الدارالبيضاء ـ أسماء عمري
دعا العاهل المغربي، الملك محمد السادس، إلى ضرورة إحترام خصوصيات كل بلد، في مساره الوطني، وإرادته الخاصة، لبناء نموذجه التنموي، خاصة بالنسبة للدول النامية، التي ما تزال تعاني من آثار الإستعمار، معتبرًا أن تحقيق التنمية المستدامة يعد من التحديات الملحة التي تواجه البشرية، وخاصة ضرورة إيجاد التوازن اللازم بين مستلزمات التقدم الإقتصادي والإجتماعي ومتطلبات حماية البيئة وضرورة الحفاظ على حقوق الأجيال القادمة.
وقال محمد السادس، في أشغال الدورة التاسعة والستين، للجمعية العامة للأمم المتحدة، في خطاب تلاه رئيس الحكومة عبد الاله بنكيران، الذي ناب عنه أن الدول الغربية والمؤسسات التابعة لها لا تعرف سوى تقديم الكثير من الدروس، وفي أحسن الأحوال بعض النصائح، أما الدعم فهو ضعيف جدًا ودائمًا ما يكون مشروطا، مشيرًا إلى أن عملية تنقيط وتصنيف الدول النامية، حسب المعايير المعتمدة حاليًا تثير العديد من التساؤلات.
وأكد الملك، أن تحقيق التنمية المستدامة لا يتم بقرارات أو وصفات جاهزة كما أنه ليس هناك نموذج واحد في هذا المجال، موضحًا أن لكل بلد مساره الخاص حسب تطوره التاريخي ورصيده الحضاري، وما يتوفر عليه من طاقات بشرية وموارد طبيعية، وحسب خصوصياته السياسية وخياراته الإقتصادية وما يواجهه من عراقيل وتحديات، حيث أن ما ينطبق على الغرب، لا يجب أن يتم إعتماده كمعيار وحيد لتحديد نجاح أي نموذج تنموي آخر كما لا ينبغي المقارنة بين الدول، مهما تشابهت الظروف، أو الإنتماء لنفس الفضاء الجغرافي.
وحمل الملك مسؤولية ما تعيشه البلدان النامية إلى الغرب، اذ أن الإستعمار خلف أضرارًا كبيرة للدول التي كانت تخضع لحكمه، بحيث عرقل مسار التنمية بها لسنوات طويلة، وإستغل خيراتها وطاقات أبنائها، وكرس تغييرًا عميقا في عادات وثقافات شعوبها، كما رسخ أسباب التفرقة بين أبناء الشعب الواحد وزرع أسباب النزاع والفتنة بين دول الجوار.
وإستطرد قائلًا أنه على الرغم من مرور العديد من السنوات، فإن الدول الإستعمارية تتحمل مسؤولية تاريخية في الأوضاع الصعبة، والمأساوية أحيانًا، التي تعيشها بعض دول الجنوب وخاصة في إفريقيا.
وشدد على أنه ليس من حق هذه الدول أن تطالب بلدان الجنوب بتغيير جذري وسريع وفق منظومة غريبة عن ثقافتها ومبادئها ومقوماتها، وكأنه لا يمكن تحقيق التنمية إلا حسب نموذج وحيد هو النموذج الغربي.


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر