل والحاجة الى منع ايران من امتلاك قدرة على تحقيق الاختراق" لصنع القنبلة الذرية.
وفي واشنطن، يعتزم بعض الديموقراطيين والجمهوريين في الكونغرس التصويت على فرض حزمة جديدة من العقوبات الاقتصادية على طهران مقتنعين بان العقوبات السابقة هي التي دفعت القادة الايرانيين الى طاولة المفاوضات وان تشديد الخناق قد يحملهم على الاستسلام.
وقد اعربت مجموعة من ستة اعضاء نافذين من الديموقراطيين والجمهوريين في مجلس الشيوخ الاميركي بينهم المرشح السابق الى الرئاسة جون ماكين الثلاثاء عن قلقهم لوزير الخارجية جون كيري في رسالة طالبوا فيها بان تذهب ايران ابعد من مجرد تخفيف انشطة تخصيب اليورانيوم.
"بالرغم من ان الاتفاق الانتقالي يشير الى ان ايران مستعدة فرضيا لابطاء سعيها بصورة موقتة لامتلاك قدرة السلاح النووي، فقد يسمح ايضا لايران بمواصلة تقدمها نحو هذا الهدف تحت غطاء المفاوضات". وهذا ايضا ما تقوله فرنسا التي القت بثقلها في بداية هذا الشهر لتعديل نص اتفاق موقت حقق الايرانيون والاميركيون تقدما كبيرا فيه.
الا ان الرئيس الايراني حذر من جانبه الاثنين في مكالمته مع فلاديمير بوتين من "الطلبات المبالغ فيها" من قبل القوى العظمى التي من شانها ان "تعقد" ابرام اتفاق يصب في مصلحة الجميع.


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر